أكد رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري ” أن الحكومة “وضعت برنامجا صريحا وواضحا للإصلاحات التي يجب علينا القيام بها، لكي نشجع المستثمر العربي والأجنبي ليستثمر في لبنان”، لافتا إلى أن “محاربة الفساد ستكون من أصعب الأمور التي سنواجهها في لبنان، ولكن وجود الإجماع السياسي سيسهل الأمر علينا”.
وقال الحريري ردا على أسئلة عدد من محطات التلفزة في الامارات العربية المتحدة وفي حوار مع الاعلامي عماد الدين اديب، ضمن فعاليات “القمة العالمية للحكومات” في دبي: “إن التدخلات الخارجية لا دخل لها في الإصلاحات. مشكلتنا كلبنانيين اننا نتحجج بهذه التدخلات لكي نعطل بعض الأمور. ما اتفقنا عليه بين اللبنانيين والقيادات السياسية هي ان الخلافات الإقليمية ستستمر، فانا لن اقتنع بسياسة حزب الله ونقطة على السطر ولا حزب الله سيقتنع بسياستي الإقليمية، فماذا نفعل حيال ذلك؟ هل نعطل البلد؟ او نضع الخلافات الإقليمية جانبا ونقوم بالإصلاحات التي تنفع المواطن اللبناني”.
وعما اذا يمكن نقل التجربة الإماراتية الى لبنان أجاب: “يجب ان لا ننقل هذه التجربة فقط بل علينا ان نتعلم أيضا. اهم شيئ هو ان نفيد بعضنا بعضا، هناك أمور يمكننا ان نستفيد منها من دولة الامارات والعكس صحيح أيضا. الحكومة التي ستقوم بهذا العمل هي حكومة تحظى بإجماع وطني في لبنان، لذا يجب علينا ان نقوم بالإصلاحات وكل تركيزي في العمل الان منصب على اجرائها لمصلحة الاقتصاد والمستثمر والمواطن”.
واضاف: “الشيخ محمد بن راشد في كتابه قال أنه حين كان يذهب إلى لبنان، يذهل لما كان يراه وكيف كان هذا البلد، فأراد لدبي أن تصبح في المستقبل كلبنان. وأنا اليوم، حين أتيت إلى دبي ورأيت الشيخ محمد بن راشد، أقول: أريد أن أجعل لبنان مثل دبي. المرض الذي نعيشه في لبنان والمنطقة هو الطائفية والمذهبية، التي يستخدمها البعض لشؤون سياسية. أنا أؤمن أن كل من يخرجون ويصرخون عبر التلفزيونات ويتحدثون بالدين، ثلاثة أرباع من يتبعونهم، إن كانوا مسلمين أو مسيحيين، لا يعرفون، لا المسجد ولا والكنيسة. يعرفون كيف يتحدثون عن المسجد أو عن الكنيسة، لكن ما هي بالفعل الأديان؟ هي أديان السلام والتسامح. أما أن تقول أني إذا كنت سنيا أو شيعيا أو مارونيا فعلي أن أعطي حقوقا لأهل طائفتي؟ الحق يجب أن يكون للمواطن اللبناني. إذا كنت أنا رئيس وزراء سنيا، فعلي أن أخدم أصغر وأكبر مسيحي وشيعي وسني ودرزي، وهذا هو واجبي وأنا موظف لديهم”.
واشار الحريري الى أن “الفساد مستشر في لبنان وهذه حقيقة يجب ان نواجهها، كما علينا ان ننظر الى الأخطاء ونصلحها. وعندما نواجه الفساد والهدر سنخلق بذلك حكما فرص عمل جديدة للشباب والشابات”.
وأكد الحريري “اننا نحاول تضمين البيان الوزاري كل ما يشجع المستثمر للمجيء الى لبنان والاستثمار فيه ضمن شروط الشفافية وقوانين محاربة الفساد”. وقال: “الاصلاحات والقوانين ستجعل الـ 30 وزيرا في هذه الحكومة مختلفون عن غيرهم. كل القوانين التي يجب علينا ان نضمنها في البيان الوزاري سيتم وضعها لاقرارها في مجلس النواب”، مشيرا الى “ان هناك اجماعا سياسيا في لبنان على كل الاصلاحات التي وردت في سيدر وهناك ايضا اجماع على محاربة الفساد”.
ولفت الحريري الى ان “يجب ان يكون هناك وضوح لدى المستثمر كي يستثمر في لبنان واهمها الاستقرار السياسي والامني. اليوم خلطت كل الاوراق واتخذنا قرارا في لبنان بعدم تأثير الوضع الاقليمي على الوضع الاقتصادي الداخلي وبفصل السياسة عن الاقتصاد الداخلي. واذا تمت الاصلاحات فان هذا الامر سيؤدي الى مردود كبير جدا لاي مستثمر سيأتي للاستثمار في لبنان”.
وعن جلسة الثقة، قال: “سنقوم بجهودنا والخيار الاخير للنواب. معظم الاحزاب في الحكومة ما يعني على الاقل 100 صوت لصالح الثقة”.
وفي شأن النازحين السوريين، قال: “يشكلون بالتأكيد تحديا، لكن في كل تحد يمكننا أن نرى الجانب الإيجابي الذي يمكننا من أن نستثمر فيه. نحن في لبنان بالعامين 1996 و1997، في زخم ورشة الإعمار، كان لدينا 800 ألف سوري يعملون في كل مشاريع البنى التحتية. فلماذا لا نستخدم الطاقات الموجودة لدينا والنازحين لكي نقوم بالمشاريع الاستثمارية التي علينا القيام بها؟ يجب ألا ننظر إلى النصف الفارغ من الكوب، علينا أن ننظر إلى النصف الملآن ونفكر كيف يمكننا أن نملأ الباقي”.
وماذا يقول لجمهور رفيق الحريري في ذكرى 14 شباط؟ أجاب: “رفيق الحريري تمكن من انتشال لبنان من حرب أهلية، كان فيها مدمرا. نحن لدينا بنية تحتية، وليس علينا سوى أن نعمل ونكمل مسيرة رفيق الحريري. هو وضع كل الأمور على السكة، ونحن بانقساماتنا كسرنا هذه السكة. اليوم أصلحناها. الانقسامات لم تعد موجودة، والحلم الذي كان يحلم به رفيق الحريري، وهو نفس حلم الشيخ محمد بن راشد، علينا أن نكمله. وشباب لبنان وشاباته، كما شباب الإمارات وكل الدول العربية، علينا أن نكمل هذا المشوار معا لكي نحسن وضعنا الاقتصادي. رفيق الحريري خسارة كبيرة جدا للبنان ولي شخصيا، لكنني متفائل بأن الشباب اللبناني قادر على أن ينهض ببلده، كما كان يريده رفيق الحريري”.
وكان الحريري استهل لقاءاته على هامش مشاركته في المؤتمر في دبي باجتماع عقده مع ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في مقر إقامته بفندق “النسيم”. وحضر اللقاء وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي الدكتور أنور قرقاش ووكيل ديوان ولي العهد محمد مبارك المزروعي والوزير السابق غطاس الخوري وسفير لبنان في الإمارات فؤاد دندن. ثم عقدت خلوة بين الرئيس الحريري وولي عهد أبو ظبي، تناولت مختلف الأوضاع في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية.
كما التقى الحريري نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في حضور: ولي عهد دبي الشيخ حمدان بن حمد، الوزير قرقاش، وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء والمستقبل محمد القرقاوي، وزير الاقتصاد سلطان المنصوري ورئيس هيئة دبي للطيران المدني-الرئيس الأعلى لطيران الإمارات الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم. كما حضر الاجتماع أعضاء الوفد اللبناني المرافق، وجرى خلاله عرض آخر المستجدات الإقليمية والعربية والدولية والعلاقات الثنائية.
واجتمع الحريري مع رئيس مجلس الوزراء الباكستاني عمران خان، وجرى عرض لآخر التطورات والعلاقات الثنائية بين البلدين. ثم التقى مجموعة من المستثمرين الخليجيين والأجانب، سيما من الإمارات العربية المتحدة، وأطلعهم على الأوضاع الاقتصادية الحالية في لبنان وبرنامج الحكومة الجديدة للاستثمار، وحثهم على المجيء إلى لبنان والاستثمار في عدد من المشاريع، سيما في البنى التحتية التي تتسم بالشراكة بين القطاعين العام والخاص.
برونو: فرنسا تدعم ما تم الاتفاق عليه في “سيدر”
وعرض الحريري مع رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، العلاقات بين لبنان والصندوق والمشاريع المستقبلية.
والتقى الحريري وزير الصناعة والمالية الفرنسي برونو لومير الذي قال: “ناقشنا سبل تطبيق الإصلاحات في لبنان، وقد أردت أن أؤكد للرئيس الحريري دعم فرنسا الكامل لتطبيق هذه الإصلاحات، ولإنفاق ما تم الاتفاق عليه خلال موتمر “سيدر” الذي شكّل نجاحًا كبيرًا رُصدت خلاله مبالغ كبيرة من المساعدات للبنان”.
وأضاف: “فرنسا هنا اليوم للتأكد من أن لبنان سيستفيد بشكل جيد من هذه المساعدة، ومن أنه سيعتمد الإصلاحات التي كان قد التزم بها. وقد كان هذا اللقاء كالعادة دافئًا وودّيًا وبنّاءً للغاية”.