• عاد الرئيس بري من السفر والحريري الى سفر، وانت ايضاً الى سفر، وتأليف الحكومة متعثّر؟
ـ جعلتُ توقيت سفري متزامناً مع سفر الآخرين، انا لم أغب عن البلد في اي دقيقة كان في حاجة الى وجودي، وأي سفر حتى الى الولايات المتحدة ألغيه لأجل تأليف الحكومة، لكنني لست مسؤولاً عن تأليفها، بل المسؤولية عند غيرنا.
• من تقصد؟ القرار لمن في تأليف الحكومة؟
– من الطبيعي ان تكون إدارة عملية التأليف لرئيس الحكومة، ولديه شريك هو رئيس الجمهورية وجميع الاطراف المشاركة. طبعاً لا تستطيع كل تلك الاطراف وضع شروط تعجيزية على رئيس الحكومة وبعدها تطالبه بالتشكيل. كذلك على الرئيس المكلّف، ولكي لا يسمح لأحد بأن يضع عليه شروطاً تعجيزية، أن يحدّد معياراً واحداً للتشكيل وعلى الجميع الرضوخ.
فلا يمكن ان تستقيم ديموقراطية على عملية استنسابية. وضعنا قانون انتخابات وأجرينا الانتخابات على اساس النسبية فلماذا الذهاب الى الاستنسابية، وعندما نقول اننا نريد تشكيل حكومة وحدة وطنية، فنحن مجبرون على احترام مبدأ الوحدة الوطنية في تشكيلها، وعندما ينتفي قيام حكومة وحدة وطنية عندها يمكن تأليف حكومة أكثرية على قواعد أُخرى. لكن ما دمنا اتفقنا على حكومة وحدة وطنية فيجب ان تشمل أكبر مقدار من التمثيل وترتكز على شكل المجلس وتؤلف على صورته. اما اذا اختار ايّ فريق عدم المشاركة او إعطاء مقاعده أو وهبها كما فعل «التيار الوطني الحر» مع «القوات اللبنانية» في الحكومة الماضية، و»حزب الله» مع الحزب «القومي» والرئيس بري مع فيصل كرامي او مع «المردة»، فهذا حق لمَن يشاء.
• ما هو دور رئيس الجمهورية تحديداً في التأليف؟
– يمكن الرئيس التوقيع او عدم التوقيع، ولو بسبب اسم وزير واحد، أو حقيبة، وهذا حق أعطاه إيّاه الدستور، وهو من احدى صلاحياته الاساسية المتبقية. كما انّ لرئيس الحكومة الصلاحية نفسها، إنما يقضي العرف بأن يجري رئيس الحكومة المشاورات وينقلها لرئيس الجمهورية وعندما يتفقان معا على التشكيلة يقدمانها للمجلس النيابي الذي بدوره من الممكن ان لا يوافق عليها.
فالدستور أعطى رئاستَي الجمهورية والحكومة صلاحية تأليف الحكومة كما يريدان، ويمكن لهما تأليفها كما يريدان ومثلما يريدان، ولهما القرار بأن تكون حكومة وحدة وطنية او حكومة اكثرية.
• اين العقدة، الدروز يقولون انها ليست درزية فقط، والمسيحيون يقولون انها ليست مسيحية فقط، فيما يقول آخرون انها خارجية؟
– أولاً، انا ليس لدي أي عقدة، ولا مرة كنّا نحن العقدة، وأصلاً لم نحصل على حقوقنا إلاّ عندما مانعنا وقاومنا سياسياً، وهذا ما فعلناه مراراً، وقبل انتخاب الرئيس قاومنا سنتين ونصف سنة من الفراغ، فماذا حصّلنا في المقابل؟ حصّلنا الميثاقية للبنان التي هي علة وجوده، والممانعة التي مارسناها أعادت وجود لبنان بصيغته وميثاقيته الى هذه الدرجة «عقدتنا بيطلع منها نتيجة».
• وهل هذه الممانعة اتّبعتموها بمفردكم؟
– نحن و«حزب الله» وغيرهم.
• و«القوات»؟
– عملياً وعددياً هناك 3 عقد، ولسنا منهم.
1 – نحن لا نطلب الّا تمثّلنا بحجم كتلتنا النيابية، والذين يطالبون بما هو ليس من حقهم هم العقدة. مثلاً «القوات» تطلب اكثر من حجمها في الحكومة المقبلة. نحن اعطيناهم بإرادتنا 3 حقائب، اليوم هناك اتفاق سياسي أخلّوا به.
2 – الاشتراكي لديه 9 نواب ويطالب بـ 3 وزراء، يعني نحن لدينا 29 نائبا ويحق لنا بـ 10 وزراء كتكتل وحدنا، والثنائي الشيعي يحق له 10 وزراء. وليد جنبلاط أتى بنواب مسيحيين في الانتخابات ولم نقل له انت تتدخل بالنواب المسيحيين، ونحن ايضاً لدينا أنصارنا من الدروز ومؤيدونا في الجبل وأعلنّا مسبقاً انّ المير طلال ارسلان والحزب الديموقراطي سيكونان معنا في التكتل وسيشكلان كتلة نواب «ضمانة الجبل» وخضنا الانتخابات وحصلنا على ثلث الاصوات في الجبل، أي 4، واللائحة الثانية التي ربحت حصلت على 9. ومن الطبيعي ان يتمثّل هؤلاء، ومن الطبيعي ان يمثّل الجبل الدرزي السني والمسيحي.
لدى الحزب الاشتراكي 59 % من اصوات الدروز في الانتخابات الاخيرة وليس 95 % في المئة او مئة في المئة. وهناك كتلة نيابية في مقابله من اربعة اعضاء، وبالتالي لا يمكنه الاستئثار بكل الحقائب.
• لماذا ارسلان؟ ماذا عن وئام وهاب الم يتفوق على ارسلان؟
– هؤلاء ليسوا نواباً ولم ينجحوا، انما صحيح انّ طلال ارسلان ووئام وهاب وداود الصايغ وجميع الدروز الآخرين في مرجعيون حاصبيا أخذوا 40 %.
ثالث نقطة: نحن اليوم نشكل التيار القوي ونأخذ 6 من 15 ولم نأخذ 15 من 15.
3 – العقدة السنية: الحريري لديه 17 من 27 . هناك 10 نواب يطالبون بتمثيلهم.
هذه هي العقد الاساسية، ولا يمكن حلها على حسابنا، فليحلها الذي تسبّبب بها، وقد نختار ان لا ندخل الحكومة اذا كنّا سندفع نحن أثمان غير مسؤولين عنها.
• يعني انكم لن تتساهلوا؟
– تساهلنا في عقدة الحقائب. اقل شيء اليوم ان يطالب رئيس جمهورية مثل ميشال عون والتكتل الاكبر في مجلس النواب بوزارة المال او الداخلية. لا نرضى ان يتكرّس عرف بأن تكون هاتان الوزارتان دائماً لغيرنا. وبمجرد ان نقبل الحوار بحلول حول هذه الوزارات فهذا يدل الى اننا حلّالو العقد ونتساهَل، والّا هل من الممكن ان يفسّر لنا احد لماذا ممنوع علينا المطالبة بوزارة المال او الداخلية؟ لماذا يجوز ان يكون للرئيس سليمان وزير الداخلية ووزير الدفاع ولا يجوز لميشال عون؟ فالحريري متمسّك بوزارة الداخلية وبري بوزارة المال.
• متمسك انت بوزارة الخارجية؟
– لا لست متمسكاً بأيّ وزارة سيادية. امّا رئيس الجمهورية فله الحق بالمطالبة بما يريد، وهذا امر يعود له، اما نحن فلم نطالب ولم نتمسك بأي حقيبة. لنأخذ وزارة الاشغال مثلاً، هل يجوز ان يبقى البلد هكذا؟ أين خطط النقل في بلد مثل لبنان منذ 2005 حتى اليوم؟ وزارة لا تجيد وضع خطة نقل بري؟ وخريطة طرق واوتوسترادات وليس تزفيت زواريب.
أتحدى اي جهاز في الدولة ان يبيّن لي خريطة عليها طرق لإرسالها الى مؤتمر CEDRE او ما هي الرؤيا اللبنانية لخطة النقل؟ سكك الحديد؟ باصات؟ فليقدّم لي اي كان خطة للنقل العام؟ او للنقل المشترك او للمطارات فما هي سياسة لبنان بالنسبة الى النقل الجوي؟ النقل البحري؟ لماذا لا نفعّل النقل البحري؟ فنحن نعاني يومياً من الزحمة، لماذا لا نسيّر حركة طيران صغيرة من مطار بيروت الى مطاري القليعات ورياق؟ ليس هناك من يفكر، وعندما تريد التفكير تُمنع. مثلما وضعنا خططاً للنفط في وزارة الطاقة وخططاً للصرف الصحي، وخططاً للنفط والسدود والمياه، اكثر من 50 خطة ذهبنا بها الى مؤتمر cedre.
لماذا ممنوع علينا ان نطالب اليوم بخطة نقل مشترك؟ فهل المهم تقديم وعود للناس بتأليف حكومة؟ ام ان الناس تنتظر اشياء اخرى ايضا او ان نشكل حكومة في حقائبها وزراء يعطون ثقة للناس بأنها ستنجز إصلاحات مختلفة وحقيقية وستطوّر الاقتصاد. مؤتمر «سيدر» وتقرير شركة «ماكنزي» يتطلبان حكومة ثقيلة وازنة قادرة على حملهما.
القوى السياسية مطالبة بأن تنتقي وزراء جيدين وكفوئين، ولا نريد البقاء في سياسة عرقلة المشاريع.
• ماذا عن عمل الحكومة الماضية؟
– الحكومة الماضية أنجزت عملاً جيداً جداً على صعيد السيادة الامنية والصعيد الميثاقي المالي، ويكفي قانون الانتخابات والانتخابات. الحكومة الحالية مطلوب منها حل مشكلتين الاقتصاد والنازحين، وهاتان المشكلتان تستلزمان عملاً نوعياً، وقرارات سياسية صائبة.
• لنعد الى الحكومة؟ هل هناك حكومة ام لا؟
– هناك حكومة نعم، والّا تصحّ المقولة التي لا اقبل بها، بأنّ هناك إرادة خارجية لمنع تأليف الحكومة او لكسر الارادة الشعبية في لبنان أو لكسر الانتخابات.
ما زلنا ضمن المهلة التي بدأت تنتهي بالنسبة الى جميع الناس الذين بدأ ينفذ صبرهم وأنا منهم. نحن اكتفينا، لقد سكتنا شهرين وتحمّلنا اتهامات زور. ساعة يقولون انّ باسيل هو من يؤلف الحكومة وانا لم أجرِ شخصياً اتصالاً واحداً بأيّ طرف بمَن فيهم رئيس الحكومة. هو قال لي أمس «عاوزَك» فكلمته، وكان اللقاء على المستوى الشخصي جيداً جداً، وكل الذين يدقّون على الطبل سيدقّون على التنكة في النهاية، لأنّ العلاقة بيني وبين الحريري جيدة ولن يستطيع احد الدخول بيننا.
امّا بالنسبة الى السياسة فعلى رئيس الحكومة ان يحدد معايير واحدة عادلة لتأليف الحكومة وفرضها على الجميع، وهذا ما طالبتُ به في السر والعلن.
فليناقشوني في هذه المعايير وليس «بالهلوسة» ولا بعلم الغيب، بل بالسياسة.
• تقول «القوات اللبنانية» إنكم كتيار وطني حر حصلتم على نسبة التصويت نفسها تقريبا؟ كما ان هناك اتفاق معراب الذي كشف وتبيّن انه كان محاصصة ومناصفة بينكما، وخرجتم انتم منه؟ ماذا عن الشق الثاني من الاتفاق؟ وهل ما زلتم ملتزمين به او انه انتهى؟
– أولاً، نحن و«القوات» لم نحصل على نسبة التصويت نفسها في الانتخابات. نحن حصلنا على 29 نائباً وهم على 15. وفي القانون النسبي هذا الرقم يعكس التمثيل الشعبي، ونحن أخذنا اقل من الـ Double بقليل عليهم شعبياً والارقام موجودة.
ـ ثانيا، عندما اتفقنا على تأييد الرئيس عون اشترطت «القوات» في المقابل الحصول على حصة سياسية في الحكم، انما نحن لم نقبل بأن يكون هذا الامر في إطار إلغاء الآخرين. لذلك، لاحظ انه في موضوع الحكومة هناك حصة رئيس الجمهورية، ولا نريد إلغاءها، كذلك نريد حقوق حلفائنا. امّا في التعيينات فقلنا اننا نتفق، ولم نقل مناصفة ولم نقل اننا نلغي احداً.
– ثالثاً: لم اقل اني «أحل نفسي من هذا الاتفاق». انا اكثر من تحمّل في العالم كلاماً واتهامات للحفاظ على هذا التفاهم. وعلى مدى سنة استمرت اتهاماتهم في الحكومة وفي موضوع التعيينات وهذا ظلم، وكذلك في موضوع الكهرباء والفساد، الامر الذي لا نتحمّله من اي فريق آخر، لكن لأنه من «القوات» تحمّلناه لنحافظ على الاتفاق، لكن عندما أخلّوا هم به سياسياً، ونحن لا يمكننا التعاطي بالجزئيات بل التعاطي يجب ان يكون في أساس هذا الاتفاق السياسي ونبني عليه، علماً أنّي أبلغتُ «القوات اللبنانية» رسمياً ومباشرة مرات عدة منذ بدأوا هجومهم السياسي داخل الحكومة وفي الاعلام علينا، «انّ هذا الاتفاق معلّق»، ولم أبلغهم هذا الامر اليوم انما منذ وقت طويل، ورسمياً وتحديداً عند التعيينات. وعندما بدأت الانتخابات النيابية على اساس الاتفاق معاً وهم لم يريدوا التحالف معنا وأخلّوا في الاتفاق، حتى في بعض الاقضية اتفقنا على التحالف معاً لكن «القوات» اختارت عدم التحالف. عملياً هذا الاتفاق «عُلّق تنفيذه»، فلا يمكن في مرحلة معينة القول «الآن نريد تطبيق هذه الفقرة من الاتفاق والتخلّي عن بقية الفقرات فالقصة ليست انتقائية.
– رابعاً: المصالحة مقدّسة ولا مَس بها ولا عودة الى الوراء وهي شعبية. اما الخلاف السياسي فربما من حقهم القول أننا رأينا ظرفاً خارجياً اليوم يسمح لنا بالانقلاب على الاتفاق مثل ظرف الحريري في 4 تشرين حين انقلبوا، وعندما لم ينجحوا لم نقل لهم نحن «كفى»، عندها قلنا لهم هناك بيان نريد إخراجه فإذا وافقتم عليه فأهلاً بكم واذا لم توافقوا لا يمكننا الاستمرار. فنحن نريد تقوية بعضنا وليس إضعاف بعضنا، وهذا هو اساس الاتفاق. وليس على حساب احد ولا على حساب الآخرين، وأنا أصرّيتُ في الحكومة الماضية على بقاء حزب الكتائب، لكنّ سامي الجميّل هو الذي رفض. ولمعلومات الجميع في 4 تشرين لم يكن سعد الحريري والحكومة «طايرين» فقط، بل البلد بكامله والعهد. وانتخابياً انقلبوا على الاتفاق واختاروا عدم التحالف مع التيار في اي منطقة. قد افهم بعض الامور، انما لا افهم كيف لم يقبلوا التحالف معنا حتى في منطقة واحدة؟ هل هم خصومنا؟ ألا يسمّى هذا انقلاباً على ورقة التفاهم؟ تَقصّدوا قول العكس، انما الحقيقة انهم هم من انقلب على الاتفاق.
على رغم من كل هذا نحن مصرّون على المصالحة ومستعدون لاتفاق سياسي مثله، او اكثر، وليس لدينا اي عقدة في اتفاق يحترم الميثاق والدستور والقوانين والتنوع المسيحي والوطني، إذ لا يمكننا إلغاء «الكتائب» ولا «المردة» ولا أي فريق آخر. الانتخابات اعطت «المردة» 7%، الكتائب 7% «القوات» 31%، التيار 55%. وهذه الاحجام يجب احترامها. ولا يمكننا القول انّ الكتائب صفر لأنهم 7%، كما اننا لا يمكننا القول انهم 70%. والقوات 31% لا يمكن جعلها 51% كما لا يمكن القول انها 21%. لذلك، لهم حق سياسي في حضورهم وممثليهم في الحكومة، وسنحترمه، ولم نمانع بأي وزارة تخصص لهم.
• هل يعقل ان يذهب العهد الى مواجهة سياسية مع الرئيس نبيه بري تارة ووليد جنبلاط طوراً، وسمير جعجع احياناً؟ ومع سليمان فرنجية قطيعة ومع سعد الحريري ربما ايضاً؟ فهل تُدار الامور بهذا الشكل.
– هذا السؤال يُسأل للعهد.
• إنما انت اليوم PLAY MAKER الجمهورية.
– لا يمكنني ان اكون PLAY MAKER على حقنا في التكتل، ولست قادراً على تحصيل حقوقنا، فكيف أتمكن من تحصيل حقوق غيري؟ 6 من 30 لست قادراً على تحصيلهم وأنتم تتحدثون عن 30 وزيراً؟
• قلت كفى وللصبر حدود وللسكوت حدود، ماذا ستفعلون؟
– نحن صامتون ونتحمّل. وقدمنا كل التنازلات التي يجب ان تقدّم، ولن نقدم تنازلات بعد الآن وننتظرهم. وعلى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وضع القاعدة والمعيار الواحد وعرضه على جميع القوى فتخرج الحكومة.
• تقصد حكومة امر واقع؟
– لا ليست حكومة أمر واقع، إنما حكومة تعكس التمثيل الشعبي، اي أمر واقع شعبي.