عرض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا أمس، مع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، للأوضاع العامة في البلاد، إضافة الى المواضيع الملحة المطروحة على الساحة الداخلية. ووضعه الرئيس الحريري في أجواء الاتصالات واللقاءات التي يجريها مع الوزراء المعنيين، من أجل الاسراع في ايجاد السبل الكفيلة بوضع الحلول اللازمة لكل المواضيع تمهيداً لبحثها بشكل نهائي وإقرارها.
بعد اللقاء، تحدث الرئيس الحريري الى الصحافيين فقال: «زرت فخامة الرئيس للتباحث معه في الأوضاع العامة في البلد، وفي موضوع الموازنة والملفات التي يتم درسها حالياً، وكنا حريصين، فخامة الرئيس وأنا، على مكافحة الفساد ووجوب وضع حد له ووقف الهدر، وقد تحدث وزير المال وعدد من الوزراء في هذا الشأن. إن موقفنا واضح، وهو أن هذه الحكومة هي لإستعادة ثقة الناس، وهم يرغبون في رؤية وقف الفساد والهدر، وهو ما تعمل عليه الحكومة وسنكون صادقين دائماً مع الناس، فالعمل الصادق هو الكفيل بجعل الناس يشاهدون حقيقة ما نقوم به. اما الملفات الاخرى التي طرحناها مع فخامة الرئيس، ومنها الموازنة وسلسلة الرتب والرواتب التي نلتزم بها، فأؤكد أنه لا داعي للتظاهر لأن كل الكتل السياسية متفقة على إقرار السلسلة. هناك بعض الامور السياسية التي يتم حلها، اضافة الى السعي لتأمين موارد لإقرار السلسلة، الا أن الاتفاق موجود على ضرورة إقرار هذا الموضوع».
وأوضح أنه تمت مناقشة موضوع قانون الانتخاب «وهناك حوار إيجابي جداً بين مختلف الافرقاء السياسيين. وبرأيي أننا سنصل الى حل في هذا الشأن. صحيح أن هناك البعض قلق من إقترابنا من مواعيد دستورية باتت حرجة، ولكنني على ثقة بأننا سنصل الى قانون جديد للإنتخابات يرضي تمثيل اللبنانيين في مجلس النواب، ونكون قد تخطينا هذه الفترة بأقل قدر من المشكلات».
وعما إذا كان سيقبل بالنسبية الكاملة، أجاب: «نحن منفتحون على كل القوانين التي يتم تقديمها (النسبية، المختلط…)، وهو قرار اتخذناه في التيار لإظهار أننا لا نشكل عقبة في هذا المجال، وما يهمنا هو إرتياح أفرقاء آخرين في البلد على غرار وليد بك جنبلاط وغيره، للقانون الجديد».
سئل: هل هذا يعني أنكم لستم مع النسبية إرضاء للنائب وليد جنبلاط؟، فأجاب: «كلا، فالنائب جنبلاط تحدث عن هذا الموضوع بإيجابية، ولا ضرورة لأن ننسب اليه ما لم يقله، فهو منفتح على المختلط وعلى أي قانون آخر، وهذا الامر مهم بحد ذاته».
وعن تحديد وقت للإتفاق على قانون الانتخاب، أجاب: «في أسرع وقت ممكن، واذا تمكنّا غداً من ذلك فلن نتأخر».
سئل: وعدت المواطنين بأن تكون صادقاً معهم. أي ترجمة عملية ستتخذون بعد الاحتجاجات بالأمس؟، فأجاب: «نحن لن نلجأ الى الضريبة كما تم نشرها. وقد قلت كلاماً واضحاً بأن ما نشر هو مجرد أكاذيب. فإذا قررنا وضع أي رسم أو ضريبة على أي موارد، فالغاية ستكون عدم إستهداف الناس، وهناك رسوم يمكن فرضها على شركات والاملاك البحرية وغيرها من شأنها أن تؤمّن موارد للخزينة لتمويل السلسلة. ومن باب الصدق، إذا أردت تمرير السلسلة من دون موارد، فعندها أكون قد استهدفت كل الناس، لأن الامر سيطال أموال الدولة التي إذا إنهارت، فسيسألوننا عن السبب الذي دفعنا الى القبول بهذا الامر في مجلس الوزراء. ما نقوله هو التالي: نحن مع السلسلة، ولكن مع وجوب أن تكون الامور واضحة للجميع».
وعما يقال إنه اذا توقف الهدر في الجمارك، فيمكن تمويل السلسلة عندها، أجاب: «هذا مجرد كلام. إذا كان هناك من هدر في الجمارك فسنتعامل معه، ولكن الكلام بالإجمال يبقى فارغاً من الحقيقة. إن السلسلة تكلف 1200 مليون دولار، فهل الهدر في الجمارك يصل الى هذا الرقم؟. نحن في مرحلة يشهد لبنان فيها نمواً لا يتخطى الـ 1بالمئة، ومطالبون برفع الاجور والقيام بإصلاح. هناك إصلاح إداري يجب أن يحصل، فكل الدول تقوم بإصلاحات من أجل المواطن، وكل من ندفع لهم هم في خدمة المواطن. لذلك، عندما نرفع الرواتب لهؤلاء، فعليهم أن يعلموا أن عليهم خدمة المواطن، أكان رئيس حكومة أو قائد جيش أو ضابط برتبة كبيرة أو غيرهم، فجميعهم في خدمة المواطن. هناك أناس يستحقون بالفعل زيادة راتبهم، ولكن علينا تأمين التمويل، لأنه من أسهل الامور أن أقوم كسعد الحريري بالموافقة على السلسلة والتصويت عليها لإقرارها، وينهار البلد ولكن ما هي الافادة من ذلك؟».
وعن دعوته أول من أمس الى تشكيل لجنة من المتظاهرين فيما لا تزال دعواتهم منصبة على القيام بتحركات اخرى، قال: «أنا اتمنى على كل من تظاهر ، أن يشكلوا لجنة للتحاور، ولست منزعجاً منهم بل أتفهم معاناتهم، ولكن يجب حل الامور فلسنا هنا للتحكم بالبلد بل لوضع حلول للمشكلات التي يعاني منها. وهذه حكومة إستعادة ثقة لحل المشكلات».
واستقبل رئيس الجمهورية وفداً من «مؤسسة القدس الدولية» برئاسة نائب رئيس مجلس الامناء الوزير السابق بشارة مرهج، الذي نوّه بـ «المواقف التي إتخذها داخل لبنان وخلال زياراته الخارجية، دعماً للقضية الفلسطينية ولإنقاذ القدس والمحافظة على هويتها العربية ومقدساتها الاسلامية والمسيحية وتثبيت سكانها وتعزيز صمودهم».
وتمنى الوفد أن ينقل الرئيس عون الى الرؤساء والقادة العرب خلال القمة المزمع عقدها في الاردن في 29 آذار الجاري، ضرورة إبراز الأخطار التي تهدد المدينة المقدسة نتيجة الممارسات التي يقوم بها الاحتلال الاسرائيلي، لتشويه الوجه الحضاري العربي والاسلامي للقدس من خلال الإستيطان والجدار العازل وهدم بيوت المقدسيين وتهجيرهم، مطالباً بـ «أن تكون القمة ممثلة لطموحات الشعوب العربية فتضع القدس وفلسطين على رأس اولوياتها وأن تتوّج بقرارات جدية وعملية تسهم في التصدي للعدوان الصهيوني على القدس، وفي تأكيد الحقوق الفلسطينية العادلة وتبديد أوهام أية تسوية اقليمية تتجاوزها، وتحتضن انتفاضة الشعب الفلسطيني». وردّ الرئيس عون مؤكداً أن «لبنان لن يقصّر في الدفاع عن القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني وهو سيواصل هذا النهج».
وعرض الرئيس عون للأوضاع المالية والمصرفية مع رئيس لجنة الرقابة على المصارف سمير حمود، الذي أوضح أنه زوّده تعليماته وتوجيهاته التي يمكن أن تكون عنواناً لمرحلة جديدة من العمل على صعيد الوضعين المالي والنقدي في البلاد، مشيرا إلى أن «الرئيس عون على دراية كاملة بكل زوايا الوضعين المصرفي والنقدي، وقد أكدت لفخامته أن القطاع المصرفي يتمتع بوضع سليم بكل المعايير».
وزار بعبدا وفد مجلس ادارة الصندوق التعاوني للمختارين في لبنان برئاسة بشارة غلام،مع رؤساء روابط المختارين في لبنان الذين شكروا رئيس الجمهورية على «مواقفه الداعمة لمطالب المخاتير، ومنها إعادة العمل بإدارة الصندوق التعاوني للمختارين الذي تعطل العمل فيه،بذريعة أن بعض اعضائه تجاوز السن القانونية علماً أن المختار ينتخب مباشرة من الشعب ولا حدود لسنّه»، مطالباً بـ «إصدار مرسوم يقضي بإنتخاب مجلس ادارة جديد يذكر فيه صراحة بإستثناء المختار من السن القانونية للادارات العامة».
وأكد الرئيس عون متابعة مطالب المخاتير، مركزاً على «أهمية دورهم ومسؤولياتهم، لا سيما في تدوين وقائع الاحوال الشخصية للمواطنين وضرورة التزام القوانين المرعية الاجراء».
وطلبت لجنة تكريم الشاعر سعيد عقل التي تحدث بإسمها رئيس بلدية زحلة المعلقة وتعنايل أسعد زغيب، رعاية رئيس الجمهورية للحفل التكريمي للشاعر الراحل الذي سيقام في شهر أيلول المقبل. وحيّا الرئيس عون ذكرى الشاعر الكبير، معتبراً أن تكريمه واجب. ونوّه بعمل اللجنة المشكلة لهذه الغاية، ومنح رعايته لهذا الحفل.