كانت انعكاسات إقرار مجلس النواب قانون سلسلة الرتب والرواتب والاحكام الضريبية الجديدة، محور الاجتماعات التي عقدها اليوم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا، في ضوء الملاحظات التي برزت خلال الايام الماضية. ومن المقرر ان يطلع الرئيس عون مجلس الوزراء غدا على المعطيات التي تكونت وردود الفعل والتأثير على الوضعين الاقتصادي والمالي في البلاد، بهدف إجراء تقييم دقيق تبنى على أساسه الخطوات الواجب اعتمادها لمقاربة موضوعي سلسلة الرتب والرواتب والاحكام الضريبية الجديدة.
وفد نقباء المهن الحرة
وفي هذا السياق، استقبل عون وفد نقباء المهن الحرة في بيروت والشمال الذي ضم نقباء المحامين والاطباء والمهندسين والصيادلة وأطباء الاسنان والصحافة والمحررين وخبراء المحاسبة والمعالجين الفيزيائيين، الذين تحدث باسمهم نقيب المحامين في بيروت انطونيو الهاشم، لافتا الى وجود ثغرات طاولت مشروع تمويل سلسلة الرتب والرواتب بحيث تم إقرار بعض المواد التي أظهرت سلسلة من الاجراءات غير المبررة لزيادة الايرادات الضريبية وسواها، ولا سيما في المادة 17 التي تتناول ثلاثة أمور جوهرية: زيادة معدل الضريبة على فوائد وعائدات وإيرادات الحسابات المالية والسندات لدى المصارف من 5% إلى 7% (تعديل المادة 51 من القانون رقم 497/2003) وعدم حسمها من ضريبة الأرباح، وفرض تدبير جديد على المكلفين ضريبة الدخل على أساس الربح المقطوع كالمهن الحرة يقضي بتضمين تصاريحهم المهنية الأرباح المتأتية من الإيرادات المشمولة بهذه المادة وتطبيق معدل الربح المقطوع والضريبة التصاعدية على هذا الأساس.
ولفت الهاشم الى أن هذا التدبير، “فضلا عن تسببه بازدواجية تكليف ضريبي مرفوضة، يخالف مبدأ المساواة أمام الضريبة، المنصوص عليه في كل من الفقرة (ج) والمادة 7 والمادة 81 من الدستور اللبناني. وهو مبدأ يقيد على السواء السلطتين التشريعية والقضائية.
وأشار الى رفض نقباء المهن الحرة تدبير إلغاء مهلة مرور الزمن على تحصيل الضرائب غير المسددة الصادرة بموجب جداول تكليف او اوامر قبض.
وعرض نقباء المهن الحرة المحاذير المترتبة على تطبيق المادة 17 على موضوع السرية المصرفية التي يتميز بها لبنان.
ورد عون مؤكدا اهتمامه بالملاحظات التي برزت بعد إقرار سلسلة الرتب والرواتب والاحكام الضريبية، لافتا الى “الارث الكبير” الذي نتج من مرور سنوات من الاداء المالي والاقتصادي المتعثر وعدم الاهتمام بقطاعات الانتاج. وأشار الى ان الوضع “بات يحتاج الى معالجة جذرية من خلال خطة اقتصادية متكاملة يجري العمل على وضعها حاليا”.
واعتبر أن “مكافحة الفساد والمفسدين من أبرز الخطوات التي ستعتمد في سياق معالجة الاوضاع الاقتصادية والمالية الراهنة”.
وفد المدارس الكاثوليكية
وفي السياق نفسه، استقبل عون رئيس اللجنة الاسقفية للمدارس الكاثوليكية في لبنان المطران حنا رحمه والامين العام للمدارس الكاثوليكية الاب بطرس عازار الانطوني مع وفد من اعضاء اللجنة الاسقفية والهيئة التنفيذية للامانة العامة للمدارس الكاثوليكية، بحث معهم في قانون سلسلة الرتب والرواتب واستمع الى اقتراحاتهم للمعالجة. وسلم رحمة رئيس الجمهورية مذكرة أشار فيها الى ان “مجلس النواب وافق على سلسلة الرتب والرواتب من دون ان يتشاور مع المعنيين بها، وخصوصا ادارات المدارس ولجان الاهل، كما لم يأخذ المجلس بالملاحظات التي قدمتها الامانة العامة والتي نبهت فيها الى خطورة السلسلة”.
وطالب رحمة بإعادة النظر في السلسلة لتأتي “عادلة ومتوازنة وممكنة”، لافتا الى أن تطبيقها “سوف يؤدي الى تعثر مؤسسات تربوية واقفال العديد منها خصوصا الخاصة والمجانية، ولاسيما تلك الواقعة في المناطق النائية والفقيرة”.
وأشار الى أن “الاهالي سيضطرون الى تغيير مدارس أولادهم والنزوح من قراهم، والاستغناء عن افراد الهيئة التعليمية، فضلا عن التأثير السلبي على صندوق التعويضات للمعلمين في المدارس الخاصة”.
وخلص رحمة الى المطالبة برد قانون السلسلة كاملا الى مجلس النواب لإعادة دراسته، “تحاشيا للطعن به امام المجلس الدستوري نزولا عند رغبة اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة ورغبتنا”، والطلب من الحكومة تأمين الايرادات للقطاع التعليمي الخاص الذي لا يبغي الربح، على غرار ما سعت اليه بالنسبة الى القطاع العام، وذلك حفاظا لحق الاهالي في اختيار مدرسة اولادهم عملا بحرية التعليم”.
واستوضح الرئيس عون اعضاء الوفد بعض النقاط المتصلة بعمل المؤسسات التربوية الكاثوليكية وحجم الاقساط فيها، مشددا على اهمية التعامل مع هذه المسألة بواقعية تأخذ في الاعتبار الظروف التي تمر بها البلاد اقتصاديا واجتماعيا اضافة الى اهمية توافر سلامة المالية العامة. وأكد ان “الواقع المالي في البلاد في ضوء ما نتج من اقرار سلسلة الرتب والرواتب والاحكام الضريبية الجديدة، سيكون محور تقييم في مجلس الوزراء غدا”.
وفد اوسترالي
على صعيد آخر، كانت العلاقات اللبنانية-الاوسترالية محور بحث بين عون ووفد من الحركة الاوسترالية – اللبنانية الموحدة (UALM) في حضور السفير الاوسترالي غلين مايلز. وأعربت عضو مجلس الشيوخ الاوسترالي السيناتور كيمبرلي كيتشنغ عن سعادتها لوجودها مع الوفد المرافق في لبنان للبحث في عدد من المشاريع الانمائية التي يمكن لاوستراليا المساهمة فيها، اضافة الى عرض ظروف النازحين السوريين في لبنان والرعاية التي تقدمها لهم الدولة اللبنانية، ولا سيما أن اوستراليا قررت تخصيص مبلغ 220 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات لدعم برنامج مساعدة لبنان للنازحين، وكيفية إنفاق هذه المساعدة. كما أكدت كيتشنغ حرص بلادها على تعميق التعاون مع لبنان في المجالات كافة.
ورد عون مرحبا بالوفد الاوسترالي، ومركزا على العلاقات العميقة التي تربط بين لبنان واوستراليا والقيم المشتركة التي يدافع عنها البلدان. واستذكر زيارته لأوستراليا عام 1998 واللقاءات التي عقدها مع رسميين وسياسيين وابناء الجالية اللبنانية الكبيرة في المدن الاوسترالية الرئيسية، مؤكدا ان “ارادة التعاون بين البلدين قائمة ومفتوحة لتشمل المجالات كافة”. وشرح للوفد الاوسترالي التداعيات السلبية التي يعانيها لبنان نتيجة تزايد اعداد النازحين السوريين، داعيا الى ان “تعمل اوستراليا على دعم لبنان في المحافل الاقليمية والدولية في ما خص المساهمة المادية التي توفر الرعاية للنازحين، وفي العمل لاعادتهم بأمان الى بلدهم، لأن لبنان لم يعد قادرا على تحمل هذه الاعباء التي تزداد يوما بعد يوم”.