أكد رئيس الاتحاد البرلماني العربي رئيس مجلس النواب نبيه بري وجوب استعادة موقع القضية الفلسطينية المحوري، وقال: “ان ذلك يستدعي الوحدة الوطنية الفلسطينية، واعادة الاعتبار عربيا بهذه القضية باعتبارها القضية المركزية، واعادة بناء الثقة في العلاقات العربية مع الجوار المسلم”. ودعا الى “مواجهة سرطان الارهاب التكفيري عبر صياغة تشريع موحد يحاكم هذا الارهاب ويتخذ الاجراءات للاسهام في تجفيف موارده ومصادره”. ونبه الى ان “الارهاب الذي يخسر هروبه في العراق وسوريا يوما بعد يوم الى حد الهزيمة الكاملة يبحث عن بطن رخو ليسدد الينا ضرباته لذلك يقع التهديد المقبل على لبنان والاردن”.
جاء ذلك في كلمة الرئيس بري التي القاها نيابة عنه النائب ميشال موسى خلال جلسة افتتاح المؤتمر الرابع والعشرين للاتحاد البرلماني العربي الذي بدأ اعماله اليوم في الرباط وتستمر غدا.
وقد لاقت كلمته ترحيبا من المؤتمرين الذين صفقوا لها وقوفا. كما اعتبرها رئيس البرلمان المغربي الذي ترأس الجلسة جزءا من مقررات وتوصيات المؤتمر التي تصدر غدا.
والجدير بالذكر أن وفدا برلمانيا لبنانيا يشارك في هذا المؤتمر برئاسة موسى وعضوية النائبين اميل رحمة وقاسم عبد العزيز والامين العام للمجلس النيابي عدنان ضاهر.
وهنا كلمة بري: “في المغرب الشقيق تثاقف العالم ، وهنا كتب ابن خلدون مقدمته ورست ريشة اشرعة مداده وهي تقرأ لنا كف واقعنا وتكتب عصارة ما شاهـده ولمسه واحسه ورآه الادريسي وابن بطوطة وابن رشد وابن طفيل .
والى هنا نحمل من المشرق العربي الى بلاد الموحدين والمرابطين والادارسة امنيات واحلام المتوسطيين والاطلسيين الى حيث تنصهرعلاقات تعايش فريدة لثقافات جمعت اليها الاصالة العربية بإمتداداتها الافريقية وتطلعاتها الاوروبية.
إننا من المشرق العربي من مدن النخل والمدن التي يمتد برها سيفا في البحر نأتي الي الرباط نحن الممتلئين بحكايات المنجمين عن (كازا) الدار البيضاء المفتوحة على الافق وطنجة اذ ربما هنا رست سفينة نوح الى (سلا) و(شالة) و(مراكش) ومدينة الاغنية (تطوان) فتحية البرلمانيين العرب الى هذا البلد ملكا وبرلمانا وحكومة وشعبا”.
بداية إنني بإسم الاتحاد البرلماني العربي اقدم احر التعازي لرئيس واعضاء مجلس النواب المغربي الكريم بفقيدهم النائب الحاج عبد اللطيف مرداس الذي جرى اغتياله امام منزله في هذه المدينة العزيزة.
وبعد وبعد، فإن اتحادنا انطلق من ارادة برلمانية عربية لدعم وحدة العمل البرلماني العربي في خدمة المجتمع العربي ولتحقيق التقدم والسلام وهو صيغة واطار يسعى لحشد الطاقات البرلمانية العربية لمواجهة التحديات التي تواجه ابناء الامة متحررا” من التزامات الحكام والحكومات وهو يجب ان يمثل حسب مقدمة الميثاق آلية اساسية لتعميق الروابط البرلمانية لاشاعة المفاهيم والقيم الديموقراطية وبناء عليه فقد نشأ الاتحاد.
لذلك فإنه لا يسعني من موقعي سواء على رأس البرلمان اللبناني او الاتحاد ان اسهم في التباعد بين المكونات السياسية البرلمانية بشكل خاص داخل اقطارنا او ان اقبل بعزل او تهميش تلك الاطر البرلمانية وان اقبل ان يتنافس على نفس مقعد اي بلد اكثر من اطار فأرى امامي اكثر من يمن او فلسطين او سوريا او ليبيا او عراق الخ، لذا كان هذا اساس غيابي عن هذا المؤتمر الكريم.
اسمحوا لي بداية ان اعرض قضايا العمل البرلماني في اطار اتحادنا.
كما تعرفون فقد انعقد المؤتمر الثالث والعشرون في القاهرة قبل اقل من عام العمل لتنفيذ قرارات مؤتمرنا وتابعنا والهيئة التنفيذية ما اتخذ من تدابير على مستوى ادارة الاتحاد واعمال الامانة العامة وتشكيل لجنة جائزة التمييز البرلماني وتعديل لوائح العمل الداخلية للمجموعة العربية في الاتحادات البرلمانية الدولية والاسلامية ومخاطبة البرلمانات ومجالس الشورى العربية بخصوص تؤأمة مدينة القدس المحتلة مع مدن عربية وبدىء بدراسة استراتيجية عمل الاتحاد وتشكيل فريق قانوني لتوحيد التشريعات غير الخلافية في الدول العربية واقرار آلية لحل مشكلة المشاركة المالية للشعب التي لا يمكنها ذلك والموافقة على آلية حل مشكلة النصاب وكذلك الموافقة على تفعيل الدبلوماسية البرلمانية وحض البرلمانات العربية على إتخاذ الاجراءات بما يخص حماية القدس وتوفير الدعم اللازم للقضية الفلسطينية وادانة الاجراءات الاستيطانية التهويدية وكشف الانتهاكات والجرائم الاسرائيلية.
لقد قامت الامانة العامة للاتحاد بجهد مشكور وعمل مخلص وزودت مجالسكم الكريمة بتقارير ووثائق تتصل بالمؤتمرات البرلمانية والعربية الافريقية والدولية والاسلامية والبيانات والمواقف الصادرة عن رئاسة الاتحاد.
كما تمت خلال ولاية رئاستنا للاتحاد اعتماد اللجنة التنفيذية توصيات اللجنة القانونية بما يخص توحيد التشريعات في العالم العربي من خلال الاتحاد لمواجهة الارهاب كما وانقاذا” لقرارات مؤتمرنا السابق تمت اعادة احياء لجنة السوق العربية المشتركة وتنفيذ خطة عمل الاتحاد والموافقة على موازنة للعام الماضي ووضع خطط العمل للجنة شؤون المرأة والطفل وبدء الامانة العامة بأجراء الاتصالات اللازمة في اطار التحضير لانعقاد المؤتمر البرلماني العربي حول تفعيل دور المرأة.
ان خلاصة تجربتنا تستدعي التأكيد ان العمل البرلماني العربي في اطار اتحادنا يحتاج الى تغيير حقيقي برلماني عربي يُفعل صيغ عملنا وانظمتنا.
اننا لم نعد نستطيع القبول بتهميش الدور البرلماني العربي في اطار الجامعة العربية وتحويله الى اطار وظيفي.
ان البرلمان العربي المفترض انه انتقالي وكان يجب ان يمهد لصيغة برلمانية تشبه نشوء وادوار البرلمان الاوروبي ونظرا لأن صيغ العمل العربي المشترك قد تعقدت منذ ذاك الحين لاسباب عامة وقطرية ولأنه اختلطت الادوار بحيث اصبح البرلمان العربي يسعى لخطف نفس ادوار الاتحاد البرلماني العربي حتى انه يدعو الى إجتماعات على مستوى الرؤساء. ولأننا لم نستطع في الوطن العربي الوصول الى انتخابات قطرية لاعضاء هذا البرلمان وتقوم رئاسات البرلمانات بأختيار اعضائه للقيام بمهام سبق وجرى الاتفاق عليها مع الامانة العامة لجامعة الدول العربية ثم اخذ البرلمان العربي يمدد لنفسه ولرئاسته ويوسع المهام ويجيز لنفسه حقوقا ويعقد الفصول التشريعية ويقيم العلاقات مع المنظمات البرلمانية بما يعني اخذ نفس ادوار الاتحاد فإني لذلك وحتى اشعار آخر اطلب تعليق مهمة البرلمان العربي وتكليف لجنة من رؤساء البرلمانات لاعادة تحديد وظائف هذا البرلمان لتكمل مهام عمل الاتحاد.
إن اتحادنا يغيب عن اتخاذ اي خطوات لتنفيذ الفقرة (و) من المادة الاولى لميثاقه فيما يخص دعم حقوق الشباب وكان الاتحاد قد لحظ سابقا تشكيل لجنة للمرأة والطفل دون الشباب في نظامه الداخلي فقرة (5) من المادة السابعة والاربعين (لجان).
وبالنظر الى ان برلماناتنا بإستثناء تونس لم تتخذ تشريعات بإتجاه الغاء القوانين التمييزية ضد المرأة بما في ذلك لبنان ولم تنفذ توصيات لجنة المرأة في الاتحاد فإنني ادعو اليوم الى :
1 – اعادة تشكيل وتفعيل لجنة المرأة والطفل.
2 – الى تشكيل لجنة برلمانية شبابية تدرس وضع استراتيجية شبابية عربية تعمل لدمج مجتمعاتنا في عصر الاتصالات وتضع توصياتها امام مجلس الاتحاد ومؤسسة القمة العربية لاتخاذ قرارات تتصل بمستقبل اجيالنا.
أخيرا، على المستوى البرلماني وفي اطار الاتحاد البرلماني الدولي ادعو اتحادنا خلال الاجتماع التنسيقي للوفود العربية المقبل قبل اجتماع دكا الى تبني نقطة واحدة كبند اضافي على جدول الاعمال وذلك حرصا” على اجتماع اصواتنا والعمل لدى اتحاد برلمانات الدول الاعضاء وغيرهما على النجاح في التصويت لصالح النقطة التي آمل ان تكون ما كان قد دعا اليه معالي الرئيس الزميل مرزوق الغانم وهي طرد اسرائيل من الاتحاد البرلماني الدولي بسبب استمرار احتلالها وجرائمها المتمادية ضد الشعب الفلسطيني الشقيق.
على الصعيد الوقائع العربية فإن القضية الفلسطينية تستعيد موقعها كقضية العرب الاساس خصوصا” بمواجهة استثمار العدو الاسرائيلي على التفكك العربي لتهويد فلسطين.
اننا نشهد حرب تهويد شاملة لفلسطين مرتكزة اضافة الى نشر الاستيطان الى اجراءات احتلالية هادفة الى احباط اماني الشعب الفلسطيني عبر عمليات الاعدام التي تطاول القاصرين وحملات الاعتقالات الجماعية وحجز الجثث ومصادرة الاملاك وهدم المنازل وجدار الفصل العنصري ومشاريع التقسيم المكاني والزماني للحرم القدسي الشريف وصولا” الى القانون التعسفي العنصري الاخير بمنع رفع الاذان من المساجد وهو واحد من اغرب القوانين الاحتلالية في التاريخ والتي تطال حرية وممارسة المعتقد.
إن اسرائيل تزيد من ضغوطها على الادارة الاميركية الجديدة نقل سفارتها من تل ابيب الى القدس وصولا الى تحقيق هدف يهودية الكيان وعاصمته القدس.
اني اتخوف رغم مراجعة الادارة الاميركية لمواقفها وعدم تسرعها من ان يكون شهر ايار المقبل موعد عدم توقيع الرئيس ترامب الامـر التأجيلي لتنفيذ قرار الكونغرس الصادر في الثـامن من تشرين الثاني عام 1995 بشأن نقل السفارة الاميركية الى القدس كما كان يفعل الرؤساء السابقون علما” ان السفير الاميركي الجديد لدى اسرائيل بدأ يمارس مع طاقم سفارته عمله من منزله في القدس المحتلة.
انني اذ اكرر ما قلته على منبر المؤتمر السادس من اجل فلسطين في طهران وبوجود عدد من القادة البرلمانيين العرب من ان تنفيذ مثل هـذا القرار يجب ان يستدعي اغلاق سفاراتنا والسفارات الاسلامية والصديقة في واشنطن اذ مـاذا تفعل السفارات هناك غير تلقي الاملاءات .
ان استعادة فلسطين الى واجهة الاحداث امر يستدعي اولا” الوحدة الوطنية الفلسطينية بإعتبارها السلاح الامضى بمواجهة الاحتلال وثانيا” اعادة الاعتبار عربيا” للقضية الفلسطينية بإعتبارها القضية المركزية وثالثا” اعادة بناء الثقة في العلاقات العربية مع الجوار المسلم من اجل توجيه الجهود والامكانيات والبنادق نحو العدو.
بالانتقال من ارهاب الدولة الذي تمثله اسرائيل الى الارهاب التكفيري.
فإنني بداية ادعو الى مواجهة بالجملة لهذا السرطان الذي ينتشر في اقطارنا عبر صياغة تشريع موحد يحاكم هذا الارهاب العابر للحدود ويتخذ الاجراءات للاسهام في تجفيف موارده ومصادره ويترافق كل ذلك مع ادارة عربية موحدة للعمليات الحربية والامنية المشتركة لا تتيح لهذا الارهاب الفرصة لنقل حروبه عبر اقطارنا في المشرق العربي او الانتقال من المشرق الى المغرب العربي وجعل هذا القطر او ذاك قاعدة لارتكاز عمله.
إنني اوجه انتباهكم الى ان الارهاب الذي يخسر حروبه في العراق وسوريا وتضيق عليه مساحة انتشاره بل تتقلص يوما” بعد يوم الى حد الهزيمة الكاملة – ان هذا الارهاب – يبحث عن بطن رخو ليسدد الينا ضرباته لذلك يقع التهديد المقبل على لبنان والاردن وهما يقعان اكثر من اي وقت مضى على منظار التصويب.
اننا عشية التئام القمة العربية المقبلة في عمان نوجه اهتمام المؤسسات البرلمانية العربية خصوصا الاتحاد واهتمام القادة العرب الى ان كلا البلدين كانا ولا يزالان البيت المفتوح الذي يتسع لمئات الآف بل ملايين اللاجئين والنازحين من الاشقاء السوريين والفلسطينيين فيما يعانيان من تفاقم الازمات الاقتصادية والاجتماعية وتصاعد الضغوط على بناهما التحتية.
اننا نعبر عن حاجة ادارات الدولة في لبنان والاردن الى المساعدة لتمكينهما من القيام بأدوارهما التنموية والانمائية والرعائية وخصوصا” الامنية والدفاعية عن حدودهما السيادية وحدود مجتمعاتهما.
اننا عربيا، نؤكد انحيازنا الى عودة الحكومة المركزية في العراق الى التحكم بأرض بلدها والبديل عن ذلك هو ادخال العراق وبالتالي المنطقة في نزاعات مذهبية وعرقية.
ان انتصار العراق في الحرب ضد الارهاب وفي توحيد ارضه وشعبه ومؤسساته سيؤدي الى سلسلة انتصارات على الارهاب في المنطقة برمتها ويلاقي الخطوات السورية نحو الحل السياسي وبناء المستقبل.
وليبيا، فإننا اذ نتابع بقلق ما يجري على مساحة هذا البلد الشقيق وانتقال الارهاب الى الهجوم على موانئه النفطية فإننا نؤكد دعمنا للمقاومة التي يبديها ابناء هذا البلد لجهود دول الجوار الليبي العربية من اجل صياغة السلام الليبي واغلاق الابواب امام نفاذ الارهاب من اي شقاق وبالتالي ترميم الاتفاقات بما يخدم الحلول السياسية.
واننا يمنيا ندعو الى وقف الحروب على كل محاور هذا البلد الشقيق الذي يتربص الارهاب به وبموقعه الاستراتيجي قسرا” وسلوك طريق الحلول السياسية كما كانت قد سعت الى ذلك المبادرات العمانية والكويتية.
كما لا بد من الاشادة وبإعجاب باساليب المواجهة التي تتبعها مصر على الصعد الاقتصادية والامنية وبناء ثقافة الاعتدال.
وفي الوقائع السياسية العربية نعود الى ما سبق واكدنا عليه من على منبر الاتحاد من ان فرض التغيير بالقوة امر مستحيل ومنع التغيير بالقوة امر اكثر استحالة وان على الاتحاد بالتالي مد اليد المساعدة للمكونات السياسية في البلدان العربية المضطربة لمساعدتها على الحوار وصياغة التفاهمات.
يبقى اننا اولا ودائما ندعو اتحادنا الى اتخاذ الخطوات البرلمانية والاجراءات الضرورية لتأكيد الحفاظ على الثقافة الدينية الوحدوية والنسيجين الوطني والاجتماعي في اقطارنا كما والى ادانة الاعتداءات على الاثار والتراث الانساني واعلان مدن نينوى وحلب وتدمر مدنا” منكوبة تستدعي رعاية عربية اسلامية لاعادة اعمارها بشكل خاص.
اعتذر عن الاطالة، راجيا ان تكون في الاطالة افادة لتمكين اتحادنا من فتح ابواب العمل العربي المشترك”.