أفاد تقرير أممي جديد بزيادة أعداد الأطفال المتأثرين بالصراعات المسلحة حول العالم، فضلا عن شدة الانتهاكات الجسيمة التي تعرضوا لها خلال العام الماضي. ففي الفترة من يناير إلى ديسمبر 2017، تحققت الأمم المتحدة من حدوث أكثر من 21 ألف انتهاك جسيم لحقوق الأطفال.
وتعد هذه زيادة غير مقبولة مقارنة بالسنوات السابقة، بزيادة ستة آلاف حالة مقارنة بعام 2016، بحسب التقرير السنوي للأمين العام عن الأطفال والصراع المسلح، الذي صدر اليوم الأربعاء. وقد أسهمت الأزمات في سوريا واليمن وجمهورية أفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية وميانمار وجنوب السودان إلى حدوث زيادات خطيرة في الانتهاكات الجسيمة التي تم التحقق منها.
وتعقيبا على ذلك، قالت الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والصراعات المسلحة فرجينيا غامبا، إن “التقرير يوضح بالتفصيل مستويات لا توصف من العنف يواجهها الأطفال، بما يظهر تجاهلا تاما من قبل أطراف الصراع في كثير من حالات النزاع لأي تدابير يمكن أن تسهم في حماية الفئات الأكثر ضعفا من تأثير الحرب.”
الأطفال في الدول العربية في ظل الصراعات المسلحة
سوريا: يشير التقرير إلى أن الأطفال في سوريا عانوا من أكبر عدد من الانتهاكات التي تم التحقق منها وتسجيلها في البلاد. إذ ارتفع معدل تجنيد الأطفال بنسبة 13% مقارنة بعام 2016، ونسبت الحالات التي تم التحقق منها إلى داعش. كما استمرت أعمال اعتقال الأطفال واحتجازهم بدعوى ارتباطهم بالجماعات المسلحة. وتحققت الأمم المتحدة من مقتل 910 أطفال وتشويه 361 آخرين، ونسب معظم تلك الحالات إلى القوات الحكومية والقوات الموالية لها، متبوعة بتنظيم داعش.
فلسطين: خلال العام الماضي واصلت القوات الإسرائيلية اعتقال واحتجاز عدد كبير من الأطفال بدعوى ارتكابهم جرائم أمنية. فوفقا لبيانات مصـلحة السجون الإسـرائيلية، بلغ المتوسط الشـهري لعدد الأطفال الفلسطينيين المحتجزين 312 طفلا. كما قتل 15 طفلا فلسطينيا، من بينهم فتاتان، في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية.
اليمن: تحققت الأمم المتحدة من تجنيد واستخدام 842 فتى، لم يتجاوز أصغرهم سن الحادية عشرة، غالبيتهم من قبل الحوثيين. كما تحققت كذلك من مقتل وتشويه أكثر من 1300 طفل، 51% منهم جراء الغارات الجوية فيما مثّل القتال البري السبب الرئيسي الثاني متبوعا بالمتفجرات ومخلفات الحرب. وكانت غالبية الضحايا من الأطفال في تعز (35%).
أما في ليبيا فلا تتوافر معلومات محددة عن تجنيد الأطفال، ومع ذلك يستمر الإبلاغ عن حالات تتعلق باستخدام الأطفال من قبل الجماعات المسلحة. وأفيد بمقتل 40 طفلا على الأقل وإصابة 38 آخرين جراء غارات جوية.
الأطفال في باقي أنحاء العالم
وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية، أدت الأزمات في كاساي إلى زيادة الهجمات على المدارس والمستشفيات بمقدار ثمانية أضعاف. وفي اتجاه مستنكر، نتج حوالي نصف عدد الأطفال الذين تم التحقق منهم وعددهم 881 ضحية في نيجيريا من الهجمات الانتحارية، بما في ذلك استخدام الأطفال كقنابل بشرية. وتم توثيق مقتل أو تشويه أكثر من عشرة آلاف طفل عام 2017، مع زيادة كبيرة في العراق وميانمار، بينما تبقى الأرقام في أفغانستان وسوريا عالية بشكل صادم.
اتجاهات صادمة من الانتهاكات ضد الأطفال
ويسلط التقرير الضوء على الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي ضد الأطفال التي تظل مرتفعة بشكل مزعج، حيث يوجد أكثر من 900 حالة مؤكدة ضد الفتيان والفتيات. كما يظل عدد الأطفال المحتجزين بسبب ارتباطهم المزعوم بالجماعات المسلحة مقلقا للغاية. على سبيل المثال، احتجز ما لا يقل عن 1036 طفلا في مراكز الأحداث في العراق بتهم تتعلق بالأمن القومي، ومعظمهم بسبب ارتباطهم المزعوم بداعش.
ويشير التقرير إلى اتجاه مزعج آخر وهو الحرمان من وصول المساعدات الإنسانية كتكتيك للحرب، حيث تم منع الأطفال في ميانمار وجنوب السودان وسوريا واليمن من الحصول على الدعم المنقذ للحياة. ففي سوريا على سبيل المثال، واجه 400 ألف شخص، بما في ذلك أطفال في مناطق محاصرة مثل الغوطة الشرقية وريف دمشق، ظروفا معيشية متدهورة.
ظلت عمليات اختطاف الأطفال على نطاق واسع اتجاها آخر مثيرا للقلق. في الصومال، اختطفت حركة الشباب أكثر من 1600 طفل، الكثير منهم كانوا ضحايا التجنيد أو العنف الجنسي. كما تم توثيق معدلات هائلة من التجنيد عبر الحدود من قبل تنظيمات مثل داعش وبوكو حرام، مما يتطلب جهودا إقليمية متضافرة.
الأطراف الضالعة في انتهاكات جسيمة بحق الأطفال في حالات النزاع المسلح
وقد قسمت القائمة المرفقة بالتقرير عن الضالعين في الانتهاكات إلى فرعين: أحدهما لأطراف النزاع التي وضعت تدابير لتحسين حماية الأطفال أثناء الفترة المشمولة بالتقرير، والآخر للأطراف التي لم تقم بذلك.
وكان من بين الأطراف الضالعة في انتهاكات جسيمة بحق الأطفال في حالات النزاع المسلح، تنظيم داعش في العراق، حركة الشباب في الصومال، الحوثيون وتنظيم القاعدة في اليمن، الجيش الشعبي لتحرير السودان في جنوب السودان، حركة العدل والمساواة وحركة جيش تحرير السودان / جناح عبد الواحد، والقوات الحكومية والمليشيات الموالية لها في سوريا، فضلا عن حركة أحرار الشام والجماعات المنتسبة للجيش السوري الحر وتنظيم داعش.
وقد أدرج اسم تحالف إعادة الشرعية في اليمن على قائمة الأطراف التي ارتكبت انتهاكات، ولكنها اتخذت في الوقت نفسه تدابير لتحسين حماية الأطفال.
ويضيف التقرير أن زيادة المشاركة مع أطراف النزاع قد أسفرت عن تحقيق تقدم أدى إلى تسريح أكثر من عشرة آلاف طفل من الجماعات والقوات المسلحة وبدء عملية إعادة إدماجهم.
وفي السودان، تم شطب القوات الحكومية من قائمة تجنيد واستخدام الأطفال بعد إكمال خطة عمل خاصة مع الأمم المتحدة. وفي كولومبيا، كجزء من عملية السلام، وضعت القوات المسلحة الثورية الكولومبية – الجيش الشعبي تدابير لإطلاق سراح الأطفال ومنع تجنيدهم وبالتالي تم شطبها أيضا.
وقد أعربت العديد من الجماعات المسلحة، بما في ذلك في ميانمار وجمهورية أفريقيا الوسطى، عن استعدادها للتوقيع على خطط عمل مع الأمم المتحدة.
الأمين العام يدعو أطراف الصراع إلى العمل مع الأمم المتحدة لإنهاء الانتهاكات
وفي بيان منسوب إلى المتحدث باسمه، قال الأمين العام أنطونيو غوتيريش إن “الفتيان والفتيات تأثروا مرة أخرى بشكل مفرط بأزمات عنيفة طال أمدها وأخرى جديدة. ورغم بعض التقدم، لا يزال مستوى الانتهاكات غير مقبول.”
وذكّر غوتيريش أطراف النزاع بمسؤوليتها تجاه حماية الأطفال، بما يتماشى مع القانون الإنساني الدولي وقوانين حقوق الإنسان، داعيا جميع أطراف الصراع إلى المشاركة مع الأمم المتحدة لوضع تدابير ملموسة لإنهاء ومنع الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال وتقديم الدعم والإغاثة للأطفال المتضررين.