واشار المرجع الى انّ المتبقّي من مهلة الشهر لنشر القانونين كما تحدد المادة 57 من الدستور، هو نحو 10 ايام، وبالتالي سيتم نشر القانونين في وقت قريب جداً.
فوائد الحوار
ومع انتهاء الحوار وبروز مؤشرات توحي بأنّ معالجة الشوائب في القانونين ستتمّ من خلال اقتراحات قوانين معجلة مكررة، بات السؤال: ما هي الفوائد التي خرج بها الحوار؟
الاجابة لا ترتبط بنتائج حوار الأمس حصراً، والّا لأمكن الاستنتاج انه حوار بلا فوائد، لأنّ المواقف كانت معروفة وتكررت. لكن أهمية الحوار انه شكّل سابقة في جمع طرفي الانتاج مع السلطة التنفيذية لمناقشة ملفات اقتصادية.
وهذا الامر يعطي انطباعاً ايجابياً حول جدية رئيس الجمهورية في إعطاء الاولوية لمعالجة الملفات المالية والاقتصادية، ويؤشر الى خطورة الوضع المالي والاقتصادي في آن، والذي دفعه الى تنظيم هذا الحوار.
وبالتالي، ما سيجري ما بعد الحوار هو الأهم، اذ انّ المشكلة ليست في السلسلة ولا حتى في الضرائب، بقدر ما هي في الفساد والمال العام السائب. واذا كان احد المشاركين الكبار في الحوار اشار الى انّ التهرّب الضريبي يبلغ نحو 4,2 مليارات دولار سنوياً، فهذا قد يعطي فكرة عمّا تحتاجه الدولة لمعالجة أزمتها الاقتصادية والمالية بدلاً من البحث عن الايرادات في جيوب الفقراء.
وكان عون ترأس جلسة الحوار، في حضور رئيس الحكومة سعد الحريري وعدد من الوزراء وشخصيات نقابية وممثلين عن الهيئات الاقتصادية والمصرفية وحاكمية مصرف لبنان. وساد نقاش هادىء أدلى فيه كل طرف بدلوه، وانفضّ الاجتماع من دون ان يسدّ فجوة التباين القائمة حول السلسلة بين المؤيّدين لها والمعترضين عليها، على ان يتّخذ عون قراره في ما خصّ نشر القانونين في الجريدة الرسمية في الساعات المقبلة.
وقالت مصادر بعبدا لـ«الجمهورية»: «كان اللقاء ناجحاً بكل المعايير وحقق الأهداف التي أرادها رئيس الجمهورية منه في مواجهة الترددات التي تركها الإنقسام حول قانوني الضرائب والسلسلة».
واشارت الى انّ المشاركين أبدوا آراءهم بشكل هادىء وهادف في آن. فكان حواراً مسؤولاً وسجّل الجميع ملاحظاتهم بإيجابية، حيث جمعت الملاحظات في تقرير شامل ومُبَرمج وفق جدول خاص، ما مَهّد التوصّل الى مخارج دستورية وقانونية لتصحيح بعض الأخطاء التي ظهرت في بنود القانونين بهدف التصويب وسدّ الثغرات التي لم تكن ملحوظة بكامل نتائجها».
ولفتت المصادر الى انّ مهمة ترجمة نقاط التفاهم أوكلت الى لجنة ثنائية ضمّت وزير المال علي حسن خليل ورئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان اللذين انتقلا فور انتهاء اللقاء الى وزارة المال، حيث عقد اجتماع عمل انتهى مساء بوضع العناوين العريضة لمشاريع واقتراحات القوانين التي تم التوافق بشأنها، ونقل كنعان الى عون مساء الحصيلة النهائية لما تمّ التفاهم بشأنه.
وقالت المصادر: «التعديلات على قانوني السلسلة تناولت 6 بنود أساسية شكّلت نقاط ضعف دستورية وقانونية في القانونين، وباتت معروفة وتتصِل بصناديق التعاضد وما يمسّ الإزدواج الضريبي ومطالب القضاة والضباط المتقاعدين لوَضع حَدّ لكل مظاهر الإحتجاج، ومن أجل مزيد من العدالة الضريبية وحماية ذوي الدخل المحدود والمتوسط».
وقائع الحوار
وحصلت «الجمهورية» على ملخّص عن محضر الحوار الذي استهلّه عون بكلمة، أشار فيها الى التناقضات التي ظهرت حول السلسلة مشدداً على انّ هناك مطالب محقّة ستُحترم، وما نسعى إليه هو تعديل بعض الأخطاء. وقال: «هذه المرة الاولى التي تجلسون فيها معاً وتقومون بعرض وجهات نظركم، وهي تجربة ديموقراطية».
الحريري
ردّ الحريري: «إنها حكومة استعادة الثقة، وما يحصل اليوم اساسي وضروري ويمكن ان نقول انه من المرّات النادرة التي نجلس فيها على طاولة واحدة بمختلف قطاعاتنا ونتحدث بهدوء. الامن والاستقرار اساسيان لأي اقتصاد. ولقد أقرّينا جملة إصلاحات وليس فقط السلسلة، وأنا حريص الآن على القطاع الخاص تماماً كحرصي على القطاع العام.
الحكومة ملتزمة بما أقرّ في مجلس النواب، وهناك جلسة تشريعية الاربعاء وفي جدول اعمالها بند مهم جداً له علاقة بالشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص من شأنه ان يريح الوضع المالي اكثر. نحن مع إقرار السلسلة لأنها إنجاز لكن علينا ان ندخل بعض الاصلاحات عليها، خصوصاً تلك الامور التي تمّت بتسرّع.
حكومتنا هي حكومة استعادة الثقة وستمضي بالسلسلة والاصلاحات والضرائب، وستقوم بتعديل الثغرات والملاحظات والاقتراحات التي برزت في لقاء اليوم. هذا الحوار هو بداية، وأعدكم بأنّ الحكومة ستكون مستعدة دائماً للاستماع الى كل القطاعات».
عون: «البلد يعاني صعوبات كثيرة وكان ضرورياً ان نجلس هنا ونتحاور لمعالجة هذا الملف». وتحدث طويلاً عن الفساد وقال: «نسمع كل يوم بفضيحة فساد لكن لا احد يضع إصبعه على المكامن كي يتسنى لنا متابعتها.
فثقافة الفساد حتى الآن تغلب ثقافة الاصلاح، ووعدتُ في خطاب القسم ان أضع خطة اقتصادية لكنّ الاحداث توالت بنحو مُتسارع وكانت تأخذ وقتاً طويلاً، وما زلت مصمماً على هذا الامر».
ثم أعطى عون الكلام للحاضرين مخصّصاً 5 دقائق لكل منهم، وجاءت مداخلاتهم كما يلي:
– الأب بطرس عازار (إتحاد المدارس الكاثوليكية) رفضَ السلسلة بشكل كامل وقاطع، وتوجّه الى الحاضرين قائلاً: انا اقول لكم من الآن انّ كل المدارس التي يبلغ عدد تلامذتها من 600 طالب فما دون ستُفلس، لأنها لن تستطيع ان تتحمّل أعباء السلسلة وأكلافها.
– جوزف طربيه (رئيس جمعية المصارف): من حيث المبدأ لسنا ضد السلسلة، ولكننا مع تمويلها بطريقة سليمة. أكبر قلق لدينا واحتجاج هو ما نعتبره غير قانوني وغير دستوري، هو موضوع الضريبة المزدوجة على المصارف، اي ان ندفع الضريبة مرتين على نفس الأصل، والذي هو عدم تنزيل الفائدة من أرباح المصارف.
اي اننا ندفعها مرتين، مرة فوق ومرة تحت. لسنا ضد السلسلة من حيث المبدأ، والأهم بالنسبة الينا انه في اي حال من الحالات لا يكون لها مفعول رجعي.
– رودولف عبود (نقيب المعلمين في المدارس الخاصة): نرفض رفضاً قاطعاً اي محاولة لفصل التشريع بين التعليم في القطاع الرسمي والتعليم في القطاع الخاص.
– نقولا شماس (رئيس جمعية التجار): رفضَ السلسلة، وطالبَ بردّها الى مجلس النواب.
– صلاح عسيران (رئيس اللجنة الاقتصادية في غرفة بيروت وجبل لبنان): السلسلة حق، فضلاً عن أنها مصلحة وطنية لأنها تضخ في الاقتصاد كتلة نقدية مهمة وتساهم في إعادة إنشاء الطبقة الوسطى في لبنان، شرط ان يعمل على ضبط الانفاق وضبط التهرّب الضريبي.
وألفتُ النظر الى انّ موضوع التقاعد ربما يكون غير مدروس دراسة كافية، وارى ضرورة ملحّة لإحياء لجنة المؤشر، لأنه لو كانت هناك لجنة مؤشّر لَما وصلنا الى ما وصلنا اليه اليوم في موضوع السلسلة، إذ مع وجود هذه اللجنة تُزاد الرواتب سنوياً وفق مؤشّر الغلاء، ولما كنّا أمام عبء دفع الزيادات.
– بشارة أسمر (رئيس الاتحاد العمالي العام): نتمنى توقيع السلسلة سريعاً وفي أقرب وقت، ونرفض زيادة الضريبة على القيمة المضافة، والصفقات والسمسرات، وندعو الى العمل على ردعها.
– محمد صميلي (رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية): نحن مع السلسلة ونطلب إقرارها.
– مروان حمادة (وزير التربية): ككتلة سياسية عبّرنا عن تحفظنا على السلسلة في جلسة مجلس النواب، ولكن انا شخصياً كوزير تربية، مع السلسلة كما أقرّت وبامتياز.
– يعقوب الصراف (وزير الدفاع): أنا مع السلسلة، ولكن اخشى ان يحدث موضوع المتقاعدين أزمة.
– حسين الحاج حسن (وزير الصناعة): نحن مع السلسلة لأنها حق مزمن، ومع تجديد العقد الاجتماعي في البلد، وفي الوقت نفسه نحن مع تصحيح بعض الخلل الذي يعتري السلسلة.
– علي حسن خليل (وزير المال): لسنا في مواجهة مع بعضنا البعض. نحن حريصون على القطاع الخاص لأنّ حجمه اكبر بكثير من القطاع العام، لكننا ايضاً معنيّون بموظفي القطاع العام، الدولة قصّرت ولم تعتمد مؤشراً سنوياً لغلاء المعيشة. منذ العام 2012 ندفع سلفة زيادة غلاء معيشة ما قيمته 888 مليار ليرة سنوياً، ندفعها من دون وجود سلسلة، وهذه السلفة موجودة من ضمنها.
نريد ان ننتهي من امر اساسي ومرهِق إسمه الحقوق المكتسبة، وهذه الحقوق المكتسبة أوصلت دولة مثل اليونان الى الافلاس، ولو لم يكن هناك ظهر لها إسمه الاتحاد الاوروبي لكانت انهارت بالكامل. أمّا نحن في لبنان فلا يوجد لنا ظهر، يعني لا يوجد احد خلفنا ليساندنا ويدعمنا، فموضوع الحقوق المكتسبة يجب ان ننتهي منه.
وسأل: أليس من العيب اننا نصرف على التعليم الرسمي 800 مليار ليرة سنوياً، ثم يأتي أساتذة التعليم الرسمي ويسجّلوا أولادهم في المدارس الخاصة؟ نحن ندفع لهم بدل منح تعليم. وأيضا التقاعد هو موضوع خطير ويحتاج الى دراسة معمّقة، لأنّ الدولة ممكن ان تدفع تقاعداً لموظف لمئة سنة بعد دخوله في الوظيفة.
موازنة العام 2018 ستتضمن بنوداً تحفيزية، وضبطاً للانفاق وحققنا فائضاً أولياً للسنوات 2014 و2015 و2016، لكن خدمة الدين مَحَت كل شيء. يجب ان نجري إصلاحات جوهرية في الاقتصاد، ولا يجوز اعتبار كل العسكر في حالة حرب، بل يجب ان يعتبر كذلك العسكري الموجود على الجبهة.
نريد ان نعيد النظر بالتقديمات الاجتماعية، ولن نقدم على عمل يؤدي الى ازدواج ضريبي للمهن الحرة. امّا بالنسبة الى الفائدة على أرباح المصارف فأنا متمسّك بهذا الامر، وانا مع إعادة النظر في المدارس المجانية لأنّ كثيراً منها أوادم، ولكن هناك الكثير منها ايضاً مدارس وهمية وعبارة عن نَصّابين. واؤكد انّ إصلاح نظام التقاعد ضروري.
– سليم جريصاتي (وزير العدل): إستمعنا الى وزير المالية، ولتكتمل الصورة يجب ان نسمع رأي حاكم مصرف لبنان. نحن مع مطالب السلطة القضائية الى الآخر.
– أواديس كيدانيان (وزير السياحة): تحفّظَ على بعض الرسوم وقال: أرجو إزالة الضرائب عن المشروبات الروحية، وعدم القسوة على مخالفات الاملاك البحرية.
– رياض سلامه (حاكم مصرف لبنان): الوضع المالي دقيق دقيق دقيق، سنتابع نفس السياسات التي أمّنت الاستقرار لمجتمعنا. يهمّنا الاستقرار بسعر الصرف واستقرار الفوائد مهم جداً لتخفيض العجز في الموازنة.