كتبت صحيفة “النهار” تقول: لم يكن قول مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد “إن هناك رغبة لدى الولايات المتحدة في أن ترى استقراراً وأمناً حقيقيين في لبنان، وهذا يتوقف على خياراته الوطنية وليس على خيارات تُملى عليه”، إلّا نسخة منقّحة من بيان السفيرة الأميركية في بيروت اليزابيت ريتشارد الذي تلته من السرايا بعد التهنئة بتأليف الحكومة، عندما أبدت قلق بلادها من تنامي دور “حزب الله”. وبدا ان ساترفيلد يحث لبنان على تحديد خياراته في المرحلة المقبلة، خصوصاً قبل زيارة الرئيس ميشال عون لموسكو، وبعد العروض الايرانية للمساهمة في مشاريع تنموية، وأيضاً في عملية تسليح الجيش اللبناني. وسواء كانت زيارة ساترفيلد، تمهد لزيارة متوقعة لوزير الخارجية الاميركي مايكل بومبيو أم لا، فإن لقاءات الديبلوماسي الأميركي حتى مساء أمس، توحي بانه يستطلع الآراء في دور لبنان في العقوبات الأميركية المفروضة على ايران و”حزب الله”. وأكد ان الولايات المتحدة “ستبذل كل ما في وسعها لدعم خيارات لبنان الوطنية”، داعياً الى “خيارات وطنية تخرج البلاد من الصراعات والإيديولوجيات الخارجية”.
من جهة أخرى، ترصد الأوساط السياسية محطتين بارزتين هذا الأسبوع باعتبارهما ستشكلان اختباراً للمدى الذي بلغته العلاقات المتردية بين بعض مكونات الحكومة وما اذا كانت الاهتزازات الأخيرة سترخي بذيولها على هاتين المحطتين أم سيتم تجاوزها لمصلحة اعادة الواقع التسووي السياسي إلى طبيعته. ومعلوم ان الاختبار الأول ينطلق اليوم في الجلسة التشريعية لمجلس النواب التي تستمر غداً وتدرج في جدول أعمالها بنود واقتراحات قوانين مهمة من شأنها إحياء النقاش النيابي بقوة في مسائل تتصل بالواقع المالي والاقتصادي كما لدى طرح الاجازة للحكومة بالانفاق الموقت على القاعدة الإثني عشرية، كما ستُثار ملفات حيوية كملف الكهرباء لدى طرح البند المتعلق بإعطاء مؤسسة كهرباء لبنان سلفة خزينة ضخمة. ويشكل انتخاب أعضاء المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء من حصة مجلس الوزراء اختباراً من نوع آخر للقوى السياسية، اذ تسري معلومات مفادها أن ثمة اتفاقاً عريضاً حصل سراً بين عدد من القوى الاساسية على الأعضاء الذين سينتخبون وكذلك على الاعضاء الذين ستعينهم الحكومة من حصتها لاحقاً بما يعني ان المحاصصات التقليدية بين القوى والزعامات قد تبرز مجدداً كمعيار سلبي للغاية يأتي في وقت خاطئ معاكس لكل التعهدات التي يكررها المسؤولون والرسميون والسياسيون يومياً في معرض الكلام المتصاعد عن مكافحة الفساد والحد من المحسوبيات السياسية. وتقول أوساط معنية بملف الفساد واعادة تصويب مسار الدولة أن المناقشات النيابية والقرارات الحكومية ستتخذ من الآن فصاعداً دلالات مختلفة عنها في السابق لأن لبنان لم يكن تحت مجهر الرقابة الدولية للدول المعنية بدعمه وبالانخراط في المساهمات بموجب مقررات مؤتمر “سيدر”.
وفي إطار علاقات لبنان، بدا لافتاً الموعد السريع للجنة العلاقات اللبنانية – السعودية التي تزور الرياض نهاية الأسبوع للبحث في نحو 30 مشروعاً للتعاون بين البلدين بهدف تأطير التعاون وقوننته وفتح مجالات الاستثمار المتبادل بين أبناء البلدين. وقد توقعت مصادر معنية عبر “النهار” ان تكون أولى بذور التعاون دفق سعودي على لبنان في موسم الاصطياف المقبل، خصوصاً بعد التوتر الذي يشوب علاقة المملكة بتركيا، وتراجع الرغبة في التوجه الى المدن التركية ما سينعكس إيجاباً على لبنان بعد رفع الحظر عن السفر إليه.
وأمس أكد رئيس الوزراء سعد الحريري قوة العلاقات التي تربط بين لبنان والمملكة العربية السعودية، مشدداً على أهمية الاجتماعات التحضيرية لاجتماع اللجنة العليا المشتركة اللبنانية – السعودية، في مجال الإعداد لمشروعات الاتفاقات المطلوبة لتطوير العلاقات بين البلدين وبما يحقق مصلحة لبنان.
ورأس الحريري جانباً من الاجتماع التنسيقي للوفد التقني المؤلف من ممثلين للوزارات المعنية الذى سيزور السعودية الأحد والاثنين المقبلين للتحضير لاجتماع اللجنة العليا المشتركة اللبنانية – السعودية التى يرأسها عن الجانب السعودى وزير المال محمد الجدعان وعن الجانب اللبناني وزير الاقتصاد والتجارة منصور بطيش.
في الشأن المالي، وفيما كان رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل يعلن طرح “تكتل لبنان القوي” مشاريع قوانين تكون بمثابة الذراع القوية لمكافحة الفساد، وهي مشروع قانون رفع السرية المصرفية ومشروع قانون رفع الحصانة ومشروع قانون استعادة الأموال المنهوبة، كان وزير المال علي حسن خليل يعقد مؤتمراً صحافياً يعرض فيه نتائج التحقيقات المالية منذ العام 1993. وإذ أكد وجود شوائب كبيرة لم يشأ تحميل أحد المسؤولية أو فتح معركة سياسية مشابهة لتلك التي قامت الاسبوع الماضي مع اتهامات النائب حسن فضل الله، أفاد ان الملفات أحيلت على ديوان المحاسبة ليبنى على الشيء مقتضاه.