كتبت صحيفة “النهار ” تقول : بين مشاركة رئيس الوزراء سعد الحريري في لقاءات قمة شرم الشيخ العربية – الاوروبية وصدور تصنيف بريطاني جديد في حق “حزب الله” وتصاعد التحركات والمبادرات النيابية المتصلة بملفات الفساد، بدا المشهد الداخلي أمس عرضة لعناصر شديدة التناقض الامر الذي يضفي على السياسات الحكومية في المرحلة المقبلة مزيدا من الاهمية والدلالات وسط ثبوت التشدد في الرقابات الغربية على هذه السياسات.
وفي اطار الضغوط المتزايدة دولياً على “حزب الله”، أعلن وزير الداخلية البريطاني ساجد جاويد أن بلاده “تستعد لحظر الجناح السياسي لـ”حزب الله”، في خطوة من شأنها أن تمنع أنصار الحزب من القيام بأي تحرّك في الشوارع البريطانية وحمل علم الحزب”. وأفادت وكالة “رويترز” ان “بريطانيا ستحظر “حزب الله” بمجمله بما في ذلك جناحه السياسي، الذي تعتبره منظمة ارهابية”. ومن المتوقع أن يحظر جاويد “حزب الله” تماماً باعتباره ”جماعةً إرهابيةً”، غير أن هذه الخطوة في حاجة الى مصادقة البرلمان، الامر الذي يزيد احتمال الاعتراض عليها من زعيم حزب العمال المعارض جيرمي كوربين، الذي أشار من قبل إلى أفراد الحزب على أنهم ”أصدقاء”.
غير ان اللافت في هذا السياق كان بروز موقف فرنسي من “حزب الله” عبر عنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره العراقي برهم صالح وتمايز فيه عن الموقف البريطاني. وفي معرض تعليقه على الموقف البريطاني، قال ماكرون: “لدينا علاقات مع الجناح السياسي لحزب الله الممثل بالحكومة اللبنانية”، مشيراً الى أنّه “لا يمكن أيّ دولة أن تضع حزباً لبنانياً ممثلاً في الحكومة على قائمة الإرهاب”.
وفي اطار التحركات الفرنسية المتعلقة بالواقع اللبناني، يصل إلى بيروت غداً المنسق الفرنسي في مؤتمر “سيدر” السفير بيار دوكان للاطلاع من المسؤولين على ما اتخذ حتى الآن في سياق الاستعدادات لتنفيذ مقررات مؤتمر ”سيدر” والتحضير لبدء ورشة التنفيذ. وسيطلع دوكان على ما أنجزته الدولة حتى الآن ومعرفة مدى جديّتها في تحقيق الإصلاحات المطلوبة والمنشودة، خصوصاً أن هذه المسألة موضع اهتمام ومراقبة لجان المتابعة ولا سيما منها لجنة الإشراف على مراقبة تنيفذ المشاريع، وقد يشارك مسؤولون عن الدول المانحة في تلك اللجنة التي قد تكون رئاستها لفرنسا. وكشفت أوساط ديبلوماسية مطلعة أنه في ضوء التقرير الذي سيرفعه دوكان إلى الإليزيه، يتقرّر موعد زيارتي الرئيس إيمانويل ماكرون وقبله وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان لبيروت.
الحريري والسيسي
على صعيد آخر، وصف الرئيس سعد الحريري لقاءاته مع الزعماء العرب والأوروبيين في شرم الشيخ بأنها كانت مفيدة وناجحة، موضحاً أن هؤلاء جددوا التزامهم مؤتمر “سيدر” ودعمهم للبنان وتطوير العلاقة معه.
وكان الرئيس الحريري قد اختتم لقاءاته على هامش مؤتمر القمة العربية – الأوروبية في شرم الشيخ، بلقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في حضور الوفد المرافق له، والذي ضم وزير الخارجية جبران باسيل ووزير المال علي حسن خليل ووزير الصناعة وائل أبو فاعور والوزير السابق غطاس خوري ووزير الخارجية المصري سامح شكري. وصرح على الأمر: “اللقاء مع الرئيس السيسي كان مميزاً، خصوصاً أنه هو من أقام هذا المؤتمر، حيث كان هناك حوار ممتاز، كذلك بالنسبة إلى اللقاءات الجانبية التي حصلت مع بعض الدول الأوروبية. هذا الأمر مفيد للعرب في رأيي، لأنه لدينا علاقات قائمة مع الأوروبيين، ولكن هذا المؤتمر أعطى فرصة لمصارحة أكبر وللحوار، ونأمل أن تستمر مثل هذه المؤتمرات، لأنها تحمل بالفعل إيجابية كبرى”.واكد ”ان جميع القادة الأوروبيين الذين التقيتهم جددوا تأكيدهم لمؤتمر “سيدر” ودعمهم للبنان وتطوير العلاقة معه، وهذا ما كنا نسعى إليه. من هنا أعتبر أن كل هذه اللقاءات كانت ناجحة”.
وسئل عن وضع بريطانيا حظرا على “حزب الله”، فأجاب: بريطانيا تضع في الأساس الجناح العسكري لـ”حزب الله” على قائمة الإرهاب، والآن قد تكون أضافت الجناح السياسي. نحن نرى أن هذا الأمر يخص بريطانيا وليس لبنان، وما يهمنا هو ألا تتضرر العلاقة بيننا، ونتمنى أن ينظروا إلى لبنان كلبنان وشعبه، لذلك يجب علينا أن نبني أفضل العلاقات مع الجميع وهذا هو الأساس لمستقبل لبنان ومصلحته”.
موغيريني في بيروت
في غضون ذلك، وصلت مساء أمس الى بيروت الممثلة العليا للاتجاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية فيديريكا موغيريني وأجرت محادثات مع وزير الخارجية جبران باسيل.
وعلق باسيل بعد المحادثات على وضع بريطانيا “حزب الله” على لائحة الإرهاب، فرأى أن “لا أثر سلبيًا مباشرًا” لهذا التصنيف على لبنان، وقال: “هذا أمر تعودناه، وأكد القادة البريطانيون في اتصالات لي ألّا أثر لهذا الأمر على العلاقات الثنائية بين لبنان وبريطانيا”. وأضاف: “لو قال كل العالم إن المقاومة إرهاب، فهذا لا يعني أنها إرهاب طالما هناك أجزاء محتلة. وهي ستبقى محتضنة من الدولة والبرلمان والحكومة”. وأضاف: “كلنا متفهمون أن العودة الآمنة والكريمة للنازحين السوريين هي الحل الوحيد، والاتحاد الأوروبي سيساعدنا في هذا الموضوع”، مشيراً إلى أن “المساعدة التي يريدها لبنان من الاتحاد الأوروبي هي رفع الصادرات اللبنانية باتجاه أوروبا”.
وقالت موغيريني إن “موقف بريطانيا من “حزب الله” هو شأن سيادي خاص بها ولا يؤثر على موقف الاتحاد الاوروبي حيال الحزب”.
كنعان وفضل الله
أما على الصعيد الداخلي، فشكّل الوضع المالي للدولة وتنقيتها من الفساد، العنوان الابرز للحركة التي كان مجلس النواب محورها. فانعقدت لجنة المال والموازنة في جلستها الاولى لهذا الاسبوع لمناقشة تقريري التفتيش المركزي ومجلس الخدمة المدنية في شأن التوظيف والتعاقد في القطاع العام خلافا لقانون سلسلة الرتب والرواتب. وبعد الاجتماع، صرح رئيسها النائب ابراهيم كنعان: “تسلمنا ملف التوظيف وسيبقى مفتوحا وسنتعمق ونتابع هذا الملف الذي يخضع لنظام الموظفين والمادة 21 من قانون سلسلة الرتب والرواتب”. وقال: “أرسينا اليوم معايير وعناوين سنتابع على أساسها درس الملف لمعرفة القانوني وغير القانوني منه”. وذكّر بأن “المادة 21 من سلسلة الرتب والرواتب تنص على منع جميع أنواع التوظيف والتعاقد، وعلى إجراء الحكومة مسحا شاملا لملاك الدولة لمعرفة الحاجات، وهي لا يجوز ان تكون انتخابية وطائفية وتنفيعة”. وأفاد ان “التقرير النهائي للتفتيش المركزي يتحدث عن 4695 موظفا من آب 2017 حتى اليوم”. وأوضح “ان التعاقد الذي حصل يمكن ايقافه لأنه لا يعطي صفة دائمة للموظفين الذين جرى ادخالهم”. وأعلن أنه “سنستوضح في جلسة غد للجنة المال وزارة التربية الأرقام التي تضمنها تقرير التفتيش حولها، وأي توظيف يجب ان يكون تحت سقف القانون والحاجات”، مؤكداً “اننا سنطبق القانون في ملف التوظيف، ولا أحد يمون على لجنة المال في هذه المسألة”.
في المقابل، أثار عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسن فضل الله موضوع “مستندات رسمية ان سلكت مسارها القانوني الصحيح ستتم محاسبة رؤوس كبيرة تمارس السياسة حتى اليوم”. وقال خلال مؤتمر صحافي تناول فيه ملف الحسابات المالية للدولة، ان “هناك الآلاف من المستندات الموجودة في وزارة المال، وقد ابلغنا وزير المال انها ستحول الى ديوان المحاسبة”وتساءل: “أين ذهب هذا المال؟” وحذّر من أنه “إذا وجدنا تقاعساً من القضاء سنقدم الملفات الى محكمة الرأي العام والإعلاميين