وقع مدير كلية الاعلام في الجامعة اللبنانية – الفرع الثاني هاني صافي كتابه الجديد ” صارت حبرا” في ادب المقالة الاذاعية في احتفال في القاعة الكبرى لدير مار الياس – انطلياس في حضور ممثل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وزير الاعلام في حكومة تصريف الاعمال ملحم الرياشي، النائب هاغوب ترزيان، الوزير السابق جو سركيس، رئيس محكمة التمييز العسكرية القاضي صقر صقر، الصحافي جورج طرابلسي ممثلا نقيب الصحافة عوني الكعكي، الصحافي جورج شاهين ممثلا نقيب المحررين الياس عون، عميد كلية الاعلام جورج صدقه ممثلا رئيس الجامعة اللبنانية فؤاد ايوب، المدير العام للمراسم والتشريفات في القصر الجمهوري الدكتور نبيل شديد، رئيس دير مار الياس انطلياس الاباتي أنطوان راجح، عمداء ودكاترة واساتذة في الجامعة اللبنانية، رؤساء بلديات ومخاتير وفاعليات سياسية وديبلوماسية وعسكرية وروحية واعلامية، اصدقاء المؤلف ومحبيه.
مراد
افتتاحا النشيد الوطني، وبعد تقديم من الزميلة ريما صيرفي تحدث رئيس تحرير اذاعة “لبنان الحر” انطوان مراد عن هاني صافي العصامي، المناضل والمقاوم متوقفا عند ما قاله في كتابه عن القضاء ” القاضي هو آخر امل للبنان وللحلم اللبناني ، بعدما ضل بعض السلطات الاخرى طريقه وتقاعس البعض الآخر عن ابسط واجباته”، معتبرا أن “صافي مس في الحالة مكمن الداء والدواء”.
وشدد على أنه ” لن يستقيم وطن ودولة ولن يزهر امل في ظل سلطة قضائية يريدونها رهينة المحبسين والحبسين: سلطة سياسية تريد للقضاء ان يموت في حبها، وسطوة مالية تريد القضاء دمية في عبها”.
ورأى أن “لبنان، كما يستشف من الكتاب، يشبه الضمير، وكل احد وكل شيء فيه لا بد ان يشبه الضمير، نظافة وشفافية وترفعا وعنفوانا، والا بتنا كغرب لا قلب له وكشرق لا عقل له”.
وختم: “إن كنا هنا معك فلأننا نريد أن نشد على كل يد ما زالت تمسك بقلم وان نحدب على كل قلب ينزف حبرا لا غش فيه، وان نفتح المدى لكل صوت ينطق بالحق والحقيقة والا فلنوضب حقائب السفر، بالاذن من الحقائق الوزارية المجنحة ، ولنطو صفحة لبنان الذي نحب ونريد ، ولنعلن لبنان اقليما لاحتلال او ريفا لوصاية”.
معيكي
ثم كانت كلمة للكاتب والصحافي ميشال معيكي توجه فيها الى صافي فقال: “سمعتك بلا ضوابط وقرأتك بضوابط الصداقة والفة الحياة والتآخي سنوات على اثير الاذاعة وحوارات اماسينا وفي النادي اللبناني للكتاب”.
أضاف: “وجدتك في هذا الكتاب ملما، متابعا مهجوسا، قارئا الحدث المحلي، الاقليمي والدولي، طارحا اسئلة الشك وقناعات المرتجى، أسلوبا وأداء إذاعيا. إن مقالات هاني صافي احاطت بمسائل مرحلة الغليان والبؤر المتفجرة في محاولة لاستشراف ابعاد الحدث وطرح قضايا الالحاح اللبناني في هواجسه والهموم الوطنية”.
وتابع: “عرف هاني كيف يوظف خصوصيات المقالة الاذاعية لخدمة المتلقي اختصارا وتبسيطا ووضوحا في الرؤية وايصال الرسالة. مع استقلالية الطرح في مقالات الكتاب نتساءل بسذاجة العارفين عن حاجة المجتمعات الى دور الاعلامي صاحب الرسالة والرأي الحر في غمرة الاستتباعات السياسية وهوى اصحاب وسائل الاعلام “.
وختم :” مع قراءة جديد هاني صافي سؤال محوري ماذا عن تحديات قول الحقيقة الاجمالا مغيبة ؟”
صدقة
واعتبر صدقة أن “صافي سعيد بأنه سجن كلماته في حروف على ورق، وكأنه اطمأن الى ان مقالاته لن يمحوها النسيان ولن تذهب مهب الرياح. وكأنه استعار المطبعة دعما للاذاعة، فأعطى تعليقاته الاذاعية حياة جديدة”.
وقال: “مئة عام مرت على ولادة الاذاعة، وهي ما زالت هي هي، لم تضعفها شاشة، لم تنافسها مطبوعة ورقية، بقيت لكل العصور ولكل الاجيال، تتطور، تتجمل، تتأنق ، ثابتة في دورها، مكانتها أمتن من شاشة باتت صورها موضع شك”.
ورأى أن “وقع الاذاعة حسب نظريات علوم الاعلام اشد تأثيرا من ركائز الاعلام الاخرى، لذا وصفها نبي الاعلام مارشال ماكلوهان بأنها وسيلة دافئة قياسا الى غيرها الباردة. تحمل صوتك ليس فقط الى الاذان انما الى القلوب. وتجعل المخيلة تستفيض في تحليل خطابها، هذه الاذاعة بقوتها ووقعها كثيرا ما صنعت التاريخ”.
وأكد “أهمية الاذاعة وخصائصها ودورها بحيث لم تستطع الوسائل الاعلامية الاخرى ان تنال من قوتها وانتشارها”.
وقال: “عندما نقلب صفحات الكتاب، ننسى ان ما نطالعه كان صوتا.تقفز امامنا قضايا وطننا ومجتمعنا، نخرج من الرأي والتعليق الى مواضيع عالقة في حنجرتنا نودّ من جديد التعبير عنها بصوت عال، انها صفحات تأريخ لمجتمع يعاني، يتألم ويتأمل. انها تدوين لقضايا تجسد معانات شعب وتطلعاته. واضح لمن يتصفح الكتاب، أن مواضيعه هي وليدة معاناة. تعليقاتك دكتور هاني صرخة في ضمير الوطن وضمير السياسيين وضمير المفكرين وضمير الشعب وضمير الاعلام. معاناتك اليومية، هي معاناتنا كلنا في هذا الوطن الجريح، وفي هذا الشرق الحزين، اخترتها بعناية وحملتها رسائلك بكل حكمة وتجرد، عل الصوت يحفر في ضمائر باتت متصخرة”.
وتابع: “على عكس ما قد يعتقد البعض، فان التعليق الاذاعي يتطلب من كاتبه هما اضافيا عن التعليق المكتوب، فهو يتوجه الى الأذن مباشرة، وعلى المستمع ان يلتقطه من المرة الاولى، فلا مرة ثانية ولا عودة اليه. خصوصا وان المستمع غالبا ما يكون منصرفا في الوقت نفسه الى امور أخرى. لذلك تتطلب الكتابة للأذن ميزات خاصة مثل: الوضوح، والسهولة، والايجاز، كي تكون سهلة الفهم وسهلة الحفظ. وقد جاء اسلوبك مطابقا لهذه المبادئ”.
وقال: “نتلمس في كتابك ريشة الاديب ، والفيلسوف، والناقد. نتلمس قيم الاخلاق، والحس الوطني. نتلمس نقدا هو اولا نقد ذاتي، لنا كلبنانيين، هو دعوة الى معرفة الذات، والى وعي ما نحن عليه من واقع مر كي نحاول الخروج منه. نقلّب صفحات الكتاب، فترتسم امامنا قضايا الوطن والمواطن.
وختم: “مواضيع ومواضيع نغوص بها متأملين، فيما تغوص هي في يوميات الوطن والمواطن. كتابك ، دكتور هاني، هو نقد اجتماعي، هو نظرة ثاقبة الى أزمات وطن، لكنه ايضا تأريخ لمرحلة، تأريخ لشعب وتأريخ لقضايا المنطقة. كتاباتك نحت في الصخر، انك ناقد بناء وعلى امل ان تحقق النسخة الورقية مزيدا من الصدى لصرختك القلبية السابقة عبر الهواء”.
الرياشي
بدوره قال الوزير الرياشي: “أشكر هاني صافي الذي أتاح لي الفرصة أن أكون معه على هذا المنبر. قبل ان أبدأ هناك مأساة حقيقية تطال الجسم الإعلامي. لقد حاولنا كثيرا حل هذه المسألة من خلال نقابة جديدة للإعلاميين تؤمن لهم الحصانة النقابية فلا يستدعون الى أي مخفر أو محكمة من دون إذن نقابتهم وتؤمن لهم التقاعد والتعاضد المهني والصحي والتعاقد المشرف مع وسائل الإعلام وأي عمل يريدون ارتياده. وهذا أمر أصبح أيضا من مشاريع وزارة الإعلام ومتوقف للأسف في الأمانة العامة لمجلس الوزراء تقريبا كسائر مشاريع وزارة الإعلام التي أصبح قدرها أن تتوقف مشاريعها في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، بعدما استحدثت كل إداراتها ودوائرها وهي تنتظر، عل الوزير المقبل يتمكن من متابعة مأسسة الوزارة وتحويلها الى وزارة التواصل والحوار لتليق بلبنان وباسم لبنان وباللبنانيين”.
أضاف: “صديقي هاني، كتبت في الصفحة تسعة من كتابك “صارت حبرا” “أما أنتم أيها المصلحون فحذار أن تسوقوا مثل السوق وإلا اندثر النور مسايرة للعتمة”. صحيح ولو قل المصلحون فلا تخف يا صديقي هاني لأن هؤلاء المصلحين هم من يوصي ملائكته بهم فيحرسونهم في كل طرقهم، على الشبل والأسد يدوسون وعلى الصل والثعبان يطأون، فلا تخف عليهم أبدا”.
وقال: “هذه الصفحات التي بين أيدينا التقطها هاني صافي من أثير الإذاعة. كانت كلمات تنتقل عبر الهواء وتتنقل بيننا من سيارة الى سيارة لأنه في إحدى المرات كنت أستمع الى هاني صافي والسير كما هو اليوم متوقف، فإذ بي أسمعه أيضا من شباك سيارتي في سيارة أخرى، ففرحت كثيرا لأن الكلام ينتقل عبر الأثير والكلمات تنتقل من سيارة الى أخرى ومن أذن الى أخرى، وإذ بهاني صافي يلتقط هذه الكلمات ويلملمها ويضعها في كتابه لتصير حبرا والحبر خالد لا يموت. هذه الكلمات هي اليوم على صفحات الخلود وجزء من المكتبة العربية واللبنانية ولا تموت ولن تموت”.
اضاف : “هاني صافي احترف الأدب واحترف الفلسفة واحترف القيم وحماية منظومة القيم في زمن انهيارات هذه القيم، هذه هي الصعوبة، ولكن الأهم في صديقي هاني أنه مجروح مثلنا جميعا والجرح في قلبه مفتوح، لكن ليخرج منه الى الحياة عمق الألم والمعاناة ويدخل منه، من هذا الجرح، النور كما يقول جلال الدين الرومي. فلا تخافوا من الجرح لأنه من جروحكم يدخل النور الى الناس لينير طريقهم”.
وتابع: “هذا ما فعله هاني في هذه الصفحات وهذا ما فعله بهم، والى جانب هذا الجرح اعتمد سياسة الجراح فحمل المبضع وبدأ يدخل ويشخص ويعالج ويبضع كل الأورام الموجودة في الجسم اللبناني من بيئية الى سياسية الى اجتماعية الى سواها، من دون خوف، من دون خجل ولكن بأخلاق رفيعة عالية تصح أن يقال فيها إنها دراسة عمودية لكل مقال، عمودية وفي العمق بعيدا عن الأفقيات السائدة في أيامنا وبعيدا عن هذا التسطيح السخيف الذي نعيشه يوميا وفي معظم الأحيان سخيف وسفيه للأسف”.
وختم: “تحية الى هاني صافي، تحية لكم جميعا باسم من كلفني فشرفني رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع. وباسمي شخصيا أنقل هذه التحية لكم جميعا ولهذا الإصدار الجديد. عشتم ليحيا لبنان”.
يونس
ثم قرأ الكاتب والصحافي حبيب يونس بعض المقتطفات من مقالات صافي عن ابرز ما كتبه عن رواد واعلام من لبنان غيبهم الموت: سعيد عقل ، غسان تويني ، وديع الصافي وريمون جبارة وقال : لو قيد لي لعنونت هذا الكتاب كتاب الكرامة الانسانية، ولو قيد لي لسحبت من هاني دكتوراه الفلسفة والاعلام وادارة الاعمال ولأعلنته شاعرا لان فيه شاعرا خفيا لم يظهر بعد ، سأفتري عليه واقول له ما قاله طاغور ويا ليت يصح قول طاغور، ليكون دستورا لجميع الامم “ويل لامة لا يحكمها شاعر”.
وقال: “عندما مرت عيناي على هذا الكتاب اغراني الموضوع لكنني لم انجر الى التدقيق فقط بل حاولت اكتشاف طاغور فيه والشاعر الذي فيه واكتشفته”.
صافي
وفي الختام شكر صافي كل من ساهم في ان يبصر كتابه النور، مشيرا الى ان ” صارت حبرا” يأتي ليكمل مسيرة الكتابة والنشر وهو كتاب يجمع بين دفتيه باقة من المقالات الاذاعية التي بثت عبر أثير إذاعة “صوت لبنان 93,3″ ضمن فقرة ” بلا ضوابط ” كل يوم اربعاء طوال سنوات خمس بين 2011 و 2015″.
وقال: “صارت مقالاتي الاذاعية حبرا وحطت رحالها على الورق ، وارتاحت كلماتي من تموجات الاثير تطير بها الى الآذان لما ابد الحبر آنية التعابير ورسخ في المكتوب معانيها”.
اضاف :” مقالات الكتاب تؤرخ مرحلة حرجة من حياة لبنان والدول العربية في فترة التحولات الكبرى في المنطقة والعديد من المسائل البيئية والتربوية والاقتصادية والاجتماعية ، وتتناولها من زاوية نقدية “.
ورأى أن “أهمية هذه المقالات تبقى في أن غالبيتها ما زالت صالحة لوقتنا الحاضر على الرغم من مرور السنوات عليها، من جهة أولى، كون مشاكل لبنان وقضاياه السياسية والاجتماعية هي هي، وكون صراعات المنطقة لم تزل قائمة، ومن جهة ثانية كونها اصابت في مواضع عدة تصويرا للواقع وتحليلا وتوقعا”.