كتبت “المستقبل” في عددها الصادر اليوم الاثنين، تقول : في الشكل والمضمون، نجح لبنان الرسمي في تظهير بيئته الحاضنة للعرب وتكريس هويته المُتجذرة بالعروبة مهما تعاظمت التحديات وتشوهت الانتماءات على امتداد الاختراقات الدخيلة على المنطقة. وإذا كان لسان حال الوفود العربية أجمع على الإشادة «بحُسن التنظيم والاستضافة» في قمة بيروت العربية التنموية، فإنّ ما خلصت إليه بدا مؤكداً في الجوهر على وحدة الحال والهم بين لبنان والدول العربية لتُشكل القمة بحد ذاتها منصة لبنانية – عربية تحاكي سبل التصدي للتحديات المُشتركة على الطريق نحو تأمين اقتصاد متكامل ينهض بالدول العربية وشعوبها.
وبينما شدد البيان الختامي لقمة بيروت على «أهمية وضع رؤية عربية مشتركة في مجال الاقتصاد الرقمي الذي أصبح محركاً للنمو الاقتصادي العالمي»، نوّه في هذا الإطار بإنشاء صندوق للاستثمار في مجالات التكنولوجيا والاقتصاد الرقمي برأس مال قدره 200 مليون دولار أميركي بمشاركة القطاع الخاص ومساهمة كل من الكويت وقطر بمبلغ 50 مليون دولار، كما أكد البيان على المضي قدماً في سبيل الوصول إلى «سوق عربية مشتركة» بالتوازي مع اعتماد الإطار الاستراتيجي العربي (2030) سواءً بالنسبة للطاقة المستدامة أو لمكافحة الفقر والبطالة وتحقيق التنمية الشاملة وتمكين المرأة والشباب وتقديم الرعاية الصحية لكل فئات المجتمع. ولاحقاً، صدر عن القمة التنموية بيان بشأن أزمة النازحين واللاجئين دعا فيه المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته إزاء هذه الأزمة توصلاً إلى إيجاد حلول جذرية لها وتعزيز الظروف المؤاتية لعودة النازحين واللاجئين إلى أوطانهم بما ينسجم مع الشرعية الدولية، وذلك بالتزامن مع مناشدة الدول المانحة تنفيذ تعهداتها المالية، ومُطالبة الأسرة الدولية بدعم الدول العربية المستضيفة للنازحين واللاجئين السوريين وإقامة المشاريع التنموية لديها، وسط تأكيد في ما خصّ اللاجئين الفلسطينيين على ضرورة الاستمرار بتأمين الموارد والمساهمات المالية اللازمة لموازنة الـ«أونروا» وعدم المساس بولايتها أو مسؤولياتها إلى أن يتم حل قضية اللاجئين حلاً عادلاً وشاملاً وفق القرار 194 ومبادرة السلام العربية 2002.
وكان رئيس الجمهورية ميشال عون قد رأى في كلمته الختامية لأعمال قمة بيروت أنّ مقرراتها ستُساهم في تعزيز العمل العربي المُشترك بوصفها خطوة متقدمة على طريق اقتصاد عربي متكامل، في وقت عبّر في الكلمة الافتتاحية التي ألقاها باسم لبنان بعد تسلمه رئاسة القمة من المملكة العربية السعودية عن ضرورة توحيد الجهود والرؤى في العالم العربي لجبه التحديات المشتركة، وتقدّم بمبادرة ترمي إلى «اعتماد استراتيجية إعادة الإعمار في سبيل التنمية» داعياً بموجبها إلى «وضع آليات فعّالة تتماشى مع هذه التحديات، ومع متطلبات إعادة الإعمار وفي مقدمها تأسيس مصرف عربي لإعادة الإعمار والتنمية يتولّى مساعدة جميع الدول والشعوب العربية المُتضرّرة على تجاوز محنها».
أما في ما يتعلق بالاستضافة اللبنانية للقمة العربية التنموية، فشدّد عون على كون انعقادها في بيروت «في هذه المرحلة الدقيقة التي تعيشها المنطقة هو تأكيد على دور لبنان ورسالته في محيطه والعالم»، متمنياً لو كانت «مناسبة لجمع كل العرب فلا تكون هناك مقاعد شاغرة»، وقال: «بذلنا كل جهد من أجل إزالة الأسباب التي أدت إلى هذا الشغور إلا أنّ العراقيل كانت ويا للأسف أقوى»، مشدداً على أنّ «لمّ الشمل حاجة ملحّة انطلاقاً من أنّ جبه التحديات التي تُحدق بمنطقتنا وهويتنا وانتمائنا لن يتحقق إلا من خلال توافقنا على قضايانا المركزية المحقة وحقوقنا القومية الجامعة»، وسط تحذيره من خطر الاحتلال الإسرائيلي واعتداءاته المتمادية ليلفت الانتباه في الوقت عينه إلى أنّ «الأخطر هو حال التعثر الداخلي (…) والخراب الذي يطاول ركائز أوطاننا