ذكرت “الديار” ان فريق في لبنان يصرّ على السباحة عكس التيار اليوم بعد ان تمكنت سوريا بالانتصارات التي حققها جيشها من احداث خرق في دائرة الحصار التي فرضتها عليها الولايات المتحدة وحلفائها.
وفيما تتوالى اخبار الاتصالات وفتح القنوات مع النظام السوري من قبل دول اوروبية وعربية، يعزف هذا الفريق على وتر مقاطعة دمشق رافضاً التواصل معها رغم الحاجة لأكثر من ذلك في سبيل التصدي للعديد من المشاكل والملفات وفي مقدمها قضية النازحين السوريين وخطر الارهاب.
ويدرك الفريق المذكور ان استمرار هذا النهج لم يعد ممكنا بعد التطورات والتحولات التي حصلت في السنتين الاخيرتين. لا بل ان العلاقات بين لبنان وسوريا تتغلب على ما سواها من الاصطفافات السياسية الداخلية والاقليمية.
ويقول مصدر سياسي بارز انه اذا كان المعطى الاقليمي والدولي بالاضافة الى التطورات في الداخل السوري لصالح النظام قد فرضت واقعاً جديداً لمصلحة اعادة فتح خطوط التواصل مع دمشق فان ثمة عناصر عديدة تفرض على لبنان تعزيز تواصله وتعاونه مع سوريا على كل الصعد لا سيما، ان مثل هذا الامر هو لمصلحة البلدين بغض النظر عن الحسابات السياسية الضيقة او الاعتبارات المتعلقة بالاصطفافات الخارجية.
ويبرز في هذه العناصر ما يلي:
– تربط لبنان بسوريا علاقات دبلوماسية طبيعية لم تنقطع او تتأثر بكل ما حصل منذ بداية الاحداث السورية.
– تحكم العلاقات بين البلدين اتفاقيات ومعاهدات على كل المستويات ابرزها معاهدة الاخوة والتعاون التي تشمل مجالات دفاعية وعسكرية واقتصادية وسياسية.
– ينظم العلاقة بين البلدين بالاضافة الى سفارتي البلدين مجلس اعلى لبناني – سوريا قائم ومستمر رغم المحاولات التي جرت من قبل البعض لنسفه وتطييره.
– اثبتت الوقائع التاريخية على مر الزمن ان العلاقات اللبنانية – السورية تتجاوز سياسات القطيعة حتى في عز الازمات. ورغم الزلزال الذي عصف بالمنطقة في السنوات الاخيرة فقد بقي التواصل مستمرا بين الدولتين من خلال الادارات ووزارات عديدة اكان على مستوى تنظيم النقل او تصريف الانتاج الزراعي او التبادل التجاري. هذا عدا عن اتفاقيات استجرار وشراء الكهرباء من سوريا والتي كان اخرها الاتفاقية التي وقعت منذ ايام لتزويد لبنان بحوالى مئتي ميغاوات من التيار، بناء لقرارات سابقة في مجلس الوزراء. وعلى عكس ما يروجه البعض فان كلفة هذا الاتفاق هي اقل من كلفة مشروع البواخر الذي يبدو انه لم يعد سالكاً.
– اما على الصعيد الامني فهناك بلدانا عديدة غربية وعربية اخذت منذ فترة غير قصيرة بفتح قنوات تواصل وتبادل زيارات وفود واتصالات على مستوى عال في اطار التنسيق او التعاون مع الحكومة السورية لمحاربة الارهاب، خصوصاً بعد ان اثبتت الدولة السورية انها نجحت في محاربة التنظيمات الارهابية والحاق الهزيمة بها.
واذا كان هذا هو الحال بالنسبة للتعاون الامني بين الحكومة السورية وهذه الدول فكيف يجب ان يكون الحال بينها وبين لبنان الذي يتشارك معها في حدود تمتد شرقاً من الجنوب الى الشمال عدا عن الحدود الشمالية؟
وتقول المعلومات ان الرئيس بري فاتح مؤخراً قبل زيارته الى طهران الرئيس الحريري بهذا الموضوع، مؤكداً ان استمرار تجاهل الواقع خصوصاً في ضوء المستجدات الاخيرة من شأنه ان ينعكس سلباً على لبنان قبل سوريا اكان بالنسبة لملف النازحين السوريين ام بالنسبة لكثير من المشاكل التي تفرض التواصل والتعاون مع الحكومة السورية على المستويات كافة التجارية والزراعية وغيرها.
ولا ينطلق الرئيس بري برأيه هذا من منطلق تغليب وجهة نظر على اخرى، بل يستند الى حقائق لا يمكن تجاهلها سبق وان تعامل هو شخصيا معها اكثر من مرة اكان على مستوى معالجة ازمة تصريف المنتجات الزراعية اللبنانية، ام على مستوى ضبط وتنظيم العلاقات على هذا المستوى ومستويات اخرى.
وتقول مصادر مقربة من رئيس المجلس ان ما اعلنه في طهران بالنسبة لهذا الموضوع لا سيما ما يتعلق بالنتائج الايجابية التي ستترتب عن التواصل بين الدولتين اللبنانية والسورية حول ملف النازحين ليس جديداً، بل سبق واثاره ايضاً علنا وفي اللقاءات التي جمعته مع رئيس الحكومة ومسؤولين آخرين.
ومما لا شك فيه ايضاً ان معركة الجرود الشرقية، في القاع ورأس بعلبك والفاكهة التي يخوضها الجيش اللبناني اليوم تفترض ايضاً بسبب التداخل الجغرافي وطبيعة محاربة داعش في هذه المنطقة اشكالاً متعددة من التنسيق مع الجيش السوري.
ويؤكد الرئيس بري، حسب ما نقل زواره امس، ان بعض الذين ينادون او يصرون على عدم التواصل مع الدولة السورية يمارسون سياسة دفن الرؤوس بالرمال، ويتجاهلون كل الوقائع والحقائق التي تفرض مثل هذا التواصل على غير صعيد. ويشير الى ان الوزراء المعنيين في كل الاطراف ابلغوه مراراً ان العلاقات الاقتصادية والتجارية هي علاقات يومية بين البلدين.