بدأ رئيس معمل ألماني لإنتاج الألبان في تخصيص “إجازة أمومة” لأبقاره لرعاية صغارها. وتظهر الدراسات أن العجول التي تتربى في كنف أمها تسلك سلوكًا اجتماعيًا أفضل ويكون إنتاجها أحسن.
وقال الألماني هانز مولر، رئيس معمل “دي أوكو ملكبورن” لإنتاج الألبان والزبادي العضوي: “كل عجل يحتاج أمه، وهذا هو السبب وراء قيامنا بإعطاء إجازة الأمومة للأبقار، ويتم السماح للأبقار بالبقاء ثلاثة أشهر لتكرس نفسها لصغارها.
وشعر مولر بالسعادة من النتائج التي تمخضت عنها هذه التجربة، ويقول: “هناك علاقة حميمية بين العجول والأبقار، ونحن كمزارعين توقفنا عن الشعور بذلك“.
وحصل مولر على فكرة إجازة الأمومة من زبائنه الذين سألوه عن الكيفية التي تنمو بها العجول، وقال: “تركنا العجول مع بقرة مرضعة، ولكن لم تكن هذه الطريقة نموذجية“.
وللسماح للماشية بأن تعيش حياة طبيعية بشكل أكبر، طبق مولر تجربة ملازمة الأم للعجل عند تربيته قبل عامين في مزرعته في لينتفوردن شمالي ألمانيا.
وهذه التجربة مختلفة تماماً عن الطريقة التي يتم بها تربية معظم العجول في ألمانيا التي لديها 4،3 ملايين بقرة حلوب مما يجعلها أكبر منتجة للألبان في الاتحاد الأوروبي.
وبينما يطعم المزارعون معظم العجول بالدلاء، يتم السماح لعجول مولر بأن تظل مع أمهاتها وترضع أينما شاءت وبالكمية التي تريدها من المصدر مباشرة، وما زال يتم حلب أمهات العجول على نحو منتظم ولكن المزارع يأخذ فقط ما تبقى.
وفي شهرها الثالث، تميل العجول إلى شرب كل اللبن، بحسب مولر. ويضيف ضاحكًا: “نكون محظوظين إذا نام العجل، ولكن هذا لا يحدث في أغلب الأحوال”. وتشرب العجول نحو ألف و600 لتر من اللبن كل عام، ما يعني عدم تمكن مزارع من توفير 1600 لتر لمعمل الألبان، وفقا لمعهد تونين المتخصص في الأبحاث الخاصة بالزراعة والبيئة.
واعتبر مولر شعور الأبقار والعجول بالسعادة الواضحة تعويضاً له عن كمية الألبان المفقودة، ويقول: “الأم والعجل يتعانقان بحمية، ويلعقان كل منهما الآخر بلسانه لتنظيفه وتنادي البقرة دائماً على عجلها ليكون بجانبها لحمايته”. كذلك، فإنَّ مولر أوجد في حظيرته شيئاً لا يملكه مزارعون آخرون وهو “دار حضانة للأبقار“.
وقال مولر: “عادة ما يكون لدى ما بين خمسة إلى ثمانية عجول تقريبًا في القطيع، وأنهم يشكلون مجموعة قائمة بذاتها”. وأضاف: “في الشتاء، تكون العجول غالباً في الحظيرة التي تكون أكثر دفئا وبمجرد أن يصبح الطقس أكثر دفئا، فإنهم يخرجون ويجرون في المراعي ويلعبون مثلما كنا نفعل نحن في أيام طفولتنا“.
وأشار مولر إلى أن “الأمهات يمكن أن ينتابهن شعور بالعصبية إلى حد ما عندما ينطلق صغارها للعب، ولكن بعد أسبوع أو عشرة أيام تبدأ في التحرر من الشعور بالعصبية. وليست الأمهات فقط ولكن أيضا الأبقار الأخرى في القطيع التي تهتم بما تفعله مجموعة الحضانة“.
ويتم عادة فصل العجول عن أمهاتها بعد 24 ساعة من ولادتها، ما يعني أن العجول تواجه غالبا مشكلات في السلوك لأنها لا تستطيع أن تشبع حاجتها الطبيعية من الرضاعة. ووفقا لمولر، فإنه عندما يتم ترك مهمة تربية العجول لأمهاتها، فإنها تكون أكثر صحة، ويقل احتمال إصابة العجول بالأسهال كما يقل احتمال إصابة الأبقار بالتهاب الضرع.
وأظهرت الدراسات أن الأبقار التي تربيها أمهاتها تسلك سلوكًا اجتماعيًا أفضل، وفقاً لشتفاني بوبكين من منظمة بروفيه التي تناهض القسوة في قطاع تربية الماشية الصناعي. وتقول ميليتا تولير، من جمعية “فور بوز الخيرية” المعنية بحقوق الحيوان إن “العلاقات الطبيعية لا يمكن أن تنمو في قطعان الأبقار الحلوب التقليدية“.
وراى الخبراء المعنيون برفاهية الحيوان أن “الأبقار حيوانات اجتماعية النزعة، وتستطيع إقامة علاقات صداقة عميقة فيما بينها”.