نظمت كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية، بمشاركة وزارة الإعلام والرابطة العربية للبحث العلمي وعلوم الإتصال، ورشة عمل بعنوان: “دور وسائل الإعلام والإتصال في التوعية الإجتماعية”، برعاية رئيس الجامعة البروفسور فؤاد ايوب وحضوره في مبنى كلية الإعلام – الفرع الأول.
قطب
بعد النشيد الوطني ونشيد الجامعة وكلمة ترحيبية للدكتور جمال نون، القى نائب رئيس الرابطة العربية للبحث العلمي وعلوم الإتصال الدكتور هيثم قطب كلمة، قال فيها: “ان أهمية هذه الورشة تظهر جليا من خلال عنوانها حمال الأوجه، وعناوين محاورها التي تدور حول استشراف علامات التفاعل والتداخل بين مجالي التنمية والتواصل الإعلامي، دور وسائل الإعلام والإتصال في تنمية الوعي الأمني والوطني، ونظيره الوعي الإقتصادي والسياسي، اضافة الى الوعي الأخلاقي والإجتماعي، ناهيك بالوعي التربوي والثقافي والصحي والبيئي”.
اضاف: “يتضح للمراقب ان الإعلام والإتصال لهما وقع وتأثير على معظم مجالات الحياة الإجتماعية، صحيح انهما تأثرا كباقي القطاعات والمجالات بالثورة التكنولوجية، إلا ان تأثيرهما يتعاظم يوما بعد يوم، وباتت المجتمعات والسياسات والاستراتيجيات تعتمد بشكل كبير وأساسي على هذه الوسائل، وسوف نترك للباحثين المشاركين ان يغنونا بأمثلتهم وتجاربهم وتصوراتهم، كل في مجال اختصاصه”.
عبدالله
وأعلنت رئيسة الرابطة العربية للبحث العلمي وعلوم الإتصال الدكتورة الدكتور مي عبد الله “اننا اردنا أن تكون الورشة هذه السنة في كلية الإعلام ليستفيد طلابنا من حضورها ويشارك فيها أكبر عدد من الزملاء والأساتذة، فالرابطة هي شبكة للتواصل والتبادل العلمي، مركزها لبنان وتتصل برحم الجامعة اللبنانية، وهي تبني شراكات مع المراكز البحثية الأخرى والجامعات والمنظمات في الدول العربية والخارج، وتهدف بالدرجة الأولى الى جمع الباحثين والمفكرين العرب حول قضايا الإعلام والإتصال، كما تهدف الى ترشيد دور الإعلام في الخدمة الإجتماعية، وخلق ثقافة المشاركة العلمية والبحثية في الوطن العربي عل لغة العلم والحوار العلمي تسود على اللغات الأخرى وعل العلم والبحث يجمع ما فرقته الخلافات السياسية والحروب”.
واشارت الى ان هذه الورشة تنظم في نفس الوقت في عدد من الدول العربية، في فلسطين، الجزائر، الإمارات، الأردن، العراق وغيرها.
وقالت: “الإعلام والإتصال والتوعية الإجتماعية، هو موضوع هذه السنة في محاور: التوعية المختلفة، الوعي الأمني والوطني، الإقتصادي والسياسي، الأخلاقي والإجتماعي، التربوي والثقافي، الصحي والبيئي. لقد حاولنا أن تكون المحاور شاملة لمختلف مجالات الحياة الإجتماعية، وسوف تتضمن الورشة أوراقا بحثية لرصد ودراسة دور وسائل الإعلام والإتصال ومدى فعاليتها في التوعية الإجتماعية في مختلف القطاعات، وتنمية القيم تجاه العديد من القضايا الإجتماعية، للخروج بمؤشرات حول التوعية الإجتماعية في ظل انتشار وسائل اتصالية حديثة مثل شبكات التواصل الإجتماعي التي لا يمكن إنكارها وتجاوز دورها. وطبعا ما يقدم في هذه الورشة هو أفكار ومقترحات سيتم تطويرها الى بحوث علمية محكمة تضم الى بحوث الدول الأخرى لنشرها في كتاب جامع يتناول هذا الدور للاعلام في الوطن العربي بمختلف تجاربه”.
محفوظ
ثم كانت كلمة لرئيس “المجلس الوطني للاعلام” عبد الهادي محفوظ قال فيها: “الاعلام اللبناني كان رائدا في العالم العربي، والسبب الرئيسي هو الحرية الإعلامية وحرية التعبير والتنوع وهي حريات كانت ميزة لبنان وما زالت”.
اضاف: “حقيقة الأمر، لم يعد الإعلام بسلطة رابعة، فهو السلطة الأولى التي تسوق السياسات والسياسيين وتتحكم بصناعة الرأي العام. وبالتالي فإن المقياس هو في الوظيفة التي نريدها للإعلام، وظيفة البناء أم الهدم، فهو قادر على الإثنين معا. ففي مراحل الإنقسام السياسي والطوائفي تغلب وظيفة الإنقسام وفي مرحلة السلم الأهلي وفي ظل دولة المؤسسات تغلب وظيفة البناء والوحدة. وهذا ما نأمله في المرحلة الحالية مع فخامة الرئيس الجنرال ميشال عون الذي يأمل ببناء دولة قوية وقادرة وعادلة”.
واشار محفوظ الى ان “البيان الوزاري الأول لحكومة الاستقلال الأولى في 7 تشرين الأول 1943 اعتبر أن الطائفية “تقيد التقدم الوطني من جهة وتشوه سمعة لبنان من جهة أخرى، فضلا عن أنها تسمم روح العلاقات بين الجماعات الروحية المتعددة التي يتألف منها الشعب اللبناني”. وقال: “لقد شهدنا كيف أن الطائفية كانت في معظم الأحيان أداة لكفالة المنافع الخاصة، كما كانت أداة لايهان الحياة الوطنية في لبنان إيهانا يستفيد منه الأغيار”.
اضاف: “الواضح أن الطائفية السياسية هي مصدر أساسي من مصادر الخلل والانقسام اللبناني والنزاعات اللبنانية. وهكذا يمكن للاعلامي اللبناني أن يسهم في بلورة مفهوم أننا نريد أن نكون مواطنين في وطن لا مواطنين في طوائف ومزارع سياسية، وهذا يتطلب إسقاط لغة التحدي في العلاقة بين اللبنانيين وبين الموالاة والمعارضة، خصوصا وأن تكوين لبنان الهش يجعله أكثر عرضة من غيره في لحظة الضغوط والتأزم التي تمر بها المنطقة. فالتفاعل بين الطوائف على قاعدة المواطنية يغني حوار الطوائف ويجعل من الصيغة اللبنانية التي هي عبارة عن حوار تفاعل بين الأديان رسالة حضارية الى العالم على ما يقول ويستنتج الامام موسى الصدر ويجعل من لبنان ليس مجرد بلد بل رسالة على ما يقول قداسة الحبر الأعظم”.
وتابع: “أما الكلام عن دور الإعلام في التوعية الاجتماعية وتعزيز الوحدة الوطنية والسلم الاهلي والخروج من الطوائفية البغيضة وتصويب الاداء السياسي والاعلامي فيفترض أن يكون هناك “رؤية إعلامية” تمتلكها الحكومة في هذا الإتجاه – فهل هناك مثل هذه الرؤية”، مؤكدا “ان إنتاج مثل هذه الرؤية يحتاج إلى ورشة إعلامية تشترك في صياغتها الدولة ومؤسساتها والجامعات والنخب في المجتمع المدني”.
وقال: “السؤال المطروح أي نوعية من الإعلام نريد. فالإعلام يمكن أن يكون بناء أو هداما وفقا للوظيفة التي نريد أن نعطيه إياها. والمطلوب تبادل التنازلات من أجل وقف الإنهيار، ذلك أن معادلة لا غالب ولا مغلوب: هي عبارة عن هدنة موقتة أو طويلة لكنها ليست هي الحل. يمكن أن تمهد لسلم أهلي يعمل خلاله على بناء الدولة القادرة والعادلة والتي همها إرساء فكرة المواطنية الجامعة. فالهواجس المتبادلة هي مصدر للتوتر المستمر. وهكذا لا بد من التوافق حول معنى المفردات: الديموقراطية، العيش المشترك، المواطنية، السلم الأهلي، السيادة، العروبة، الإرهاب، الفصل بين السلطات.
كما قال ابن خلدون: “العصبيات لا تبني أوطانا”. وهذه العصبيات اصبحت السمة الاساسية في حسابات المجتمع السياسي وفي الترويج الطوائفي”.
اضاف: “وهكذا في التلاقي الذي حصل على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية يمكن للإعلام أن يساهم في استثمار هذا التوافق والبناء عليه بقطع الطريق على التوترات والعصبيات ولإطالة فترة الهدنة، باعتبار أن التاريخ اللبناني هو تاريخ حروب تقطعه هدنات طويلة أو قصيرة طالما لم تربط فكرة الدولة بقيام مواطنية حقيقية وطالما هناك سقوف متعددة لهذه المواطنية وطالما لم يلغ اتفاق الطائف تعددية السقوف هذه ولم تنفذ مقرراته المرتبطة بإلغاء الطائفية السياسية وبإنشاء مجلس الشيوخ. بمعنى آخر السلم الأهلي الظاهري الذي نشهده الآن هو موقت وعابر وقابل للانفجار ويمكن للإعلام تظهيره وتثبيت معادلاته عبر الخطوات الآتية:
– الإلتزام بالموضوعية والإستقلالية والأمانة والتنوع.
– الإبتعاد عن المبالغة وتقديم صورة حقيقية واضحة.
– الإلتزام بالمواثيق والأعراف الدولية والتعامل الشفاف مع الأخبار.
– تعزيز روح التسامح والألفة والتشجيع على ثقافة الحوار لا الخلاف.
– الإعتراف بالخطأ لدى وقوعه والمبادرة إلى تصويبه وتفادي تكراره.
– التمييز بين النقد والتجريح.
– عدم بث كل ما من شأنه إثارة النعرات الطائفية أو التعرض للنظام العام ومقتضيات المصلحة الوطنية أو التحريض على العنف في المجتمع.
– الترويج لحوار الثقافات والأديان بديلا من مقولة حرب الحضارات.
– إغناء المشاهد والمستمع والقارئ بالمعارف والثقافات وتعريفه بحرياته وحقوقه الأساسية وواجباته تجاه عائلته وشعبه.
– اداء المؤسسات الإعلامية رسالتها كأدوات فاعلة في بناء الإنسان وتطوير الذوق العام.
– احترام الشخصية الإنسانية وحرية الغير والطابع التعددي في التعبير عن الأفكار والآراء.
– التركيز على دور التنمية في تعزيز و ربط الأطراف والأرياف بفكرة الدولة.
– يمكن للمؤسسات الإعلامية استنادا إلى القوانين حجب كل تصريح سياسي فيه مساس بكرامة الآخر أو الإعتداء على حريته أو التحريض على الإثارة الطوائفية والسياسية.
– في ظل التوافق الحالي يمكن للحكومة الجديدة أن تستظل بإرادة سياسية واحدة في مجال الإعلام تتيح تطبيق القانون المرئي والمسموع وقانون المطبوعات وترفع غطاء الحماية السياسية والطوائفية عن هذه المؤسسات كما تحمي المؤسسات الاعلامية من الانهيار.
– يمكن للإعلام أن يصوب الأداء السياسي ولا يعطي فرصا للإنقسام السياسي والطوائفي في التحول إلى “حالة اسرائيلية” محكومة بالهواجس والمخاوف المتبادلة وتفسح المجال أمام اسرائيل للتسلل إلى “الداخل اللبناني” سواء عبر الجواسيس أو عبر تخريب السلم الأهلي.
– إحتضان المقاومة من الدولة والمجتمع باعتبارها عنصرا اساسيا في وقف الإعتداءات الإسرائيلية واستعادة مزارع شبعا وكافة الأراضي اللبنانية والحؤول دون التوطين وسرقة اسرائيل للمياه اللبنانية.
– دعم الجيش اللبناني ومساندته باعتباره الأداة الأساسية للسلم الأهلي ووحدة الدولة.
– دعم الاعلام لمعادلة المواءمة بين الانماء والتحرير والتي أرساها الرئيس الراحل رفيق الحريري والتي يمكن متابعتها مع نجله الرئيس سعد الحريري.
وقال: “ثمة تبادل للتأثير بين الاعلام المرئي والمسموع والنخب الثقافية. فمن المعوقات الاساسية لقيام الاعلام بمهمة تربوية غرضها توحيد المجتمع غلبة المسألة الطائفية ومعها كون الاعلام المرئي والمسموع بغالبه تجاري النزعة ويحتضن اعلام الاثارة سواء السياسية او الغرائزية، اضافة الى غياب النخبة اللبنانية عن القيام بدورها على صعيد تعزيز الثقافات الموحدة وصهر القيم المشتركة وبسبب التحاقها بالمصالح الطائفية. وفي هذا المجال لا بد من تطبيق قانون المرئي والمسموع لجهة الالتزام ببرامج الانتاج الوطني والتنشئة وحماية البيئة والاطفال. كما ان هناك حاجة موضوعية لايجاد جواب على مشكلة فعلية تتلخص في كون الصناعة في المرئي والمسموع غير مربحة. فالسوق الاعلاني في لبنان لا يكفي لاكثر من محطتي تلفزيون ما يقتضي ان تشجع الدولة على سياسة الدمج بين المؤسسات كما تفعل في قطاع المصارف. كما انه لا بد من تخفيض الرسوم المتوجبة على المؤسسات المرئية والمسموعة لصالح انتاج برامج تربوية ومناطقية”.
اضاف: “واستطرادا التشديد على “المشترك” بين اللبنانيين يأتي على رأس الاولويات بالنسبة للاعلام التربوي، وتوحيد المفاهيم ازاء ما هو مشترك بين اللبنانيين هو مهمة ملحة تسهم في تفكيك عناصر التوتر الموجودة في اكثر من مكان. فالالتباس في المفاهيم حاليا قائم حول فكرة الميثاقية وحول مفهوم الديموقراطية والديموقراطية التوافقية والتأهيل الانتخابي”.
وتابع: “ويتضمن قانون المرئي والمسموع 382/94 ودفتر الشروط النموذجي للمؤسسات الاعلامية مرسوم رقم 7997 ما يعزز هذه المفاهيم المشتركة بين اللبنانيين. فقد جاء في القانون:
على المؤسسات التلفزيونية والاذاعية ان تبث بمعدل: ساعة اسبوعيا برامج للتوجيه الوطني وبرامج تربوية وارشادية وسياحية دون مقابل بناء على طلب وزارة الاعلام وفي الاوقات المحددة في دفتر الشروط. تؤمن وزارة الاعلام المواد المطلوب بثها او تعتمد مواد متوفرة لدى المؤسسة.
– 166 ساعة تتناول المجالات المنوعة الثقافية والاجتماعية والرياضية والتوثيقية والتنموية (البيئة، الصحة العامة، الارشاد الزراعي، الاسرة، السكان والمناطق اللبنانية كافة.
– 146 ساعة لبرامج الاطفال والناشئة والشباب.
– ساعة واحدة على الاقل لبث برامج التوجيه الوطني وبرامج تربوية وصحية وارشادية وثقافية وسياحية دون مقابل – فترة البث بين الخامسة والسابعة”.
وقال: “على المؤسسة التلفزيونية:
– عدم بث افلام وبرامج تتسم بالعنف والتشويق الجنسي قبل العاشرة والنصف ليلا.
– عدم الترويج لهذه الافلام والبرامج قبل الساعة التاسعة والنصف ليلا.
– عدم بث برامج الرسوم المتحركة المبنية على مواضيع العنف المبالغ فيه والذي يؤثر على مخيلة الاطفال والاحداث.
– الامتناع كليا عن عرض الافلام الجنسية المصنفة X.
وجاء في دفتر الشروط: تتعهد المؤسسة التقيد باحكام القوانين والانظمة النافذة”.
واكد انه “يمكن للاعلام اللبناني وتحديدا المرئي والمسموع منه ان يكون منبرا اساسيا في رسم صورة ايجابية لحوار الحضارات مستفيدا من الصيغة اللبنانية لهذا الوطن الصغير بما تعنيه هذه الصيغة من كونها نموذجا لحوار الحضارات ومن تمسك بوحدة لبنان وصيانة كونه امانة للحضارة العالمية وكبديل لنظرية صراع الحضارات التي تم الترويج لها بعد الحادي عشر من ايلول والتي تركز على الصراع بين الحضارتين الغربية والاسلامية. وهذه النظرية تجد من يحبذها لدى المحافظين الجدد في الادارة الاميركية رغم ان العالمين العربي والاسلامي دانا عملية الحادي عشر من ايلول التي استهدفت البرجين والبنتاغون. والمقصود هنا انه يمكن للاعلام اللبناني والعربي ان يسهم في تسليط الضوء على حوار الحضارات عبر الصيغة اللبنانية التي هي عنوان انفتاح الاديان على بعضها البعض. انما المهمة ليست سهلة ذلك ان تراجع فكرة الدولة وغلبة فكرة المحاصصات الطائفية تضعف فكرة الاعلام الموضوعي والوطني باعتبار ان المحاصصات تغذي فكرة المواطن في الطائفة على حساب المواطن في وطن. وهذه مسألة جدير بها ان تكون عنوانا لاهتمام مؤسسات المجتمع المدني واحزابه، ذلك ان التغيير الفعلي يأتي من هذا المكان وليس من غيره. وللأسف يلمس المراقب انه تحت عنوان مظلة احترام الطوائف يتم الآن التأسيس لنظرية المواطن في طائفة بحيث تكون تهديدا لعلاقات الطوائف في ما بينها وتهديدا لوحدة الطائفة نفسها. فالافضل هو ايجاد المعادلة التي تؤدي الى تجاوز المسألة الطائفية، وهنا دور النخبة الذي ما زال معطلا ان لم يكن ملحقا بقطار المحاصصات. بالتأكيد فان الوصول الى قانون انتخابي يحقق عدالة التمثيل هو المدخل الذي لا بد منه لتعزيز فكرة الدولة الجامعة”.
وشدد على “أن يكون للمجلس الوطني للاعلام صلاحيات تقريرية، أي أن المطلوب تعديل قانون المرئي والمسموع وصدور قانون جديد ينظم الاعلان في لبنان وتستفيد منه كل المؤسسات المرئية والمسموعة. اضافة إلى ذلك لا بد من قانون عصري للأحزاب يحول دون قيام أحزاب طائفية أو فئوية أو تهدد وحدة الدولة والوحدة الوطنية”.
وقال: “واقع الأمر، ثمة ضرورة أكيدة لاعادة الاعتبار للتلفزيون العام لاعتبارات لها علاقة بذاكرة اللبنانيين وبخطاب لا طوائفي بعيد عن ضغوط الاثارة الطائفية والاعلان التجاري ومتحرر من ضغوط أهل الحكم وخلافاتهم. كما أنه من المهم تخفيف الاعباء المالية عن المرئي والمسموع لصالح تشجيع الانتاج الوطني على صعيد الدراما والبرامج الثقافية”.
وختم بالقول: “اخيرا، ينبغي الاعتراف بان اتفاق الطائف أوقف الحرب ولم يبن دولة المؤسسات ولم يستكمل حتى خطواته الناقصة. وهذا ما يفسر كيف بقي السلم الاهلي مهزوزا. والتجربة اثبتت وتثبت بان لبنان لا يمكن ان يحكم من طائفة ولا من تحالف طائفتين او ثلاثة. وان ما شكى منه مؤسسو دولة الاستقلال من علل الطوائفية السياسية ومن تسميمها لروح العلاقات بين الجماعات الروحية هو ما ينبغي ان ينصرف الى معالجته اللبنانيون والنخب تحديدا لوضع حد لتجديد النظام الطوائفي بحروب ترسي من وطننا مزارع سياسية طوائفية للخوف والغاء الآخر والانغلاق على الذات. بهذا المعنى فان دور الاعلام اساسي ومفصلي اذا ارتكز الى وظيفة البناء لا الهدم”.
صدقة
ثم كانت كلمة عميد كلية الإعلام الدكتور جورج صدقة الذي قال: “ان واقعنا اللبناني يشهد كل يوم على ان إعلامنا بعيد عن هذه الإتجاهات فضلا عن كونه في حال تراجع، لقد بات إعلامنا إعلاما فقيرا، يسرح أقلامه البارزة والخبيرة، يعجز مرارا عن دفع رواتب العاملين فيه، هاجسه الأول الإستمرار بغض النظر عن المضمون والدور، انكفأ عن الكثير من أدواره الأساسية، فتراجعت فيه المضامين الثقافية والتربوية والتنموية، هذا فضلا عن بعض الأمراض القديمة في صحافتنا التي غالبا ما وضعت الشؤون السياسية، ولو السطحية منها في مقدمة اهتماماتها على حساب قضايا التربية والتنمية وتطور المجتمع وخدمة الشأن العام”.
اضاف: “زاد على ذلك، ان الأزمة الإقتصادية الخانقة التي تواجه وسائل الإعلام اليوم تدفع بالكثير منها الى الإبتذال أو التبعية، أو تعتمد على برامج التسفيه والإثارة بحثا عن بضعة قروش من المردود الإعلاني، وتضرب هكذا المبادىء الأخلاقية التي تقوم عليها مهنة الإعلام. وهذا موضوع عزيز على قلب رئيس جامعتنا البروفسور فؤاد ايوب الذي يشدد في كل لقاء معه على ان تلعب كليتنا دورها في الدفاع عن الرسالة الأخلاقية لوسائل الإعلام وأن تسهم في تصحيح مسارها”.
وتابع: “هذا المؤتمر يأتي للتذكير بأهداف أساسية في رسالة الإعلام، الا وهي التوعية، بناء الرأي العام، والتحفيز على مبادىء وأسس الوعي والتنمية. كما انه يذكر بالتحولات الكبرى الحاصلة في ثورة المعلومات، وما أدخلته الى وسائل الإعلام والإتصال من تغييرات أساسية طالت ليس فقط أدوات الاتصال بل طالت أيضا جوهرها، بما فيه دورها ورسالتها”.
واعتبر “ان الثورة الرقمية والإتصالية لا تقوم بتغيير النشاط البشري فقط، بل التفكير البشري وإدراكنا للأمور ومقاربتنا لها، وهو ما يزيد من مسؤولية الإعلامي الذي بات عليه أن يضاعف من جهده كي يحافظ على دوره، وكي يبقى حاجة لمجتمعه في وقت بات الظاهر يوحي ان استخدام مواقع التواصل الإجتماعية قد يهدد مهنة الصحافي ودوره”.
واشار الى ان “كلية الإعلام هي في وسط هذه الثورة الرقمية العالمية، وهي في وسط التحولات التي تعيشها المهنة محليا والتي يعيشها المجتمع اللبناني. هي تسعى الى أن تواكب التغيير للاستفادة منه، كما تسعى لأن تلعب دورها الى جانب الإعلام المحلي، وهي تهيء خريجيها للانطلاق الى سوق العمل، على صعوبة هذه السوق في هذه الأيام، مزودين بالمعارف والمهارات والقيم”.
وقال: “انطلاقا من هذه الأهداف، أطلقت كلية الإعلام قبل سنتين شهادة ماستر مهني في الصحافة الإقتصادية والتنموية، وشهادة ماستر مهني في الصحافة البيئية والصحية، وذلك بهدف رفد سوق العمل بمتخصصين يسهمون في تنمية الوطن من خلال رسالتهم الإعلامية. والسنة الماضية أطلقت الكلية شهادة ماستر مهني في الإعلام الرقمي، تماشيا مع حاجة سوق العمل ومن أجل تأهيل اعلاميين مزودين بمهارات تساهم في ارتقاء المهنة وخدمة المجتمع”.
واعلن “ان الكلية تتطلع الآن الى مناهج جديدة على مستوى الإجازة كي تحافظ على دورها ورسالتها ومستواها الرائد، وهي فخورة بهيئتها التعليمية المتميزة كما بخريجيها الموزعين على كل المؤسسات اللبنانية والعربية”.
وختم: “هذا المؤتمر أراد دعوة الإعلام اللبناني الى إعادة اكتشاف دوره لأنه تحول من إعلام منتج للأفكار والقيم والمبادىء الى إعلام مستهلك لمبادىء غريبة عنه، تحول من إعلام التنمية والإرتقاء الإجتماعي الى إعلام التسطيح الفكري”.
واذ شكر منظمي هذا المؤتمر، شدد على العمل معا “لإعادة بناء إعلام نظيف بعيد من التلوث، يساهم في بناء الإنسان وتنمية الوطن”.
ايوب
ثم كانت كلمة راعي الورشة رئيس الجامعة الدكتور ايوب استهلها بشكر منظمي المؤتمر، آملا أن تكون للمهنة الإعلامية معايير تحدد مهامها”. وقال: “لم يعد خافيا على أحد ما يحدثه الإعلام من تأثيرات على الفرد والمجتمع، بل وعلى الشعوب بأكملها بعدما أصبح هذا الإعلام سمة العصر والقوة الأكثر تأثيرا في التحولات الإدراكية والمتغيرات المعرفية وفي دخوله أنماط الفكر الإنساني وما يترك فيه من تداعيات على المستويات كافة”.
اضاف: “أما، وان ورشتكم اليوم تحمل عنوان “دور وسائل الإعلام والإتصال في التوعية الإجتماعية” فهذا يرتب مسؤولية تبدأ من البيت وتنتهي لدى المؤسسات ووسائل الإعلام والإتصال. والمسؤولية التي تقع على عاتق وسائل الإعلام، المرئية منها والمسموعة والمقروءة، لا بد لها من ضوابط ومحاذير تراعي مصلحة الفرد والمجتمع برقابة ذاتية ان لم تكن هناك تشريعات قانونية تضبط العمل الإعلامي ووسائل الإتصال، مع ان لوسائل الإعلام دورا كبيرا في التركيز على النواحي التي تستطيع من خلالها نشر برامج توعية تحد من التفلت وتقلل من مخاطر الإنجراف السلبي في المجتمع، ولا سيما عند جيل الشباب او الناشئة التي إن لم تكن محصنة بالمفاهيم والقيم الأخلاقية والإجتماعية فإنها تستسهل الإنجراف الى مسالك السوء والإنحراف”.
وتابع: “قد يفرض الواقع احيانا ثقافات متعددة ضمن بيئة واحدة، إلا ان هذا لا يعني ان تخرج الأمور من عقالها وتصبح رهن إرادة واحدة ومادة للنقاش أو سببا لخلاف اجتماعي”.
وختم: “وأخيرا انتهز فرصة انعقاد هذه الورشة التي تضم نخبة من الإعلاميين وممثلي بعض وسائل الإعلام لأنوه بالدور الإيجابي الذي يقومون به، وأشير الى انه لا بد من توصيات تأخذ بعين الإعتبار النقاط التي يجب أن تراعى في العمل الإعلامي والتي منها الرقابة الذاتية واعتماد برامج ومقالات موجهة تساعد في التوعية وتساهم في توحيد الرؤية المجتمعية، متمنيا لكم ولهذه الورشة التوفيق والنجاح. لكل مهنة آدابها، وأتمنى أن تكون للمهن الإعلامية معايير تحدد مهامها، وأتمنى عليكم وللاعلاميين القيام بهذه المهمة الراقية”.