أطل رئيس الحكومة سعد الحريري، مساء امس من دارته في الرياض، في حوار مع “تلفزيون المستقبل” أجرته الإعلامية بولا يعقوبيان، تطرق فيه إلى قرار استقالته من رئاسة الحكومة وما تلاه من تطورات ومواقف.
وفي ما يلي نص الحوار:
سئل: دولة الرئيس لماذا قررت اليوم أن تتحدث بعد كل هذا اللغط وبعد كل هذا الوقت، ونراك تستقبل سفراء وتذهب إلى الملك وتسافر إلى الإمارات وتعود، ولكن كأنك معتصم بالصمت ولا تتحدث، لماذا قررت اليوم أن تتحدث؟
أجاب: “أولا كل تركيزي هو على مصلحة لبنان وكنت أرى أنه يوجد خوف على لبنان، وعندما قدمت استقالتي كان ذلك فعليا لمصلحة لبنان واللبنانيين لأنني رأيت أمورا كثيرة تحصل في المنطقة ولبنان وكنت أحذر وأقول وأنصح. وأنا شخص أحاور دائما وأحاول دائما أن أعطي النصيحة للجميع”.
أضاف: “تحدثت كثيرا خلال المرحلة السابقة مع الجميع حول أن ما يحصل إقليميا هو خطر على لبنان، خصوصا أننا نضع أنفسنا في مواقف تعرض لبنان لعقوبات وعقوبات اقتصادية، نعرف انه توجد عقوبات أميركية في مكان، ولكن ما مصلحتنا كلبنانيين في أن نضيف عليها عقوبات عربية؟ لأننا نرى اليوم فعليا تدخلات في اليمن والبحرين من قبل إيران وحزب الله، ما يثقل على اللبنانيين عبء ما يتحملونه. واجبي كرئيس وزراء، واجبي كسعد رفيق الحريري أن أقول الحقيقة دائما، وأنا لست من الأشخاص الذين يواربون الأمور، أنا فخور بالتسوية التي قمت بها ولست متراجعا عنها، وأريد لهذه التسوية أن تنجح، ولكي تنجح يجب أن نلتزم جميعا بالنأي بالنفس وأن نلتزم بأن يكون لبنان مصلحتنا الأولى والأخيرة”.
وتابع: “لست متوجها ضد فريق، لست ضد حزب الله، أنا لست ضده بمنطق أنه حزب سياسي، وهذا ما يجب أن يكون عليه، لكن هذا لا يعني أن يخرب حزب الله لبنان. يجب أن نعرف أن الأحزاب السياسية مسموحة في لبنان، تاريخيا كان هناك أحزاب أكثر بكثير من اليوم، ولكن هل يسمح لهذه الأحزاب أن تلعب دورا خارجيا؟ هل من المنطق أن نتحمل كلبنانيين وزرا؟ لدي تيار سياسي كبير جدا وهو تيار المستقبل، ولنفترض أنني بدأت بالقول أن هذا البلد لا يعجبني وبدأت أقوم بأعمال أمنية وغيرها، أنا لا املك هذه الإمكانيات ولكن لنقل فرضا أنني قمت بذلك؟ هل أكون بذلك أعرض نفسي أو أعرض البلد؟ قررت التحدث لأنه حصل لغط كثير في البلد. هناك لغط لأنني لم أقدم استقالتي وأعرف أنه دستوريا يجب أن أقدم استقالتي وأذهب إلى رئيس الجمهورية وأقدمها”.
سئل: اليوم دولة الرئيس أنا لست قادرة على إقناع أحد أنك لست أسيرا في المملكة العربية السعودية وأنك لست رهينة أو رهن الإقامة الجبرية رغم أنك موجود داخل منزلك، والاعتقاد السائد لدى الأكثرية أن كل كلمة سيقولها الرئيس الحريري ليس لها قيمة، ورئيس الجمهورية أكد على ذلك أكثر من مرة لأنه تحت الضغط ومضغوط عليه وحتى الآن أنا متهمة بأنني مشاركة بمسرحية، لكن لغاية الآن لم أر أي شيء خاطئ، ولكن لا يمكن أن أشهد وأقول انه: مش كل شي بيترتب؟
أجاب: “أنت تعلمين علاقتنا بالمملكة العربية السعودية، وأنا علاقتي إن كان مع الملوك الراحلين أو مع الملك سلمان خاصة الذي يعتبرني كابن له، والأمير محمد بن سلمان الذي يكن لي كل احترام وأنا أكن له كل احترام، هناك أمور كثيرة نتفق عليها وهناك أمور من الطبيعي أن نختلف عليها، ولكن الأساس ألا نعرض لبنان لأمور نحن بغنى عنها”.
سئل: أين الاحترام بطريقة الاستقالة دولة الرئيس؟ لا أحد اقتنع بالطريقة التي تركت بها بيروت، والانطباع وكأنك غدر بك، وكأنك كنت قادما إلى هنا لتحل مشاكلك لكن غدرت؟
أجاب: “أنتم تذكرون أنني جئت أول مرة وثاني مرة، وهناك معطيات اكتشفتها، واكتشفتها في آخر زيارة. اكتشفت أننا متجهون إلى مكان أريد أن أنقذ البلد منه. أنا لا تهمني حياتي وأنتم تعلمون أن سعد الحريري يضحي بحياته، فأنا اذا مت لا يهمني ولكن يهمني البلد. ورفيق الحريري مات وكان همه البلد، وسعد الحريري اذا حصل له شيء ليس مهما، فالبلد سيكمل ولكن المهم أن يبقى بخير. ومهمتي الأساسية الحفاظ على البلد”.
سئل: من العقوبات؟
أجاب: “من كل شيء”.
سئل: تم اغتيال الرئيس رفيق الحريري وأنت أتيت لتكمل مساره، اليوم هناك انطباع في لبنان وكأن هناك اغتيال للبلد؟
أجاب: “نعم هناك اغتيال للبلد وتهديد أمني لي شخصيا. الاغتيال الأمني هو جزء ولكن فعليا هناك مسألة حماية لبنان وأنا أريد أن أحمي لبنان”.
سئل: ولكن كأن السعودية تمارس في لبنان ما تمارسه إيران؟
أجاب: “غير صحيح”.
سئل: اليوم اغتيال لبنان تهديد مباشر من السعودية ومن بعض الدول التي تقول للبنان إما أن تفكوا الارتباط مع حزب الله أو أنكم تحت العقوبات، يمكن تجويع اللبنانيين، وهناك رفض لبناني لذلك وهناك التفاف حولك من قبل كل اللبنانيين؟
أجاب: “ما حدا بجوع اللبنانيين. المملكة العربية السعودية تحب بيروت ولكن لن تحب بيروت أكثر من حبها للرياض، وكأي دولة خليجية أو عربية تحب لبنان. ولكن إذا كان لبنان جزءا وهناك فريق في لبنان يحاول أن يضرب الاستقرار الخليجي، فهل الدول ستحب بيروت أكثر مما نحبها نحن، وكيف باستطاعتي أن أنبه الناس؟ لقد سبق ونشر حديث عني بأنني سأستقيل منذ حوالي الشهرين أو ثلاثة أشهر، وأنا نفيت هذا الأمر، ولكني لست من الأشخاص الذين يحاولون أن يستقيلوا أو يتحدثوا عن الاستقالة من اجل ان يبتزوا، فإذا رغبت بالاستقالة أستقيل، وأنا اليوم استقلت. هناك إجراءات دستورية يجب القيام بها، نعم هذا صحيح، ولكني سأذهب إلى لبنان وسأعود في القريب العاجل وسوف أقوم بالإجراءات الدستورية التي يفترض أن أقوم بها”.
سئل: متى ستعود إلى بيروت؟
أجاب: “اللبنانيون جميعا يريدون أن يعرفوا ماذا يحصل، وأنا قدمت استقالتي وأعرف أنها ليست هي الطريقة المعتادة التي يستقيل بها أي رئيس حكومة، ولكن كان يفترض بي أن أقوم ببعض الإجراءات التي هي لمصلحتي من اجل أن أتمكن من العودة في أي وقت إلى لبنان”.
سئل: هل أنت من كتب بيان الاستقالة؟
أجاب: “نعم أنا من كتب البيان، وأنا أحببت أن أحدث صدمة إيجابية من أجل أن يعرف اللبناني كم نحن في مكان خطر، لأننا لا نستطيع أن نكمل بطريقة نقول فيها مثلا أننا نريد أن ننأى بأنفسنا، وفي نفس الوقت نقول أننا ضد أو نرى فريقا في لبنان متواجدا في اليمن أو في أماكن أخرى، أو ننجر إلى علاقات مع النظام السوري، وهذا موضوع لن أقوم به، وسبق أن حذرت منه في المرة الأولى وأيضا في المرة الثانية والثالثة ولم الق تجاوبا، ولذلك كنت حريصا جدا على مصلحة اللبنانيين. وكل ما قمت به خلال السنتين كان على حسابي الشخصي، ولو أردت أن أكون مثل كل السياسيين الباقين لكنت بقيت في بيتي أصرخ ولا أنظر إلى مصلحة البلد. عندما أقوم بهذا الأمر فإني لا أقوم به من دون سبب، ولا كأني أرمي حجرا في الماء ولا اعرف أين ستذهب. ما أقوله للبنانيين: نعم قد يكون الأفضل أن أعود إلى لبنان، ولكن كان هناك خطر وأردت القيام بإجراءات أخرى، وارتأيت أن هذه المرحلة يجب أن أقوم بشيء وأحدث صدمة إيجابية”.
سئل: هل زال الخطر في أسبوع؟
أجاب: “لم يزل، انا دائما مهدد والنظام السوري لا يريدني، فقد وقفت بوجه داعش والنصرة والقاعدة وفي مراحل واجهتنا تحديات كبيرة مع حزب الله وما زلنا، هناك الكثير من الافرقاء الذين لا يريدون سعد الحريري. لذلك يجب ان اتخذ اجراءات واضع شبكة امان وادرس وضعي الامني بشكل اعرف من خلاله انني لست مخترقا. الجميع يعلم انني مررت بمرحلة مالية صعبة، الان ادقق بالجميع، واريد ان اتأكد انه ليست لدي اية خروقات. كما اعمل على زيادة العديد الأمني لدينا، ونتكلم مع شعبة المعلومات في هذا الخصوص وستعقد اجتماعات مع الامن الخاص والجيش حتى اعود الى لبنان”.
سئل: تتكلم بآجال مفتوحة، فاي تأخير يعني انت غير حر بتحركاتك؟
أجاب: “انا في المملكة، واذا اردت ان اسافر غدا اسافر، انا لدي عائلة ويحق لي ان احافظ عليها”.
سئل: عائلتك موجودة هنا؟
أجاب: :بالتأكيد موجودة هنا، وانا رأيت ما جرى لي عندما استشهد والدي، ولا اريد ان يعيش اولادي الامر نفسه، يجب ان تسمحوا لي بان اعطي نفسي الوقت اللازم لأؤمن نفسي، وانا هنا لا اتكلم عن فترة اسابيع او اشهر بل اتكلم عن أيام واعود الى لبنان، وهذا الموضوع محسوم لدي”.
سئل: ايام وتعود الى لبنان؟
أجاب: “ان شاء الله”.
سئل: هناك مشهد في لبنان غير مسبوق، هناك تسونامي اسمه الحريري في البلد، والناس تسأل، هناك شيء مريب، ورؤساء دول لم يتمكنوا من الإجابة عن ما يجري؟
أجاب: “واجبي ان احمي جميع المواطنين، السني والشيعي والدرزي والمسيحي وكل اللبنانيين، لذلك يجب ان اؤمن الحماية لنفسي واعمل في السياسة، ونحن كعرب نعرف انه لا يمكن ان نؤذي بعضنا، فان يطال صاروخا مدينة الرياض ليس امرا عاديا، وان يتواجد فريق لبناني في اليمن امر غير طبيعي، اعرف ان ذلك ليس جديدا، وقد حذرت منه، كل الكلام الذي احاول ان قوله والذي اوجهه للافرقاء اللبنانيين جميعهم، هو انه يجب علينا حماية لبنان واستقراره، وهذا الامر يشكل أساسا بالنسبة للملك وللامير محمد وكذلك الديمقراطية والحريات”.
سئل: هل هناك تهديد بعقوبات اقتصادية؟
أجاب: “لماذا يتم التهديد؟ لان هناك فريقا لبنانيا يقوم باعمال، وهم لا يهددون من دون سبب، متى السعودية هددت لبنان؟
سئل: هناك سعودية جديدة اليوم؟
أجاب: “أكيد هناك سعودية جديدة، وموجود فيها الحب للبنان اكثر، انما الفرق اليوم هو ان السعودي يموت، وهناك لوم على لبنان وعلى فريق لبناني، وهناك صواريخ تقع على الاراضي السعودية، لن اسمح لاحد ان يقوم بحروب اقليمية لحسابات اقليمية على حساب لبنان، وموقفي واضح بهذا الموضوع”.
سئل: الصحافة الاسرائيلية تقول ان السعودية تدفع لاسرائيل لتشن حربا على للبنان؟
أجاب: “معروفة إسرائيل والجميع يعرف كم هي صديقة للبنان والسعودية وللدول العربية!!! نعرف الألاعيب الاسرائيلية، الم نتعلم منها؟ البعض يقول ان السعودية تتكلم مع اسرائيل لتقوم بذلك، فلنكن عقلاء ومنطقيين، في تاريخ العرب والسعودية كله لم يحدث هكذا، عام 2006 عندما شنت إسرائيل حربا على لبنان من هي اكثر دولة ساعدت لبنان؟ اليست السعودية؟ نعم هناك سعودية جديدة تختلف عن القديمة، التي لم يكن يأتي لها شيء من اليمن ولم يكن هناك أيضا تدخلات في الداخل السعودي من قبل ايران. اليوم المشكلة ان هناك دولة اسمها ايران تتدخل في الشؤون العربية والسعودية قالت ذلك، وقالت انها تريد افضل العلاقات مع ايران، لكن لتكف عن التدخل بشؤون الدول العربية، لماذا هم غير مستعدين ليحاوروا السعوديين؟ لا اريد ان اتحدث باسمهم ولا امثل مصالحهم في لبنان، لدي مصلحة لبنان فقط لا غير، ولكن في الوقت عينه ارى انه يمكن ان يذهبوا بنا الى مخطط محوري ويضعوا لبنان من خلاله في محور ما ضد اخواننا العرب، اسال لماذا؟ ولماذا لا انبه اللبنانيين من ذلك”؟.
سئل: ما مصير البلد اذا قرر اليوم سعد الحريري ان لا يتحمل هذه المسؤولية؟
أجاب: “سعد الحريري سيتحمل هذه المسؤولية، وسعد الحريري راجع الى البلد”.
سئل: ستأتي الى البلد لتؤكد على استقالتك؟
أجاب: “سأعود الى البلد لان هذا البيت الذي يسمى بيت الحريري هو الذي يجمع اللبنانيين، وانا مستعد ان اضحي من اجل اللبنانيين، لكن سأضحي بشروط، اضحي وعلى الجميع ان يضحي، ليس من المعقول ان يقوم سعد الحريري وحده بتسويات والاخرين يكملون كما يريدون، الم تكن كل هذه التسويات على حسابي عندما قمت بها؟ الم اخسر شعبيا امام الناس عندما قمت باول اقتراح والثاني؟ ماذا حصل بشعبيتي، عندما اقوم بتسوية اريد المحافظة عليها وكلنا يجب علينا ان نحافظ على هذه التسوية، ولكن هذه التسوية تتضمن النأي بالنفس وعدم الانحياز. النأي بالنفس يعني ان لا نتدخل بالدول الاخرى، والنأي بالنفس هو انه عندما ياتي النظام السوري ليربحنا جميلة بشيء ما لا نفتح حوارا معه، النأي بالنفس يعني النأي بالنفس ونقطة على السطر”.
سئل: ولكن هذه التسوية تمت مع الجنرال ميشال عون الذي صار رئيسا للجمهورية، حزب الله هو من يقرر النأي بالنفس ام لا، اي اليد الضاربة لايران في المنطقة من لبنان الى كل الاماكن باعتراف حزب الله؟
أجاب: “ولكن على حزب الله ان يعرف بالنسبة له اذا كان لبنان مهما ام لا، ان لم يكن لبنان مهما لنقل الامور كما هي، هل مصلحة لبنان العليا ان نخرب علاقاتنا مع كل العالم؟ ام ان مصلحة لبنان العليا هي ان نحافظ على كل علاقاتنا مع كل العالم”؟.
أضاف: “اذا اردنا الاستقرار في لبنان الا يجب علينا المحافظة على علاقاتنا مع الدول الغربية والعربية والاسيوية وكل الدول؟ هذا واجبنا، هذا من البديهيات في السياسة، ولذلك اقول نعم انا قدمت استقالتي لاحداث صحوة، ولم آت لأعادي أحدا”.
سئل: ولكن كانت لهذه الصحوة وما حصل بعد استقالتك ردة فعل لبنانية عفوية، فقد وضع اللبنانيون صورك، واشخاص ربما لم يكونوا معك صاروا يتحدثون عنك بعاطفة كبيرة جدا، واصبح التعاطي مختلفا اكان في تيارك وغير تيارك؟
أجاب: “نقطة ضعفي هي الناس، وعندما اكون في اسوأ مراحل في حياتي وارى الناس اشعر بسعادة كبيرة، وانا اريد ان اشكر كل شخص وكل لبناني ولبنانية من كل الاطراف السياسية الذين يريدون عودة سعد الحريري، وسعد الحريري سيعود وسيتحدى. سعد الحريري لن يترك البلد وسيعود الى لبنان قريبا جدا. وهذا الاجماع الذي حصل في لبنان على سعد الحريري، ليس لان سعد الحريري هو افلطون في السياسة، ولكن لانه يقول امرا واحدا وهو لبنان اولا، ونحن يجب دائما ان نفكر بلبنان اولا، ويجب ان نضع لبنان باعيننا، احيانا اذهب الى دول ارى انهم يغارون على مصلحة لبنان اكثر من اللبنانيين، لماذا؟ لماذا نحن اللبنانيين نريد تعذيب انفسنا لماذا”؟.
سئل: كيف يمكن أن تستمر العلاقة بينك وبين الرئيس ميشال عون وأين أصبحت التسوية؟
أجاب: “الرئيس عون هو أكثر شخص متمسك بالدستور، وهناك أمور دستورية يجب القيام بها، وهذا أمر يجب أن نحترمه لأننا جميعا تحت سقف القانون وتحت سقف الدستور، وإذا خرجنا عن الدستور وعن القانون عندها من حق الرئيس عون الدستوري أن يقبل أو لا يقبل. ومن حقه الدستوري أن أذهب إليه وأقدم له استقالتي وهذا أمر لا يجب أن أنكره وهو حق وعرف، وحتى في أيام الحرب الأهلية كانت الأمور تسير بهذا الشكل. ولذلك الرئيس عون معه حق أن يفكر بأنه يجب أن أعود إلى لبنان وأقدم الاستقالة له. وفي موضوع العلاقة معه، فإن علاقتي معه أعتبرها دائما ممتازة، وأنا دائما كنت فخورا بها، وعندما أعود إلى لبنان سيحصل حوار طويل عريض مع فخامة الرئيس في أمور عدة وفي كيفية إكمال التسوية بيننا. ولكني أتساءل: خلال هذه التجربة التي خضناها وهي عشرة أشهر، هل حصل فعليا نأي بالنفس؟ وهل نحن كأفرقاء سياسيين نأينا بأنفسنا؟ الجواب كلا. ولذلك علينا مجددا تصويب الأمور، نحن وفخامة الرئيس، من أجل أن نصل إلى النأي بالنفس الذي أقريناه في البيان الوزاري لنيل ثقة البرلمان اللبناني”.
سئل: كيف يمكن الحصول على موافقة حزب الله على هذا الأمر؟
أجاب: “هناك دور لفخامة الرئيس يمكن أن يلعبه في هذا الأمر، ويمكن أن ألعب أنا أيضا دورا كبيرا في هذا الموضوع، ويجب أن يكون هناك حوار واضح وصريح في هذا الشأن. وكل ما أقوله هو أنني أريد حماية كل اللبنانيين، وهنا أتوجه لهؤلاء الذين ينادون بعودة سعد الحريري إلى لبنان، سعد الحريري راجع، وأنا أشكر كل واحد وواحدة منهم لأن قلبي كبر فعلا حين شاهدت أننا كلبنانيين لدينا امل في أن نكون جميعا مع بعضنا البعض، ولكن يجب أن نكون جميعا مع بعضنا البعض بالفعل وليس من اجل سعد الحريري. سعد الحريري إنسان والأعمار بيد الله سبحانه تعالى، لكن البلد هو المهم. كل الدول تعمل لمصلحة من؟ لمصلحة دولها أو لمصلحة رئيس أو رئيس وزراء؟ يعملون لمصلحة الدولة نفسها والشعب والكيان الموجود، وهذا ما يجب أن نقوم به”.
سئل: قرأت في بعض الصحف الأجنبية أن الرئيس الحريري لم يكن يرضى القيام بالمصلحة السعودية في لبنان لذلك تم إكراهه على هذه الاستقالة، هل المصالح السعودية تتعارض مع المصلحة اللبنانية في هذه اللحظات؟
أجاب: “لم يطلب مني مرة أن لا أسير بالنأي بالنفس، بالحياد، لماذا لسنا محايدين؟ ألسنا دولة صغيرة”؟.
سئل: الجميع يتدخل بها؟
أجاب: “لا، من يتدخل بها؟ السعودية لا تتدخل. منذ أصبحت رئيسا للوزراء وحتى اليوم لم تتدخل السعودية معي”.
سئل: الآن هذا تدخل فاضح، قد تكون الناس قد نسيت الممارسات الإيرانية وتذكرت الآن آخر فصل. هدوء كامل على جبهة حزب الله وخطابات هادئة لنصرالله؟
أجاب: “ما كان يحاك للبلد هو أن ندخل في محاور. ألم يقل الرئيس الإيراني حسن روحاني قبل أسابيع أن ما يحصل في لبنان أو سوريا أو العراق أو اليمن يأتي بقرار إيراني”؟.
سئل: ولايتي زارك وخرج معلنا الانتصار من عندك هل كان هذا سببا كما قيل أدى إلى الاستقالة؟ وقيل أنه جرى حديث بينك وبينه، هل صحيح أنه نقل لك تهديدا؟
أجاب: “لا لم يكن هناك تهديد، كان هناك كلام واضح مني أن التدخلات الإيرانية في البلاد العربية غير مقبولة، ونقطة على السطر. لا يمكننا أن نكمل في لبنان بتدخل إيران في الدول العربية وفريق سياسي يتدخل معها. نقول لحزب الله نحن مع دورك السياسي، أنا مع الشيعة والسنة والمسيحيين والدروز وكل الطوائف، أنا أمثلهم جميعا ونريد مصلحة لبنان، لذلك مصلحتنا في أن نتوحد ويكون لدينا وحدة وطنية، ومصلحة لبنان ليست لا في محور من هنا ولا محور من هناك. السعودية عندما تأتي إلى لبنان تساعد اقتصاديا وإنسانيا وبالكهرباء والماء والاتصالات، أما الآخرون فماذا يفعلون؟ ما التقديمات التي قدموها في اليمن وسوريا؟ هل هناك مثلا محطة كهرباء بنيت”؟.
سئل: ساهموا بتحرير لبنان؟
أجاب: “متى تحرر لبنان؟ في العام 2000، وكان النظام السوري يومها في لبنان، وكان اللبنانيون موحدين جميعا مع المقاومة وضد إسرائيل. وعندما اعتدت إسرائيل على لبنان في العام 2006 وقامت بالجرائم التي قامت بها، فإن السعودية ساعدت لبنان. السعودية تقول دائما ضعوا مصلحة لبنان واستمروا في النأي بالنفس لأنه يوجد صراع إقليمي بين دول عربية وبين إيران، ونحن أصغر منه بكثير. لماذا نضع أنفسنا في الوسط؟ نحن في عين العاصفة، لدينا داعش والنصرة والقاعدة والنظام في سوريا، ونريد التدخل في أماكن أخرى؟ لماذا”؟.
سئل: وضع البعض استقالتك على أنها تجنيب للبنان الرسمي العسكري والجيش والمؤسسات أي ضربة إسرائيلية مقبلة، بمعنى أن يكون حزب الله في مواجهة إسرائيل وفيما لبنان في مكان آخر، لأن كل التهديدات الإسرائيلية تقول أن كل لبنان صار هدفا بعدما حصلت وحدة بين هذا الحزب وباقي الدولة اللبنانية؟
أجاب: “لم تكن توجد لا وحدة ولا شيء، توجد اختلافات وجذرية مع حزب الله وضعناها جانبا لمصلحة البلد، لكن كان يوجد موضوع النأي بالنفس الذي لم يحترمه أحد”.
سئل: وقعتم جميعا على إعلان بعبدا وبعدها صار حبرا على ورق؟
أجاب: “هناك في البيان الوزاري كلام واضح وصريح، يوجد نأي بالنفس وهذا النأي بالنفس الذي اخترعه يومها الرئيس نجيب ميقاتي ولم يحصل في أيامه. ما أقوله ليس من باب التهديد بل من باب النصيحة، ولكي أقول أن هذه الصدمة الإيجابية التي قمت بها يجب أن تكون لمصلحة لبنان واللبنانيين، هناك 300 إلى 400 ألف لبناني يعيشون في دول الخليج وهناك لبنانيون يعيش أيضا في أوروبا، إذا وضعنا أنفسنا في محاور ماذا سيحصل بهؤلاء اللبنانيين؟ ألست مسؤولا عن اللبنانيين الذين يعيشون هنا؟ ألست مسؤولا عن اللبنانيين الذين يعيشون في أوروبا؟ أنا كرئيس حكومة ألست مسؤولا عن أن تكون لدينا أفضل العلاقات؟ وكما سبق أن قلت، السعوديون يحبون بالتأكيد بيروت إلا انهم لن يحبوها أكثر من حبهم للرياض”.
سئل: قلت أن التسوية لم تنته وأنت متمسك بها. والبعض يرى أن الطائف كله نسف وهو الطائف الذي رعته المملكة العربية السعودية ووضع حدا للحرب الأهلية اللبنانية، فليس الأمر فقط انقلابا عليه وإنما دخلنا دستوريا في زمن آخر؟
أجاب: “لا، لذا سأعود إلى بيروت وأقوم بكل الخطوات الدستورية فيما يخص استقالتي”.
سئل: أي أنك ستعود وتؤكد عليها؟
أجاب: “نعم”.
سئل: وبعدها ماذا؟
أجاب: “بعدها ندخل بمفاوضات”.
سئل: مفاوضات مع من؟
أجاب: “مع كل الأفرقاء السياسيين، وإذا أردنا التراجع عن الاستقالة يجب أن نحترم النأي بالنفس ونخرج من التدخلات التي تحصل في المنطقة. هذه أمور لا يمكن للبنان تحملها”.
سئل: هل ستعود وترشح نفسك لرئاسة الحكومة؟ وأي حكومة؟ حكومة كالحالية أو حكومة من دون حزب الله؟
أجاب: “نحن لدينا انتخابات في أيار ونرى عندها”.
سئل: يعني ستكون رئيس حكومة تصريف أعمال خلال هذه الفترة، ولكن حتى تصريف الأعمال لا يمكن أن يتم من الرياض؟
أجاب: “أنا اعمل بإيجابية كما كنت دوما، ولم أقم بهذا الأمر إلا من أجل إحداث صدمة إيجابية في البلد. لذلك عندما أعود إلى لبنان، أريد أن يكون الحوار إيجابيا لمصلحة اللبنانيين ومصلحة العرب، ومصلحة العرب تكمن في علاقات لبنان بهم، فكيف نتصرف مع إخواننا العرب في المنطقة”؟.
سئل: هناك بصماتك في بيان كتلة المستقبل بالأمس، وهو تحدث أيضا عن هذه العلاقات وعن الحملات التي تستهدف المملكة العربية السعودية وقيادتها وقد جددت الكتلة الرفض القاطع للتدخل الإيراني، ولكن هناك أمر لافت في نهاية البيان وهو انتظارك بفارغ الصبر لعودتك إلى لبنان؟
أجاب: “بالتأكيد، لأنني رئيس الكتلة ورئيس التيار ورئيس الوزراء. لذلك بالتأكيد يريدونني أن أعود”.
سئل: هناك آلاف الأسئلة للناس وسأحاول أن اطرحها عليك؟
أجاب: “اسألي ما تريدين”.
سئل: لم يتغير شيء بين هذه المقابلة وسابقاتها، فأنت تقبل أن تأخذ أي سؤال، وهذه المرة الأمر نفسه وانا أشهد على ذلك في كل حال؟
أجاب: “واجبي أن أجيب الناس وأن أكون صريحا وصادقا معهم”.