اضحى شهر تموز نقطة تحول للعرب عموما وللبنانيين وللعراقيين خصوصا حيث يحتفل العراق بتحرير الموصل من داعش الارهابي وتطهير ارضه من هؤلاء الانقلابيين الاصوليين الذين شكلوا جسما شاذا في العراق في حين يصادف اليوم بداية حرب تموز عام 2006 والذي خرج لبنان منتصرا من الحرب الاسرائيلية. وفي قلب هذا الحدث، اطل الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مهنئا العراقيين بالانتصار في الموصل، واصفاً هذا النصر بالنصر العظيم جداً، ولو قلل البعض من اهميته، مؤكداً «ان الانتصار في الموصل لا يرتبط فقط بمصير العراق وانما يرتبط بمصير الامة وشعوب المنطقة، معلناً ان العراقيين صنعوا مستقبلهم بايديهم ولم ينتظروا لا جامعة دول عربية ولا ملوك ولا رؤساء ولا انتظروا منظمة التعاون الاسلامي، وحيا سماحته الموقف الصادق للعلماء السنّة في العراق، كما اشاد بالحشد الشعبي ووصفه بالحشد الوطني، كما نوه بنضال العشائر الى جانب الجيش العراقي».
وحمّل السيد نصرالله الاميركيين مسؤولية صناعة «داعش» وتوفير الدعم لها من خلال فتح الحدود وبيع نفطها على الحدود مع تركيا وسوريا، واكد ان هذا الانتصار حققه الشعب العراقي وليس بفضل الاميركي، وجدد التأكيد على ان انتصار الموصل خطوة عظيمة ومتقدمة على طريق القضاء على «داعش»، لان الموصل كانت اكبر مدينة يسيطر عليها التنظيم واطلق عليها عاصمة دولة الخلافة المزعومة ومنها اعلن مشروع قيام المشروع التكفيري، وطالب سماحته بحماية هذا الانتصار الذي هو انتصار لكل الشعوب العربية والاسلامية، وان تبقى الاولوية لتطهير بقية الاراضي العراقية واجتثاث «داعش» منها، وهذا هو الاولوية وامام العراقيين والسوريين واللبنانيين والدول الخائفة من «داعش» فرصة تاريخية للقضاء على هذا التنظيم.
وعن الاوضاع الداخلية، قال سماحته «موقفنا واضح جداً من تأييد قانون الانتخابات التي تم اقراره ، وتعتبر الانتخابات النيابية المقبلة «فرصة» لتطوير البلد خلافاً لما يشيعه البعض».
واكد السيد نصرالله، دعم حزب الله للحكومة واستمرارها والحفاظ عليها وتفعيلها واعطاء الاولوية للملفات الانمائية والخدماتية والمعيشية، واعلن سماحته تأييد حزب الله لكل ما صدر عن اللقاء التشاوري في بعبدا والوثيقة التي صدرت وخارطة الطريق والعناوين الرئيسية ومع متابعتها الجادة، ودعا النواب لحضور جلسات لجنة الموازنة واقرار سلسلة الرتب والرواتب والميزانية العامة وتمويل السلسلة، ولكن ليس على حساب جيوب الفقراء جازماً، بان المصلحة الوطنية الكبرى تقضي باستمرار الحكومة الحالية وتفعيلها، ولا ينبغي لاي خلاف داخلي ان يؤدي الى سقوط الحكومة والتهديد بالانسحاب منها.
وعن ملف النازحين السوريين قال: «هذا الملف بحاجة الى الحل، ولا احد في الحكومة او خارجها تطرق الى اجبار النازحين على العودة بل تكلم عن العودة الطوعية وتقديم ضمانات وتسهيلات للنازحين، معتبراً ان عودة النازحين مصلحة لهم وللشعب اللبناني، وامل ان لا يكون تيار المستقبل يفكر بان يسمح باستمرار مأساة النازحين السوريين ومعهم اللبنانيين للحصول على مساعدات خارجية.
وحيا السيد نصرالله جهود الاجهزة الامنية ومخابرات الجيش اللبناني وما كشفته في عرسال، معتبراً ان ما قام به الجيش في عرسال ومجاهدو المقاومة خفف المخاطر ولكنه لم ينهها، معتبرا ان هناك اخطاء تحصل ولكن لا يجوز ان تستخدم لطعن من سهر على امن الناس، وقد ثبت اليوم ان هناك من يدير شبكات ارهابية وانتحاريين ويجهزون عبوات ناسفة من داخل عرسال.
ووصف سماحته الوضع في جرود عرسال بالخطير والمسألة وصلت الى النقطة الاخيرة، وهذه هي المرة الاخيرة التي سأتحدث فيها عن «جرود عرسال» في نهاية المطاف المتواجدون هناك هم تهديد على مدار الساعة، وآن الاوان للانتهاء من تهديد المجموعات المسلحة في جرود عرسال والوقت قليل جداً للتوصل الى تسويات او مصالحات صعبة.
وطالب باستغلال الفرصة المتاحة والا فنحن امام الكلام الاخير والوضع الاخير الذي يجب ان تصل اليه، ولا يبقى حينئذ اي وجود مسلح على الاراضي اللبنانية.
اما في الداخل اللبناني، فقد كانت سلسلة الرتب والرواتب وكذلك عودة الهدوء الى علاقة التيار الوطني الحر وتيار المستقبل رغم مرورها «بهزات خفيفة» المحطتين الاساسيتين في الحياة السياسية.
والحال انه بعد عودته من اجازته الصيفية التي قضاها في اسبانيا «مقفلا خطه»,دعا الرئيس بري هيئة مكتب المجلس للاجتماع اليوم من اجل وضع جدول اعمال الجلسة التشريعية المرتقبة والمتوقع عقدها مطلع الاسبوع المقبل.
والمعلوم ان هناك جدولا باقيا من الجلسة السابقة وعلى رأسه سلسلة الرتب والرواتب ستضاف اليه بنود اخرى من مشاريع واقتراحات لقوانين مطروحة. وجدد بري امام زواره امس ما قاله سابقا بان السلسلة ستكون اولا وان النقاش سيكتمل من النقطة التي انتهى اليها النقاش في الجلسة السابقة.
وشدد ايضا على ان هذه السلسلة هي حق لاصحابها وانه مع اقرارها. وحول ما اذا كانت الحكومة باستطاعتها استرداد مشروع سلسلة الرتب والرواتب فاجاب بري: «نعم تستطيع الحكومة استرداد اي مشروع». وتابع: «وفق الاصول يجب ان تستردها الحكومة بمرسوم ولكن جرت عادة ومرارا ان طلب رئيس الحكومة خلال الجلسة التشريعية استرداد اي مشروع يتداوله مجلس النواب. وعلى البرلمان وفق النظام الداخلي الاستجابة للطلب». وهنا سؤال يطرح نفسه: هل تريد الحكومة اقحام نفسها في موضوع يؤثر سلبيا عليها فاذا فعلت الحكومة ذلك فيجب عليها تحمل عواقب قراراتها لان الاخيرة ستكون لها تداعيات سلبية على الحكومة نفسها. فأي مخرج ستلجأ اليه الحكومة مع نسبة اضرار متدنية؟
اما حول علاقة التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، علمت «الديار» ان الطرفين حريصان على ابقاء العلاقة في جو ايجابي وعدم تعريضها للتوتر والمشاحنات وذلك يعود الى الاتفاق الذي حصل بين المستقبل والوطني الحر على وصول العماد عون الى رئاسة الجمهورية وتأمين رئاسة مجلس الوزراء الى الرئيس سعد الحريري طبعا مع اخذ غطاء سعودي لشتى الامور.
وهذا ما حصل ويحصل فالتوافق بين المستقبل والوطني الحر طال اموراً اخرى غير مكشوفة فعلى سبيل المثال لا الحصر اتفقوا على قانون انتخاب عدا عن رسم خريطة طريق لتحالفات انتخابية في بعض المناطق. وايضا، برز ذلك في التعيينات حيث ابدى الفريقان حرصا على التناغم فيما بينهما اي بمعنى اخر يحرص العونيون على حصول المستقبل على الحصة الاكبر من القاعدة السنية في حين يحاول تيار المستقبل ضمان الحصة المسيحية في التعيينات لصالح التيار الوطني الحر.
وهذا ما يفسر اختيار الطرفين الحوار كوسيلة لفض النزاعات والخلافات وعدم الوصول الى القطيعة بل الابقاء على تواصل في مناخ ايجابي.
التعيينات: هل تبقى الالية السابقة ام تتغير؟
في غضون ذلك، يجري الحديث مؤخرا بأن تعود التعيينات الادارية والديبلوماسية والقضائية على طاولة مجلس الوزراء قريبا ويترافق ذلك مع كلام عن سعي البعض لالغاء الالية التي اعتمدت مؤخرا. وهنا سئل الرئيس بري حول الغاء هذه الالية فقال: «الآلية تقررت في مجلس الوزراء لحل الاشكالات التي كانت تحصل حول التعيينات ولايجاد مخرج للكفاءة من خلال خضوع المرشحين لممر مجلس الخدمة المدنية الموثوق به رغم انه لا يوجد شيعي واحد في ادارته ليصار لاحقا اختيار الاسماء الثلاثة الاول ويرفعها كل وزير مختص الى مجلس الوزراء على ان يختار الاخير واحداً من الاسماء المقدمة اليه. واعتبر بري اننا في عهد التغيير والاصلاح ولا اعتقد ان يحصل تجاوز للالية وعلى اي حال اذا تقرر تغيير الالية فسنصوت ضد الغائها.
واضاف بري: «نحن مع هذه الالية التي طبقت وتطبق ومستمرون بها مشيرا الى ان محاولة الغاء هذه الالية هي خطوة الى الوراء لانها تعيد المحاصصة مجددا الى الواجهة.
الموازنة: هل تقر دون قطع حساب؟
بموازاة ذلك، وحول ما يقال ان البعض يريد تعليق المادة 87 من الدستور من اجل تمرير الموازنة دون قطع حساب، قال الرئيس نبيه بري: «لا علم لي بهذا الموضوع ولا اعرف ماهيته. وعلى كل حال اريد ان اعرف الهدف وكيفية تعليق المادة: فمثلا اذا كان تعليق المادة هو لفترة محددة من الوقت ريثما يعود العمل بها تلقائيا بعد انتهاء الفترة فهذا امر ننقاشه الا ان ذلك لا يعني اننا معه من الان». وتابع: «اما اذا كان المقصود تسهيل اقرار الموازنة دون قطع حساب فقد جرت مرات عدة ان اقرينا الموازنة مع تسجيل التحفظ بعد اقرارها بقطع الحساب على ان يصار ذلك لاحقا». وبمعنى اخر، اقرت عدة موازنات بتعليق المادو 87 دون اي تعديل دستوري.