ليبانون ديبايت – المحرر السياسي
ينقل باحث متابع لوضع “الثنائي الشيعي” عن نائب رئيس مجلس النواب السابق فريد مكاري ضرورة البحث الجدي بكيفية مشاركة الطائفة الشيعية التي تعد ثلث تعداد السكان في لبنان بالسلطة التنفيذية وإلا أصبحت هذه السلطة تشكل ثنائية مارونية – سنية وبيدها مقاليد كل الحكم والادارة والمؤسسات، وعليه يكون الطائف بخطر اعادة البحث فيه من جذوره، وهذه المشاركة التي ضمنها الوجود السوري بعد الطائف حيث كان يدوزن شؤون الحكم. ويرى مراقبون أن هذه الطائفة رغم شعورها بفائض القوة وتقديمها عدد كبير من الشهداء والجرحى في حماية البلد من العدوان الاسرائيلي والتكفيري، تحتاج عند كل تشكيل حكومة لمنازلة سياسية كبرى للحصول على المشاركة بالتوقيع على جميع المراسيم عبر وزارة المالية. ويقول مكاري أن الحل الأمثل قد يكون بتكريس وزارة المالية لهذه الطائفة من باب حفظ التوازنات أو ايجاد حل آخر “لا أدري ما هو”.
ويضيف الباحث، أن المشكلة الثانية التي تحتاج الى العلاج هي الفوضى الاجتماعية التي تستشري في لبنان بشكل عام وداخل مناطق الطائفة الشيعية بشكل خاص، وهي الفوضى التي تتسع يوماً بعد يوم وكأن المقصود هو معاقبة هذا الجمهور لاحتضانه المقاومة عبر الفلتان الأمني بظاهرة السلاح المتفلت وصولاً الى ظاهرة المخدرات وفوضى الفانات والموتوسيكلات والخوات…. ويرى المراقبون أن هذه الظواهر أصبحت تهدد المجتمع بأكمله ومنها الدخول الى ظاهرة قد تكون هي الأساس في مجمل هذه الآفات وهي الفساد الذي يغمر عدد كبير من المسؤولين في الطائفة كما الطوائف الأخرى من رأسهم الى أخمص قدميهم وحولت الاقطاع السياسي والاجتماعي الى اقطاع مالي مميت لجميع المبادىء والقيم.
أما الخروج الفعلي من هذا المرض المستعصي كما يضيف الباحث، هو بعمل جاد وفعال يظهر بتنفيذ صارم لما أعلنه سماحة أمين عام حزب الله من مكافحة الفساد على المستوى الوطني ابتداءً من داخل تنظيمه من جهة والأمل الأخر هو ما يتردد عن “نفضة تنظيمية سيقوم بها دولة الرئيس نبيه بري داخل صفوف حركة أمل”.
وفي هذا السياق يحتاج الرئيس بري الى جردة حساب للوضع داخل”أمل”، اذ يعتبر المراقبون أن الانحدار الاول للحركة كان بالابتعاد ولو نسبياً عن قيادة العمل المقاوم بالفعالية التي رسمها الامام الصدر لهذه الحركة وما تلاها من دخول الى جنة الحكم وصعود مشبوه لقيادات على حساب قيادات أخرى سقطت أو أبعدت أو دحرجت او استشهدت، اضافة الى احتكار المناطق التي أصبحوا نواباً عنها ومنع اي صعود لأي شخص لتبقى الساحة خالية لهم وإلا فأين البدائل القيادية لهؤلاء من خارج المستزلمين لهم وليس للتنظيم والذين زرعوا في أعلى المناصب القيادية وفق توزيع توازنات في ما بينها.
هذه القيادات التي صعد بعضها بشكل مشبوه كما يردد هؤلاء المراقبون، نعمت بكل مقومات الجاه المالي والسياسي والقصور التي لعنها مؤسس الحركة، غير أنها بقيت منبوذة داخل الساحة الحقيقية للتنظيم، وتنجح بالانتخابات النيابية نتيجة فائض شخصية الرئيس بري وعمامة الامام الصدر وبطبيعة الحال أرقامهم داخل قراهم لا تبشر أنهم مقبولين من أقاربهم المباشرين أيضاً، سوى من حظي بتنفيعة خاصة على حساب الحركيين الأصيلين الذين يعانون الأمرين اما ابتعدو جانباً وجلسوا في منازلهم أو وقفوا على أبواب هؤلاء مستذكرين أيام الزعامات والبكاوات وغيرهم. وبطبيعة الحال هذا الوصف لا يشمل فقط رئيس هذه الحركة الذي أفنى عمره لهؤلاء ولكن دونه لا يحمل الغربال أحداً من الباقين.
ومما يزيد الطين بلة هي المظاهر التي أضحى هؤلاء وعائلاتهم يظهرون بها بالعلن من جاه ورفاهية بينما أبناء الشهداء والجرحى والمجاهدين لم يصلو الى طرف هذا الترف. ففي حين يكافح هذا الجمهور بعضّ الجرح ويعتبر أن وضعه ووضع حركته التي ابقاها بري خارج الارتهان المالي الاقتصادي الصعب، يرى وسائل التواصل الاجتماعي تضج باخبار المسؤولين وابناءهم ويذكرون من باب الاشارة لا الحصر كيف أن ابن هذا المسؤول أصبح يملك شركات مقاولات وعقارات ضخمة وهو لا يزال في بداية حياته العملية، وكيف أن ابن مسؤول آخر قد استحلى لصديقته التي معه على مقاعد الدراسة “لا العمل” في أغلى الجامعات الخاصة هدية هي عبارة عن ملابس من أرقى المحلات البيروتية بقيمة أحد عشر ألف دولار فقط وهو المبلغ الذي يعيل عائلة مجاهدة لمدة أكثر من عام كامل، ناهيك عن مظاهر البزخ من سيارات ورحلات وشقق وقصور، وهو ما يبرز على وسائل التواصل الاجتماعي فكيف بما خفي؟؟ ومن أين لهم هذا؟
ويختم المصدر المتابع “أطال الله عمر الرئيس نبيه بري الذي يمسك وحده بالقواعد الشعبية الوفية لمسيرته وأمانته وحفظ الخط الخط للامام موسى الصدر، فهل يفعلها ويسلم هذه المسيرة لهؤلاء المشبوهين الذين آساؤا لمسيرة هذه الحركة واستبدالهم بقيادات تقترب من زهد الامام علي بالدنيا لحفظ حركة الانبياء والاولياء والشهداء كما يقول ميثاقهم وعلى صورة قائد مسيرتهم الامام الصدر الذي اختطف ولم يكن يملك منزلاً أو لا يملك قوت عياله وبين يديه أموال شرعية كبيرة جداً يبني بها المؤسسات”.