على خلاف الوضع السياسي العالق في دوامة الاخذ والرد غارقا في متاهة الملفات المتوالدة ازمات تبدو مستعصية على الحل، تتحرك في المقابل القيادة العسكرية بحزم ضد المجموعات الارهابية في سياق استراتيجيتها وخططها العسكرية الموضوعة،امنيا وعسكريا مقفلة اي ثغرة قد ينفذ منها اصحاب النوايا السيئة، مظهرة ان عمل الجيش واجهزته ينطلق من الفكر المؤسساتي واستمرارية المؤسسة بعيدا عن الاشخاص والاسماء.
فرغم الاهتمام الكبير بالملفات السياسية من قانون انتخابات وشلل حكومي وازمات معيشية، وبعيدا عن القلق الذي ولته الايام الماضية بعد الاخذ والرد الذي طاول الكثير من التعيينات العسكرية والامنية واثار التساؤلات بين المواطنين، جاءت الانجازات المحققة خلال الايام الماضية لتعيد الثقة بالجيش والقوى الامنية وبقدرتها على تحقيق الانجازات بعيدا عن الضجة،حيث التخطيط والتنفيذ بحرفية لعمليات حازت اشادة القريب قبل البعيد.
فمن نجاح تمرير استحقاق عيد الفصح على خير دون تسجيل اي حادث امني، الى العملية النوعية التي نفذتها الوحدات العسكرية في عرسال فجر السبت الماضي محققة صيدا ثميـنا في لحـظة دقيقـة وحساسـة مصطـادة امير داعش في القلمون، نجح الجيش امس بتوجيه ضربة موفقة حققت اصابات كبيرة في صفوف المسلحين في جرود راس بعلبك.
مصدر عسكري كشف ان عمليات الرصد والمتابعة الجوية والارضية الدقيقة،والاستعلام الامني، سمحت للمعنيين بتحديد ثلاث مواقع يتردد اليها المسلحون ويتجمعون فيها،بعد اداء الصلاة، وعليه تم وضع خطة للاغارة على تلك المواقع من الجو عبر التنسيق بين سربي البوما وطائرات السيسنا، بتنفيذ ثلاث غارات اسفرت عن تدمير المواقع الثلاث وسقوط الموجودين فيها بين قتيل وجريح.
وفي تفاصيل العملية فقد قامت ثلاث مروحيات بوما، قدمتها سابقا دولة الامارات كهبة للبنان،نجح المهندسون والفنيون اللبنانيون،بتحويلها الى مروحيات قتالية مجهزة بصواريخ ومدافع رشاشة محققة من مخازن الجيش ومن العتاد والذخيرة العائدة لطائرات الهوكر هانتر التي اخرجت من الخدمة، بعد نجاح تلك التجربة على حوامات ال «يو.اتش.1» التي زودت بصواريخ 250 كلغ و500كلغ خلال معركة نهر البارد،بالاغارة كل منها على الموقع المحدد بعد تحديد الاحداثيات من طائرة السيسنا عبر استخدام اشعة الليزر، التي حددت اهداف الصواريخ بدقة محققة اصابات مباشرة ودقيقة استتبعتها برشقات رشاشة ثقيلة، قبل ان تعود الى قواعدها سالمة محققة اهدافها.القصف الجوي الحق بقصف مدفعي مركز بمدافع الميدان الثقيلة مستهدفا المجموعات التي حضرت لتقديم المساعدة للمراكز المستهدفة ما ادى الى رفع حصيلة القتلى والجرحى.
ويتابع المصدر ان كل ما جرى تداوله اعلاميا غير دقيق فلا اجتماع لقادة النصرة وداعش ولا تجمعات استعدادا لشن هجوم بري، «كل ما في الامر عملية عسكرية استهدفت مواقع داعش ادت الى تدميرها في سياق الخطة العسكرية الموضوعة من قبل قيادة الجيش».
مصادر مطلعة اشارت الى ان الجيش اللبناني نجح بفرض معادلته على الارض وممسكا بزمام المبادرة متحكما بايقاع العمليات العسكرية ناجحا في استنزاف المسلحين الذين باتوا اضعف من تنفيذ اي عملية عسكرية او تحقيق خرق على غرار ما حصل في آب 2014، مؤكدة ان الاستراتيجية المتبعة من قبل قيادة الجيش والاسلحة النوعية المسلمة من صواريخ مضادة للآليات ومدافع وذخائر وطائرات، وسرعة تآلف العسكريين على التعامل معها باقصى قدراتها،سمحت للجيش بقلب موازين القوى لصالحه، كاشفة ان الجيش اللبناني غير معني باي كلام عن عمليات عسكرية في تلك المنطقة خارج اطار سيطرته، حيث يتحمل وحده مسؤولية القطاع الذي يتولاه دون التنسيق مع اي جهة داخلية او خارجية، وهو ينفذ في هذا المجال سياسة الحكومة اللبنانية، التي تغطي خططه العسكرية التي اثبتت نجاحها.
الى اللاءات الاربع المرفوعة سياسيا في وجه التمديد لمجلس النواب،الابقاء على قانون الستين والذهاب نحو الفراغ النيابي، لا حكومة قبل التوصل الى قانون انتخابي جديد، لاءات جديدة ترفع في اتجاه الداخل والخارج على السواء عنوانها الحدود الجنوبية والشرقية، فمن الاولى تاكيد ان الجيش ملتزم بسياسة الحكومة «الدفاعية» وغير معني باي «عراضات»، ومن الثانية جهوزية امنية وعسكرية لاحباط اي محاولات ارهابية،بعيدا عن اعادة ترتيب البيت الداخلي وفقا لمقتضيات المرحلة الجديدة،فلا امارة اسلامية على اي شبر من الارض اللبنانية ولا مساومة على دماء الشهداء وحياة الاسرى،خصوصا في ظل قائد وصل الى اليرزة من بوابة عرسال التي اثبتت انها كانت وستبقى لبنانية.
المصدر: صحيفة الديار
ميشال نصر