أكد رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أن «لبنان يمر بأوقات صعبة جداً نتيجة وجود النازحين السوريين، تتطلب اجراءات استثنائية»، موضحاً أن «الوضع يتطلب خطوات كبيرة لإيجاد فرص عمل، عبر برنامج استثماري لعدة سنوات يشمل كل البنى التحتية والخدمات العامة في كل المناطق». وأشار الى أن لبنان ينظر إلى مؤتمر بروكسل على أنه «بداية العملية وليس نهاية بحد ذاته، لدعم برنامجه الحيوي على شكل مساعدات وقروض ميسرة».
ترأس الرئيس الحريري في السراي الحكومي أمس، اجتماعاً للجنة العليا التوجيهية لمواجهة أزمة النازحين السوريين في لبنان، والتي تشكلت اثر مؤتمر لندن العام الماضي وتضم لبنان وممثلين عن الدول التي شاركت في المؤتمر ومدراء المنظمات التابعة للامم المتحدة والبنك الدولي.
حضر الاجتماع وزراء: التربية والتعليم العالي مروان حمادة، الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي، الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي والاقتصاد رائد خوري، رئيس مجلس الانماء والاعمار نبيل الجسر، المدير العام لوزراة المال آلان بيفاني، المستشاران نديم المنلا وفادي فواز، سفراء وممثلون عن كل من الولايات المتحدة الاميركية، روسيا، سلطنة عمان، الصين، المملكة العربية السعودية، اسبانيا، السويد، سويسرا، الامارات العربية المتحدة، قطر، أستراليا، البرازيل، كندا، الدنمارك، بريطانيا، فنلندا، فرنسا، ألمانيا، ايطاليا، اليابان، كوريا الجنوبية، الكويت، المكسيك، هولندا والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة والمنظمات التابعة لها والبنك الدولي.
وخصص الاجتماع لتقويم مدى التزام كل من المجمع الدولي ولبنان بمقررات مؤتمر لندن والتحضير لمؤتمر بروكسل المقرر عقده الشهر المقبل، ومن المتوقع أن يتناول زيادة المساعدات التي سيقدمها المجتمع الدولي للبنان لمساعدته على تحمل أعباء وجود أكثر من مليون ونصف المليون لاجئ سوري على أراضيه.
في مستهل الاجتماع، ألقى الرئيس الحريري كلمة قال فيها: «ان عناصر سياسة الحكومة اللبنانية تجاه النازحين السوريين، التي نأمل الإعلان عنها في مؤتمر بروكسل، يجري وضع اللمسات النهائية عليها. والأسبوع الماضي أجرت اللجنة الوزارية المختصة نقاشاً معمقاً لورقة سياسة الحكومة اللبنانية بهذا الشأن ونأمل اتمامها في الأسابيع المقبلة».
أضاف: «إن لبنان يمر بأوقات صعبة جداً تتطلب اجراءات استثنائية. ونيتجة للأزمة، تراجعت نسب نمو اقتصادنا وزادت نسب البطالة والفقر إلى مستويات غير مسبوقة، وتتعرض خدماتنا العامة وبنيتنا التحتية لضغط يفوق طاقاتها، وزادت نسب العجز والمديونية».
وأشار الى «أننا طورنا استراتيجية واضحة لمواجهة التداعيات الحادة للأزمة السورية ولإعادة لبنان إلى طريق النمو. والوضع يتطلب خطوات كبيرة لإيجاد فرص العمل، والطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك هي عبر برنامج استثماري طموح وكبير لعدة سنين يشمل كل البنى التحتية والخدمات العامة في كل المناطق. وهذا البرنامج سيحفز النمو ويخلق فرص العمل ويضمن الاستقرار ويلبي برنامج لبنان التنموي، كما من شأنه أن يحضر لبنان ليكون منصة انطلاق لإعادة إعمار سوريا».
ورحّب في هذا المجال، بتقرير صندوق النقد الدولي الأخير حول الاقتصاد اللبناني الذي خلص إلى أن «وجود النازحين في لبنان زاد من عجز بنيته التحتية وهناك حاجة فورية لزيادة الإستثمارات (خصوصاً في البنية التحتية) والتنمية التي توفر فرص عمل، إلا أن ذلك يتطلب دعماً متواصلاً من المجتمع الدولي»، لافتاً الى «أننا ننظر إلى مؤتمر بروكسل على أنه بداية العملية وليس نهاية بحد ذاته، وهي عملية نريد تنفيذها مع المجتمع الدولي لتجييش الدعم لبرنامجنا الحيوي على شكل مساعدات وقروض ميسرة، إضافة إلى ضمان المساعدات الإنسانية لما بعد العام 2017».
وأشار إلى تأكيد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في تقريره الأخير حول لبنان أنه «يرحب باستمرار دعم المانحين السخي للبنان وسيكون بأهميته أيضاً تجييش موارد إضافية للتنمية طويلة الأمد إما على شكل مساعدات أو قروض ميسرة».
واذ أمل في «حل سياسي سلمي للنزاع في سوريا بأسرع وقت ممكن»، أوضح «أننا كما نتمنى أن نرى بداية إعادة إعمار سوريا، إلا أنه إلى حين حصول هذين الأمرين، تواصل الدول المضيفة تحمل الأعباء الإقتصادية والاجتماعية والمالية والأمنية لوجود ملايين النازحين السوريين على أراضيها وهي بذلك تقوم بهذه المهمة نيابة عن باقي العالم»، داعياً إلى «أن نستثمر سوياً في مستقبل لبنان مستقر».
وبحث الرئيس الحريري مع وفد يمثل القطاع العقاري في لبنان في أوضاع القطاع. وأوضح الامين العام لتجار الأبنية في لبنان أحمد ممتاز أن «الاجتماع كان مهماً جداً، وبحثنا في كل المشكلات التي تتعلق بالعقار، وخصوصاً بالنسبة الى الضرائب المطروحة الآن، ونحن نعلن رفضنا لهذه الضرائب. واتفقنا على مواصلة التواصل للوصول الى حلول يمكن أن تساعد، ليس في تحديد هذه الضرائب فحسب، بل في تنشيط القطاع، وسنتابع الموضوع مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الجمهورية ميشال عون، لأن الوضع لم يعد يحتمل، واذا لم يقف القطاع الخاص مع الدولة، واذا لم تتفهم الدولة هذا القطاع، فلا يمكن أن تأتي الدولة بدولار واحد من دون القطاع الخاص الذي هو ركيزة لبنان، وهذا ما يجب أن يفهمه جميع المسؤولين اللبنانيين، مع ضرورة وقف الهدر للوصول الى الحلول المثالية».
وأشار رئيس جمعية مطوري العقار في لبنان نمير قرطاس الى أن «الرئيس الحريري تفهّم ما طرحناه حول الوضع العقاري الذي يشكل 30% من الاقتصاد اللبناني، والذي يؤثر على كل القطاعات الاخرى وعلى فرص العمل، ونحن نعاني تردياً في السوق العقارية، وقد فوجئنا بالضرائب القاسية المطروحة ووجدنا تفهماً لدى الرئيس الحريري. واتفقنا على آلية عمل مع فريق عمله لايجاد الحلول لهذا القطاع، ونؤكد الاستعداد والايجابية بدفع الضرائب، وانما نطلب أن يكون هناك برنامج ضريبي عادل»، مذكراً بأن «العشرة في المئة من المليون أكثر من العشرين في المئة من المئة ألف، ومن الممكن اذا خفضت الضرائب وتحسنت الجباية أن يصبح الوضع أفضل».
وزار السراي وفد من نقابة المقاولين اللبنانيين برئاسة النقيب مارون الحلو الذي أوضح «أننا نقلنا الى الرئيس الحريري مطالب قطاع المقاولات ومشكلاته، وبحثنا في طريقة تفعيل القطاع وتأهيل شركات المقاولات اللبنانية لتكون على المستوى المطلوب للقيام بدورها المنتظم في اعمار البنى التحتية، من جهة، وبناء ما تهدم في المنطقة وخصوصاً في سوريا والعراق، من جهة ثانية. ومن أبرز العناوين التي تطرقنا اليها: قانون دفتر الشروط والاحكام العامة المطلوب إقراره من المجلس النيابي. وتقدمت نقابتا المقاولين والمهندسين بمشروع يوفر توازن العلاقة بين أطراف العقد أي صاحب العمل والمقاول والاستشاري. وتطلب النقابة الافراج عن هذا المشروع ووضعه موضع التطبيق، اضافة الى مرسوم تصنيف المتعهدين ومكاتب الدروس الذي سيضع حداً لمعاناتهم من استنسابية، لذا تطلب النقابة وضع هذا المرسوم الذي يرعى الكفاية والامكانية والاختصاص، موضع التنفيذ وتطبيقه».
أضاف: «كذلك بحثنا في مرسوم تنظيم مهنة المقاولة الذي يحدد نطاق مزاولتها وشروطها وموجبات المقاولين وحقوقهم ومتابعة تنفيذ عقود المقاولات ومراقبتها والدفاع عن حقوق المقاولين والحفاظ على السلامة العامة والعمل للتحكيم ومراقبة النوعية. وطالب الوفد بضرورة التخطيط والتنسيق بين الادارات العامة بتفعيل دور وزارة التخطيط. اما في موضوع ادارة شؤون المناقصات فتطلب النقابة اعادة إنشاء إدارة لشؤون الصفقات واحالتها ضمن التصنيف الموحد لتكون عادلة وشفافة. والطلب أيضاً من وزارة المال والاشغال العامة ومجلس الانماء والاعمار ضرورة سداد المستحقات المتأخرة للمقاولين».
وأكد «أننا كلنا ثقة بإيجابية دولته حيال مطالب نقابتنا، اذ أن قطاع المقاولات في لبنان يشكل من 25% الى 30% من الناتج المحلي. ووعد دولة الرئيس بأنه سيقوم بجولة لتوفير الاعتمادات اللازمة من أجل اعادة اعمار البنى التحتية، ويأمل كثيراً في أن يوفق في رحلته وسيكون ذلك استنهاضاً لإعادة الاعمار ولقطاع المقاولات، وكان متفائلاً جداً».
والتقى رئيس مجلس الوزراء المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان الذي شكره على قرار تعيينه في منصبه، وكانت مناسبة تم التطرق خلالها الى الاوضاع الامنية والمهمات التي تقوم بها القوى الامنية لحفظ الامن والاستقرار ومكافحة الجرائم.
ثم استقبل وفداً من اتحاد روابط مخاتير عكار والضنية، تحدث باسمه رئيس اتحاد روابط مخاتير عكار زاهر الكسار فقال: «أكدنا خلال اللقاء التضامن مع الرئيس الحريري ومع موقع رئاسة الحكومة، ونحن نؤيد مطالب المتظاهرين، ولكن نرفض ونستنكر ما قام به البعض منهم تجاه الرئيس الحريري الذي نزل لملاقاتهم وأصّر على الحوار معهم من موقعه كمسؤول بكل ايجابية».
وأقام الرئيس الحريري في «بيت الوسط» مأدبة غداء على شرف رؤساء الحكومات السابقين حضرها الرئيس فؤاد السنيورة، الرئيس نجيب ميقاتي والرئيس تمام سلام. وجرى خلالها البحث في الأوضاع العامة في البلاد، وكانت وجهات النظر متضامنة حول ضرورة تحصين الدولة والشرعية في مواجهة التحديات والاستحقاقات الداهمة.
وكان استقبل مساء أول من أمس في «بيت الوسط»، رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع يرافقه وزير الإعلام ملحم الرياشي، في حضور وزير الثقافة غطاس خوري ومدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري. وتناول اللقاء الذي دام ساعتين وتخلله عشاء عمل، مشروع قانون الانتخابات ومشروع الموازنة وسلسلة الرتب والرواتب، والأوضاع العامة في البلاد.