كتب الزميل غاصب المختار
اندفعت المنطقة عبر سوريا الى حافة مواجهة كبيرة سياسية وعسكرية بعد تهديد الرئيس الاميركي دونالد ترامب وحليفيه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بتوجيه ضربة عسكرية كبيرة الى اهداف للجيش السوري وحلفائه، بحجة استخدام السلاح الكيميائي في بلدة دوما بالغوطة الشرقية القريبة من دمشق، وتحركت السفن الاميركية باتجاه الساحل السوري، في استعراض جدي للقوة، فيما كانت المفاوضات في مجلس الامن الدولي تسير من فشل الى فشل لتلافي التصعيد في الشرق الاوسط، والذي لا بد ان ينعكس بصورة من الصور على لبنان، خاصة اذا ما حصلت المواجهة العسكرية ودخلت فيها اسرائيل، ما يعني عدم بقاء “حزب الله” وايران بعيدة عنها ولا لبنان بالطبع.
واذا كانت المواجهة في حال حصولها وشمولها لبنان ستكون على الارض السورية، لكن لا شيء يمنع امتدادها الى حدود لبنان الشرقية والجنوبية الشرقية، وهو ما دفع الى رفع نسبة الجهوزية العسكرية لدى “حزب الله”، لكن الموقف الروسي كان حازما هذه المرة ولو انه حاول تلافي المواجهة، الا انه هدد على لسان الرئيس الروسي ورئيس اركان الجيش الروسي “بالرد على اي اعتداء على سوريا واسقاط الصواريخ التي ستطلقها البوارج والطائرات الاميركية – الغربية وسترد على مصدرها”.
لبنان اذن في سباق مع الوقت بين التصعيد العسكري وبين عودة التهدئة الدولية، لكن السفير الروسي في بيروت الكسندر زاسبيكين اكد لموقعنا، ان لبنان لن يتأثر كثيرا بحال حصول تصعيد عسكري، وهو بمنأى عن اي توتر كبير، وقال: “نحن نتمنى الا ينعكس اي توتر على لبنان لأن المغامرة التي يمكن ان يقدم عليها الاميركي والغرب كبيرة وخطيرة جدا والمواجهة اذا حصلت ستكون قاسية جدا. لكن في لبنان لن يحصل شيء كبير خاصة انه بصدد اجراء الانتخابات النيابية والجميع مشغول بها وهذا شيء جيد، وهي باتت من يوميات السفراء الاجانب في بيروت”.
وعن مسار التصعيد الحاصل بين الروس والاميركيين، قال السفير زاسبيكين: “المستغرب ليس الموقف الاميركي فقط، بل اندفاعة فرنسا وبريطانيا اكثرمن الاميركي نحو التصعيد العسكري والسياسي، خاصة انه لا توجد اية ادلة حول استخدام السلاح الكيميائي من قبل الجيش السوري في دوما، لذلك من الصعب التكهن اي اي مدى يمكن ان يصلوا بالتصعيد والمواجهة. ومجلس الامن الدولي لا يمكن ان يوافق على مغامرة عسكرية في الشرق الاوسط.
ورأى زاسبيكين ان موقف السياسيين الاميركيين والاوروبيين شيء وموقف القيادات العسكرية لديهم شيء اخر، فالعسكر هم من يقرر فعلا ما اذا كان يريد الدخول في مواجهة عسكرية خاصة مع روسيا، لكن يبدو ان ترامب يدفع باتجاه حرب باردة جديدة في العالم من دون صدام عسكري عبر المواجهة السياسية والاعلامية، وتؤيده في ذلك فرنسا وبريطانيا، ولكل منهم اعتبارات ومشكلات داخلية تدفعه الى اللجوء إلى العامل الخارجي للتعويض. وكذلك حال الكونغرس الاميركي في تصلبه وتصعيده.
واشار الى ان الحل يكمن في ايفاد بعثة تحقيق من المنظمة الدولية لحظرالاسلحة الكيميائية للتأكد من استخدام السلاح الكيميائي في الغوطة وقد ايد الموفد الدولي الى سوريا ستيفان دي ميستورا هذا الاقتراح، لكن اميركا تريد بعثة تحقيق خاصة لتديرها كما تشاء.
وعما اذا كان مسار الامور ذاهب باتجاه المواجهة العسكرية وكيف سيكون الرد الروسي، قال زاسبيكين: “العسكريون الاميركيون لن يدخلوا مواجهة عسكرية مع روسيا لأنهم يعرفون النتائج المدمرة لذلك، خاصة ان هناك جدية في التحذير الروسي من الرد بقوة. اما تحريك المدمرات الاميركية باتجاه البحر المتوسط فهو اجراء عادي يتخذ في حالات التصعيد السياسي”.