ما الذي يجعل «القوات اللبنانية» تلوّح اليوم بالاستقالة من الحكومة؟ وهل ستقدم على هذه الخطوة ام ان الكلام عنها هو في اطار الضغط والتهويل على بعض مكونات الحكومة؟
ليس مستغربا ان تجنح «القوات» الى الجهة المعارضة في الحكومة بعد ان اصيبت بخيبة امل من نتائج تفاهمها حتى الان مع التيار الوطني الحر وبعد ان شعرت ان حليفها التقليدي الرئىس سعد الحريري صار تحالفه مع التيار اقوى واشدّ.
وبغض النظر عن المبررات او اسبابها الدستورية المعلنة من مسألة قطع حساب الموازنة فقد كان امتناعها عن التصويت لصالح الموازنة مؤخرا اقرب الى الطرف المعارض من الموالاة. وتلاقى موقفها بطريقة او بأخرى مع الكتائب بدلا من ان يكون منسجما مع الحكومة.
وفي معرض الكلام عن سلوك «القوات» في الاتجاه المعاكس يقول مصدر سياسي مقرب منها، انه ضاق صدرها مؤخرا نتيجة التراكمات في تردّي العلاقة مع التيار الوطني الحر وتجاهلها في ملفات وقضايا عديدة. لا بل ان التيار ذهب الى حدود تجاهل العلاقة معها في ملف التشكيلات الديبلوماسية والقضائىة والتعيينات الادارية مستحوذا على حصة الاسد للمراكز المسيحية.
ولم يكن هذا الملف هو السبب الوحيد في التباعد الحاصل بين الطرفين، فالاستحقاق الانتخابي شكل ويشكل مادة خلافية اساسية بين الطرفين بعد ان تبيّن ان هناك ترشيحات متبادلة في بعض المناطق تؤشر الى صراع ومنافسة حادة محتملة بينهما في هذه المناطق.
وبرأي المصدر ان «القوات» تأخذ على « الوطني الحر» وضع تفاهمها في الدرجة الثانية او الثالثة بعد تفاهمه الاول مع حزب الله والثاني مع المستقبل.
ولذلك تريد ان توجه رسالة قوية من الآن اليه والى بعض الاطراف الاخرى قبل ان يغرق الجميع بعد شهر او شهرين في ورشة التحضير للمعارك الانتخابية.
والسؤال المطروح هل ستستقيل وزراء «القوات» من الحكومة ام ان موقفها الاخير هو مجرد ممارسة ضغوط على الرئىس الحريري والتيار الوطني الحر في آن معا للقول «انا هنا» ولا يجوز تجاهلها؟
يقول مصدر نيابي في كتلة القوات لـ «الديار»: ان قيادة القوات لم تتخذ حتى الآن قرارا بالخروج من الحكومة وان موقفها الاخير ليس طارئا او يندرج في اطار التهويل والضغوط، ولكن اذا وصلنا الى وضع معين يدفعنا الى اتخاذ مثل هذه الخطوة فسنقدم عليها، ولقد كان موقفنا واضحاً في اطار توصيف هذا الوضع وفيه على سبيل المثال ذهاب الحكومة الى التطبيع مع النظام السوري، او تجاهلنا كمكون سياسي اساسي داخل وخارج الحكومة في التعاطي مع بعض القضايا والملفات المهمة مثل محاولة الخروج على الاصول في مشروع الكهرباء الذي يجب ان لا يخرج عن قرار ادارة المناقصات.
ويضيف المصدر «لن نبقى في الحكومة اذا شعرنا اننا تحولنا لمجرد طرف يطلق الصرخة او الصوت عاليا ولا يلقى اي تجاوب. عندما نتحول الى مجرد طرف يدلي بتصريحات ومواقف دون جدوى، او الى شاهد زور داخل الحكومة فاننا لن نتوانى عن الخروج منها».
ويوضح المصدر «القواتي»: «اذا ما وجدنا ان الامور تسير على نحو يخالف اسس مشاركتنا في الحكومة، فاننا نفضل ان لا نبقى فيها. صحيح ان استقالة وزراء القوات لم تطرح بعد، لكن مثل هذا الامر سيحصل عند اللزوم، ولا شيء سيبقينا في الحكومة اذا ما جرى تجاوز للاصول وللعبة الديموقراطية المعقولة».
هل من اسباب هذا التلويح بالاستقالة التعيينات الادارية والتشكيلات الدبلوماسية والقضائية؟ يجيب المصدر «هذا الملف موضوع آخر، ولا دخل له بموقفنا المعلن بشأن مستقبلنا في الحكومة، ونحن في الاصل لم ندخل اليها من اجل مكاسب ومواقع في مثل هذه التعيينات التي لها حكاية اخرى».
ويحرص المصدر على عدم الدخول في الحديث عن هذا الموضوع او موضوع الانتخابات والعلاقة مع التيار في شأنهما. لكنه لا يخفي انزعاجه مما حصل ويحصل في شأنهما، مبدياً في الوقت نفسه حرصه على القول ان موقفنا الاخير في شأن الحكومة واضح وهو متعلق بالاسباب التي اوردناها علنا ولا شيء آخر.
وفي الخلاصة يمكن القول ان «القوات اللبنانية» لم تضع بعد موضوع استقالتها من الحكومة على الطاولة، لكنها في الوقت نفسه ارادت توجيه انذار للاخرين بأنها لن تتأخر في الاقدام على خطوة استقالة وزرائها اذا ما وجدت نفسها محاصرة او مستبعدة.