نشرت صحيفة “الجمهورية” مقالاً تقول فيه: وسط السجالات الداخلية المحتدِمة حول مرسوم التجنيس، والنقاشات الصامتة حول التأليف الحكومي، قفز الى الواجهة ملفُ ترسيم الحدود البحريّة والبرّية بين لبنان وكيان الاحتلال الإسرائيلي، بعد بروز تطوّرٍ جديد على هذا الصعيد، استدعى اجتماعاً عاجلاً في القصر الجمهوري، أمس الاول، بين الرؤساء ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري في حضور المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم وضباط الجيش المتخصّصين في هذا الشأن الحدودي.
وإذا كان وجود الرؤساء الثلاثة معاً في القصر يقود الى الاعتقاد تلقائياً بأنّ طيف العقد الحكومية كان رابعهما، إلّا أنّ بري يؤكّد أنّ هذا الامر لم يبحث خلال الاجتماع، قائلاً: «قد يظنّ كثيرون أنّ من غير المنطقي أنّ اجتماعاً من هذا النوع لم يناقش مسألة تشكيل الحكومة، ولو أنني شخصياً موجود محلّ الآخرين ربما ما كنتُ لأصدّق ذلك، ولكن صدّقوا أننا لم نتطرّق الى هذه المسألة، بل تركّز النقاش على قضية ترسيم الحدود التي دخلنا في تفاصيلها اللوجستية والتقنية، حتى شعرت أنني أصبحت أستاذاً في الجغرافيا».
ويكشف بري عن أنّ التطوّرَ المستجد في قضية الترسيم يكمن في العرض الإسرائيلي الذي حمله الى بيروت عضو الكونغرس الأميركي داريل عيسى والوفد المرافق خلال زيارته الاخيرة للبنان، موضحاً أنّ العرض يتضمّن اقتراحاً بترسيم شامل، دفعة واحدة، للحدود البحرية والبرية ولمزارع شبعا.
في البداية، تعاطى لبنان الرسمي بتحفّظ مع هذا الطرح خشية من أن يكون مفتقراً للجدّية المطلوبة، لكنّ الوفد الاميركي أكّد أنه سمع العرض مباشرة من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ثمّ أتى تصريح صادر عن وزير الطاقة الإسرائيلي ليصبَّ في الاتّجاه ذاته، ما استدعى مقاربةً رسميةً مختلفة من الجانب اللبناني.
ويقول بري «إنّ من مصلحة لبنان إجراء ترسيم شامل يحمي حقوقه في مياهه وأرضه وصولاً الى مزارع شبعا المحتلة»، مشيراً الى أنه «شخصياً مِن الداعين، وعلى رأس السطح، الى إنجاز الترسيم المتزامن لكل الحدود مع فلسطين المحتلة على قاعدة عدم التنازل عن ذرّة من ترابنا أو كوب مياه من بحرنا، وهذا هو مطلبنا في الأساس».
ويحذّر بري من «أن يتجاوز الجدار الإسمنتي الذي يبنيه الاحتلال الإسرائيلي خطَّ الحدود مع لبنان»، معتبراً «أنّ مسار هذا الجدار يجب أن يكون مرتبطاً بما سيتمّ الاتفاق عليه في شأن الترسيم البري». ويوضح «أنّ لبنان ينتظر حالياً موقفاً رسمياً من الإدارة الأميركية حيال العرض الإسرائيلي الجديد، حتى يُبنى على الشيء مقتضاه».
أما بالنسبة الى مرسوم التجنيس الذي أثار موجة من ردود الفعل المتباينة، فإنّ رئيس المجلس يفضل اعتماد قاعدة «النأي بالنفس» حياله، محبذاً عدمَ الخوض فيه، ومكتفياً بالاشارة الى أنه لم يكن مطّلعاً عليه.
وفي ما خصّ الشأن الحكومي، يؤكد بري ضرورة «تشكيل الحكومة امس قبل اليوم، واليوم قبل الغد»، مشدِّداً على أنه والأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله يستعجلان تشكيلها في اسرع وقت ممكن. ويضيف: «على الجميع أن يدركوا أننا لا نملك رفاهية الانتظار وإضاعة الوقت، وأنّ الوضع الاقتصادي الصعب لا يتحمّل الدلع والمماطلة، وقد زارني حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ووضعني في صورة الواقع الاقتصادي والمالي. أنا لا أريد أن أسبّب ذعراً للبنانيين ولست في صدد التهويل على أحد، ولكن قولوا لي ما هو القطاع المزدهر في البلد، إنّ كل القطاعات مشلولة، والمسؤولية الوطنية تحتّم عليّ دعوة جميع المعنيين الى تقدير حساسية الموقف والتعاون بغية الإسراع في تأليف الحكومة الجديدة ومن ثمّ التفرّغ لمواجهة التحدّيات الداهمة..
وعندما سُئل بري عمّا إذا كان لا يزال يتمسّك بالحصول على حقيبة وزارة المال، أوحى بأنّ هذا الامر اصبح خارج البحث، قائلاً: «لم يعد أحد سواكم يطرح عليّ مثل هذا السؤال»..
ويشدّد بري على أنّ المحسوم بالنسبة الى الحصة الشيعية هو «حصول حركة «أمل» على حقيبة سيادية و»حزب الله» على حقيبة خدماتية كبيرة»، مبدِياً الاستعدادَ للمساهمة في معالجة أيِّ عُقَد إذا طلب منه الرئيس المكلّف ذلك.
الجمهورية