كانون الثاني 08, 2016
ذكرت معلومات “الأخبار” المفاوضات الجدية بين العماد ميشال عون ورئيس القوات سمير جعجع تواصلت في شكل حثيث في الأيام والساعات الأخيرة، مباشرة وبالواسطة، فزار النائب ابراهيم كنعان معراب والتقى بجعجع مطولاً، فيما زار موفد جعجع الى الرابية، ملحم الرياشي، عون في حضور الوزير جبران باسيل وكنعان، الى جانب الاتصالات المكثفة والمستمرة بين هؤلاء. المفاوضات الثنائية التي تعمقت بعد لقاء باريس والتسوية التي حاول رئيس تيار المستقبل سعد الحريري تسويقها بترشيح النائب سليمان فرنجية، باتت تتركّز على الملف الرئاسي، بعدما رسمت ورقة إعلان النوايا مساراً جديداً في العلاقة بينهما، وبات الحديث عن هذا الملف من دون مواربة، بل بصراحة وبحوار مكشوف.
“تسوية باريس” التي أفشلها عون وجعجع، وضعت أمامهما تحديات كثيرة في مقاربة ملف الرئاسيات الذي دخلت عليه عوامل عدة بعدما انكشفت أوراق أطراف داخلية وسياسيين تموضعوا الى جانب الحريري في تسويته، إضافة الى الموقف العلني لحزب الله من بكركي ليس لجهة رفض التسوية الحريرية فحسب، وإنما أيضاً بالتمسك بترشيح عون وحده.
كل هذه المعطيات كانت في صلب مفاوضات الطرفين وسط كم من الأسئلة والمشاورات حول كل ما يتعلق بالرئاسيات وبمستقبلها وحيثياتها وشروطها ومواقف القوى الأساسية منها. وبحسب معلومات “الأخبار”، فإن ما تحقق حتى الآن يعد خرقاً مهماً، يفترض إذا استمر على هذه الحال أن يتوّج بزيارة عون لمعراب. ويعوّل العاملون على خط الاتصالات على ألا تكون الزيارة شكلية، بل أن تكون بمثابة تتويج لما يدور بينهما على الصعيد الرئاسي، إذ لا يمكن وضع أي اجتماع بين عون وجعجع في هذه المرحلة تحت خانة لقاء سياسي عادي، أو موازاته بلقاء الرابية بينهما الذي جاء تحت عنوان ورقة إعلان النوايا وطي صراع عمره ربع قرن. لقاء معراب المتوقع له عنوان وحيد هو ملف رئاسة الجمهورية، لأن الطرفين يدركان أنه في ظل التشنج الإقليمي الحاد حالياً، قد تصبح رئاسة الجمهورية في لبنان في خبر كان، وقد ينهي الشغور الرئاسي عامه الثاني من دون أن تكون الدول المعنية راغبة في التدخل لصالح انتخاب رئيس جديد. من هنا أهمية الاتصالات بينهما واحتمال عقد اللقاء الثنائي، بعدما باتت رئاسة الجمهورية في خطر، ولأن المسيحيين مهددون بفقدان دورهم في تحريك عجلة الرئاسيات.
يحاول عون وجعجع اليوم مجدداً فتح ثغرة في الملف الرئاسي، ويسعى الحريري بدوره الى التفتيش عن مخرج مشرّف لتسوية فاشلة. رشح جعجع عون أم لم يرشحه، فقد خسر الحريري علاقته بطرفين مسيحيين أساسيين. ولم يبق له من حلفاء في الداخل سوى النائب وليد جنبلاط الذي سبق أن تخلى عنه يوم أتى بخصمه نجيب ميقاتي على رأس الحكومة، والرئيس نبيه بري الذي يعرف في اللحظة المناسبة كيف يخرج من شباك أي تسوية يدرك أنها فاشلة، ويسير في تسوية أخرى يرى حزب الله أنها ملائمة.