كتبت صحيفة “النهار” تقول: ورد في مقدمة مسودة البيان الوزاري كما أقرتها أمس اللجنة الوزارية والذي سيقره اليوم على الارجح مجلس الوزراء في صيغته النهائية أن “هذه الحكومة نريدها حكومة افعال لا حكومة أقوال، نريدها حكومة للقرارات الجريئة والاصلاحات التي لا مجال للتهرب منها… لا وقت امام هذه الحكومة للترف اللفظي وجدول الاعمال الذي في متناولها يزخر بالتحديات التي تحدد مسار العمل الحكومي وعناوين الانجاز والاستثمار وترشيد الانفاق ومكافحة الفساد وتحفيز النمو لمحاربة البطالة والفقر”. ولعلها عينة معبرة عن تحسس الحكومة فداحة التحديات التي تنتظرها بدليل السرعة القياسية التي اعتمدت في انجاز البيان الوزاري ومن ثم اقراره في غضون اسبوع منذ ولادة الحكومة ومن ثم في مثول الحكومة الثلثاء والاربعاء المقبلين امام مجلس النواب في جلسات الثقة.
لم تجد الاعتراضات السياسية اليتيمة لـ”القوات اللبنانية” حول بند المقاومة متسعاً من النقاش إلّا في تسجيل التحفظات عن ايرادها كما كانت في البيان الوزاري السابق، فيما أقرت الصيغة النهائية بسلاسة بما فيها كل الفقرات المتصلة بالمجالات الاقتصادية والمالية والاجتماعية. وأبرز ما يميز التعهدات التي قطعتها الحكومة في بيانها يتصل بتأكيدها ان “المطلوب قرارات وتشريعات واصلاحات جريئة ومحددة قد تكون صعبة ومؤلمة لتجنب تدهور الاوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية نحو حالات أشد صعوبة وألما وهو ما ستبادر اليه الحكومة بكل شفافية واصرار وتضامن بين مكوناتها السياسية”. واذ تعترف بان “لدينا فرصة لن تتكرر للانقاذ والاصلاح” تؤكد التزامها “التنفيذ السريع والفعال لبرنامج اقتصادي اصلاحي استثماري خدماتي واجتماعي يستند الى الركائز الواردة في رؤية الحكومة اللبنانية المقدمة الى مؤتمر “سيدر” والمبادرات التي أوصت بها دراسة الاستشاري (ماكينزي) وتوصيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي”. وتفصل الحكومة في بيانها بنود برنامجها الاستثماري العام التي تتناول المشاريع التي تأمّن التمويل لها قبل انعقاد مؤتمر “سيدر” والتي تقدر بنحو أربعة مليارات دولار والشروع في تنفيذ برنامج “سيدر” الذي تقدر قيمته بـ 17 مليار دولار تستثمر على مدى 10 سنين وفقا للآتي: 5 مليارات دولار لمشاريع النقل والمواصلات، 4 مليارات دولار لمشاريع الكهرباء، 5 مليارات دولار لمياه الشرب والري والصرف الصحي، نحو مليار ونصف مليار دولار للنفايات الصلبة، نحو مليار ونصف مليار دولار للتعليم والصحة والثقافة والمناطق الصناعية والاتصالات.
وفي السياسة المالية تتعهد الحكومة “اتباع سياسة متناغمة تعزز الثقة بالاقتصاد الوطني وتخفض نسبة الدين العام الى الناتج المحلي من طريق زيادة حجم الاقتصاد وخفض عجز الخزينة “. كما تتعهد التزام تصحيح مالي بمعدل 1 في المئة سنوياً على مدى خمس سنوات من خلال زيادة الواردات وتقليص النفقات بدءاً بخفض العجز السنوي لمؤسسة كهرباء لبنان وتوسعة قاعدة المكلفين وتفعيل الجباية ومكافحة الهدر والتهرب الجمركي والضريبي وتوحيد التقديمات الاجتماعية.
ويتضمن البيان اصلاحات هيكلية ومنها أن الحكومة ستجمد “التوظيف والتطويع خلال عام 2019 تحت كل المسميات” وسيكون التوظيف الحكومي خلال السنوات الأربع المقبلة مساوياً لنصف عدد المتقاعدين السنوي وذلك شرط أن يكون العجز قد خفض أقله إلى المستوى المذكور” في البيان. ويشير البيان إلى أن الحكومة سترسي تراخيص لامتيازات طاقة بحرية في جولة ثانية للعطاءات قبل نهاية 2019. وبدأ كونسورسيوم يضم “توتال” الفرنسية و”إيني” الإيطالية و”نوفاتك” الروسية العام الماضي أعمال الاستكشاف في منطقة الامتياز الأولى.
تحفظات “القوات”
وعلى رغم محاولات بعض الوزراء ثني الوزيرة مي شدياق عن التحدث عن البند المتعلق بمقاومة الاحتلال الاسرائيلي لمعرفتهم سلفاً انها ستتحفظ، أكدت مصادر “القوات اللبنانية” لـ”النهار”ان شدياق اصرت على التحفظ عنه بصيغته الواردة بعدما طالبت باضافة عبارة “من ضمن مؤسسات الدولة الشرعية” إلى “حق المواطنين اللبنانيين بمقاومة الاحتلال”. ورأت المصادر ان “ما قامت به القوات هو عملية ربط نزاع في هذا الملف الذي تعتبره احد الاهداف السيادية الاساسية ضمن مواجهتها النضالية ولن تتراجع عنه الى حين تحقيق قيام الدولة الفعلية وتأسف ان تكون القوات هي الوحيدة التي واجهت بهدف تثبيت سيادة الدولة التي تؤدي الى الاستقرار الفعلي”.
واكد وزير الاعلام جمال الجراح انه كان هناك تحفظ من “القوات اللبنانية” حول طلبها أن تكون المقاومة ضمن المؤسسات الشرعية ولم يؤخذ بهذا النص. كما كان هناك تحفظ آخر لـ”القوات” في ما يخص الوصول إلى الهدف المنشود بعد إعادة القرار الاستراتيجي كاملاً العسكري والأمني للدولة اللبنانية.
وفي موضوع النأي بالنفس، رحبت “القوات” بما ذكر عن إعادة تأكيد النأي بالنفس والقرارات التي اتخذتها الحكومة السابقة. وقالت شدياق: “لا يمكننا القبول مع احترامنا الشديد للوزير جبران باسيل بأن يعبّر من المنابر الدولية عن موقف خارجي ليس هناك توافق في شأنه في موضوع إعادة نظام بشار الأسد إلى مقاعد الجامعة العربية. لنترك الأخيرة تنتبه إلى ذلك”.
التحرك الاشتراكي
وسط هذه الاجواء بدت نتائج زيارة الوزيرين اكرم شهيب ووائل ابو فاعور امس لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون ايجابية، اذ أعلن ابو فاعور تأكيد التمسك المتبادل بالعلاقة الايجابية والتفاهم الذي حصل سابقا بين الرئيس عون ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط. وعلم ان الوزيرين سيكملان تحركهما بلقاء رئيس الوزراء سعد الحريري اليوم، ووصف ابو فاعور العلاقة مع الحريري بانها “تاريخية وان الخلافات تحصل دائما”.
وبدا لافتا في سياق اخر ان الرئيس الحريري استقبل امس تباعا النائب السابق الدكتور احمد فتفت والدكتور مصطفى علوش في ما يبدد الاجواء التي سادت حول علاقته بكل منهما.