عقدت رئيسة الجامعة الإسلامية في لبنان دينا المولى مؤتمرا صحافيا في مقر الجامعة في خلدة، لمناسبة حصول الجامعة على الاعتماد المؤسسي الفرنسي من المجلس الأعلى لتقييم البحوث والتعليم العالي (HCERES)، استهلته بالقول: “أرحب بكم في هذا الصرح العلمي الشامخ وأشكر لكم تلبيتكم لهذه الدعوة في مناسبة تشكل منعطفا تاريخيا لهذه المؤسسة الرائدة من مؤسسات التعليم العالي في لبنان، والتي يعود تاريخها إلى سنة 1966 عند إعداد اقتراح قانون إنشاء المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، حيث أصر سماحة الإمام المغيب السيد موسى الصدر، رغم كل الصعوبات والعراقيل، على أن يتضمن القانون الحق بإنشاء جامعة، وكان له ما أراد وصدر قانون المجلس رقم 72/1967 واستغرق الأمر سنتين إلى حين صدور النظام الداخلي للمجلس وإعداد الترتيبات والإجراءات لإنطلاقه إلا أنه وبسبب اندلاع الحرب الأهلية البغيضة عام 75 لم يعد حينها من مقر رسمي للمجلس فانتقل من الحازمية إلى هنا إلى مدينة الزهراء/خلدة ومن ثم إلى بيروت بعد تغيب الإمام الصدر حيث حمل راية استمراره سماحة الإمام المرحوم الشيخ محمد مهدي شمس الدين، الذي جمع المجلس بهيئتيه الشرعية والتنفيذية وأبلغهم نيته في تحقيق حلم الإمام المغيب، فكان القرار بالإجماع وبدأت الخطوات العملية والقانونية لإنشائها، وصدر مرسوم رقم 8600 عام 1996 وكانت الإنطلاقة بمساعدة الكثيرين من أصحاب الأيادي البيضاء ومن هنا من مدينة الزهراء التي أعطت برمزيتها الوطنية دفعا كبيرا لها بدأت بإختصاصات غير موجودة في لبنان كي لا تكون منافسة للجامعة الوطنية”.
وأضافت: “بدأت المسيرة والراية مرفوعة نحو التقدم. ورحل الإمام شمس الدين، فنحن كالجيش لا تسقط رايتنا، حملها بكل فخر الإمام الشيخ عبد الأمير قبلان، بدعم من حامل الأمانة دولة الرئيس الأستاذ نبيه بري الذي سلم الإمام قبلان مفتاح الفرع الثاني في مدينة صور مدينة الحرف. وتابع الإمام قبلان مسيرة تطور الجامعة، فكان مشروع خلدة رقم 2 وتحت الأرض، حيث احتضن ثلاث كليات لسنوات طويلة قبل أن تتوجه الأنظار إلى المنطقة التي أحبها الإمام المغيب، منطقة الوردانية- الرميلة وقام بشراء عقارات بمساحة 160 ألف متر مربع وخصصها منذ ذلك التاريخ لتكون مقرا للجامعة في نقطة تجمع بين أبناء الجبل وإقليم الخروب والجنوب والعاصمة بيروت لتكون جامعة لكل اللبنانيين، فأضحت اليوم مجمعا جامعيا وفق كل المقاييس العلمية والهندسية والخدماتية العالية.ولم تتوقف المسيرة مع إطلاق المجمع الجامعي في الوردانية، فكان القلب والعقل يتجهان بقاعا تزامنا مع إطلاق دولة الرئيس نبيه بري شعاره إلى البقاع در ونحو بعلبك مدينة الشمس، فبدأ العمل به وهو اليوم مجمع يستقبل طلاب بعلبك والهرمل وصولا إلى زحلة، لأبناء هذا الوطن الذين يحكمهم الحرمان على كل الصعد، فأراد المجلس إنشاء جامعة بأعلى مستويات الجودة لمحاربة الفقر والجهل والحرمان.وهذه المرحلة كانت بقيادة حكيمة من الراحل الأستاذ الدكتور حسن الشلبي”.
وتابعت: “في العام 2016 كان لي شرف ترؤس الجامعة بثقة من دولة الرئيس الأستاذ نبيه بري وسماحة الإمام الشيخ عبد الأمير قبلان ورغبتهما على جعلها ترتقي إلى موقع كبرى الجامعات في الشرق الأوسط دون التخلي عن القيم الإنسانية والأخلاقية ومواكبة التطور لتنمية شخصية الطالب لتصبح قيادية متكاملة ومسؤولة، تتحلى بمهارات التعليم والابتكار، من خلال جودة التعلم والبحث العلمي وتجديدهما بصورة إبداعية تأخذ في اعتبارها أرقى المعايير الدولية، ومستجدات العصر، والتطورات التكنولوجية المتسارعة.وإنطلاقا من هذه الرؤية تم وضع الخطة المتكاملة التي تمثلت على نحو أوصل الجامعة في فترة قياسية إلى المحافل العربية والدولية من خلال التأسيس لعلاقات توأمة وشراكات مثمرة على قاعدة الفائدة المتبادلة مع الجامعات، مما وضع الجامعة على الخريطة الدولية ونذكر بعضا من هذه الإتفاقيات مع:
-جامعة Université Nice Sophia Antipolis
– جامعة Université Limoges
-جامعة Université Lyon Lumière 2
-جامعة Université Franche-Comté
-جامعة Université Paris 13
-جامعة سلطنة عمان
-جامعة أبو ظبي
-إتحاد الجامعات الفرنكوفونية في الشرق الأوسط
– إتحاد الجامعات العربية
-إتحاد الجامعات العربية-التركية
-إتحاد الجامعات العربية-الروسية
– رابطة الجامعات الإسلامية
-رابطة الجامعات اللبنانية”.
وقالت: “عملنا على تعزيز التعاون الداخلي مع الدوائر الرسمية الحكومية منها وزارة الإقتصاد والصناعة والعدل والتعليم العالي، وتمحور هذا التعاون حول إعداد دورات تدريبية لموظفي الوزارة في الوساطة و إعداد مشروع الاقتصاد الأخضر، كما تم توقيع اتفاقية تعاون مع رئاسة الوزراء حول موضوع اللاجئين وتم إدخال الجامعة في برنامج Inter University Program حول القانون الجنائي الدولي كما عززنا التعاون مع ENA المعهد الوطني للإدارة للقيام بدورات تدريبية وتقييم ذاتي للموظفين من أجل حسن سير العمل الإداري وأحدث ذلك نقلة نوعية في الإدارة والإنتاج. وأعددنا دراسة شاملة لتحسين سير العمل الإداري في الجامعة في كافة الوحدات والمديريات والفروع، وأنشأنا مركزا للإبتكار وريادة الأعمال Centre de l’Innovation et de la Culture Entrepreneuriale للتوصل إلى إنشاء Start Up Incubateur et وكما أنشأنا المجلس الأعلى للبحث العلمي والنشر HCRSP (Haut Conseil pour la Recherche Scientifique et la Publication ) كل هذه المراكز والبرامج المتخصصة أتاحت للجامعة فرصة المشاركة بمسابقات دولية في مختلف الإختصاصات وحازت على شهادات وطنية ودولية من خلال طلابها، ومنها:
– مشاريع الابتكار في كلية الهندسة في قسم التقنيات الطبية وقسم الإتصالات ومشاريع صناعية.
– مباريات ريادة الأعمال المحلية والإقليمية والدولية Hult Prize.
– مباريات المحاكمات الصورية في جمهورية مصر العربية.
– مباريات في الوساطة والتحكيم.
– مباريات اللغات.
– حتى في الرياضة فإننا حصلنا على بطولة الجامعات اللبنانية والمركز الثالث لبطولة العالم للجامعات (في كرة الصالات)”.
وأضافت المولى: “طورنا النظام المعلوماتي وأنشأنا غرفة تحكم Control Room في مجمع الوردانية وهي الغرفة الوحيدة والفريدة من نوعها في لبنان وعززنا نظام حماية الشبكات ونحن بصدد إستحداث مركز للتصدي للهجمات السيبرانية في مجال المعلوماتية بالتعاون مع جامعة الإسكندرية وسلطنة عمان. كما نشارك في: برنامج ERASMUS+ ممول من الاتحاد الأوروبي بهدف تعزيز التعاون الأوروبي والعالمي في مجال التعليم العالي والبحث العلمي. ونشارك أيضا في برنامج TALQAA: مشروع تابع ل Erasmus+ تشارك فيه جامعات لبنانية وأجنبية والوكالة الجامعية الفرنكوفونية يتعلق بضمان جودة التعليم. ولقد وصلنا إلى مرحلة متقدمة من الإعداد تبعا لخبرات ربع قرن في التعليم العالي المتميز والرائد، وأصبح اسم الجامعة الإسلامية في لبنان وازنا في سوق العمل في لبنان والخارج مما دفعنا إلى خوض غمار الإعتماد المؤسسي بعد أن عرض المعهد الفرنسي في لبنان التابع للسفارة الفرنسية ولأول مرة على الجامعات اللبنانية الاعتماد المؤسسي من المجلس الأعلى لتقييم البحوث والتعليم العالي HCERES، وهي مؤسسة رسمية تعتمدها الدولة الفرنسية لتقييم الجامعات ومؤسسات التعليم العالي في فرنسا وعلى أثرها استقبلت الجامعة الإسلامية في لبنان لجنة خبراء للإطلاع الميداني الأولي على واقع الجامعة الإداري والأكاديمي والخدماتي والبيئي. فتم توقيع اتفاقية تلحظ مختلف الآليات والمراحل الواجب تطبيقها والمؤشرات والمعايير العالمية التي تعتمدها للتقييم. فأعدت الجامعة تقريرا شاملا للتعريف بمختلف إداراتها وكلياتها واختصاصاتها وفروعها. وبعد دراسة معمقة للملف المستند إلى الوثائق واللوائح الكاملة للأكاديميين والموظفين تضمنت خبراتهم وسيرهم الذاتية. استقبلت الجامعة على مدار ثلاثة أيام وفدا من سبعة خبراء تم اختيارهم وانتدابهم من HCERES، وتوزعت لجنة الخبراء إلى ثلاثة مجموعات لمقابلة مائة وعشرين شخصا يشكلون مجلس الجامعة والمدراء وكافة الدوائر والاقسام الإدارية والطلاب”.
وتابعت: “أجرت اللجنة إجتماعات مع شركاء الجامعة من وزارات التعليم العالي والاقتصاد والعدل والمعهد الوطني للادارة والوكالات الجامعية ومراكز الأبحاث وممثلي المؤسسات الخاصة والهيئات. واجتمعت اللجنة مع ممثلي بعض الجامعات الأجنبية كجامعة نيس وباريس وليون ودبي التي تجمعنا بها علاقات منتظمة ضمن إتفاقيات تعاون، وقامت اللجنة بزيارة مجمع الوردانية بالاضافة الى الفرع الرئيسي في خلدة، واطلعت على كافة التفاصيل والتجهيزات وشبكة المعلوماتية والخدمات وإلتقت الهيئات التعليمية ومجالس الكليات والطلاب وتمحورت اللقاءات حول النقاط الأساسية المعتمدة للتقييم وهي:الحوكمة والبحث العلمي ومسار الطالب والعلاقات الخارجية والتوجيه وضمان الجودة والأخلاقيات.
وتم تزويد اللجنة كل المعلومات والوثائق المطلوبة لإنجاح عملية التقييم بكل شفافية وموضوعية لإظهار رسالة الجامعة وهويتها.لقد أنجزت اللجنة عملها بعد ساعات طويلة من العمل المضني، وغادرت مزودة بكل ما أرادته من تقارير ومستندات ووثائق لتتمكن من إصدار القرار. وبعد إنتظار جاء قرار لجنة الاعتماد المؤسسي لخمس سنوات دون توصيات أو ملاحظات أو قيد أو شرط وهذا أمر مميز لأنه من النادر جدا في فرنسا وخارجها أن تحصل أية مؤسسة تعليم عال على الاعتماد المؤسسي دون توصيات وللمدة الكاملة أي خمس سنوات وهي المدة القصوى التي يمنحها المجلس الأعلى لتقييم البحوث والتعليم العالي. إن هذا القرار يضع الجامعة الإسلامية في لبنان على خريطة مؤسسات التعليم العالي ذات الجودة العالمية.الشكر والإمتنان لكل من ساهم من أهل الجامعة ومن خارجها في حصول الجامعة الإسلامية في لبنان على الاعتماد المؤسسي، وأخص بالشكر السفارة الفرنسية التي أتاحت لنا الفرصة لوضع اول خطوة نحو العالمية”.
وخمتت المولى: “لقد وعدت دولة الرئيس وسماحة الإمام، وأجدد شكري لهما على الثقة الكبيرة والدعم الدائم ووعدت أيضا مجلس الجامعة والطلاب بأن تكون الجامعة الإسلامية في لبنان الأولى في الشرق الأوسط، وها هي اليوم تترأس اتحاد الجامعات الفرنكوفونية في الشرق الأوسط Confremo، ووعدت بأن تكون الجامعة الإسلامية في لبنان الأولى في الوطن العربي وقد ترأست اتحاد الجامعات العربية للدورة 51. وأخيرا وليس آخرا كان الوعد بالاعتماد المؤسسي، وها نحن اليوم وبعد سنة ونصف سنة من العمل الدؤوب نفتخر ونعتز بشهادة الاعتماد المؤسسي من HCERES (المجلس الأعلى لتقييم البحوث والتعليم العالي في فرنسا) هي المؤسسة المعترف بها أوروبيا وعالميا. فنحن على العهد باقون ومستمرون في مسيرة هذه الجامعة، هنيئا للجامعة الإسلامية في لبنان، وهنيئا لأهل الجامعة هذا الانجاز، وهنيئا لطلابها هذه الشهادة”.