حاضر وزير الإعلام ملحم الرياشي عن “السلام وحرية الرأي” بدعوة من اندية الروتاري: نادي روتاري قدموس بيروت، نادي بيروت ميتروبوليتان ونادي روتاري عاليه في فندق “لوغابريال”.
وأكد أن “الإنسان يقتل منذ ايام قايين وهابيل بسبب الغباء والكبرياء والجشع والطمع، فالجريمة سهلة وإلغاء الآخر سهل خصوصا عندما نقرر الا نتعرف على الإنسان قبل ان نلغيه”.
وقال: “بسبب التقدم التكنولوجي الهائل وبسبب وسائل التواصل، اصبح لدى الإنسان استسهال لترخيص البشر والأمور وكل ذلك نتيجة التطور التكنولوجي الكبير. ففقدان الحس الجماعي والرغبة بالإنفراد وبالإنزواء وبالفردية ألغت مفاهيم التواصل غير المادي بين البشر، فالحب اصبح ماديا والقيم مادية واصبحت الخدمة جزءا من مصلحة وليس من الضروري ان تكون رذيلة ولكنها في اكثر الأحيان ليست فضيلة”.
أضاف: “نحن نعيش هذه المعاناة في السياسة، فإما نهبط بها الى ادنى المستويات او نرتفع نحو القداسة. يسوع المسيح كان يعمل في السياسة والنبي محمد والنبي ابراهيم وبوذا ايضا كانوا يعملون في السياسة. فالسياسة هي رعاية الناس وأخذ القطيع الى المرعى والمكان الصالح والتضحية في سبيل الناس وليس التضحية بهم. وللأسف معظم سياساتنا في هذه الأيام هي للتسلط وليس لخدمة الناس. هذا ما نعانيه في هذا العصر والحل الطبيعي هو في تعزيز التواصل وفي خلق فرص الحوار التي تحتاج الى عاملين اساسيين: الشجاعة والإقدام، والى اناس تكون لديهم الكرامة اكثر من الكبرياء والتواضع أكثر من الإفتخار بالنفس”.
واعتبر أن “غالبية الناس في صراعاتهم مع بعضهم البعض يريدون السلام ولكنهم لا يأخذون الخطوة الأولى أو المبادرة لأن المبادرة تحتاج لفعل تواضع ولشجاعة كبيرة. فالحوار يلزمه طرفان ولكن يلزمه ايضا اقدام طرف، فكل انسان يريد الحوار وإلغاء مفاهيم الخصومة والعداوة ولكنه يريد ايضا مصلحته والمصلحة ليست بالضرورة رذيله انما يمكن ان تكون ايضا فضيلة”.
وتابع الوزير الرياشي: “عندما بدأنا المصالحة مع التيار الوطني الحر كانت الفكرة جمع المصلحة الى المصالحة. كانت هناك مصلحتان مختلفتان ولكن كان هناك هدف جمع المصلحة الى المصالحة، وان تبقى المصالحة بين الأخوة واعداء الأمس”.
وإذ اعتبر أن “المسيحيين والمسلمين كجماعة فقدوا دورهم في لبنان الرسالة للعالم العربي وللعالم كله، لأننا فقدنا كجماعة اهميتنا عند الله”، قال: “نحن لم نعد كمجتمع نشكل مثلا صالحا كآبائنا واجدادنا الذين كانوا يشكلون مرجعا جاذبا للمتوسط، فالمجتمع اللبناني يجب ان يكون قدوة في هذه المنطقة، ولكننا فقدنا هذه القيم التي لا تردها الدولة او النظام او اتفاق الطائف او اي نظام آخر، انما يعوضها مشروع قيم انتم جزء اساسي منه، علينا استعادة هذه القيم لبناء سلم قيم جديد لنا ولكل المتوسط الذي يعاني من فقدان القيم”.
أضاف: “نعيش زمن انحطاط حقيقي لأن هناك استسهالا لشتم الناس، فضرب التربية هو ما يجعل الناس تغرق في زمن الإنحطاط. نحن امام معضلة اساسية وفي مرحلة انتقال حقيقي بين زمن قديم وزمن جديد وسنواجهه بما كتب عنه مرة كمال جنبلاط في كتابه “ادب الحياة” عندما قال: “اننا نستورد كل شيء إلا الأخلاق، ويمكننا ان نصدر الى الغرب سلم اخلاق يحمينا ويحمي الغرب ونحن نزرع الروح في هذه المادة كي نزوج الشرق الى الغرب وإلا فعلى الشرق السلام”.
ورأى أنه “لا يمكن لأي شعب أن ينهض من دون تربية وثقافة جديدة في المدارس”، وقال: “على سبيل المثال، هناك فكرة جربتها مع المدارس الكاثوليكية وانا مستعد لأن اجربها مع اي مدارس للطوائف الآخرى، ولغاية الآن لم نتمكن من ان نسبر مدى فوائدها. لقد قمت باتفاق مع المدارس الكاثوليكية لإنشاء اندية الحوار والتواصل، وأهمية تعليم الحوار والتواصل واهمية تعليم الطلاب التحقق من المعلومات، وكلنا نعرف ان وسائل التواصل الإجتماعي تتداول الأخبار بكثرة وعلينا التحقق من هذه الأخبار”.
وحذر من ناحية اخرى، من “خطورة انتخاب الأشخاص نفسهم الذين كانوا السبب في وصولنا الى هذه الحالة السيئة”، وقال: “اذا لم تكن بداية التغيير من الإنتخابات، واذا لم يأت التغيير بالديموقراطية فسيأتي بأساليب اكثر عنفية”.
وردا على سؤال، قال الرياشي: “ان الحريات الإعلامية والحريات العامة هي دائما بخير لأننا مجتمعا متعدد ثقافيا وطائفيا ومذهبيا وطبيعة التنوع تحمينا من الديكتاتورية وتحمي الديموقراطية قد تهدد الحريات الإعلامية في بعض الأحيان لأنه يتم تجاوز احترام حرية الآخر ولكن أؤكد بأن هذه الحرية مصانة، وسأدافع عنها الى اقصى الحدود. وانا ضد من يقول بأن للحرية سقف هو سقف القانون، فالحرية عندما يكون لها حدود لا تعود حرية، هناك معايير للحرية والمعيار الأساسي هو مقولة الإمام علي ابن ابي طالب: “تنتهي حريتك عندما تبتدء حرية الآخرين”. انا مع الإنتقاد ولكن ضد الإساءة الى السمعة والقدح والذم والتشهير، ولقد طلبت من وزير العدل ومن مجلس القضاء الأعلى ان تكون محاكم المطبوعات موجزة وان تكون الأحكام سريعة”.
وتابع: “أنا مع وصول الإستقصاء الإعلامي الى اقصى الحدود وان يكون للاعلام دور لكشف مكامن الفساد واي مساس بأمن وسيادة الدولة. الصحافة ليست السلطة الرابعة هي سلطة اولى تقابلها السلطات الثلاث التي هي السلطات الطبيعية التي تقوم عليها الدولة ولكن هي سلطة موازية لهذه السلطات لأنها سلطة الرأي العام، وهي لا تدخل في الترتيب السلطوي وعليها مسؤولية كبرى في ان تكون المدافع عن حق الرأي العام بالمعرفة ومعرفة الحقيقة وليس تضليل الرأي العام”.
وختم: “ان عملي وموقعي يقضيان بأن أدافع عن الحرية وعن الإعلاميين وحريتهم بالتعبير، وانا رفضت استعمال سلطتي التي يعطيني اياها القانون كوزير لتوقيف اي برنامج او لإقفال اي مؤسسة لأني اعتبر ان بين الحرية والقمع هناك شعرة وقد اتخذت قرارا بألا اقطعها. انا مع الحرية حتى لو كانت على خطأ لأن الكلمة حرة ومقدسة ولهذا يجب ان يتحمل الإنسان مسؤولية كلامه تكريما للكلمة، ومن واجبي ان احمي الكلمة الحرة لأحمي لبنان”.