لم يعد للهبة السعودية ايّ تأثير في موضوع تسليح الجيش اللبناني، لان اميركا زوّدت لبنان بمدرعات ودبابات على مدى اشهر وأشهر.
وكان البعض يراهن ان الولايات المتحدة الاميركية لن تسلّح الجيش، وقد كتب في وسائل الاعلام مقالات تتحدث عن توقف المساعدات الاميركية للجيش، فيما كانت الديار تنشر معلومات ان الدعم الاميركي للجيش اللبناني لن يتوقف، وسيتم تزويده بكل ما يحتاج اليه من اسلحة، وبالفعل، وصلت امس مدرعات اميركية وملالات وذخيرة، ولم يتوقف تدفق المساعدات الاميركية بشكل علني عبر مرفأ بيروت حيث يتم تسليمها باحتفالات رسمية، وكذلك الى قاعدة رياق الجوية.
وقد جاءت هذه الدفعة من المساعدات لتعطي الجيش قوة نارية قوية وتجعله من اهمّ جيوش العالم.
وتفيد المعلومات ان الجيش ينتظر 12 طائرة حربية اميركية، حيث انهى الطيارون اللبنانيون تدريباتهم على هذه الطائرات التي ستأتي قريباً الى لبنان وتكون مساعدة لقوات المشاة والمدرعات والالوية.
وفي اطار الدعم الاميركي تسلمت المؤسسة امس ثماني مصفحات من نوع BRADLEY M2.A2 مجهزة بقاذفات صواريخ متطورة ومدافع متوسطة من عيار 50 ملم قادرة على نقل 8 جنود فضلا عن طاقمها، من اصل هبة عبارة عن 32 مصفحة، فضلا عن ثماني آليات ثقيلة مخصصة للدعم اللوجستي ونقل الذخائر. وتكشف المصادر انه كان سبق واتفق على تجهيز الافواج الخاصة المنتشرة على الجبهة الشمالية بها، نافية اي ارتباط بين عملية التسليم والمعركة المتوقعة، وان كانت ستدخل في الخدمة فورا في فوجي مغاوير البحر والمجوقل، علما ان الجنود اللبنانيين قادرون على استخدامها فورا نظرا لامتلاك الجيش اللبناني نموذجا مشابها لها بلجيكي الصنع تستخدمه الافواج الخاصة في الجيش، وتؤكد المصادر ان المساعدات الاميركية امنت حاجات الجيش، وهو بات بالتالي بغنى تام عن المكرمة السعودية.
فمن بعبدا الى جبهة جرود رأس بعلبك – القاع – الفاكهة مرورا بالمرفأ خيط عسكري رفيع ربط احداث الامس، حيث وضع رئيس الجمهورية حدا للكباش السياسي – الاجتماعي القائم في البلد، فيما تلملم هيئة تحرير الشام ذيول انكسارها عبر تسجيل لابي مالك التلي خلال استقباله للعائدين من الجرود، فيما يستعد داعش لتلقي الضربة القاضية، مع اقتراب ساعة الصفر التي اوشك العماد جوزيف عون على اعلانها مع اكتمال الطوق وتضييق الخناق على المسلحين في الجرود.
مصادر واسعة الاطلاع كشفت ان الرقعة التي يحتلها داعش في الجانب اللبناني تبلغ حوالى 120 كلم مربع مقابل 360 كلم مربع داخل الاراضي السورية، معتبرة ان اللغط السائد حول المساحة يعود الى الفروق المسجلة بين الخرائط اللبنانية والسورية نتيجة نزاع حدودي، من هنا فان المعركة اكثر تعقيدا مما يعتقده الكثيرون وسط الاحتمالات الكثيرة التي قد يلجأ اليها مسلحو داعش، الذين لم تتضح حتى الساعة معالم الخطة التي سيعتمدها المسلحون.
وفي هذا الاطار يكشف مصدر عسكري رفيع ان الجيش سرع من وتيرة استعداداته على طول الجبهة، والتي من ضمنها تفعيل استراتيجية الاستنزاف عبر القصف البري والجوي لمواقع المسلحين الاساسية ولتحصيناتهم، مؤكدا ان الجيش لن يتسرع في اي خطوة سيتخذها، اذ تجري مراجعة دقيقة للخطط العسكرية على مدار الساعة وفقا للتطورات الميدانية والمعلومات الاستخباراتية المتوافرة، كاشفا ان لا تنسيق مع اي جهة كانت سواء حزب الله ام الجيش السوري، نظرا لان لا حاجة لذلك، فالمؤسسة العسكرية لديها القدرة القتالية الكاملة على التعامل مع الوضع وتحرير الارض، خصوصا انه امن عبر انجازاته طوال الفترة الماضية جزءا اساسيا من عوامل النصر عبر استراتيجية الاستنزاف التي اتبعت والضربات الوقائية التي اتخذت، داعيا الى وقف التكهنات وضرب المواعيد لساعة الصفر، جازما ان القيادة العسكرية ستخرج الى العلن معلنة بشكل واضح انطلاق المعركة امام جميع اللبنانيين والتي لا مفر من الانتصار فيها.
اوساط متابعة لمجريات الاوضاع والاستعدادات اكدت ان الربط الحاصل بين انسحاب سرايا اهل الشام وانطلاق المعارك هو غير دقيق وفهم في غير محله، معتبرة ان مجموعة من المؤشرات الحسية ستدل بوضوح الى قرب تحديد ساعة الصفر، اولها، زيارة علنية او سرية لقائد الجيش الى بعبدا ليطلع رئيس الجمهورية على تحديد ساعة الصفر، ثانيا اعلان منطقة العمليات التي ستمتد لكيلومترات من الجبهة منطقة عسكرية خالية من اي وجود اعلامي، وثالثا انتهاء الجيش من السيطرة على بعض المواقع الحساسة التابعة لداعش في اطار عمليات القضم التي بدأت الاحد الماضي، والتي ستكون اساسية في نجاح الخطة الموضوعة. وفي هذا الاطار كشفت الاوساط ان انتشار الجيش في منطقة وادي حميد ومدينة الملاهي امن فصلا بين قوات حزب الله وداعش، مما سيسمح للحزب بنقل مجموعات شاركت في القتال في جرود عرسال وادخالها المعركة الى جانب الجيش السوري في منطقة الجراجير، علما ان الجيش لن ينتشر حاليا في منطقة جرود عرسال المحررة قبل انجاز عملية تحرير جرود القاع – رأس بعلبك – الفاكهة، رغم استعداد حزب الله لتسليمها فورا.
واذا كانت الاستعدادات العسكرية باتت قاب قوسين او ادنى من الانتهاء، غير ان ثمة في قيادة الجيش خلية من نوع آخر باشرت مهامها لمواكبة المعركة على الجبهة، في نقلة نوعية ستشهدها المؤسسة لاول مرة، عبر خطة اعلامية انجزت بتفاصيلها، حيث علم انه تم الانتهاء من تجهيز احدى القاعات الكبرى في مبنى القيادة وتم تزويدها بشاشة كبيرة ووسائل اتصال مخصصة للصحافيين المولجين من قبل مؤسساتهم بنقل مجريات المعارك على مدار الساعة، كما علم انه تم انتداب احد الضباط ليكون ناطقا رسميا باسم الجيش يقدم موجزا يوميا عن مجريات الاحداث على الجبهة ويجيب عن اسئلة الصحافيين، على ان تكون اطلالة اليوم الاول لمدير التوجيه العميد علي قانصوه الذي سيعلن مبدئيا انطلاق الاعمال القتالية. وفي هذا الخصوص علم انه سيفرض طوق امني وعسكري على مسافة من الجبهة يحظر على الاعلاميين دخولها او الاقتراب منها حرصا من القيادة على سلامتهم بداية وعلى سرية المهام وانتقال القوى في بقعة العمليات، حيث ستجهز الجبهة باجهزة ارسال مباشرة تسمح بنقل حي من الجبهة فضلا عن الصور التي قد توفرها التغطية الجوية سواء من السيسنا او الطائرات من دون طيار.
الانظار الموجهة الى رأس بعلبك والقاع لم تحجب الرؤية عن مجريات اليوم العرسالي الطويل والذي وان تحررت جرود البلدة من المسلحين مع مغادرة آخر فرد من سرايا فتح الشام باتجاه الداخل السوري، حيث قدر عدد المغادرين يحسب اللوائح اللبنانية من مسلحين وعائلاتهم بـ 551 شخصا، فيما فضل نحو 4000 آلاف مدني من النازحين الى مخيمات وادي حميد ومدينة الملاهي الانتقال الى داخل عرسال حيث توزعوا على مخيماتها، نفت مصادر امنية لبنانية ان يكون اي من مسلحي السرايا قد سلم سلاحه للجيش او دخل الى عرسال، مشيرة الى ان الجيش تسلم اسلحة متوسطة وبعض الآليات الرباعية الدفع التي منع المنسحبون من اخذها معهم وفقا للاتفاق المبرم، كاشفة انه عمليا لم يتبق من وجود لأي مسلح في تلك المنطقة وكذلك لأي مخيم، وان قوى الجيش باشرت انتشارها في المنطقة وفقا لخطة موضوعة بتان بعدما تبين ترك المسلحين لعشرات الاشراك والالغام والعبوات والقذائف، ما قد يستلزم بعض الوقت لتنظيف تلك الرقعة.
وبالعودة الى مسلحي داعش، كشفت مصادر مطلعة ان عمليات الرصد والمتابعة، تمكنت من التقاط اتصالات لاسلكية بين امير التنظيم في الجرود «ابو السوس» والقيادة المركزية في الرقة التي رفضت بشكل قاطع انسحاب المسلحين وانتقالهم الى المدينة، ما اثار تململا في صفوف الارهابيين وعائلاتهم، معولة في هذا الاطار على ان يؤدي هذا الموقف الى استسلام تلك الجماعات مع اندلاع المعارك ومطالبتها بالانسحاب نحو ادلب عبر البادية حيث ما زالت تملك ممرا عبر الاراضي السورية، مشيرة الى ان لا خطوط اتصال حاليا او وساطات باستثناء خيط رفيع عبر احدى القنوات غير المباشرة طلب خلاله المسلحون بعض الامور «البسيطة» الا ان الرد اللبناني كان واضحا بضرورة كشف مصير العسكريين التسعة قبل اي شيء.
التحركات الشعبية
العسكريون المتقاعدون الذين اعادوا الحركة الى الشارع عبر الاحتجاجات التي قاموا بها امس واتجاههم الى تصعيد تحركهم وقطع الطرقات بشكل مدروس على ما سرب، ابتداء من يوم الاربعاء، كشفت مصادرهم ان التحركات التي سيقومون بها لن تؤثر في اي عمليات عسكرية قد تشهدها الجرود، مطمئنة رفاق السلاح الى ان شيئا لن يحصل قد يعيق عملهم، وان ما يقومون به يتكامل مع قيامهم بواجبهم على الجبهة، اذ انهم صوتهم الذي يطالب بحقوقهم وحقوق عائلاتهم.