كتب عيسى يحيى في “الجمهورية”:
أطلّت مهرجانات بعلبك الدوليّة، التي انطلقت عام 1956،على المدينة هذا العام، وفي جعبتها حفلات لبنانية وأجنبية، علّها تعيد الفرح والحيويّة إلى مدينة الشمس، التي فاضت بالأحداث الأمنيّة والقتل والوضع الاقتصاديّ السيّئ، الذي أرهق المواطنين، واستبشر بعضهم بالمهرجانات ودورها في تحريك العجلة الاقتصادية، والدفع باتّجاه نهوض المدينة.
حالت الأحداث الأمنية عام 2013 المرتبطة بالمعارك خلف الجرود، دون إقامة المهرجانات في المدينة حيث تمّ نقلها، وغابت في حينها الأضواء عن معبد باخوس الذي احتضن المهرجانات طوال أعوام، ليشهد على تاريخ القلعة الأثرية وجماليتها، ويُدَوّن دولية هذه المهرجانات التي خصَّها الرئيس شمعون بها، ويشهد أيضاً على كبار الفنانين العرب الذين حطّت أقدامهم على أدراج المعبد منذ عشرات السنين، ويشهد على تراجع نوعية الحفلات والفنانين، وكأنّ بعلبك لا يكفيها ما تعاني حتى لا تكون مهرجاناتها على قدر اسمها، وتكون الأرجل التي تخطّ على أدراج معابدها كفيلة باستمشاق ذلك التاريخ العظيم.
وفيما يقارب العديد من البعلبكيين المهرجانات من حيث النوعية واختيار أسماء الفنانين، ينظر البعض الآخر إلى الفائدة التي تجنيها بعلبك من تلك الحفلات ومن الزوار القادمين من مختلف المناطق اللبنانية، حيث تقتصر زيارة السائح والقادم إلى المهرجانات على القلعة فقط، فمداخل المدينة وخطة السير المعتمدة، إضافةً إلى موقع القلعة لا تسمح للقادم من خارج بعلبك بالتجوّل بين المطاعم والمحال والسوق التجاري للمدينة، حيث يتوجه القادمون إلى الحفلات نحو المواقف المخصصة ومنها إلى داخل القلعة، وعند الانتهاء يعودون أدراجهم دون المكوث في المدينة.
وإن كان الهاجس الأمني الذي مرّ على بعلبك لسنوات، واستمر حتى بدأت الخطة الأمنية التي ينتظر لها أن تحقّق نتائج على الأرض أكثر، وتعيد الطمأنينة والأمان التي أحس فيها المواطن البعلبكي مع انتشار الجيش داخل السوق التجاري وعلى المفارق وعند مداخل المدينة، هو المسبب الأوّل لهروب الزوار من المدينة، يُسجَّل للمدينة أيضاً بأنّ أحداً من أبنائها لم يتعرض يوماً لسائح قادم أو غريب ، بل كانت الأحداث في معظمها بين أبنائها، سقط العديد منهم بلا ذنب، كان آخرهم جمال الشياح صاحب فرن معجنات بالقرب من قلعة بعلبك والذي كان يعوّل على المهرجانات لتحسين وضعه الاقتصادي، لكنّ القدر والمصالح الاقتصادية والكيديات التي سبقت المهرجانات بأيام، كانت كفيلة بأن يدفع ثمنها بدمه دون ذنب.
وفي إطار الفائدة التي تجنيها بعلبك من المهرجانات الدولية يقول رئيس بلدية بعلبك حسين اللقيس لـ»الجمهورية» : لا شكّ أنّ مهرجانات بعلبك الدولية هي دعاية كبيرة لبعلبك على الصعد كافة ولكن على صعيد الاستفادة فبلدية بعلبك ليس لها أيّ مردود مالي من عائدات الحفلات، وذلك وفق مرسوم المهرجانات المحدّد لطريقة استثمارها، ولا نطمح أن يكون لنا حصّة منها وأن نقوم بمشاريع من ذلك المردود فهو أمر غير وارد.
وأضاف علينا كأبناء مدينة وبلدية وتجّار أن نعرف كيف نجذب السيّاح إلى داخل المدينة عبر المطاعم والمقاهي والفنادق، أضف إلى نظافة المدينة وغير ذلك، ومن هنا علينا تحسين الواقع السياحي كمجموعة متكاملة. وختم بأنّ التدابير الأمنية المفروضة ساهمت في خلق جوّ مؤات للسياحة، وهي مستمرة بشكل دائم في بعلبك.
بدوره عامر الحج حسن رئيس نقابة أصحاب المحال والمؤسسات التجارية في البقاع قال لـ»الجمهورية» انّ مهرجانات بعلبك الدولية قائمة منذ أكثر من 50 سنة والهدف منها إحياء السياحة في بعلبك وضواحيها، أما ما تستفيد منه بعلبك أثناء المهرجانات هو إفادة إعلانية، وأيّ إنسان عاقل يرضى بها نظراً للصورة التي تنقلها في وقت عانت بعلبك من الوضع الأمني، وموضوع السيّاح في بعلبك هو موضوع مقدس.
وأضاف: كي نستفيد من السياحة في بعلبك لا بد من خطة سير تلحظ مرور السياح قرب المطاعم والمقاهي والسوق التجاري، كذلك الفترة الزمنية التي يأتي بها السياح الى المدينة تكون دائماً على وقت الحفلات ويعودون حينما تنتهي، وعليه لا بدّ لبعلبك أن تستفيد، لما تحتويه من معالم سياحية، مطالباً البلدية بوضع خطة سير يستفيد منها أهالي المدينة وتلحظ مرور السياح على المحال التجارية التي تحتوي كل ما يدلّ على تراث وتاريخ بعلبك، مطالباً بسياسية سياحية السنة القادمة، تعطي بعلبك حقها من تلك المهرجانات التي لم يستفد منها أهالي بعلبك.