أكد رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أن هذا هو الوقت الأفضل للاستثمار في لبنان، لأنه بفضل هذا الاستقرار السياسي والأمن المستتب في بلدنا، تمكنّا من إرساء مفهوم أننا بلد مستقر سياسيا وقادر على مواجهة الأزمات موحدا وبطريقة حكيمة، مشيرا إلى أن موازنة العام 2018 تشكل تحديا بالنسبة إلينا.
ولفت إلى أن هدفنا هو التأكد من أن العجز المالي لن يزيد من العام 2017 حتى العام 2018، وأن نكون قادرين على مواجهة كل التحديات المالية في العام المقبل.
كلام الرئيس الحريري جاء خلال حوار أجراه مع المشاركين في مؤتمر “القمة العالمية للأعمال” Global Business Summitبدعوة من Endeavor Lebanon والجمعية الدولية للمدراء الماليين اللبنانيين LIFE، في فندق فور سيزون.
سئل الرئيس الحريري في مستهل الحوار: إلى أي مدى تؤكدون أن الوضع في لبنان مستقر؟ وهل يستمر؟ وما هي الضمانات التي يمكنك أن تقدمها للمستثمرين لكي تكون لديهم الثقة للقيام بالمشاريع؟
أجاب: على مدى عام كامل، أطلقنا على الحكومة الحالية حكومة استعادة الثقة، وكنا نعمل لكي نظهر للعالم ما الذي يمكن للإجماع الذي تحظى به هذه الحكومة أن تحقق. وعلى مدى هذا العام، حققنا العديد من الأمور. فحين زرتكم في العام الماضي، تحدثنا عن الموازنة وقانون الانتخاب ومشاريع PPP والنفط والغاز وغيرها. وإذا نظرنا إلى كل هذه الأمور نجد أنها تحققت خلال هذا العام، بفضل الإجماع الذي لدينا في الحكومة. والناس لم يصدقوا في البداية وظنوا أن استعادة الثقة ما زالت هشة وأن هذا الإجماع يمكن أن ينفجر في أي وقت وكانت لديهم دائما شكوك. ولكن ما أثبت أن كل هؤلاء لم يكونوا على صواب هو أنه في شهر تشرين الثاني الماضي شهدنا أزمة، والإجماع الذي لدينا في البلد واجه هذه الأزمة بطريقة حكيمة وهادئة للغاية من أجل الحفاظ على الاستقرار السياسي والأمني في البلاد. هذه الأزمة كانت إقليمية، كما يعلم الجميع، وأردنا أن نكون على ثقة بأن لبنان سيبقى مستقرا، سواء على الصعيد السياسي أو الأمني أو حتى الاقتصادي. وأنا أعتقد أنه خلال فترة الشهر والنصف الماضية، أظهر هذا الإجماع أن استعادة الثقة حصلت بالفعل، لأننا تمكنا من تخطي وضع صعب للغاية بطريقة هادئة وواثقة ومرنة. فجميعكم مستثمرون وتستثمرون في العديد من الدول، والأهم بالنسبة لأي استثمار هو الاستقرار. وأنتم لن تذهبوا إلى دولة غير مستقرة سياسيا أو أمنيا أو إلى دولة لا تقر موازنة عامة في مجلسها النيابي. في هذه الحكومة تمكنا من القيام بكل هذه الأمور. ولكي نضمن الاستقرار أكثر فأكثر، ذهبنا إلى مؤتمر المجموعة الدولية لدعم لبنان الذي عقد مؤخرا في باريس، حيث وضعنا خارطة طريق محددة جدا، وهي أننا ذهبنا إلى باريس وعقدنا مؤتمر مجموعة الدعم الدولية وتوافقنا على أمن واستقرار لبنان كما اتفقنا على عقد مؤتمر روما 2 الذي سيوفر التزام الدول بالاستثمار في الجيش اللبناني والقوى الأمنية من أجل ضمان أن تكون قوانا العسكرية قادرة على حماية البلد، وأن نبني قوانا العسكرية بما يمكنها من بسط سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية. كذلك سنعقد مؤتمرا آخر في باريس إن شاء الله الذي ويتناول برنامج الاستثمار الذي وضعناه للبنان.
بالنسبة إلي، إن سألتموني هل هناك وقت أفضل للاستثمار في لبنان، سأقول لكم أن هذا هو الوقت الأفضل للاستثمار في لبنان، لأنه بفضل هذا الاستقرار السياسي والأمن المستتب في بلدنا، تمكنا من إرساء مفهوم أننا بلد مستقر سياسيا وقادر على مواجهة الأزمات موحدا وبطريقة حكيمة. بالتأكيد لا تزال هناك تحديات وأسئلة في ذهن البعض، لكني أعتقد أننا بددنا كل الشكوك حول ما إذا كان هذا الاستقرار السياسي سيدوم أو سيكون قادرا على اتخاذ القرارات. لقد أقررنا الموازنة وقانون الانتخاب وسلسلة الرتب والرواتب التي ضمنّاها للمرة الأولى إصلاحات مهمة. فما كان يحصل في السابق أنه كانت توضع سلسلة رتب دون أي إصلاحات أو تأمين مداخيل. هذه المرة أقررناها كمجموعة متكاملة. بالتأكيد علينا القيام بالمزيد، وموازنة العام 2018 ستكون تحديا بالنسبة إلينا، ولكن هدفنا هو التأكد من أن العجز المالي لن يزيد من العام 2017 حتى العام 2018، وأن نكون قادرين على مواجهة كل التحديات المالية في العام المقبل.
سئل: لبنان يعاني من نمو متباطئ خلال السنوات الماضية بسبب عدد من المشاكل، ونحن نرى أن سبب ذلك أن البلد يسير على محرك واحد وهو النقدي. في ظل ذلك يكون على حكومتكم أن تحفز النشاط الاقتصادي والنمو وخلق فرص العمل. ما الذي حققتموه على هذا الصعيد وما هي خططكم المستقبلية لتشجيع الاستثمار والنمو في البلد؟
أجاب: أعتقد أن إقرار الموازنة هو أحد أهم إنجازات هذه الحكومة. فالبلد كان يسير على موازنة العام 2005، وعلى مدى 12 سنة كنا نعمل على أسس غير حقيقية. اليوم لدينا موازنة للعام 2017 والتي تضمنت عددا من الإصلاحات وبعض الضرائب، وأنا أعتقد أن الطريقة لتحريك النمو هي الاستثمار في برنامج الاستثمار الذي عملنا عليه على مدى الأشهر الثمانية الماضية. هذا البرنامج يشمل كل البنى التحتية الموجودة في البلد، سواء على صعيد الطاقة أو النقل أو السدود أو المطار أو غيرها، وقد عملنا مع كافة الوزارات، وأعتقد أن الطريقة لمعالجة كل هذه الأمور هي في كيفية إحداث نمو سريع في لبنان. الاستثمار في البنى التحتية هو أحد هذه الطرق. كما أني أعتقد أنه من خلال تمرير قانون الـ”PPP” الذي سيسمح للقطاع الخاص بالاستثمار في هذا البرنامج هو أمر مهم للغاية. وتتراوح تكلفة هذا البرنامج بين 12 و16 مليار دولار، وهو مقسم على عدة قطاعات من البنى التحتية. أما كيف ننوي تمويل هذا البرنامج؟ فإنه 30 إلى 35% منه ستكون من القطاع الخاص، لأنه ليس من المفيد أن نقوم كدولة بمثل هذه المشاريع، يجب أن تكون مشاريع “PPP”، حيث تأتي الشركات الخاصة وتشارك في مناقصات، فنحن نريد أن يشارك القطاع الخاص. أما الـ30% الثانية من هذا البرنامج فستكون من حصة البنك الدولي أو البنك الأوروبي أو منظمات أخرى. وبالمناسبة، فإن البنك الدولي مشارك بقوة في كل هذا البرنامج. كذلك نود أن نشهد مشاركة بعض الصناديق العربية في بقية هذا البرنامج. لقد تحدثنا مع كافة المنظمات الدولية وعلينا أن نقوم بالعديد من الإصلاحات توصلا إلى مؤتمر باريس المقبل، وأهم ما أراه في حكومة الإجماع هذه هو أن الجميع واع تماما للأهمية القصوى للقيام بخطوات حقيقية باتجاه إقرار الموازنة والقيام بإصلاحات جادة. فعلى سبيل المثال، وبالعودة إلى الشأن السياسي، حين كنا في السابق نتحدث عن النأي بالنفس كان من الممكن أن نفتح نقاشا لا يجرؤ أحد على فتحه، أما الآن، فكل الأفرقاء السياسيين التزموا بسياسة النأي بالنفس. والآن، حين يتعلق الأمر بإصلاحات في برنامج الإنفاق الاستثماري فإن ما نحتاجه هو تحديد سياستنا في مجال الطاقة. فنحن ندفع تقريبا 2.2 مليار دولار سنويا كدعم على الكهرباء، ولبنان لن يتمكن من مواصلة دفع هذا المبلغ كدعم. ولكن في الوقت نفسه لا نستطيع رفع تعرفة الكهرباء إذا لم يكن لدينا كهرباء بشكل متواصل في البلد. من هنا، وضعنا برنامجا نأمل أن يكون جاهزا في كانون الثاني المقبل، وسنبدأ باتخاذ القرارات تبعا لهذا البرنامج، وسنزيد تأمين الكهرباء حتى 22 و24 ساعة في اليوم على مدى 6 أو 8 أشهر، وهذا سيمكننا من رفع التعرفة، وبالتالي نخفض بشكل هائل الدعم الذي نقدمه للطاقة، توصلا إلى العام 2019، حيث تقضي الخطة بالتوقف عن دعم الكهرباء. علينا وقف النزف في اقتصادنا، ولكن هناك الكثير للقيام به.
سئل: متى سيبدأ برنامج الإنفاق الاستثماري؟
أجاب: نحن نعد لمؤتمر يبدأ في شهر آذار المقبل، وحتى ذلك الحين، لدينا حوالي 3 مليارات دولار من المشاريع كجزء من هذا البرنامج، لكنها أقرت من قبل الحكومة ومجلس النواب، وما زلنا نحتاج إلى بعض التمويل لتغطية الاستملاكات. وحين نحصل على 750 مليون دولار سنبدأ مباشرة بالمؤتمر.
سئل: إذا أنت تنتظر مشاركة القطاع الخاص بالاستمثار بمبالغ تقارب الأربعة مليارات دولار؟
أجاب: بل أكثر. أنا أعتقد أننا نتحدث عن استثمارات تمتد على ثماني سنوات، ألفا ميغاواط من الكهرباء، طرقات من خلدة إلى نهر إبراهيم تكلفتها المقدرة تصل إلى 1.5 مليار دولار، ونأمل أن نرى القطاع الخاص ينفذ هذه المشاريع، كما أننا نعتقد أن توسعة المطار بقيمة مليار دولار تقريبا، وهناك العديد من المشاريع الأخرى والتي ننوي إطلاقها في منتصف شباط المقبل وهي “أليسار” و”لينور”، وهما مشروعا شركات عقارية تشبة “سوليدير”، واللذين شهدا العديد من المشاكل السياسية في السابق، أما اليوم فهناك إجماع على هذين المشروعين، ونأمل أن ننتهي من الإطار القانوني لهما، وهما سيتطلبان استثمارات هائلة تصل إلى 45 مليار دولار لكل منهما.
سئل: إلى أي مدى تعتقدون أن بيئة الاستثمار متوفرة في لبنان؟
أجاب: هناك العديد من القوانين التي أعددناها والتي هي مهمة جدا لتشجيع العمل، وقد عملنا عليها بالتعاون مع العديد من الوزارات وهيئة الاستشارات، وهي ستنجز في مجلس الوزراء ونحيلها على مجلس النواب الذي لن يتأخر في إقرارها. وبهذه القوانين ستكون إقامة الأعمال أسهل بكثير. وهناك عدد آخر من القوانين سنعمل عليها وسنكلف عددا من المكاتب القانونية في بداية العام القادم لمساعدتنا في هذا الشأن من أجل تسريع إقرارها. وإن كانت لديكم أي اقتراحات، أتمنى أن تزودوني بها.
سئل: ماذا عن الشفافية؟
أجاب: أنا سعيد أنكم ذكرتم الشفافية. فإذا نظرنا إلى قطاع الغاز والنفط، حيث وقعنا اتفاق “EITI”، وهو يسمح للمجتمع المدني وكل أجهزة الصناديق الدولية لإجراء رقابة على هذا القطاع بأفضل الطرق. في العادة هذا الاتفاق يتم توقيعه بعد أن يبدأ مسار العمل، أما نحن فقررنا توقيعه قبل بدء العمل في هذا القطاع لكي يتأكد الجميع من أن شفافية هذا القطاع بدأت من اليوم صفر للمشروع.
وفي مجال برنامج الإنفاق الاستثماري، هناك العديد ممن سيقولون كيف ستتأكدون من عدم وجود فساد؟ ونحن نعد باتباع أعلى المعايير بالتعاون مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لكي نضمن الشفافية الكاملة في هذه المشاريع.
سئل: ماذا عن تشجيع صناعة التكنولوجيا في لبنان؟
أجاب: أنا مع أن نعطي حوافز لبعض الصناعات في لبنان. لكن المشكلة التي نعانيها أن الحوافز تُعطى دون دراسة ما الذي يبرع به لبنان ويستطيع أن ينافس. أنا أعتقد أنه علينا أن نركز على صناعة التكنولوجيا، في حين أن معظم هذه الحوافز تعطى اليوم على أمور لا تخدم البلد ولا تجعله يتقدم. هذا عمل اللجنة الوزارية الاقتصادية التي شكلناها والتي ستحدد القطاعات التي نحتاج لدعمها. فأنا على سبيل المثال أرى أن لبنان يجب أن يكون المركز الرئيسي للقطاع الطبي والاستشفائي في الشرق الأوسط. لدينا أفضل الأطباء وأفضل المستشفيات، لذلك علينا أن نعطي حوافز لقطاع العناية الطبية، وأنا جاهز لتلقي أي اقتراح في هذا الشأن.
سئل: القوانين المتعلقة بالنفط والغاز تحتاج إلى مزيد من الدراسة وفيها بعض الفجوات والتسرع، فما رأيكم؟ وهل تنوون إشراك المجتمع المدني في هذه العملية؟
أجاب: أنا أوافق معك تماما، وفريقي السياسي اتخذ موقفا في هذا الخصوص ونريد من الحكومة أن تمعن في دراستها وأنا أرحب بأي تعاون لتفادي هذه الفجوات، وبالتأكيد ننوي إشراك المجتمع المدني في هذاالمسار.
سئل: أنتم تدعمون المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، فما هي خططكم للمساعدة؟
أجاب: لقد قمنا بالعديد من المبادرات لدعم هذه المؤسسات، وقد قررنا أن نقيم برنامجا تدريبيا طوال العام مركزه في السراي الحكومي. هناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به ونحن جاهزون لاستقبال أي أفكار بشأن مبادرات أخرى في هذا الشأن شرط أن تكون مرفقة بآلية تطبيق.
سئل: أين أصبحت الحكومة الألكترونية بعد 12 شهرا على بدء عملكم في الحكومة، خاصة وأنك في بداية عهدك كنت قد قلت أن الأمر يحتاج إلى 5 أو 6 أشهر؟
أجاب: إن التحديات الموجودة لدينا في لبنان متزايدة، وحين تحدثت في بداية عمل الحكومة لم تكن هناك، لا موازنة ولا قانون انتخاب ولا قانون النفط والغاز ولا العديد من الأمور التي تؤمن الاستقرار للبلد. فعلى الرغم من جو الإجماع الذي نعيشه، نجد أننا بحاجة إلى إجماع على نوع الاقتصاد الذي نريده وما هي المشاريع التي علينا أن نوجه البلد باتجاهها. ولقد اتخذنا قرارا في مجلس الوزراء بأن نتعاون مع “ماكينزي” لوضع هذه الرؤية موضع التنفيذ. وأعتقد أننا خلال الأشهر القادمة سوف ننهي دراسة هذه الرؤية مع “ماكينزي”.
سئل: هل هناك زيادة ضرائب في موازنة العام 2018؟ وكيف توازنون بين خفض العجز والدين العام من جهة وزيادة النمو في البلد حتى تطبيق خطتك الاقتصادية؟
أجاب: بالتأكيد لدينا اليوم مشكلة عجز، خاصة مع الدعم الذي تقدمه الدولة لقطاع الكهرباء بقيمة حوالي 2.5 مليار دولار. من جهة أخرى هناك برنامج الإنفاق الاستثماري الذي نحتاجه بقوة في البلد لتحريك النمو وإيجاد فرص العمل والنهوض بالاقتصاد، بالإضافة الى الإصلاحات. والقطاع الخاص جزء أساسي في برنامج الإنفاق الاستثماري، وعلينا أن نكون شفافين للغاية في هذا البرنامج لنتمكن من جذب الاستثمارات. ونحن هنا نتحدث عن مبالغ مالية هائلة نحاول الحصول عليها من البنك الدولي وغيره عبر قروض مؤقتة تمتد على ثلاثين سنة. وبرنامج الإنفاق الاستثماري سينفذ على مدى ثماني سنوات لكنه سيُدفع على مدى ثلاثين سنة. هنا التحدي الذي نواجهه في البلد لاتخاذ قرارات صعبة، فأنا ضد زيادة أي ضريبة. أنا مع ألغاء بعض الضرائب مقابل التركيز على عدد معين من الضرائب مثل الضريبة على القيمة المضافة. والطريقة التي كان يفكر فيها الوالد رحمه الله هي أن السبيل الوحيد للتقدم بلبنان هو جعل لبنان جنة ضرائبية عبر إلغاء بعض الضرائب وحتى الضريبة على الدخل مع التركيز على الضربية على القيمة المضافة، وكل هذا يأتي بمزيد من المستثمرين إلى لبنان.
من جهة أخرى، هناك أيضا العديد من الفوائد التي يحصل عليها البعض ويجب أن تُلغى. مثلا هناك المساعدات المدرسية. فمن الجيد أننا نعطي هذه المساعدات، لكن الأستاذ الذي يدرّس في مدرسة رسمية يجب أن يعلم أولاده في مدرسة رسمية، لا أن تدفع الدولة دعما له ليعلم أولاده في مدارس خاصة. كذلك الأمر بالنسبة لكل موظف يعمل في القطاع العام، وإلا لماذا المدارس الرسمية. فالدولة تدفع حوالي الـ250 مليار ليرة لبنانية على هذا النوع من الدعم. كذلك لدينا جمعيات ومدارس مجانية تدعمها الدولة بحوالي الـ600 مليون دولار. أنا أعتقد أنه لا يجب علينا أن نستدين من أجل أن ندفع كل هذه الأموال كدعم للجمعيات. بالتأكيد هناك جمعيات تحتاج إلى مزيد من الدعم والذين يقومون بعمل جيد وحقيقي، مثل كاريتاس والمقاصد وجمعيات أخرى تحدث فرقا فعليا في حياة المواطنين، بالمقابل هناك جمعيات لا نعرف أصلا إن كانت حقيقية أو وهمية. من هناك اتخذنا قرارا في الحكومة أن أي دعم لأي جمعية أو مؤسسة يجب أن يتخذ في مجلس الوزراء، كل هذه الأمور تسمح لنا بإدارة العجز وتخفيضه.
في الإطار نفسه، سلسلة الرتب والرواتب كان يفترض أن تكلفنا 1200 مليار ولكنها في الحقيقة كلفتنا 1800 مليار، لذلك لا بد من القيام بعدد من الإصلاحات في البلد. لا يمكننا أن نستمر باستدانة المال لننفقه على أمور غير مجدية. إن أردنا أن ننفق فيجب أن يكون الإنفاق على الاستثمار والبنى التحتية وعلى أمور تحدث فرقا في حياة المواطنين.
في موضوع النفايات، لا بد أن يكون لدينا حل يساعد فيه القطاع الخاص. مشكلتنا أن لدينا أفضل رواد عمل في العالم، ولكن لا نعرف كيف نأتي بهم إلى لبنان ليستثمروا في البلد. لذلك سنقوم بالعديد من الإصلاحات لتخفيض العجز ونحقق التوازن في موازنة العام 2018 التي لن نسمح أن تزيد قرشا واحدا عن موازنة 2017.
سئل: متى تتوقعون إنجاز موازنة العام 2018؟
أجاب: نأمل أن ننجزها بين كانون الثاني وشباط المقبلين.
سئل: القطاع العقاري هبط إلى أدنى مستوياته منذ العام 2010، وما زلنا نرى المزيد من الضرائب على العقارات والرسوم البلدية بما يشكل نحو 35% من مجموع كلفة البناء اليوم. هل تنوي الحكومة إصلاح هذه الأمور؟
أجاب: هذه الأمور نعمل عليها بقوة. فالضرائب التي فُرضت على العقارات رفعت من أسعار العقارات مما يؤثر على نمو القطاع. نحن نعتقد أنه علينا أن نقوم بتقييم أفضل وأن نسمح بالدعم للقطاع العقاري. واليوم، وبعد الإجماع الذي حصل على مشروعي “أليسار” و”لينور”، لا بد من حل كل هذه المشاكل بأسرع وقت ممكن.
سئل: ما هو موقف الحكومة عندما يدعي وزير العدل على صحافي كمرسال غانم؟
أجاب: في ما يتعلق بموضوع الحريات انا لا اقبل ان يتم المس بها، هذا موضوع مقدس في البلد بشكل كبير جدا. وما حصل في موضوع مرسال غانم وتضخيمه كان خطأ جسيما برأيي. لقد اعد مرسال غانم حلقة ظهر خلالها بعض الاشخاص وتكلموا، وانا رئيس حكومة وقد رفعت شكاوى على بعض الصحافيين الذين تعدوا الخطوط المسموح بها.
هناك تحريض طائفي ومذهبي يصل الى حدود القتل احيانا، فحينها يجب ان يصار الى رفع دعوى وهناك آلية معينة يجب السير بها، قد تؤدي الى عقوبة او الى دفع مبلغ من المال او ما ينص عليه القانون، فلا اعتقد انه في لبنان تلفزيون او جريدة الا وعليهما عدد كبير من الدعاوى. هذا الموضوع يجب ان يحل بطريقة تحترم من خلالها الالية القضائية وياخذ مرسال غانم حقه كأعلامي.
وبرأيي هذه الامور يتم تضخيمها في اماكن لها طابع سياسي وانا ضد ذلك مئة بالمئة وأضم صوتي الى مرسال غانم بهذا الموضوع.
المشكلة في هذا البلد ان كل شيء يتم تسييسه وهذا خطأ، فهذا البلد اثبتت التجربة فيه خلال السنوات الاخيرة اي بعد العام 2005 واستشهاد الرئيس رفيق الحريري، اننا نحن مثلا كقوى 14 اذار حاولنا ان نديره بمفردنا وفشلنا وكذلك فعل فريق 8 آذار، فالسبيل الوحيد للمضي قدما هو ان نتكلم مع بعضنا البعض وان نتفق مع بعضنا.
سئل:لقد وعدت العام الماضي ان يتم حل مسالة الانترنيت في لبنان ماذا حصل؟
اجاب: لقد انتقلنا في بعض المناطق التي فيها كثافة سكانية من اثنين ميغابايت الى اثنا عشر ميغابايت، وادخلنا القطاع الخاص إلى ملف الفايبر اوبتيكس وانتقلنا من 4g الى Lte ،هناك الكثير ايضا يجب القيام به بالتاكيد، وفي العاشر من شباط سنوقع على اكبر عقد بعد اجراء المناقصات اللازمة، وهو متعلق بتوسعة الشبكة التي تسمح بايصال الفايبر اوبتكس الى اي مكان في لبنان، وهذا موضوع تطلب الكثير من العمل للانتهاء من دفتر الشروط الخاص به.
سئل: المؤسسات الناشئة هي بوضع افضل اليوم ولكن البنى التحتية خاصة والتشريعات لا تساعد بشكل كبير على اطلاق العمل بها كما يجب، فما هي الاصلاحات والقوانين التي تنوي الحكومة اصدارها لتحفيز عمل هذه المؤسسات؟
أجاب: لقد تحدثت عن القوانين الموجودة لدينا، واذا كانت لديكم اية اقتراحات قدموها فنحن بحاجة الى ارائكم لان المشكلة التي نعاني منها دائما هي اننا في كل مرة نحاول وضع قانون في هذا الاطار نجد ان هناك اشياء يجب تغييرها او اضافتها. هناك قوانين جهزناها منذ ستة اشهر ولكن تاخر اقرارها للاسباب التي ذكرتها. لذا يجب ان ننظم ورشة عمل في السراي الحكومي للانتهاء من وضع هذه القوانين ومن ثم نعرضها على مجلس الوزراء والبرلمان.
سئل: هناك قلق من الوضع السياسي الدولي والاقليمي ومن التصعيد الحاصل والمواقف الاميركية تجاه ايران والسعودية، اللبنانيون متخوفون من انعكاساتها على لبنان اكانت في اطار صفقة او مضاعفات.هل تعتقد اننا مصانون او معرضون ؟
اجاب: استطيع ان اؤكد اننا بامان. الازمة التي حصلت في شهر تشرين الثاني والسبب الذي اردت من خلاله ان يكون هناك مؤتمر لدعم لبنان ومؤتمري روما وباريس هو ليس فقط لكي نقوم بخطوات داخلية بل لبناء جدار من الامان من حولنا يمكنه ان يحمي لبنان من اية تأثيرات للمشاكل الاقليمية، ومؤتمر دعم لبنان كان واضحا جدا في هذا الاطار: لا احد يمس الاستقرار في لبنان، ونقطة على السطر. هناك اختلاف في السياسة ونحن علينا ان نحترمه وسنحترمه، وانا اعتقد انه منذ تلك اللحظة لغاية اليوم نرى ان الخروقات صغيرة جدا ونحن نتابعها.
اما مؤتمر روما 2 هو للتاكيد على التزام لبنان احترام تطبيق القرار 1701، ونحن نقول للمجتمع الدولي اننا في لبنان نريد ان نطبق القرار 1701 وانه يجب عليكم ان تساعدوننا في ذلك، وفي بناء الجيش لنتمكن من ارسال 10 او 15 الف عسكري الى الجنوب لتجنب اية مشاكل مستقبلية مع اسرائيل.
بالنسبة لمؤتمر باريس فهو لضمان استقرار اقتصادنا، وانتم تعرفون جيدا انه عندما نحقق نجاحا في هذا المؤتمر فهذا سينعكس على ايجابا على معدلات الفوائد وغيرها وسيبعث الامل. برايي انا كسعد الحريري رئيس وزراء لبنان انا لست خائفا، انا مطمئن واعتقد ان المجتمع الدولي وقف وقفة كبيرة الى جانب لبنان والخوف غير مبرر.
البلد اليوم هو اكثر استقرارا بعشر مرات عن السابق وهدفي اليوم هو الاقتصاد والاصلاحات، وواجبي اليوم هو بذل جهود مضاعفة فيما يتعلق بتحقيق الاصلاحات والعمل على الاقتصاد وهنا تكمن نقطة الضعف لدينا. نحن بحاجة الى ان نركز على هذا لانه اذا فعلنا ذلك وانجزنا الاصلاحات التي يجب القيام بها وعملنا على القوانين التي تسمح للقطاع الخاص الاستثمار في لبنان، عندها نكون قد ذهبنا الى بر الامان واعتقد ان التفاهم الذي لدينا اليوم يشكل الوقت المناسب لاجراء كل هذه التغييرات فالجميع يعرف حساسية ودقة الاوضاع واهمية ان نتعاون جميعا للوصول الى بر الامان.