فكرة إقامة جدار فاصل بين الدول كأسلوب وقائي من هجمات البربر قديمة قدم الحياة على الأرض. فقد بدأ بتنفيذها الامبراطور الصيني تشين شي هوانغ قبل الميلاد بكثير، واستمرت السلالات التي أتت بعده بنفس العمل. وجدار برلين الذي شيد سنة 1961 و هدم جزئيا سنة 1989. وفي عصرنا قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بناء جدار على الحدود مع المكسيك لمنع قدوم المهاجرين من هذا البلد.
الاشتباكات الأفغانية الباكيستانية
حصلت اشتباكات بين القوات الحدودية الأفغانية والجيش الباكستاني يوم 2/5/2013 في مديرية “غوشته” بولاية ننغرهار المتاخمة للحدود الباكستانية، وقتل فيها أحد الجنود الأفغان وجرح آخرون، وجاءت هذه الأحداث بعد اتهام الحكومة الأفغانية للجيش الباكستاني بأنه أقام عدة مواقع عسكرية في داخل الأراضي الأفغانية بعمق نحو خمسين كيلومترا داخل مديرية “غوشته” التابعة لولاية ننغرهار، كما أنه أقام معبرا وبابا بداخل الأراضي الأفغانية في المنطقة نفسها.
كما أن الجانب الأفغاني يتهم القوات الحدودية الباكستانية بالتقدم نحو الأراضي الأفغانية وتغيير مواقعها الحدودية في مناطق أخرى في الجنوب والجنوب الغربي كذلك، وكانت وزارة الدفاع الأفغانية أعلنت قبل الاشتباكات المذكورة أن إقامة المواقع العسكرية الباكستانية داخل الأراضي الأفغانية على امتداد خط “ديورند” المتنازع عليه يتعارض مع المواثيق الدولية، وأن أفغانستان تحتفظ بكل الخيارات لإزالة المواقع المذكورة،
يتهم الجانب الأفغاني الجيش الباكستاني كذلك بالقصف المدفعي والصاروخي للمناطق الحدودية في ولاية كونر باستمرار منذ سنة 2012.
أسباب الأزمة الحالية
لا شك أن الأزمة الحالية ليست أزمة عابرة، بل وراءها أسباب، ووفقاً لمحللين سياسين وخبراء أن الازمة تتلخص في 3 أمور:
الأول: رغبة أميركية في الإيقاع بين أفغانستان وباكستان
يرى المحللون أن الأزمة الحالية وراءها أياد أميركية واضحة، فإن رئيس مكتب رئاسة الجمهورية السيد عبد الكريم خرّم اتهم القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي بأنها متورطة في إيجاد الأزمة الحالية بين أفغانستان وباكستان، وذلك لأن المناطق الأفغانية التي استولت عليها القوات الباكستانية كانت تحت سيطرة القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي بعد مجيئها إلى المنطقة، ولما أرادت أن تنسحب منها هيأت الظروف لاستيلاء القوات الباكستانية عليها، ولما سئل الناطق الرسمي باسم قوات حلف شمال الأطلسي الجنرال غانتر كاتز عن تصريحات السيد عبد الكريم خرّم قال: إنه ليس بين يديه تفاصيل الحادثة حاليا، وإنه لن يتمكن من التعليق عليها إلا بعد معرفة التفاصيل المتعلقة بها.
يرى المحللون أن أميركا تريد إحياء أزمة حدودية بين باكستان وأفغانستان على خط “ديورند” لتقف باكستان في مواجهة أفغانستان وتنسى عداءها التقليدي للهند، وبذلك ستتفرغ الهند لمواجهة الصين التي تهدد القيادة الأميركية للعالم اقتصاديا وعسكريا في المستقبل القريب، ويبدو أن باكستان متجهة هذه الوجهة منذ أكثر من سنة تقريبا بتشجيع أميركي مستمر، وكان من أمارات هذا التوجه التغيير في العقيدة العسكرية التي أعلن عنها الجيش الباكستاني السنة الماضية، والتي نصت على أن الهند لم تعد العدو الأكبر لباكستان واحتلت مكانها الجهات الإرهابية التي تهدد أمن باكستان أكثر من تهديد الهند لها، حسب إعلان الجيش الباكستاني أواخر العام 2012.
وكان السفير الأميركي والأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندريس فوغ راسموسن قد تحدثا قبل ذلك في أكتوبر/تشرين الأول 2012 عن خط “ديورند”، وأكدا أن أميركا وحلف شمال الأطلسي يعترفان بالخط المذكور كحدود دولية بين باكستان وأفغانستان، وهذا أيضا كان بمثابة إثارة المشكلة المذكورة، لأن الأمور كانت في ذلك الوقت هادئة، فماذا كانت تعني التصريحات المذكورة غير إثارة المشكلة بين البلدين؟
الثاني: دعم باكستان لحركة طالبان والارهاب في افغانستان
افغانستان تقول دوماً أن باكستان تدعم حركة طالبان عسكريا من خلال إقامة معسكرات داخل أراضيها لتدريب عناصر الحركة” كما وتتهمها بالمحافل الدولية.
كثرت التحليلات في السنوات السابقة التي تناولت الجهات الخارجية التي كانت وراء إنشاء حركة طالبان وبروزها على مسرح الأحداث، بعضها ينسبها إلى المخابرات الباكستانية والبعض الآخر ينسبها إلى المخابرات الأميركية إبان الحرب الأفغانية السوفياتية.
والذين ينسبون قيام الحركة إلى باكستان يستندون إلى الجولة التي قام بها وزير الداخلية الباكستاني آنذاك الجنرال نصير الله بابر في جنوب وغرب أفغانستان في أكتوبر/تشرين أول 1994 حيث التقى فيها بالقادة والمسؤولين في ولايتي قندهار -معقل الحركة- وهيرات، وأرسل قافلة إغاثية مكونة من 30 حافلة تحت قيادة كولونيل من المخابرات الباكستانية واستطاعت طالبان إنقاذها بعد أن حاولت جماعة جيلاني بزعامة منصور آغا اعتراضها، وبرز اسم طالبان في الإعلام العالمي منذ ذلك اليوم الذي كان يتابع أنباء الاستيلاء على تلك القافلة.
لكن من الثابت أن حركة طالبان كانت قد بدأت نشاطها قبل ذلك بأربعة أشهر على الأقل، وجاء ظهورها متواكبا مع رغبة باكستان في الحصول على تأييد حركة شعبية بمثل حجم طالبان التي بدأت تكسب تأييد الشعب الأفغاني يوما بعد يوم.
ويرى آخرون أن المولوي فضل الرحمن أمير جمعية علماء الإسلام في باكستان والذي كان يرأس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الباكستاني في حكومة بينظير بوتو هو الذي طرح فكرة إنشاء حركة طالبان واستشار في ذلك برهان الدين رباني وعبد رب الرسول سياف وقد وافقا على إنشائها على اعتبار أنها ستوجه ضربة قوية لقوات حكمتيار عدوهما اللدود حينذاك. ويرى بعض المحللين أن المولوي فضل الرحمن لم يكن بالشخصية المؤثرة فيما كان يجري في أفغانستان ولم يكن في استطاعته إنشاء حركة مثل طالبان.
ودعا بعض طلاب المدارس الدينية فوافقوا على العمل للقضاء على هذا الفساد وبايعوه أميرا لهم.
الثالث: الرغبة الباكستانية الجامحة في حل مشكلة خط “ديورند”
يبدو أن السياسة الأميركية بخصوص إثارة المشاكل الحدودية بين البلدين قد صادفت هوى لدى الجيش الباكستاني والساسة الباكستانيين، الذين لديهم رغبة جامحة في إثارة مشكلة خط “ديورند” الحدودية في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها أفغانستان حيث إنها منقسمة ولا تتمتع بحكومة تمثل الشعب الأفغاني كله، ويواجه البلد ظروفا استثنائية بسبب وجود المعارضة المسلحة ضد الحكومة الحالية والوجود الأميركي.
ويبدو أن من أكبر أسباب الأزمة الحالية والاشتباكات التي حصلت في ولاية ننغرهار هو هذه الرغبة الجامحة لدى الجانب الباكستاني في إثارة قضية “ديورند” في ظروف أفغانستان الحالية، حيث تظن باكستان أنها ستتمكن من إجبار الجانب الأفغاني على قبول خط “ديورند” كحدود دولية من غير أن تقدم أي نوع من التسهيلات التي يحتاجها بلد من غير منفذ بحري مثل أفغانستان.
فالجيش الباكستاني يحرك مواقعه الحدودية باستمرار إلى داخل الأراضي الأفغانية في أكثر من منطقة، ويصل هذا التوغل في بعض المناطق إلى أكثر من 60 كيلومترا داخل خط “ديورند” المتنازع عليه ليثير الجانب الأفغاني ولتحصل الاشتباكات، لتصبح القضية حساسة، ولتتدخل القوى العالمية لحل المشكلة الحدودية بين أفغانستان وباكستان، ولتضغط على أفغانستان للقبول بالأمر الواقع، ومن هنا يبدو أن الاشتباكات الأخيرة لن تكون آخر هذه الحوادث الحدودية بين البلدين، وأن الأمر سيتكرر في مناطق حدودية أخرى كذلك.
وهذا ما تنبّه له الجانب الأفغاني، فقد علق حامد كرزاي على الاشتباكات بين القوات الأفغانية والباكستانية في مديرية “غوشته” يوم 4/5/2013 قائلا: تحاول باكستان أن تجبر أفغانستان على المحادثات بشأن الأزمة الحدودية المسماة “خط ديورند” ومن ثم القبول بها. لكنه أضاف قائلا: إن أفغانستان لم تقبل الاتفاقية التي تم توقيعها عام 1893 بين أفغانستان وحكومة الهند البريطانية حينذاك، ولن تجرؤ أية حكومة على أن تعترف بالحدود المذكورة، لأن الشعب الأفغاني سيلعن من سيفعل ذلك. وأشار إلى أن الجانب الباكستاني حاول أن يثير المشكلة المذكورة أكثر من مرة بصورة مباشرة وغير مباشرة في المحادثات الرسمية بين البلدين، إلا أن الجانب الأفغاني اعتذر بلباقة عن بدأ المحادثات بهذا الخصوص في الظروف الحالية.
مشكلة خط “ديورند”
وقع ملك أفغانستان حينذاك الأمير عبد الرحمن خان -بضغوط شديدة من قبل بريطانيا- يوم 12/11/1893 اتفاقية مع حكومة الهند البريطانية لتحديد مناطق النفوذ السياسي لبريطانيا، وكان يرأس الوفد البريطاني “السير هنري مارتيمور ديورند” سكرتير الشؤون الخارجية في حكومة الهند البريطانية، لذلك سمي الخط الذي رسم لتحديد مناطق النفوذ السياسي بـ”خط ديورند”.
“كان الغرض الأساسي من إصرار بريطانيا على اتفاقية “ديورند” هو إيجاد خط دفاعي آخر أمام روسيا التي كانت أفغانستان تمثل منطقة عازلة بينها وبين بريطانيا العظمى”
كانت ظروف الأمير عبد الرحمن خان سيئة للغاية في تلك الفترة، حيث كان يواجه تمزق أفغانستان إلى دويلات إن لم يقبل بالاتفاقية المذكورة، وهذه المنطقة لم تكن تحت سيطرة الإنجليز، وحكومة الهند البريطانية لم تكن تتوقع أن تكون هذه المنطقة تحت سيطرتها، بل كان الغرض الأساسي من إصرار بريطانيا على الاتفاقية المذكورة هو إيجاد خط دفاعي آخر أمام روسيا التي كانت أفغانستان تمثل منطقة عازلة بينها وبين بريطانيا العظمى، ولما انتهت بريطانيا من تحديد الحدود الشمالية لأفغانستان مع روسيا عام 1892، أرادت أن تحصن الهند البريطانية من نفوذ روسيا فبدأت تضغط على أفغانستان، فأوقفت نقل البضائع الضرورية إليها.
كما هددت بتسيير قوة عسكرية قوامها عشرة آلاف شخص بقيادة الجنرال “رابرتس” الشهير للهجوم على جلال آباد إنْ لم يرسل الأمير عبد الرحمن خان وفدا للمحادثات، وفي نفس الوقت ضاعفت بريطانيا المبلغ الذي كانت تدفعه للأمير عبد الرحمن خان استفادة من سياسة العصا والجزرة، ولما وصل الوفد البريطاني إلى كابل بقيادة “ديورند” هدّد الأمير بأنه إذا لم يخضع للمطالب البريطانية فإن بريطانيا ستسمح لمعارضيه بالتحرك ضده، في إشارة صريحة إلى سردار محمد أيوب خان (بطل معركة ميوند) غريمه الذي كان يستمتع بضيافة الإنجليز في “راولبندي” حينذاك.
وكان الأمير عبد الرحمن يرى أن الخط المذكور سيبقى حبرا على الورق، وأن الإنجليز لن يراقبوه لأنه يمر على قمم الجبال الشاهقة. في هذه الظروف العصيبة وتحت تهديد بريطانيا المباشر تم توقيع الاتفاقية المذكورة، وكانت مدة الاتفاقية مائة سنة، ومن ثم لم تعترف بها الحكومات الأفغانية المتعاقبة، وهذا ما أشار إليه حامد كرزاي في خطابه الأخير معلقا على الحوادث الحدودية بين القوات الأفغانية والباكستانية.
موقف اميركا وبريطانيا من الخط
اما الموقف الامريكي والبريطاني من هذا الخط هو واضح لأن البريطانيين الذين فرضوا الاتفاق بين باكستان وافغانستان حول هذا الخط يؤيدونه ويعترفون به كما ان الامريكيين الذين تربطهم علاقات قوية مع باكستان يعترفون بهذا الخط الحدودي وقد اعلن السفير الامريكي السابق في افغانستان جيمس كينغهام والمندوب الامريكي السابق في شؤون افغانستان مارك غروسمن ان واشنطن تعترف بخط ديورند كخط حدود دولية بين افغانستان وباكستان.
تداعيات المشكلة
بعد الاشتباكات بين الحرس الحدودي للبلدين وقتْل أحد الجنود الأفغان، خرجت المظاهرات في المدن الكبرى الأفغانية من شرقها إلى غربها منددة بالتوغل الباكستاني داخل الأراضي الأفغانية، وزارت وفود من الشباب مواقع الحرس الحدودي للتضامن معهم وشد أزرهم، وعقدت حلقات كثيرة للنقاش في الإعلام المرئي والمسموع، كما أن البرلمان الأفغاني ناقش الموضوع وأرسل وفدا من أعضائه لتقصي الحقائق، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل إثارة المشكلة بهذه الصورة تعتبر في صالح أفغانستان؟ هل تستطيع أفغانستان في هذه الحالة من التمزق والضعف والاقتتال أن تحافظ على مصالحها ومصالح الشعب الأفغاني في هذه القضية، إنْ أثيرت واسترعت اهتمام القوى والمحافل الدولية؟
الحل
يرى المحللون أن هذه المشكلة، مثل كثير من المشاكل الحدودية العالقة بين كثير من البلاد عموما والبلاد الإسلامية خصوصا، لا طريق لحلها إلا بالمحادثات التي تضمن للطرفين مصالحهما، وأن استخدام السلاح والحروب يعقد المشاكل ولا يحلها، لكن الطريق التي يختارها الجانب الباكستاني ليست مناسبة، لأن التوغل في داخل الأراضي الأفغانية وداخل خط “ديورند” المتنازع عليه أيضا سيؤجج مشاعر الشعب الأفغاني وشبابه وسيعقّد الأزمة.
كما أن الظروف التي اختيرت لإثارة المشكلة بعيدة عن المروءة، حيث إن أفغانستان تمر بأزمات حادة، ولا تتمتع بحكومة تمثل جميع فئات الشعب الأفغاني، وهي في حالة ضعيفة، وإن توصلت إلى حل نتيجة الضغوط التي تمارس عليها فإن الأزمة لن تحل، لأن الشعب الأفغاني ينظر لمشكلة “ديورند” على أنها قضية وطنية وما لم يحصل الوفاق الوطني بشأنها لا يمكن حلها.
إلى جانب ذلك لم توجه أفغانستان أي تهديد إلى باكستان مثلما تهدد من قبل الهند، ومن هنا يجب على الجانب الباكستاني أن لا يثير هذه المشكلة في هذه الظروف، وأن ينتظر عودة الاستقرار والوحدة الوطنية إلى أفغانستان، وأن تحل الأزمة المذكورة عن طريق محادثات جادة بين الطرفين في ظروف يشعر فيها كل طرف باطمئنان كامل بأن مصالحه لن تتعرض لخطر الهضم، وإن أثيرت بالصورة التي تثار بها الآن وفي الظروف التي تمر بها أفغانستان حاليا فإن ذلك لن يؤدي إلى حل، بل بالعكس سيؤدي إلى تأزيم الموقف أكثر.
السعي الى ترسيم الحدود
قرى حدودية بين باكستان وأفغانستان تواجه تقسيماً
يستعد آلاف من أفراد قبائل البشتون الذين ظلوا على مدى عقود يتجاهلون الخط غير المرئي الذي يقسم قراهم المتربة ويرسم الحدود الأفغانية – الباكستانية، لمواجهة جدار حدودي يشبه جدار برلين يقسم منطقتهم.
وخوفا من هجمات المتطرفين، تشيد باكستان سياجا لمنع المتشددين من عبور الحدود التي تمتد مسافة 2500 كيلومتر على «خط دوراند» الحدودي الذي رسمه البريطانيون في عام 1893. وسيمتد السياج، الذي تعارض كابل إقامته، وسط ما يطلق عليها «القرى المقسمة» حيث لا يملك معظم السكان جوازات سفر وحيث يغلب عادة ولاء السكان لقبائل البشتون على ولائهم للدولة.
وتتناثر 7 من هذه القرى حول منطقة تشامان التي تضم بلدة تشامان الحدودية المزدهرة في إقليم بلوشستان في جنوب غربي باكستان. ويعتقد أن هناك قرى مقسمة أخرى موجودة في موقع أبعد باتجاه الشمال في المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية. ويعمل مسؤولون باكستانيون في إقليم بلوشستان الآن على نقل المواطنين الباكستانيين في القرى المقسمة إلى الجانب الباكستاني من السياج ويقولون إن المخاوف الأمنية تفوق المخاوف من تقسيم المجتمعات المحلية.
وقال الكولونيل محمد عثمان، قائد قوات أمن الحدود الباكستانية في تشامان: «(الجدار الحدودي) كان موجودا في ألمانيا، وما زال موجودا في المكسيك. إنه في كثير من أرجاء العالم؛ فلماذا لا يكون في أفغانستان وباكستان؟» وأضاف: «هذه القبائل يجب أن تفهم أن هذه هي باكستان وأن تلك هي أفغانستان». لكن الشكوك كبيرة بشأن الجدار؛ فمحاولات باكستان السابقة لبنائه فشلت قبل نحو 10 سنوات، ويشك كثيرون في إمكانية تأمين خط حدودي بهذا الطول.
وتراجعت الرغبة في بناء جدار حدودي بعد هدم جدار برلين في عام 1989، لكن في السنوات القليلة الماضية دعا عدة زعماء شعبويين إلى بناء جدار لتقييد حركة الأجانب؛ كان من أبرزهم الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي يريد بناء جدار على امتداد الحدود مع المكسيك. وأقام فيكتور أوروبان رئيس وزراء المجر اليميني جدارا على الحدود مع صربيا لمنع اللاجئين السوريين وغيرهم من المهاجرين المسلمين من دخول المجر الواقعة في شرق أوروبا والتي تعد بوابة للاتحاد الأوروبي.
وقال مصدر عسكري بارز إن باكستان تعتزم، استعدادا لبناء الجدار، إقامة أكثر من مائة موقع حدودي جديد، وتسعى إسلام آباد حاليا لتخصيص أكثر من 30 ألف جندي لإدارتها. وقال عثمان: «ترمب يقوم بما تتطلبه الأوضاع في أميركا، ونحن نقوم بما تتطلبه الأوضاع في باكستان. وظهرت دلائل على العلاقات المتوترة بين أفغانستان وباكستان في قريتين مقسمتين في مايو (أيار) الماضي أثناء إجراء مسح للتعداد السكاني في باكستان، فقتل أكثر من 10 أشخاص عندما اشتبكت قوات الحدود الأفغانية، المعترضة على التعداد السكاني، مع حرس الحدود في قريتي كيلي جهانجير وكيلي لقمان قرب تشامان». وتبادلت كابل وإسلام آباد الاتهامات بإيواء متشددين وتقديم ملاذات آمنة لجماعات تنفذ هجمات عبر الحدود.
ورحب كثير من سكان قريتي كيلي جهانجير وكيلي لقمان ببناء الجدار على أمل أن يمنع إراقة الدماء. لكن آخرين يخشون أن يضر بالأعمال ويفصلهم عن أقاربهم وأصدقائهم. وقال عبد الجبار، وهو باكستاني يملك مشروعا صغيرا في كيلي جهانجير: «لن يكون هناك تسلل للإرهابيين والمشتبه فيهم من مناطق في أفغانستان… لكن نشاطي الصغير الذي أمارسه مع الأفغان سيتضرر».
واستهدفت ضربات جوية أميركية متشددين من تنظيم القاعدة وجماعات أخرى في المنطقة.
وبالنسبة لسائق السيارة الأجرة عبد الرزاق (30 عاما) وكثيرين غيره، فإن راحة البال تعوض تراجع الأعمال نتيجة لبناء الجدار. ويقول: «الآن يمكنني النوم بلا خوف في بيتي».
إلى ذلك، أعلنت «مهمة الدعم المطلق» التي يقودها حلف شمال الأطلسي (ناتو) أن الجيش الوطني الأفغاني والقوات الخاصة سيحصلان على أسلحة وذخائر جديدة من شركائهم الدوليين في إطار الجهود الجارية لزيادة تعزيز قدرات قوات الدفاع والأمن الوطنية. وقال بيان، أصدرته «المهمة» على الإنترنت، إن تقديم هذه الأسلحة والذخيرة يزيد من القدرة القتالية للجيش الأفغاني، بحسب وكالة «خاما برس» الأفغانية للأنباء.
وقد كثفت الحكومة الأفغانية بالتعاون مع حلفائها الدوليين الجهود لزيادة قدرات قوات الأمن للدفاع عن البلاد ضد خطر الإرهاب. وتسلمت القوات الجوية الأفغانية رسميا يوم السبت الماضي الدفعة الأولى من طائرات مروحية من طراز «يو إتش 60 بلاك هوك» من قوات التحالف في إقليم قندهار. ووصلت الدفعة الأولى من المروحيات إلى مطار قندهار الشهر الماضي في جزء من الجهود المستمرة التي تبذلها قوات الناتو والقوات الأميركية لتحديث أسطول المروحيات القديم للقوات الجوية الأفغانية. وتستخدم القوات الجوية الأفغانية حتى الآن طائرات مروحية من طراز «مي 17» روسية الصنع التي تعد العمود الفقري للقوات الجوية الأفغانية. لكن مسؤولين في التحالف يقولون إنه سوف يتم استبدال طائرات «يو إتش 60» بهذا الأسطول القديم، في محاولة لبناء سلاح جو مستدام.
يذكر أن الوضع الأمني في أفغانستان تدهور سريعا منذ انسحاب عدد كبير من القوات الدولية بنهاية مهمة حلف شمال الأطلسي القتالية في عام 2014. ووفقا لمصادر عسكرية، تسيطر حركة طالبان اليوم على نحو 11 في المائة من مساحة البلاد.
سعى ضباط باكستانيون وأفغان في أوخر نيسان من عام 2017 إلى ترسيم الحدود في مناطق قرب الحدود بينهما في إقليم بلوشستان لنزع فتيل التوتر ومنع أي اشتباكات مستقبلا.
فكرة اقامة جدار فاصل بين باكستان وافغانستان
فشل اقامة الجدار في العام 2016
اخفقت باكستان وأفغانستان في التوصل إلى اتفاق على إدارة الحدود بينهما، خلال محادثات جرت بين الطرفين منذ عامين، على ما أعلن حينها مسؤولون في البلدين.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية الباكستانية انذاك إن “وكيل الوزارة إعزاز أحمد تشودري أبلغ الى وفد أفغاني برئاسة نائب وزير الخارجية حكمت خليل كرزاي، نية بلاده بناء أربع بوابات في نقاط مختلفة عند المعبر”. واشار الى ان المسؤولين “لم يتوصلوا إلى اتفاق نهائي. لكننا أبلغناهم (الأفغان) بموقفنا.” وأردف: “هذه البوابات مهمة لحفظ أمن باكستان وأفغانستان على حد سواء.”
في تصريحات تحمل الكثير من المعاني والدلالات قال ممثل الرئيس الافغاني في شؤون الاصلاحات وادارة الحكومة احمد ضياء مسعود خلال مراسم تكريم الصحافيين والمراسلين في كابول ان مفاوضات السلام بين الحكومة الافغانية وجماعة طالبان هي فرصة لتأمين المصالح الباكستانية ولأن طالبان تتلقى الدعم من الحكومة الباكستانية فإن حرب افغانستان ليست مع طالبان بل مع باكستان، واضاف مسعود ان السلام مع طالبان غير معقول لان طالبان تقاتل من اجل المصالح الباكستانية وان اسلام آباد لاتريد السلام والامن ابدا في افغانستان ولذلك فإن التكلم عن مفاوضات سلام غير مجدي وان باكستان سوف لن تترك هذه الحرب حتى تحقيق اهدافها.
وتأتي تصريحات مسعود الذي ربط بين الحرب في افغانستان وبين مصالح الدول الاجنبية بعدما كانت حكومة اشرف غني تسعى للسلام مع طالبان بشكل حثيث والسؤال المطروح الان هو ما حقيقة الخلافات بين افغانستان وباكستان وما هو سبب دعم اسلام آباد لطالبان؟
لكن وزارة الخارجية الافغانية في زمن الرئيس السابق حامد كرزاي قد ردت على هذه التصريحات وقالت ان قضية خط ديورند هي قضية تاريخية هامة للشعب الافغاني ولذلك ترفض الحكومة الافغانية كل التصريحات الاجنبية بشأن هذا الخط.
لم يتحدث اي مسؤول رسمي افغاني او باكستاني او غربي بهذه الصراحة عن قضية خط ديورند الحدودي بعد سقوط طالبان في عام 2001 وفي الحقيقة يمكن القول ان احد اهداف باكستان من دعم طالبان هو اجبار افغانستان على الاعتراف بخط ديورند، ويعتقد المحللون الافغانيون البارزون امثال محمد اكرم انديشمند وبرتو نادري وصاحب نظر مرادي والباقون ان الخلافات الافغانية الباكستانية ودعم باكستان لطالبان وانعدام الامن في افغانستان ووجود الارهاب في افغانستان واشياء من هذا القبيل سوف لن تنتهي الا بعدما يتم حل قضية خط ديورند الحدودي وتعترف افغانستان بهذا الخط.
وبغض النظر عن قضية خط ديورند الحدودي يجب القول ان العلاقات الافغانية الباكستانية تتاثر بالمحيط الاقليمي المتازم للبلدين والذي يجبرهما على التعاون فيما بينهما او عدم التعاون والابتعاد عن بعضهما البعض، وتتهم كل من افغانستان وباكستان الآخر بدعم طالبان والارهاب وحتى اذا اعترف البلدان بشرعية خط ديورند الحدودي فإن التدخلات الاجنبية في افغانستان ودخول لاعبين متعددين الى هذا البلد والذين تتعارض مصالح كل منهم مع مصالح الآخرين واشعال حروب بالوكالة في افغانستان سوف لن يترك مجالا لتحسن الاوضاع في هذا البلد مع العلم بأن افغانستان تفتقر ايضا الى الوحدة بين القوميات والطوائف وان حكومة الوحدة الوطنية قد فشلت في ايجاد مثل هذه الوحدة.
واخيرا يجب القول ان الجماعات التي تريد القضاء على استقرار افغانستان مثل طالبان وباقي الجماعات المعارضة للحكومة هي لاتزال نشطة وان الشعب الافغاني والاحزاب والمؤسسات التي تتطلع الى الامن والاستقرار قد اصيبوا بخيبة أمل جراء الأداء الضعيف لحكومة الوحدة الوطنية وهذا ما سيؤدي الى استمرار الازمة والتدخل الاجنبي في المنطقة وفي افغانستان لأن الجهات الاجنبية تسعى الى تحويل افغانستان والمناطق المحيطة بها الى بؤرة للارهاب والتطرف من جديد.
تشريع باكستان لبناء السور
شرعت باكستان ببناء جدار عازل بطول ٢٤٠٠ كيلومتر على خط ديورند في شرق افغانستان.
ونقلت حينها صحيفة “باكستان أوبسيرفير”، عن بيان للمكتب الصحفي للجيش الباكستاني، قوله “رئيس هيئة الأركان الجنرال قمر جاويد باجوا، أعلن بأن عملية بناء الجدار العازل على الحدود “الباكستانية- الأفغانية”، بدأت، وأن المناطق الحدودية في باكستان مثل “بادجاور ومهمند”، هما المنطقتان الأساسيتان اللتين سيتم البناء فيهما، نظراً للمخاطر الأمنية العالية “.
والجدير بالذكر أن إسلام آباد أعلنت عن بدء بناء السور العازل في أجزاء من المناطق الحدودية التي تفصلها مع أفغانستان، نهاية شباط/فبراير 2017، مباشرة بعد سلسة التفجيرات التي ضربت باكستان في ذلك الشهر. علماً بأن باكستان أعلنت مراراً عن نيتها لبناء هذا الشريط العازل على حدودها مع أفغانستان، ولكن البناء كان لا يتم.
وبعد أحد التفجيرات التي ضرب البلاد، في شباط/فبراير 2017، أعلن الجيش الباكستاني أن التفجيرات التي جرت، نفذت بإيعاز من الإرهابيين المتواجدين فوق أراضي أفغانستان، ولذلك أغلقت الحدود مع تلك الدولة ، اعتباراً من 17 شباط/فبراير ولغاية 20 آذار/مارس 2017، في إطار محاربة الإرهاب، ولمنع تسلل المتشددين إلى أراضي باكستان.
بدأ بناء الجدار
في اواخر 2017بدأت باكستان بإقامة جدار على طول حدودها مع أفغانستان وذلك بهدف منع من تصفهم بـ” المجموعات المتطرفة الناشطة في المنطقة”، من دخول أراضيها.
وتفصل البلدان حدود بطول 2400 كلم رسمها المستعمرون البريطانيون في 1896 وتحتج كابول عليها. ويتبادل البلدان الاتهام بإيواء قواعد لمتمردين في البلدين يتم منها التخطيط لاعتداءات دامية.
كما أن الحدود تشكل تاريخيا مجالا للكثير من التهريب، حيث لا تولي قبائل الباشتون المحلية تقليديا أهمية تذكر للحدود خصوصا وأن العديد من القرى مقامة على جانبي الحدود مع منازل يكون لها أحيانا باب يفتح على باكستان وآخر على أفغانستان.
وفي العام نفسه نشرت صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” إلى رغبة الحكومة الباكستانية في بناء جدار على الحدود مع أفغانستان، مشيرة إلى أن جنرالات باكستان قرروا انتهاج أسلوب الصين.
جاء في مقال الصحيفة:
بدأ الجيش الباكستاني في بناء جدار فاصل على الحدود مع أفغانستان في منطقة تسكنها العشائر في الشمال – الغربي للبلاد. هذه المنطقة غير المستقرة تحدها أفغانستان، حيث بحسب المسؤولين في إسلام آباد من هذه المنطقة يتوغل مسلحو “طالبان” باكستان إلى البلاد. بحسب قائد القوات البرية الباكستانية قمر باجوا، يرابط المسلحون في البلد المجاور ومنه يشنون هجماتهم داخل باكستان. يبلغ طول الحدود بين البلدين 2.5 ألف كلم.
عموما إن ومع تحميل أفغانستان مسؤولية هذا العمل، تدعو إسلام آباد كابل إلى تدمير ملاجئ المسلحين. لأن باكستان قرر بناء الجدار عقب مقتل أكثر من 100 شخص على يد الإرهابيين الذين توغلوا إلى البلاد من أفغانستان. وكانت باكستان قد أغلقت في بداية الشهر الجاري نقطة العبور في هذه المنطقة (خط دوراند) الذي رسمه المستعمر البريطاني عام 1893 كخط للحدود بين البلدين، بيد أن أفغانستان لم تعترف به إلى يومنا هذا.
واشار الجنرال قمر باجوا، إلى أن بناء الجدار سيكون في البداية في منطقتي موهمند وباجاور المحاذيتين لولايتي ننجرهار وكونار في أفغانستان. وبحسب رويتر سترابط هناك قوات إضافية ومعدات مراقبة، وكذلك مراقبة جوية مستمرة.
لم يعلق الجانب الأفغاني على قرار باكستان بشيء، حيث أن العلاقات بين البلدين متوترة خلال السنوات الأخيرة. وتتهم كل عاصمة نظيرتها بأنها لم تتخذ الإجراءات والتدابير اللازمة للقضاء على مسلحي “طالبان”.
كما اتهمت أفغانستان جارتها بأنها تتعمد عدم ملاحظة قادة “طالبان” على أراضيها وأكثر من هذا تدعمهم. من جانبه رد الجنرال باجوا، بقوله إن باكستان تضع آلية لضمان أمنها وأمن أفغانستان، وقال “من الأفضل أن تكون الحدود أمينة وتصب في مصلحة البلدين الشقيقين. لأنهما تكبدا خسائر جسيمة في محاربة الإرهاب”.
لقد حاولت باكستان في السابق غلق الحدود التي تمر عبر المناطق الجبلية، حيث لا توجد فيها نقاط مراقبة. وكانت قد أعلنت عام 2007 بأنها ستبني في هذه المنطقة الحواجز وتزرع الألغام في منطقة وزيرستان بطول 35 كلم.
لاجئون افغان في باكستان يواجهون خطر الترحيل
إن تأكد ما نشرته الصحف الباكستانية نقلاً عن مسؤول باكستاني بأن قرابة 1.4 مليون لاجئ أفغاني قد يواجهون خطر الترحيل من باكستان؛ نتيجة مخاوف أمنية، فهذا القرار يأتي بالتزامن مع تصاعد التوترات بين إسلام أباد وواشنطن على خلفية تكرار الرئيس الأمريكي ترامب اتهامه لباكستان «بتوفير ملاذ آمن» للإرهابيين.
ولكن ما سبب هذا القرار؟ وهل يرتبط ذلك بموضوع التداخل السكاني لقبائل البشتون عبر الحدود، وما يتصل به من موضوع «طالبان»، والتطرف الذي يستشري في تلك المناطق؟.
الواقع أن البشتون يشكلون ظاهر المشكلة؛ لأن «طالبان» تنتمي إليهم، وهي التي تقف وراء العنف الذي يضرب أفغانستان منذ ظهور هذه الحركة عام 1992؛ لكن من دون شك فإن باكستان تستثمر هذا العنف؛ لتشغل به أفغانستان، وتحول دون استفاقتها، وعودتها لما كانت عليه قبل أن يحل بها ما حل منذ أن سقط الحكم الملكي في كابول .
وقد حاولت باكستان أن تحكم أفغانستان من خلال «طالبان»، ونجحت الحركة في السيطرة على معظم الأرض الأفغانية عام 1996؛ لكن تبنيها لتنظيم «القاعدة»، وانغماسها بالإرهاب أودى بها نحو الهاوية؛ حيث شنت الولايات المتحدة بعد أحداث سبتمبر/أيلول حرباً ضدها؛ لكن جذورها البشتونية ظلت تنجب المتطرفين حتى اليوم. فلا يكاد يمر يوم دون أن يقع عمل إرهابي في أرجاء أفغانستان يقوم به منتسبون ل«طالبان». وقد دفع هذا الوضع المأساوي بعض أعضاء البرلمان الأفغاني لمناقشة «ملف التدخلات الباكستانية في أفغانستان»، وقال النائب عبداللطيف بدرام، من عرقية الطاجيك بولاية بدخشان: «إن باكستان تتدخل في الشأن الأفغاني بحجة أن أفغانستان لم تعترف بالحدود الرسمية بين الدولتين». وتوجد مطالبات إقليمية بمناطق تمتد على طول الحدود الأفغانية الباكستانية إلى نهر السند، وكلها تضم ما يقرب من 60 في المئة من الأراضي الباكستانية. ويبلغ طول خط الحدود المعروف ب«خط ديوراند»، 2.640 كلم، وقد وضع عام 1893؛ نتيجة لاتفاقية وُقعت بين حكومة الهند البريطانية والأمير الأفغاني عبدالرحمن خان. وكان الغرض الأساسي من إصرار بريطانيا على الاتفاقية؛ هو إيجاد خط دفاعي أمام روسيا، التي كانت تعد أفغانستان منطقة عازلة بينها وبين الحكم البريطاني. ووفقاً لاتفاق «خط ديوراند»، تخلت أفغانستان عن عدد قليل من المقاطعات، بما فيها سوات وشيترال وشاجيه، على الرغم من أنها اكتسبت مناطق أخرى لم تسيطر عليها تاريخياً مثل، نورستان وأسمار.
وبعد تأسيس باكستان، طالبت أفغانستان بأن يمنح الباشتون، الذين يعيشون على الجانب الباكستاني من «خط ديوراند» الحق في تقرير المصير. وقد رفضت باكستان وبريطانيا هذا الأمر، ورداً على ذلك بدأت الحكومة الأفغانية في تجاهل «خط ديوراند»، وراحت تؤكد بدلاً من ذلك على مطالباتها بالأراضي التي تقع بين الخط ونهر السند؛ ونتيجة لذلك، أصبحت العلاقات مع باكستان متوترة، وهذا بدوره أثر في العلاقات الأمريكية- الأفغانية في الخمسينات والستينات. وعندما حصلت باكستان على صفقة أسلحة من الولايات المتحدة، أدركت أفغانستان أن توازن القوى قد تحول لمصلحة باكستان. ومن ثم، فقد اتصلت هي أيضاً بالولايات المتحدة لطلب المساعدة العسكرية؛ لكن الجانب الأمريكي طالب أفغانستان بتحسين علاقاتها مع باكستان، والانضمام إلى منظمة المعاهدة المركزية التي تعد باكستان عضواً مؤسساً فيها؛ لاحتواء الاتحاد السوفييتي؛ ونظراً لموقعها على الحدود السوفييتية، فقد رفضت أفغانستان الانخراط في تلك المعاهدة؛ بل اتصلت بالسوفييت، وتشير التقديرات إلى أن الاتحاد السوفييتي قدم لأفغانستان ما قيمته 2.5 مليار دولار من المساعدات العسكرية والاقتصادية.
وكان الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف قد أثار مشكلة الحدود، عندما عرض إقامة سور فاصل بين باكستان وأفغانستان؛ لمنع المسلحين من التسلل عبر الحدود، وهو العرض الذي دفع السلطات الأفغانية إلى مطالبة باكستان بضرورة الاتفاق أولاً على ترسيم الحدود بين البلدين قبل إقامة مثل هذا السور. ولا تزال مشكلة الحدود تقف حجر عثرة أمام بناء علاقات متوازنة بين الدولتين.
باكستان تطلب من ترامب دفع تكاليف الجدار
واليوم نشرت صحيفة الغارديان تقريرا تحت عنوان “باكستان تريد من ترامب المساعدة في دفع كلفة سياج على حدودها مع أفغانستان”.
وقال التقرير الذي كتبه موفد الصحيفة باتريك ونتور من مدينة ميرانشاه بباكستان إن إسلام آباد تريد أن يدفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كلفة سياج كبير تبنيه على امتداد حدودها مع أفغانستان، قائلة إن كلفة بناء السياج المقدرة بـ 532 مليون دولار تظل أرخص بكثير من الكلفة السنوية للحرب في أفغانستان المقدرة بـ 45 مليار دولار.
ونقلت الصحيفة عن ناصر خان جانجوا، مستشار رئيس الوزراء الباكستاني شهيد خاقان عباسي لشؤون الأمن القومي، قوله إن الحاجز الذي سيمتد على مسافة 1800 ميل سيساعد في إنهاء “المعاناة الطويلة” للحرب وتقليل الإرهاب داخل باكستان.
وأضاف جانجوا أن باكستان تريد أن يدفع الرئيس الأمريكي كلفة بناء الحاجز أو على الأقل ما يتعلق بالجانب الأفغاني منه.
وتحدث التقرير عن إيجاز قدمه مسؤولين باكستانيين في مدينة ميرانشاه، المدينة الرئيسية في مقاطعة وزيرستان في منطقة القبائل المحاذية لأفغانستان، أشار إلى جدول زمني لبناء سياج من الأسلاك بارتفاع 3 أمتار على امتداد الحدود مع أفغانستان.
والتقي كاتب التقرير بالكولونيل واسي أودين، في ملجأ بقيادة فرقة المشاة السابعة في الجيش الباكستاني، الذي تحدث عن أن السياج سيتضمن بناء 11136 مخفرا حدوديا و443 حصنا على الجانب الباكستاني من الحدود، وهو أكثر بسبع مرات مما سيبنى على الجانب الأفغاني.
وأوضح أن الحدود ستجهز ايضا بأجهزة تحسس للحركة تحت الأرض فضلا عن شبكة كاميرات مراقبة تليفزيونية.
واشار أودين إلى أن باكستان خططت لإكمال بناء السياج بحلول عام 2019.