كتبت صحيفة “اللواء” تقول: بند واحد على جدول الاتصالات مع مطلع الأسبوع، يخترق غمار المواقف، سواء أكانت حاسمة، شبيهة بالموقف الذي أعلنه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، من السراي الكبير، بعد لقاء الرئيس سعد الحريري، وكان بمثابة “رسالة واضحة” من ان “دولة الرئيس فؤاد السنيورة هو خط أحمر، لأنه رجل دولة، وهو الذي أعاد إلى مالية الدولة الشفافية والمصداقية، أو باردة، لجهة احتواء التصعيد الكلامي، أو السياسي بين تيّار “المستقبل” والتيار “الوطني الحر”، من زاوية حماية “التسوية الرئاسية”، واعتبار التضامن الحكومي المدخل العملي لإعادة الثقة إلى الدولة ومؤسساتها.
ووفقاً لمصادر “اللواء” فإن الاتصالات بين “المستقبل” والتيار الوطني الحر، انتهت إلى تبريد الأجواء، معتبرة ان الحملات التلفزيونية انتهت عند حدودها “ولا خلفيات مدبرة وراء هذا السجال”.
وقف التراشق
وفي انتظار حسم موعد عقد الجلسة الأسبوعية لمجلس الوزراء، والتي من المرجح ان تتم بعد ظهر الخميس في بعبدا، مع جدول أعمال يتصدره موضوع التعيينات في المجلس العسكري والأمين العام لرئاسة مجلس الوزراء، سجلت أمس خطوة إيجابية على صعيد وقف التراشق السياسي والإعلامي، بين تيّار “المستقبل” و”التيار الوطني الحر”، على خلفية اتهامات “حزب الله” للرئيس فؤاد السنيورة في ملفات الفساد والحسابات المالية وملف الـ11 مليار دولار، والذي كادت شظاياه تطال التفاهمات والتسويات السياسية، لو لم تتم استيعابه من قبل مسؤولي الطرفين وابقائه في إطار الضيق والمحدود، تمهيداً لسحبه من التداول أقله بين التيارين الأزرق والبرتقالي.
وبحسب المعلومات التي تمّ تداولها في هذا الإطار فإن رئيس التيار الحر الوزير جبران باسيل سارع إلى اجراء اتصال بالرئيس سعد الحريري معتذراً عن مقدمة نشرة اخبار تلفزيون O.T.V الناطق بلسان التيار مساء يوم السبت الماضي، واضعاً هذه المقدمة في إطار الاجتهاد الشخصي لا السياسي، ومؤكداً ان “التيار لا يتبنى ما ورد فيها من هجوم على الرئيس السنيورة، ومن عزف على وتر التفريق بينه وبين الرئيس الحريري”، ومشدداً على وجوب حصر الخلاف ومنع تمدده أو توظيفه سياسياً.
وتبعاً لمفاعيل هذا الاتصال، أكدت مصادر مسؤولة في “المستقبل” و”التيار الحر” لـ”اللواء” ان الاشتباك الاعلامي انتهى في ارضه، وانه ليس نتيجة سبب مباشر او موقف او اجراء من احد الطرفين. وقالت مصادر “المستقبل”: ان الموضوع انتهى عند هذا الحد، حيث صدرت مواقف معينة جرى الرد عليها، ولن نقول اكثر، مشيرة الى ان لا خوف لا على التسوية الرئاسية ولا على التضامن الحكومي.
اما مصادر “التيار” فقالت: ان مقدمة نشرة “او تي في” السبت الماضي كانت مجرد قراءة سياسية في موضوع الحسابات المالية جرى فهمها بطريقة خاطئة، وانها استهداف للرئيس فؤاد السنيورة وتيار “المستقبل”، ونؤكد ان هذه هي حدود الموضوع وانتهى عند هذا الحد. ولا توجه لدينا لفتح مشكل سياسي او سجال اعلامي.
السنيورة خط أحمر
تزامناً، سجلت نقلة نوعية في المواجهة التي افتعلها “حزب الله” ضد الرئيس السنيورة، عبر الموقف الشديد الوضوح الذي أعلنه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، بعد زيارته الرئيس الحريري في السراي الحكومي، مهنئاً بمنح الحكومة الثقة، حيث أكّد ان “الرئيس السنيورة خط أحمر، لأنه رجل دولة بامتياز، وهو الذي أعاد إلى مالية الدولة الشفافية والمصداقية”، واصفاً المؤتمر الصحافي الذي عقده للرد على الاتهامات والافتراءات والاكاذيب بأنه كان “موفقاً جداً”.
وقال ان “الرئيس السنيورة قيمة وقامة كبيرة، نحن نعتز بها وندافع عنها ضد أي افتراء”.
واللافت في مواقف المفتي دريان، قوله ان “موضوع محاربة الفساد أمر مهم وضروري، طالما نحن نسعى إلى إقامة الدولة العادلة القوية، لكن هذا الملف يجب ان يعالج ضمن أطر مؤسسات الدولة، إذ ان هناك هيئات رقابية وهيئات محاسبة عليها ان تقوم بواجباتها، في حين ان موضوع المزايدة في هذا الأمر، أو النيل السياسي من هذا الملف أو ذاك أمر مرفوض”.
عون: لا حصانة لأحد
ومن جهته، أكّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمام وفد المجلس التنفيذي للرابطة المارونية برئاسة النقيب انطوان قليموس لمناسبة انتهاء ولاية المجلس واجراء انتخابات جديدة، ان “معركة الفساد التي لطالما اعتقد البعض انها معركة منسية بدأت وان تأخرت بعض الشيء، حيث بوشر بفتح عدد من الملفات”.
وفي اشارة ضمنية تعكس تأييداً لحملة “حزب الله” لفت الرئيس عون إلى ان “ثمة اندفاعاً ومقاومة لمعركة الفساد، كما لاحظتم في الأيام الأخيرة، الا اننا مصممون على ربح المعركة مهما بلغت التحديات، ولن تثبط عزيمتنا في ذلك، لا سيما ان لا حصانة لأحد مهما علا شأنه، كما لن يكون فيها تمييز”، مشدداً على أهمية الرأي العام في ربح المعركة والذي يميز بين المتهم والبريء، معتبرا ان الهيئات الرقابية والقضائية امام تجارب واضحة، وعليها ان تقوم بواجباتها”.
حزب الله: أموال “سيدر”
وفي المقابل، يُصرّ “حزب الله” على متابعة ملف الفساد حتى النهاية، وأكّد مقربون منه على عدم ايلاء أية أهمية لمحاولات تصوير الملف وكأنه مواجهة مباشرة بينه وبين القوى السياسية اللبنانية، ولا سيما تيّار “المستقبل”. وكشف هؤلاء بأن قيادة الحزب ممثلة بأمينه العام السيّد حسن نصر الله اتخذت قراراً صارماً بعدم المهادنة في مسألة محاربة الفساد والفاسدين، وان الرئيس الحريري وضع في هذه الأجواء في مرحلة الاتفاق على تشكيل الحكومة، وأبدى موافقة على محاسبة المتورطين في هدر المال العام.
وبحسب هؤلاء أيضاً فإن الحزب وضع على طاولته الداخلية كل الخطوط العريضة لفتح ملفات الفساد والهدر في مالية الدولة وتحديداً كشف مصير الـ11 مليار دولار، لكنه تعاطى في كشف هذه الملفات بتكتيك إدارة الحرب، فقال ما عنده وترك للقوى السياسية التكهن باسماء الشخصيات المتورطة.
لكن مصادر سياسية مطلعة، لاحظت ان الحزب لا يريد من هذه المواجهة سوى الهاء الرأي العام عن المعركة الحقيقية، وهي أموال “سيدر”، بدليل ما أعلنه عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسن فضل الله، من ان الحزب سيلاحق كل مشروع من مشاريع “سيدر” بمفرده، ولن يوافق على مشاريع بالجملة بل بالمفرق، ملوحاً انه “سيفلي النملة”، بما سماه مرحلة ثانية، وثالثة، في حال لم يقم القضاء بواجبه حيال المرحلة الأولى من طرح الملفات، مؤكدا بأنه “ليس معنياً بأي سجال مع أحد، ولا يفتح معارك سياسية مع أحد، وسيكمل حتى النهاية”.
ملف التوظيف العشوائي
وفي سياق ملف التوظيف العشوائي، الذي تلاحقه لجنة المال والموازنة النيابية، لم تتمكن اللجنة، وللمرة الثانية على التوالي من مواصلة البحث في هذا الملف، أمس، بسبب غياب وزير الاتصالات محمّد شقير عن الجلسة التي كانت مخصصة للاستماع إلى الوزير وهيئة “اوجيرو”، فاضطر رئيس اللجنة النائب إبراهيم كنعان إلى رفعها، ملوحاً بالذهاب إلى حدّ حجب الثقة عن الوزراء الممتنعين عن حضور الجلسات، خاصة وانه سبق لوزير التربية اكرم شهيب ان غاب عن الجلسة المخصصة للتوظيف الذي تمّ في وزارته، وستعاود اللجنة اجتماعاتها اليوم، على أمل حضور الوزير شهيب.
ولاحقاً عزا المكتب الإعلامي للوزير شقير سبب عدم حضوره إلى التباس حصل في موضوع الدعوة، وعدم متابعة وتنسيق، خاصة وان شقير كان يقوم بزيارة إلى مصر.
تعيينات المجلس العسكري
على صعيد آخر، أوضحت مصادر وزارية، انه في حال عقدت جلسة مجلس الوزراء هذا الخميس، فالارجح ان تعقد بعد الظهر، بسبب مصادفتها مع جلسات التشريع التي ستعقد في المجلس النيابي يومي الأربعاء والخميس، مشيرة إلى ان التعيينات في المجلس العسكري يفترض ان تسلك طريقها، كما الأمين العام لمجلس الوزراء، حيث يرجح ان يكون القاضي محمود مكية. كما علم ان مرسوم أعضاء الأساتذة المتمرنين في كلية التربية الدرجات الست سيدرس من الناحية القانونية، وان هناك اتجاهاً إلى رده من قبل الرئيس عون، علماً ان المرسوم المذكور لم يصل بعد إلى دوائر رئاسة الجمهورية.
وكان الرئيس عون بحث مع وزير الدفاع الوطني الياس بوصعب أمس، في موضوع التعيينات المرتقبة لاربعة أعضاء في المجلس العسكري، وهم: رئيس الأركان، الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع، المفتش العام والعضو المتفرغ والذي سيعرض في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء.
وعلم انه تمّ التوافق على الأسماء الأربعة، وهي العميد الركن أمين العرم لرئاسة الأركان، العميد الركن ميلاد اسحاق مفتشاً عاماً، العميد الركن الياس الشامية عضو متفرغاً، والعميد الركن محمود الأسمر أميناً عاماً لمجلس الدفاع.
زيارة موسكو
إلى ذلك، افادت مصادر وزارية لـ”اللواء” ان موعد زيارة الرئيس عون الى روسيا في 26 اذار الحالي هو موعد مقترح ويتم التواصل عبر القنوات الديبلوماسية من اجل تثبيته وفق ما يلائم الطرفين اللبناني والروسي.
وأوضحت المصادر ان الزيارة ترتدي طابعا مهما انطلاقا من دور روسيا في المنطقة وكان قد سبق للرئيس الروسي ان وجه دعوة لرئيس الجمهورية للقيام بالزيارة وتم تجديدها.
ولفتت الى ان المباحثات اللبنانية- الروسية تتركز على العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها في كل المجالات كما ملف النازحين السوريين لاسيما ان لبنان اول دولة وافقت على المبادرة الروسية لعودة النازحين مؤكدة ان اللجنة اللبنانية- الروسية شكلت من اجل متابعة الموضوع وان التأخير الذي حصل مرده الى آلية المبادرة الروسية.
واشارت الى ان موقف الرئيس عون واضح من هذا الملف وهو اعلنه في اكثر من مناسبة قائلة انه يتم دورياً تنظيم عودة آمنة لمجموعة من النازخين.
اما على الصعيد الاقتصادي فاكدت المصادر الوزارية ان البحث سيتناول مجال قطاع الطاقة لا سيما وان شركة نوفاتك الروسية هي التي اوكل اليها موضوع التنقيب عن النفط والغاز الى جانب الشركة الايطالية اني والفرنسية توتال.
واعلنت المصادر أن الشق السياسي سيحتل حيزا انطلاقا من دور روسيا في معظم القضايا في المنطقة وهي طرف معني فضلا عن عملية السلام.
قضاة المجلس الأعلى
الى ذلك، ترددت معلومات ان الهيئة العامة لمحكمة التمييز قضاة المجلس الأعلى عينت لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وهم رئيس الهيئة جان فهد، ورؤساء الغرف لدى محكمة التمييز جوزف سماحة وميشال طرزي وسهير الحركة وجمال الحجار، وعضو المجلس العدلي وعضو مجلس القضاء الاعلى القاضي كلود كرم والرئيسة الاولى لمحكمة الاستئناف في الجنوب رلى جدايل.
كما عيّنت الهيئة العامة الأعضاء الثلاثة الاحتياطيين القضاة رئيسا غرفتين لدى محكمة التمييز روكز رزق وغسان فواز ورئيسة معهد الدروس القضائية ندى دكروب.
كذلك عيّن النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود مدعياً عاماً لدى المجلس الاعلى مع مساعديه القاضيين المحامي العام التمييزي عماد قبلان والمدعي العام الاستئنافي في البقاع منيف بركات. وأحال القاضي فهد محضرا بهذه التعيينات الى رئيس مجلس النواب نبيه برّي.