قدم رئيس المجلس الوطني للاعلام عبد الهادي محفوظ، مداخلة عن “نقاط القوة والضعف في الاعلام المقاوم حول موضوع القدس”، في اللقاء الاعلامي الموسع الذي ينظمه اتحاد الاذاعات والتلفزيونات الاسلامية في فندق غولدن توليب، بعنوان “مسؤولية الاعلام ما بعد قرار ترامب – حماية القدس وانهاء الاحتلال”.
وأعلن محفوظ ان “قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس من جانب الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم يكن مفاجئا، فالرئيس الأميركي كان قد التزم بذلك خلال حملته الإنتخابية وجعله جزءا من البرنامج. وهو استفاد من ظروف المنطقة وحروبها الأهلية وأزماتها المتفجرة والخلاف السعودي – الايراني والإنقسام الفلسطيني. لكن المفارقة مع الرئيس ترامب أنه كسر سياسة ضمنية ل”أميركا العميقة” بتأجيل تنفيذ قرار الكونغرس الذي صدر في العام 1995 والذي تبنى نقل السفارة الأميركية إلى القدس”.
واشار الى أنه “في العام 1980 وبسبب الإعتراض الدولي على السياسات الإسرائيلية وبدايات لإنتفاضة الحجارة نقلت 13 دولة سفاراتها من القدس إلى تل أبيب. وهذا ما شجع عليه القرار الدولي رقم /478/ الذي صدر عن مجلس الأمن بموافقة 14 دولة وامتناع الولايات المتحدة عن التصويت”.
وأكد محفوظ ان “القضية الفلسطينية كانت محل إجماع عربي وإسلامي، وبهذا المعنى، فإن الإعتداء على القدس هو اعتداء على القضية الفلسطينية بالذات خصوصا وأن للقدس رمزية دينية مسيحية وإسلامية وعربية”، معتبرا “ان قرار الرئيس ترامب هو مساس بهذه الرمزية”. وقال: “الأرجح أن الإدارة الأميركية الحالية لا تتوقع ردود فعل من جانب الأنظمة العربية المنشغلة بمشاكلها المعقدة وبأولويات لا تأتي قضية القدس في حساباتها الفعلية إلا ضمن سياق الإحتجاج والإعتراض. وهكذا فإن الرهان الفعلي هو على الداخل الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة وفي الجغرافيا التي تقع تحت الإحتلال منذ العام 1948 وعلى إنتفاضة جديدة”.
اضاف: “للاعلام دور مركزي في تسليط الضوء على قضية القدس ومن خلالها على القضية الفلسطينية، فنقطة القوة الاساسية في الاعلام المقاوم هو انه يرتكز على قضية عادلة برمزية متعددة الابعاد دينية وقومية وحضارية. وعبر هذه الابعاد يمكن ان يخاطب جماعات متنوعة وان يخلق مجموعات ضغط فعلية على الادارة الاميركية للرجوع عن قرار الرئيس الاميركي ترامب. هذا اولا. وثانيا، تظهير الاعلام المقاوم للانتفاضة الفلسطينية الجديدة التي برزت بعد قرار ترامب هو في حد ذاته تحفيز للرأي العام الدولي للوقوف الى جانب القضية الفلسطينية العادلة”.
وتابع: “ثالثا لدى الاعلام المقاوم ما يزيد على 19 قرارا دوليا من مجلس الامن والجمعية العامة يرفض اعتبار القدس عاصمة لاسرائيل. ورابعا اعتراض الغرب الاوروبي على قرار الرئيس ترامب هو مدخل للتواصل مع مختلف الشعوب الاوروبية سيما وان المسيحيين معنيون مثلهم مثل المسلمين بكنيسة القيامة والمسجد الاقصى. وخامسا يشكل المسيحيون المشرقيون والعرب احد عناصر القوة لمخاطبة مسيحيي الغرب للدفاع عن مكانة القدس وقدسيتها في الديانة المسيحية. سادسا يمكن للاعلام المقاوم ان يسهم في اجراء المصالحة الفلسطينية والحث عليها ومعالجة القضايا العالقة كموضوع رواتب الموظفين في غزة. وسابعا ايجاد قناة تلفزيونية ناطقة بالانكليزية مهمتها متابعة الوضع الفلسطيني بالصورة والصوت وتسليط الضوء على ممارسات القمع الاسرائيلية بحق النساء والاطفال. وثامنا ايجاد وكالة انباء دولية ناطقة باللغات الاجنبية لتزويد الاعلام الدولي بالمعلومة الصحيحة والدقيقة. ذلك انه الى اليوم مصادر المعلومات تأتي الينا والى الاخرين من 400 شركة اعلامية اولى كلها اميركية واوروبية ويابانية وليس بينها شركة عربية او اسلامية، وتاسعا اجراء ندوات دولية يشارك فيها باحثون معروفون ويكون موضوعها القدس. وعاشرا التركيز على ابعاد القرار الاميركي وخلفياته”.
واردف: “اما اذا شئنا الكلام عن نقاط الضعف في الاعلام المقاوم فهي كثيرة ايضا. ومنها انه اجمالا نخاطب انفسنا ولا نتعرض الى اخطائنا ولا نحتمل النقد هذا اولا، وثانيا تأخرنا كثيرا لصد موجة تهويد القدس والاستيطان فيها. فالقرار الاسرائيلي باعتبار القدس عاصمة لاسرائيل صدر في العام 1980. واما القرار الاميركي باعتبار القدس عاصمة لاسرائيل فقد صدر في العام 1995 عن الكونغرس وأرجأ تنفيذه الرؤساء الاميركيون كل واحد لستة اشهر مع التجديد. وثالثا من نقاط الضعف تغليب الخلافات في الاقليم وبين دول الخليج وايران. اذ لم يسهم فعلا الاعلام المقاوم ومثله غير الاعلام المقاوم في تبريد الاجواء وايجاد الحلول. حاليا، قد تشكل القدس المدخل لاعادة الاولوية للقضية الفلسطينية ولمعالجة الخلافات”.
وتابع: “ورابعا ينبغي الحذر من الاعلام المضاد ومن الثورة المضادة على محور دول الاعلام المقاوم وخصوصا ايران. اذ ليس من قبيل الصدفة ان يتم تحريك مجموعات مناهضة للنظام الايراني في هذه الفترة بالذات وبتشجيع من الرئيس الاميركي ترامب. فالمطلوب الهاء ايران عن الموضوع الفلسطيني واغراقها في المشاكل الداخلية. فالتوقعات السنوية لمركز “ستراتفور” الاميركي للعام 2018 تشدد على ان الولايات المتحدة خلال هذا العام ستكون على مسار تصادمي مع ايران في الداخل الايراني وفي العراق وسوريا ولبنان وبدعم من حلفائها الاقليميين …. وبالتأكيد سيكون لمواقع التواصل الاجتماعي الدور الابرز في الحسابات الاميركية وفي الاعتماد على اسرائيل وقوى محلية واقليمية”.
وختم: “اخيرا، نأمل من سماحة الشيخ علي كريميان ومن هذا اللقاء السعي الى ايجاد رؤية اعلامية تستنير بها المؤسسات المرئية والمسموعة وتحاول استقراء المستقبل لما سيكون عليه مصير القدس”.