كتبت صحيفة “النهار ” تقول : بدا طبيعياً ان يقدم العهد والحكومة اقرار خطة الكهرباء المحدثة والمعدلة بانه بمثابة انجاز كبير بل اختراق اقتصادي وانمائي وخدماتي نظراً الى جسامة ملف الكهرباء الذي يتآكل وحده معظم العافية المالية والاقتصادية للبلاد وسط تنام خيالي للعجز المالي الناجم عنه كما في ظل تراكم الازمات الحياتية والاقتصادية التي يتسبب بها التعثر الكبير في حل ازمة الكهرباء. لكن الحفاوة الرسمية والسياسية العارمة باقرار هذه الخطة بالطريقة التوافقية التي حصلت في جلسة مجلس الوزراء مساء أمس لا تتصل فقط بالانجاز الذي بدأت معه مراحل الاختبارات الصعبة لتنفيذ الخطة والتزام مختلف مندرجاتها وبنودها ومراحلها، وانما أيضاً بالخلفية السياسية التي ظللت اقرار الخطة بالاجماع اذ بدا هذا التطور كأنه اعاد ضخ التسوية الرئاسية – السياسية بجرعة جديدة بعدما شهدت المرحلة السابقة انحساراً وتراجعاً لعرى العلاقات الاساسية بين قوى التسوية كادت تتسبب بتوترات متعاقبة، خصوصا في ظل تصاعد السجالات الحادة التي اثارها ملف الكهرباء بين قوى عدة ولا سيما منها “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”.
واكدت معظم المعطيات المتوافرة في هذا السياق ان التوافق بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الوزراء سعد الحريري على عدم خروج مجلس الوزراء من جلسته الاستثنائية أمس الا وقد زف بشرى انجاز الاتفاق الشامل على الخطة لعب دور الرافعة الكبرى في تعميم “كلمة السر” التوافقية بضرورة الاجماع على المخرج الذي تم استجماع الموافقات من كل مكونات الحكومة قبل ساعات من الجلسة وهو المخرج المتعلق باعتماد مرجعية التلزيمات من طريق دائرة المناقصات والدائرة الفنية في وزارة الطاقة. لذا سارع الرئيس عون فور انتهاء الجلسة الى اجراء اتصال هاتفي برئيس مجلس النواب نبيه بري وطلب منه ادراج مشروع القانون المعجل المكرر لتعديل المادة 288 المتعلقة بخطة الكهرباء على جدول اعمال جلسة مجلس النواب اليوم وابدى الرئيس بري استجابة فورية للطلب.
وأبلغت مصادر وزارية “النهار” ان التوافق على المخرج الذي فتح الطريق للاجماع على الخطة كان محور الاتصالات التي سبقت الجلسة وانه على رغم الساعات الاربع التي امضاها مجلس الوزراء في مناقشة الخطة فانها اتسمت باجواء ايجابية. وتحدث الرئيس عون متسائلاً: “لماذا علينا ان نخاف من دائرة المناقصات وهي احدى مؤسسات الدولة فلنضع آلية ولنحتكم الى مؤسسات الدولة. ثم عرض الرئيس الحريري للخلاصات التي خرجت بها اللجنة الوزارية وبرز اقتراح للوزير محمد فنيش يتعلق بالقانون 288 وتعديله من أجل قيام استقرار يطمئن المستثمر واقترن بوضع آلية خاصة بتلزيم مشاريع بناء معامل. وهذا الاقتراح سيحال على مجلس النواب وقد وقعه الرئيسان عون والحريري بعد الجلسة. وشرحت وزيرة الطاقة ندى البستاني تفصيليا توزيع المعامل الموقتة والثابتة فيما توالت لاحقا مداخلات الوزراء.
وصرح رئيس حزب “القوات” سمير جعجع بعد اجتماع كتلة “القوات” بأن “النقاط التي توقفنا عندها مطولاً في خطة الكهرباء وناقشنا فيها وصلت إلى مراميها وهي في الدرجة الأولى تشكيل الهيئة الناظمة وتعيين مجلس إدارة جديد لمؤسسة كهرباء لبنان، فهل من يصدّق أنه وعلى رغم وضع الكهرباء في لبنان ليس هناك من هيئة ناظمة لهذا القطاع ومجلس إدارة كهرباء لبنان منتهي الصلاحيّة منذ سنوات خلت؟… وتمكنا من التوصّل إلى خفض نسبة الإستملاكات إلى قرابة الـ15% من القيمة التي كانت مطروحة سابقاً. اما النقطة التي لم نتمكن من حلّها إلا منذ قليل خلال جلسة مجلس الوزراء فهي موضوع إدارة المناقصات… أن هذا ما تمّ إقراره اليوم في مجلس الوزراء لذا كل ما كان يشاع عن عرقلة غير صحيح على الإطلاق وإنما جل ما كان نقاش بناء جداً أدى إلى سدّ كل الثغرات التي كان مشكواً منها في خطة الكهرباء التي كانت مقترحة”.
الحريري والخطة
وقد اعلن الرئيس الحريري بعد الجلسة الاتفاق على الخطة وعلى تمديد العمل بالقانون 288، موضحاً ان الخطة ستحال على ادارة المناقصات واللجنة الفنية لوزارة الطاقة لوضع كل الشروط اللازمة كونها المرة الاولى تجري مناقصة وفق BOT في ادارة المناقصات. وقال: “نبشر اللبنانيين اننا اقررنا الخطة بشكل ايجابي جداً وهو انجاز لجميع الافرقاء السياسيين واثني على الوزيرة ندى البستاني التي بذلت جهداً كبيراً خلال الاسابيع الماضية “. وردّ على التشكيك في تنفيذ الخطة قائلاً: “في ظل وجود فخامة الرئيس عون ووجودي ووسط اجماع حكومي سيتم انجاز الخطة ”. ورأى ان الخطة ” ترضي الشعب اللبناني لانها ستؤمن له الكهرباء 24 على 24 ساعة ومن شأنها خفض العجز في الموازنة وكل المؤسسات الدولية سترى ان لبنان يقوم بخطوات حقيقية للاصلاح”.
المواجهة
وبعيداً من نقاشات مجلس الوزراء، كان المشهد القضائي – الامني يشهد تطورات نادرة مع نشوب مواجهة غير مسبوقة بين مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس وشعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي. وقد ادعى جرمانوس على شعبة المعلومات بجرم تسريب تحقيقات أولية وتحويرها وتشويه وقائع واحتجاز أشخاص قيد التوقيف خارج المهل القانونية بأسابيع وتمرد على سلطته. وبات الادعاء في عهدة المحقق العسكري الاول لمتابعته.
وقال لـ”النهار” مفسراً خطوته: “في القانون، إن كل الاجهزة الامنية عند قيامها بعملها التحقيقي تكون تحت رئاسة مفوض الحكومة وإشرافه. واذا لم أراقب عملها تكون تعمل بلا رقيب، فالمعركة هي معركة صلاحيات. فهل انا رئيس الاجهزة ام انه لا يوجد رقيب عليها ونحن نعمل برئاستها؟”.
كذلك سطر جرمانوس استنابة قضائية طلب فيها إبلاغه عن أي رشى مالية تقاضاها عسكريون في مواضيع حفر آبار ارتوازية من دون تراخيص وأعمال بناء ومخالفات بناء وأعمال بناء في الأملاك العمومية. واذ اعتبرت أوساط خطوة جرمانوس الادعاء على جهاز امني سابقة غير قانونية اصدر مجلس القضاء الاعلى بياناً مساء امس جاء فيه أنه “بناء على ما توافر لدى شعبة المعلومات من وجود قضايا رشى دفعت لبعض العسكريين ولعدد من الموظفين في قصور العدل، جرى التحقيق في هذه القضايا تحت اشراف النيابات العامة المختصة، وتم الادعاء أصولا على عدد منهم. وقد جرت التحقيقات، وأطلعت الجهات المختصة النائب العام التمييزي على مضمونها، فتم تدوين ما ورد من معطيات متعلقة ببعض القضاة، بناء على إشارته، بموجب محضرين مستقلين نظما لدى شعبة المعلومات. وقام لاحقا النائب العام التمييزي بتكليف أحد المحامين العامين لدى النيابة العامة التمييزية إجراء التحقيق بشأن ما ورد فيهما، وقد باشر القاضي المكلف عمله فوراً، كما أحال صوراً طبق الأصل عن المحضرين على هيئة التفتيش القضائي التي بادرت الى ممارسة صلاحياتها بهذا الصدد. وإن جميع هذه التحقيقات تتم بسرية تامة، عملا بأحكام القانون وبحسب الأصول المرعية الإجراء”. وأكد “إن قضاة لبنان كلهم يشكلون جسماً قضائياً واحداً، يحكم باسم الشعب اللبناني، فلا يصح تصنيفهم بين “أجنحة” أو “محاور”، وهو تصنيف لا يمت الى الحقيقة بصلة، ويسيء الى السلطة القضائية التي هي ركن أساسي من أركان دولة القانون”.
في سياق آخر، نظم الامن العام امس عملية نقل دفعة جديدة من مئات النازحين السوريين الى سوريا عبر المراكز الحدودية البرية وبلغ عدد العائدين امس 900 نازح
الرئيسية / أخبار مميزة / خطة الكهرباء بالاجماع تُطلق تحديات الالتزامات مكافحة الفساد تُشعل مواجهة قضائية أمنية !