بقلم: د. سنا الحاج
رئيسة دائرة البحوث والدراسات
يعيش أبناء الوطن اليوم في خضم أزمات كبيرة ومتنوعة على الصعيد الإنساني منها: الاقتصادية والاجتماعية بالإضافة إلى الأزمات السياسية والثقافية والتربوية، حتى وصل الحال بالناس إلى حدود الإنفجار النفسي والمادي وما شابه، مما استدعى استنفاراً سريعاً من قبل النقابات ومن ثم مؤسسات الدولة مجتمعة، واعترفوا بوجود هذه المشاكل المستعصية وأقروا بحتمية معالجة هذه الأزمات.
وهنا لا بد من تعريف الأمن الاقتصادي والاجتماعي الذي تكفل تأمينه الدولة اتجاه مواطنيها، فالأمن لغة يعني عدم الخوف، واصطلاحاً يعني تهيئة الظروف المناسبة التي تكفل الحياة المستقرة، ومن خلال الأبعاد السياسية والاقتصادية التي تهدف إلى توفير أسباب العيش الكريم وتلبية الحاجات الأساسية. والأمن الإجتماعي يعني توفير الأمن للمواطنين بالقدر الذي يزيد من الشعور بالمواطنية والانتماء والعدالة الإجتماعية. كما وقدمت الأمم المتحدة تعريفاً جامعاً للأمن الإقتصادي وهو: “أن يملك المرء الوسائل المادية التي تمكنه من أن يحيا حياة مستقرة ومشبعة”. ويعرفه آخرون بأن يملك الفرد ما يكفي من المال لإشباع حاجاته الأساسية وهي: الغذاء والمأوى اللائق، والرعاية الصحية الأساسية والتعليم.
وبما أن هذا الأمن مهدد بالانهيار أو بالفقدان لدى شريحة كبيرة من المواطنين اليوم، عبر الفقر أولاً، ثم انخفاض الدخل، والبطالة. ونظراً لكل هذه الأزمات والتهديد ببروز نتائج مخيفة ومرعبة على الصعيد الاجتماعي كزيادة نسبة الانتحار والجرائم الجماعية. وفي انتظار استراتيجيات الدولة في معالجة هذه القضايا نعوّل على دور الإعلام في كافة وسائله في المساهمة وإيجاد سبله واستراتيجيته الخاصة لمعالجة هكذا قضايا على أساس تعريف الإعلام بأنه: “هو التعريف بقضايا العصر وبمشاكله وكيفية معالجة هذه القضايا في ضوء النظريات والمبادئ التي اعتمدت لدى كل نظام أو دولة من خلال وسائل الإعلام المتاحة داخلياً وخارجياً، وبالأساليب المشروعة أيضاً لدى كل نظام وكل دولة”.
من هنا وفي ظل هذا التطور السريع للتكنولوجيا والاتصال، ومذ أصبح الاعلام شريكاً حقيقياً لمؤسسات الدولة والمواطن على السواء، ومذ باتت وسائل الإعلام والصحافة تمثل جزءاً رئيساً في حياة الناس، فالفرد في المجتمع لا يعتمد على وسائل الإعلام كمصادر للحصول على المعلومات فحسب، بل هو يحتاجها لإيصال صوته وحل قضاياه الكبيرة، لذا نرى أن الإعلام بات يعي مسألة فعاليته في إنتاج الوعي، ونشر الثقافة الإقتصادية وغيرها في المجتمع كالتعريف بالقوانين والتشريعات والاجراءات التنظيمية وتكنولوجيا المعلومات، ووضع خطط استراتيجية على صعيد التنمية من كل جوانبها، عبر حشد كافة الطاقات الإعلامية البشرية والمادية وكافة المؤسسات العامة والخاصة، وهي القادرة على فعل الكثير من خلال مشاركة الناس في ندوات وحلقات حوار ونقاشات وورش عمل تعرف الناس بواجباتهم اتجاه مجتمعهم ودولتهم، وحقوقهم المدنية والمادية، لأن عملية الاتصال تمثل الاعلام بجميع وسائله كحلقة وصل بين الرأي العام الذي يمثل الناس بجميع اتجاهاتهم واحتياجاتهم، من جهة، وصانعي القرارات في الدولة ومؤسساتها من جهة أخرى.
وبما أن التحديات كثيرة والعقبات كبيرة، فالحاجة أيضاً تكبر إلى وضع دراسات وأبحاث متخصصة في هذا المجال للوصول إلى رؤية سليمة حول دور الإعلام في كافة الموضوعات والمشاكل الواقعية، وماهية الإعلام اليوم وكيفية معالجته للأمور مع ضرورة ارتقائه بآليات إنتاجية وصناعية.