امام هذه الصورة، تبدو جلسة اليوم مرشّحة لأن تشهد كباشاً وزارياً حول هذا البند سيجهد المتمسّكون بالآلية للإبقاء عليها، فيما أجواء الفريق الراغب بإلاطاحة بها تعكس ما يشبه الجزم بأنّ الغلبة ستُكتب له في نهاية المطاف، ويتصدّره «تيار المستقبل» و«التيار الوطني الحر».
بري
وبَدا رئيس مجلس النواب نبيه بري، العائد من زيارته الخاصة لإسبانيا، مستغرباً ما يُقال عن إلغاء آلية التعيينات. وقال: «هذه الآليّة أقرّها مجلس الوزراء بغية المساهمة في حل الإشكالات، وهي تشمل مخرجاً وفرصة لذوي الكفايات، وان تتمّ هذه العملية بواسطة مجلس الخدمة المدنية.
وفي المناسبة، لا يوجد أيّ شيعي في هذا المجلس الذي يختار ثلاثة من المرشحين، ويقوم الوزير المختصّ بعرض أسمائهم في الحكومة ليتم اختيار واحد منها. ولا مشكلة هنا ما دام كل مركز محدّد لأيّ طائفة. وأنا من جهتي أحتكِم إلى مجلس الخدمة وهو محل ثقة عندي، وما زلت أقبل بالآليّة الموضوعة وضمن فترات طويلة».
ورداً على سؤال أجاب بري: «نحن نعيش في عهد الاصلاح والتغيير، ولا أعتقد ولا أعرف اذا كانت هناك جهة ستتجاوز الآلية المتّبعَة أو يقدم على طرح استبدالها. وإذا حصل تصويت على تغييرها فنحن سنصوّت ضد ونتمسّك بها».
وعمّا اذا كان إلغاء الآليّة سيؤدي الى العودة إلى المحاصصة؟ قال بري: «نعم وسنكون عندها أمام خطوة، لا بل خطوات، إلى الوراء، ولن تكون متقدمة بل ستذهب بنا إلى الوراء».
وعمّا يتردد عن توجّه لتعليق العمل بالمادة 87 في الدستور، قال بري: «لا علم لي في هذا الموضوع ولا أعرف ماهيّته، ولا أريد أن أعرف الهدف المقصود منه. وإذا كان التعليق بهذه المادة يتطلّب نصاً لفترة محددة على أن يعود العمل بها، فهذا قابل للنقاش ولا أقول إنني موافق عليه، لكنني ضد أي تعليق من دون مهل». وأضاف: «اذا كان الهدف إقرار الموازنة وتسهيلها هو المقصود، فقد أقرّينا الموازنة في مرات عدة مع تسجيل التحفّظ لعدم اقترانها مع قطع الحساب، على أن يُصار إلى ذلك لاحقاً».
وكان بري دعا هيئة مكتب المجلس الى اجتماع يعقد اليوم لوَضع جدول أعمال الجلسة النيابية التي قد تعقد خلال الاسبوع المقبل. والبارز في الجلسة كما اكد امام زوّاره أمس انّ سلسلة الرتب والرواتب ستطرح للنقاش بنداً أولاً.
وعندما سئل عمّا اذا كان في إمكان الحكومة استرداد مشروع قانون السلسلة؟ قال: «نعم تستطيع ذلك، على أن يجري الأمر وفق الأصول. وجرت العادة أن يطلب رئيس الحكومة في الجلسة استردادها، والمجلس ملزم باستجابة طلبه».
«الكتائب»
في غضون ذلك، قال رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل رداً على سؤال عمّا يحكى عن تعديل وزاري: «لسنا في حاجة الى تعديل وزاري، بل الى تغيير الوزارة».
وفي السياق، رأى مصدر كتائبي مسؤول «في سَعي الحكومة الى التراجع عن آليّة التعيينات الإدارية جولة جديدة من جولات نَسف الحد الأدنى من المنطق المؤسساتي، واستبداله بمنطق المحاصصة، وتقاسم المواقع الادارية في الدولة على حساب الكفاية والشفافية والمساواة بين المواطنين».
وأدرجَ المصدر «عزم الحكومة على التراجع عن الآليّة المقررة سابقاً للتعيينات في سياق مشروع أهل السلطة لزَرع المحاسيب في مواقع المسؤولية عشيّة الانتخابات النيابية، كجزء من الإجهاز على مواقع القرار الرسمي للدولة اللبنانية». واعتبر»أنّ الإمعان في هذه السياسة سيؤدي الى مزيد من انعدام الثقة بين اللبنانيين، ولا سيما منهم الشباب من أصحاب الكفايات العلمية والأخلاقية ويدفع بهم الى الهجرة».
إنجاز أمني جديد
أمنياً، وبعد أقل من 24 ساعة على الاجتماع الذي عقد في السراي الحكومي بين رئيس الحكومة سعد الحريري وقائد الجيش العماد جوزف عون في حضور وزير الدفاع يعقوب الصرّاف، وجّه الجيش اللبناني رسالة قوية وحازمة عبر تنفيذه عملية نوعية جديدة في عرسال قتل فيها «الرأس المدبّر» للتفجير الذي وقع في رأس بعلبك في أيار الماضي.
وبَدا انّ رسالة الجيش أمس موجّهة الى أطراف عدة: الى المشككين بدوره والمشوّشين على أدائه، فجاءت عملية الامس لتؤكد لهم أن لا تأثير لهذا التشكيك على قراره، ولا على عزمه في مواصلة حربه على الارهاب. وكذلك الى كل العالم ليثبت أنه رأس حربة دائمة في الحرب التي يخوضها هذا العالم على هذا الإرهاب البغيض.
وكانت قوّة من مديرية المخابرات في الجيش دهمت فجر أمس مجموعة إرهابية في عرسال، كانت تُعدّ لتنفيذ عمليات إرهابية. وفي التفاصيل التي حصلت عليها «الجمهورية» أنّ العملية بدأت عند الرابعة فجراً، والهدف كان عبارة عن 3 مبانٍ موجودة في عرسال ـ حي الشفق، نفّذتها قوة خاصة من مديرية المخابرات بالتعاون مع وحدات الجيش المنتشرة في المنطقة من اللواء التاسع، التي عزلت منطقة العملية ومحيطها وقَسّمتها الى مربّعات تسهّل تحرّك القوة المهاجمة التي كانت تدهم وتؤمن لها الدعم اللازم في حال الضرورة، وفي حال حصول أي خلل أو تدخّل من مجموعات إرهابية أخرى.
وجاءت العملية بناءً على معلومات ورصد ومتابعة قام بها الجيش، واستمرت لأكثر من شهرين، بعد تقاطع بين معلومات وَفّرها أشخاص يتعاملون مع مديرية المخابرات وبين بعض التحقيقات والإفادات التي أدلى بها الموقوفون، مع الإشارة الى أن لا علاقة لها بعمليات الدهم التي حصلت لمخيّمَي النور والقارية في منطقة عرسال.
وتشير المعلومات الى أنّ الدهم كان في الأساس يستهدف خالد محمد عزالدين (1973) – عرسال رقم سجله 337 معروف بـ«خالد عمر»، وهو عسكري متقاعد متّهم باقتحام مبنى فصيلة عرسال ومهاجمة مواقع للجيش، ما أدّى الى خطف عسكريين واستشهاد وجرح عدد منهم، كان موجوداً في مبنى يستأجره السوري محمد عاطف الشيخ (23 عاماً) ملقّب بالـ«جردي» ومعروف بـ«عاطف حمزة».
أمّا المباني التي دُهِمت فتخضع لحراسة إرهابيَين سوريَين، هما اللذان فجّرا نفسيهما، يراقبان محيط المكان من سطح المباني لرصد أي حركة غريبة، من هنا كانت العملية دقيقة وكان التنفيذ سريعاً وتَطلّب مهارة عالية لتفادي وقوع إصابات.
وبعد توقيف القوة الداهمة عزالدين، حاولَ السوري أحمد الغاوي، مجهول بقية الهوية، الفرار من المكان، فأطلقت القوة الداهمة النار في الهواء إلّا أنه لم يمتثِل لها فأطلقت عندها النار مباشرةً في اتجاهه فأُصيب وقُتل على الفور. كذلك حاول السوري محمد عاطف الشيخ، وهو الرأس المدبّر لتفجير رأس بعلبك، تفجير نفسه خلال محاولته الفرار، فأُطلقت النار عليه وقُتل، ونُقلت الجثث الى مستشفى رياق.
في الوقت نفسه، جرى دهم المبنى الملاصق للمبنى الذي اعتُقل فيه عزالدين والذي يستأجره السوري وليد خالد جمعة، فتمّ توقيفه بتهمة تجارة السلاح وأوقِف ابنه خالد جمعة المطلوب بتهمة تفخيخ سيارة وتفجيرها في مركز عسكري.
وانتهت العملية عند الخامسة فجراً بمقتل اثنين وتوقيف ثلاثة، وضبط 7 عبوات ناسفة مجهّزة بصواعق للتفجير موصولة بآلات هاتفية من نوع «نوكيا». كذلك، تمّت مصادرة حزام ناسف، 14 صاعقاً كهربائياً، 3 رمانات يدوية، 5 هواتف خلوية، 10 خطوط هواتف غير مستعملة، بطاريات 9 فولت تستخدم للتفجير، شهابات رأس لصواريخ من عيار 107 وشهاب لصاروخ غراد نيترات بحمولة عيار 26 موجودة في كيس وزنه 50 كلغ، منظار لقذائف صاروخية من نوع «آر. بي. جي 7» وطلقات رشاش من نوع «كلاشينكوف» غير محددة، قُدّرت بحمولة كيس.
نصرالله
وعبّر الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله عن تقديره لـ«الجهود الجبّارة التي قام بها الجيش اللبناني في جرود عرسال الى جانب كافة الاجهزة الامنية». وأسِف للحملة التي تعرّض لها الجيش وقال: «هناك في الجرود ارهابيون وانتحاريون ويجب على الدولة ان تتحمّل مسؤوليتها تجاه جرود عرسال، وقد وصلت المرحلة الى نقطة أخيرة وللمرة الاخيرة نتحدث عن ذلك».
ودعا نصرالله، في كلمة لمناسبة تحرير مدينة الموصل من «داعش»، إلى «تفعيل العمل الحكومي والنيابي وإقرار الموازنة وسلسلة الرتب والرواتب، مع التأكيد أنّ التمويل يجب أن يكون بعيداً عن جيوب الفقراء»، مؤكداً «أننا نؤيّد كل ما خرج عن وثيقة بعبدا».
وقال: «النازحون السوريون موجودون على كافة الأراضي اللبنانية والعبء يتحمّله السوريون، إضافة إلى المناطق التي تأويهم»، معتبراً أنّ «الملف يجب أن يُحلّ، وعلى الحكومة اللبنانية أن تفاوِض الحكومة السورية لتسهيل عودة النازحين، ولكن للأسف هذا المطلب دخلَ في التجاذبات السياسية». وقال: «إذا تفاوَضت الحكومة اللبنانية مع الحكومة السورية لا يعني أنها تعطي الشرعية لحكومة سوريا».
لجنة النازحين
تجدر الاشارة الى انّ اللجنة الوزارية المكلفة معالجة ملف النازحين تجتمع بعد ظهر اليوم في السراي الحكومي. وعشيّة هذا الاجتماع، طالبَ تكتل «التغيير والاصلاح» الحكومة «بإقرار خطة واضحة لعودة النازحين السوريين وذلك عبر تطبيق الانظمة اللبنانية المتوافقة مع المواثيق الدولية»، لافتاً إلى انّ «آلاف النازحين يحملون بطاقة نازح يعبرون الحدود ويعودون إلى لبنان، ومن يعبر ويعود إلى بلده لا يعود نازحاً، ونطالب كل وزير بتطبيق القوانين اللبنانية المرعيّة الإجراء في ملف النزوح».
واعتبر رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، في تغريدة له عبر «تويتر»، أنه «يجب الحَدّ من عاصفة الحقد والعنصرية تجاه اللاجئ السوري»، مضيفاً أنّ اللاجئ «يضيف على الإقتصاد المحلي نحو مليار ونصف مليار دولار».
«المستقبل»
وطالبت كتلة «المستقبل» الحكومة بـ«التعاطي مع قضية عودة النازحين حصرياً عبر الأمم المتحدة، بغية تأمين عودة آمنة وسليمة لهم وبضمان دولي الى مناطق آمنة في سوريا». وأكدت وجوب «التنسيق مع الشرعية الدولية الممثّلة بالأمم المتحدة المخَوّلة هذه المهمة، وهي الجهة المطّلعة على المعلومات الكاملة في شأن النازحين وحاجاتهم وأماكن وجودهم وطرق حمايتهم وتأمين انتقالهم في أقرب فرصة ممكنة إلى ديارهم سالمين وآمنين».
رسالة «القوات»
الى ذلك علمت «الجمهورية» انّ «القوات اللبنانية» في صدد وَضع اللمسات الاخيرة على الرسالة التي ستقترح أن توجّهها الحكومة اللبنانية الى الامين العام للأمم المتحدة، وتعرض فيها الاسباب الموجبة لموقف الدولة اللبنانية من قضية النازحين السوريين، لجهة انّ لبنان لم يعد يتحمّل استمرار واقع النزوح لأسباب أمنية وسياسية واقتصادية ومعيشية.
وبالتالي، حان الوقت لعودتهم، خصوصاً انّ الظروف السورية أصبحت تسمح بهذه العودة، وأنّ الظروف اللبنانية لم تعد تتحمّل واقع النزوح. وبالتالي، على الامم المتحدة ان تستجيب للقرار السيادي اللبناني انطلاقاً من موجبات لبنانية حَتّمت على لبنان اتخاذ هذا القرار، ويطلب فيه من الامم المتحدة انطلاقاً من حرصها على استقراره وجَو التهدئة فيه أن تعمل على تنفيذ قرار الحكومة اللبنانية بإعادة النازحين آمنين الى سوريا. وبالتالي، القرار هو قرار لبناني بامتياز، وعلى الأمم المتحدة من خلال المنظمات والمؤسسات ان تعمل على إعادتهم الى سوريا.
وإذا حاز هذا الاقتراح ـ الرسالة على موافقة الحكومة وأُدخلت تعديلات عليها او صدّقت كما هي، يُصار الى توجيهها ومتابعتها عبر القنوات الديبلوماسية المطلوبة بغية العمل على تنفيذ هذا القرار إبتداء من تاريخ توجيه الرسالة.