ففي عزّ الحركة الرئاسية الكثيفة في لبنان، أفادت معلومات موثوقة بأن عدداً من الوفود الديبلوماسية الغربية التي زارت لبنان أخيراً، ولا سيما الاوروبية منها، لم تأت بمهمات محصورة بالوضع السياسي وما يجري تداوله حول الانتخابات الرئاسية، بل جاءت بمهمات استطلاعية محددة، ذات أهداف مختلفة، حول وضع منطقة الشمال، والاحتمالات التي يمكن أن تواجهها هذه المنطقة، وفق الظروف الاقليمية المستجدة. والاستكشاف الغربي الاوروبي اهتم بعدة محاور متلازمة، منها ما يتعلق بالتأثيرات السياسية والاجتماعية التي تشهدها بعض مناطق الشمال، كاحتمال تحولها إلى بيئة حاضنة للتوترات الدائمة على خلفية التطورات اللبنانية الداخلية، ومنها الانتخابات الرئاسية ومدى مساهمتها في تأجيج أوضاع أمنية تمس بالاستقرار اللبناني، إضافة الى احتمال تحولها إلى مكان آمن لاستقبال عناصر من “داعش” لاجئين من سوريا والعراق. المحور الثاني وضع النازحين السوريين في الشمال وأعدادهم وانعكاس ذلك على التركيبة اللبنانية الداخلية، إضافة الى مناطق انتشارهم الأخرى، لا سيما منها المحاذية لسوريا، في ظل المعلومات التي تتحدث عن ارتفاع أعدادهم في لبنان في صورة مطردة. المحور الثالث، الإجراءات التي يمكن للبنان القيام بها، لمنع استخدام منطقة الشمال البحرية كمعبر للتوجه الى أوروبا. فأولويات الاجهزة الغربية تصبّ حالياً في التركيز على منع تفاقم أزمة اللاجئين السوريين وتزايد أعداد المهاجرين منهم الى أوروبا. ولأن لبنان يعيش حالياً ظرفاً دقيقاً، ويتوقع له أن يشهد ارتدادات تدريجية لمعركة الموصل، والنزوح الكثيف الى سوريا، ومعهم عناصر “داعش”، وإمكان تسرب هؤلاء من سوريا الى لبنان ومنه الى أوروبا، تخشى الاجهزة الغربية أن يتحول الشمال وبعض مناطقه إلى ملجأ لهؤلاء، مع خطر تحول شواطئ الشمال إلى ممر لتهريبهم من لبنان.
هيام القصيفي في صحيفة “الأخبار”