لفت رئيس الجمهورية ميشال عون، في حفل إزاحة الستارة عن تمثال الأمير مجيد إرسلان، إلى “أنّنا نلتقي في هذه المناسبة لإلقاء التحية على رمز نضالي ساهم في إضاءة شعلة الإستقلال، حين حلّ ظلام اعتقال رجالات الدولة، وساد في ذهن الإنتداب أنّ غرف قلعة راشيا وقضبانها ستضعف إرادة الوطن والشعب”.
وأشار الرئيس عون، إلى “أنّنا ننظر إلى الماضي ليس من باب الحسرة على الحاضر، بل من باب الأمل، ومن باب المراجعة للتضحيات الّتي بذلها اللبنانيون من أجل استقلال وطنهم، وكرامة العيش، والحفاظ على إرثهم وحضارتهم والتاريخ”، مركطّزاً على أنّه “إذا كان هناك من رسالة واحدة وراء نضال الأمير مجيد ومسيرته السياسية، نائباً ووزيراً وزعيماً وطنياً ورمزاً، فهي إيمانه بدولة لبنانية قوية، متحرّرة من الوصايات والتبعية، ومصانة بوحدة وطنية تعلو مصالح الأفراد والفئات،والأحزاب والطوائف”.
ونوّه إلى أنّ “روح الفروسية لديه انسحبت على مواقفه وعزيمته الوطنية الّتي لا تلين، فحارب بالبندقية حين اقتضى الواجب وقوفه ضدّ دولة الإنتداب، وبعدها ضدّ العدو الإسرائيلي، وقبّل العلم اللبناني ركوعاً، ليؤكّد أنّ هامة الوطن أسمى من هامات الأفراد مهما علا شأنهم”، مؤكّداً أنّ “إرث الأمير مجيد باق في جوهر وجود دولة لبنان الحديثة، ولا شيء يمكن أن يغيِّر هذا الواقع، وقد حمل الشعلة بجدارة ووفاء، نجله الأمير الصديق طلال إرسلان الذي جمعنا اليوم للاحتفاء بقامة وطنية لا يسعنا إلا الانحناء تقديراً لبصماتها المضيئة في تاريخ وطننا”.
وشدّد الرئيس عون، على “أنّنا نحتاج اليوم اكثر من اي وقت مضى، الى التركيز على ما يجمع اللبنانيين ويقود سفينتهم الى بر الامان”، لافتاً إلى “أنّنا نجحنا معاً في تحقيق الكثير في الفترة الماضية، واتسعت رقعة التفاؤل بامكان النهوض بالدولة الى حيث تلاقي آمال اللبنانيين وتطلعاتهم “.
وأوضح أنّ “وسط العواصف والحروب المحيطة بنا، وصراع الدول الكبرى فوق رقعة شرقنا، واستشراسها لتحقيق مصالحها، نجح لبنان بالنأي عن نيران هذا الأتون المشتعل، محافظاً على استقراره ودرجة عالية من الأمن والسلام، برغم كل التحديات والمصاعب”، مركّزاً على “أنّنا لا ننسى أننا نجحنا في إزالة فتيل لغم الإرهاب، وقدنا مؤخراً آخر معارك الانتصار عليه على حدود وطننا، ونلنا تقديراً دولياً عالياً على هذا الانجاز”، منوّهاً إلى أنّ “انتصار لم يكن ليتحقق لولا الخيارات الكبرى التي اجمع عليها اللبنانيون، ووحدة الشعب اللبناني في مواجهة التطرف، وتحييد لبنان عن الملفات الخلافية، وبقاؤنا على مسافة واحدة من جميع الدول العربية ايماناً منا بأن روح الأخوَّة بينها لا بد ان تعود الى المسار السليم”.
وأكّد الرئيس عون، أنّ “الضغوط علينا كبيرة، إن كان سياسياً او اقتصادياً او امنياً، وخصوصاً من جراء ملف النازحين السوريين الى لبنان، وما ينطوي عليه من اعباء ثقيلة ترهق كاهل البلاد على كل المستويات”، مبيّناً أنّ “منذ تسلمي مسؤولياتي، عملت مع الحكومة ومجلس النواب وكل الفعاليات والهيئات الرسمية والمدنية، على مواجهة هذه الضغوط وتعطيلها واحداً واحداً. كما نجحنا في ملف مواجهة الارهاب، حققنا ايضاً نجاحاً في اطلاق مسيرة انتظام مالية الدولة، ونعمل كذلك على إطلاق خطة اقتصادية تحدد رؤية طويلة الأمد للنهوض الاقتصادي”.
واشار إلى أنّه “بما أننا اليوم على أبواب منطقة الجبل الغالية على قلوبنا، أمامنا هدف كبير برمزيته لتحقيقه، بعد المصالحة التاريخية التي حصلت في ربوعها، وهو العمل على اقفال ملف المهجرين نهائياً، ومعه طي صفحة من تاريخ لبنان طال انتظار خواتيمها السعيدة”، منوّهاً إلى أنّ “اليوم يقف على مفترق يجمع بيروت بالجبل والجنوب، تمثال الأمير مجيد ارسلان لنستلهم منه شرارة النضال من اجل وطن شئناه مساحة تلاق ثقافي، وانساني، وديني، وحضاري، وبهمة جميع اللبنانيين، ستظل هذه المساحة نقطة ضوء للعالم أجمع”.