شدد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على “ان تطبيق قرار مجلس الامن الرقم 1701 هو اولويتنا للحفاظ على السلام في المنطقة”، وجدد التأكيد على ان لبنان الذي ينتظر كما العالم ان تنجح المفاوضات ويعود الاستقرار والامن الى الربوع السورية هو مع العودة الآمنة للنازحين السوريين انطلاقا من مبدأين: الاول يهدف الى عدم تحويل القضية الى امر واقع للتوطين “لان لبنان لا يمكن ان يقبل بهذا الامر تحت اي ظرف كان”، والمبدأ الثاني يهدف الى انهاء المعاناة الانسانية للنازحين، خصوصا وان لا قدرة للبنان على تأمين متطلباتهم.
وطلب الرئيس عون من نظيره الفرنسي دعم بلاده لطلب لبنان ان يكون مركزا لحوار الحضارات والاديان تابعاً للامم المتحدة، مرحبا بعودة فرنسا الى لعب دورها التاريخي في المنطقة واوروبا. واعاد طرح فكرة احياء الشراكة الاورو-متوسطية معتبرا ان لبنان يستطيع ان يفيد في هذا المجال نظرا الى خبراته وعلاقاته واعتباره جسر عبور بين الشرق والغرب.
اما الرئيس ماكرون، فأكد من جهته، ان تمسك الحكومة اللبنانية بسياسة النأي بالنفس هو افضل طريق للحفاظ على استقرار لبنان ومن اجل العمل على معالجة ازمة النازحين والارهاب، واعتبر انه لاجل توفير مستقبل يليق بابناء المنطقة، فاننا في حاجة الى ايجاد حل سياسي للازمة آملا العمل على هيكلة فريق الاتصال والعمل على مختلف الشركاء في المنطقة.
واكد على اهمية تمسك فرنسا الخاص والمميز بسيادة لبنان ووحدة اراضيه وسلامته، معتبرا ان استقرار لبنان وسلامته تشكلان عاملا مهما لاستقرار المنطقة بمجملها ولاوروبا ايضا.
ولفت الى ان فرنسا قررت ان تضاعف من دعمها للبنان وان تستجيب لمتطلبات القوى الامنية اللبنانية وحض شركائها الاوروبيين لتنظيم مؤتمر دعم للجيش اللبناني بمشاركة ايطاليا والامم المتحدة كما انها مصممة على مواكبة جميع الجهود الدولية لمساعدة لبنان.
مواقف الرئيسين عون وماكرون جاءت في خلال المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقداه بعد ظهر اليوم في قصر الاليزيه الذي كان الرئيس عون وصله عند الساعة الخامسة بتوقيت فرنسا (السادسة بتوقيت بيروت). وكان في استقبال الرئيس عون مدير البروتوكول في القصر السيد فريديريك بييه FREDERICK BILLET، وبعد مراسم التشريفات عرض رئيس الجمهورية على وقع الموسيقى ثلة من حرس الشرف الفرنسي قبل ان يستقبله الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قبل درج مدخل القصر. وبعد المصافحة بين الرئيسين والتقاط الصور التذكارية، توجه الرئيسان الى صالون “بومبادور” حيث عقدا لقاء ثنائيا دام ساعة وربع الساعة اعقبه لقاء موسع في صالون السفراء حضره اعضاء الوفد اللبناني: وزيرا الخارجية والمغتربين جبران باسيل والدولة لشؤون رئاسة الجمهورية بيار رفول، والسفير اللبناني رامي عدوان ومدير الشؤون السياسية في وزارة الخارجية السفير غادي الخوري والمستشارة الرئيسية لرئيس الجمهورية السيدة ميراي عون الهاشم ومستشار الرئيس عون للشؤون الدولية الوزير السابق الياس بو صعب والمستشار الاعلامي لرئيس الجمهورية الاستاذ جان عزيز ومدير مكتب الاعلام الاستاذ رفيق شلالا.
اما عن الجانب الفرنسي، فحضر كل من وزير الخارجية JEAN- YVES LE DRIAN، رئيس الاركان الخاص الاميرال BERNARD ROGEL، السفير الفرنسي لدى بيروت BRUNO FOUCHER، المستشار الرئاسي PHILIPPE ETIENNE، والمستشارون BARBARA FRUGIER، AURELIEN LECHEVALLIER و AHLEM GHARBI، والمسؤول عن شمال افريقيا والشرق الاوسط في وزارة الخارجية jerome BONNAFONT .
المحادثات
في مستهل المحادثات الموسعة، رحب الرئيس ماكرون بالرئيس عون مجددا في باريس في اول “زيارة دولة” يقوم بها رئيس الجمهورية الى فرنسا متمنيا ان تكون هذه الزيارة فرصة لتعزيز العلاقات الثنائية وتطويرها في المجالات كافة. ورد الرئيس عون شاكرا بدوره الرئيس الفرنسي على الحفاوة التي احاطه بها مع اللبنانية الاولى والوفد المرافق مؤكدا على ان العلاقات الثنائية بين البلدين سوف تزداد اطرادا في المجالات الاقتصادية والثقافية والتربوية، داعيا فرنسا الى مزيد من الاهتمام بدول البحر المتوسط عموما ودول المشرق خصوصا.
وطرح مسألة جعل لبنان مركزا لحوار الحضارات والثقافات والاديان نظرا لقدرة لبنان على القيام بدور اساسي على صعيد بناء مجتمع الحوار والسلام، ومواجهة التطرف والارهاب متمنيا على فرنسا دعم لبنان في هذا الخيار.
ورد الرئيس ماكرون مرحبا بطرح الرئيس عون قائلا انه سوف يدعم كل ما يعزز وضع لبنان، وان المؤتمرات التي يجري الاعداد لها ومنها ما هو مخصص لمساعدة الجيش اللبناني ستلقى ايضا التأييد الفرنسي الكامل.
كما تحدث الرئيس ماكرون عن وجود القوات الفرنسية في عداد “اليونيفيل” مشددا على الاستقرار في العمل لتمكين هذه القوات من تنفيذ المهام المطلوبة منها بالتعاون مع الجيش اللبناني. وقال: “نريد لبنان قويا لمواجهة ما يحاك في الخارج ونحن سوف نعمل ما في وسعنا لمساعدة لبنان ولصنع السلام في الدول المجاورة له بمساعدتكم ايضا.
وتطرق البحث الى موضوع النازحين السوريين وضرورة الوصول الى حلول في شأنهم من خلال العمل على اعادتهم تدريجيا الى ارضهم، وكان الطرح اللبناني بوجوب التمييز بين النازحين لاسباب سياسية واولئك الذين نزحوا لاسباب اقتصادية اي للعمل في لبنان ومنافسة اليد العاملة اللبنانية. كما تطرق الحديث الى عودة نازحين سوريين الى قراهم وبلداتهم ومنهم من كانوا معادين للنظام.
وتم الاتفاق على متابعة البحث بعمق في مسألة النازحين بين وزيري خارجية البلدين ليصار الى عمل مشترك في المنظمات الدولية التي تعنى بشؤون النازحين.
المؤتمر الصحافي المشترك
وعلى اثر انتهاء المحادثات الموسعة، انتقل الرئيسان عون وماكرون الى صالون مورا حيث عقدا مؤتمرا صحافيا مشتركا استهله الرئيس الفرنسي بكلمة هنا نصها:
“اود بداية ان اشكر فخامة الرئيس عون على وجوده اليوم في باريس. لقد التقينا سابقا ضمن اطار آخر للزيارة منذ عدة اشهر حيث التقيتكم ابان الحملة الانتخابية الرئاسية الفرنسية. اود ان اشكر واعبر على اثر نشر المحادثات عن اهمية تمسك فرنسا الخاص والمميز بسيادة لبنان ووحدة اراضيه.
لقد التقيت رئيس حكومة بلادكم سعد الحريري منذ اسابيع وهو يعمل جاهدا من اجل اعادة اطلاق الاقتصاد وتقوية الدولة في مواجهة تحديات عدة ابرزها: مسألة اللاجئين السوريين، وما ينجم عنها من تهديدات لسلامة البلاد.
اود ان اعبر لكم على اثر المحادثات التي اجريناها معا عن اهمية تمسك فرنسا الخاص والمميز بسيادة لبنان ووحدة اراضيه وسلامته. ان استقرار لبنان وسلامته تشكلان عاملا مهما لاستقرار المنطقة بمجملها ولاوروبا ايضا. ان لبنان مثل فرنسا كان ضحية الارهاب واود ان احيي للمناسبة شجاعة وتفاني الجيش اللبناني خصوصا في هذا الصيف، في مواجهة داعش على الحدود مع سوريا.
ان الجيش اللبناني والقوى الامنية اللبنانية دفعت منذ سنوات عدة اثمانا باهظة للالتزام بحماية المدنيين وهذا ما يجب العمل من اجل دعمه.
اضاف ان هذا الانتصار لا يعني نهاية التهديد الارهابي في لبنان، لاجل هذه الغاية قررت فرنسا ان تضاعف من دعمها للبنان وان تستجيب لمتطلبات القوى الامنية اللبنانية من خلال مشاركة هذه القوى في مجالات مكافحة الارهاب والدفاع المدني ونزع الالغام، ومن اجل ارسال خبراء او افتتاح معهد اقليمي لنزع الالغام. كما ان فرنسا ترغب في العمل على سلم اولويات اكبر من خلال حض شركائنا الاوروبيين لتنظيم مؤتمر دعم للجيش اللبناني بمشاركة ايطاليا والامم المتحدة. وقد اثرنا الموضوع هذا ونحن ندعمه طالما هي مهمة بالنسبة اليكم وقد تم اتخاذ التدابير الاولية في هذا الاتجاه.
اننا وفق الالتزام عينه سنعمد الى دعم استقرار لبنان وسيتجسد ذلك من خلال وجودنا في قوة حفظ السلام الدولية التي ساهمت في حفظ الامن في الجنوب اللبناني والذي ساهم عملها في حفظ السلام الغالي في هذه المنطقة منذ 11 عاما.
ان هدف فرنسا هو حماية لبنان من أي تهديد من شأنه ان يؤثر على السلام ومن خلال دعم القدرات على الجيش من اجل ان تتمكن الحكومة ان تكون قادرة بشكل كامل على بسط سيطرتها على كامل اجزاء الوطن.
فوق هذه الاعتبارات كلها والالتزام العسكري، فان فرنسا في حاجة الى وطن قوي في لبنان، وهي تدعم هذا التوجه، وهذا هو التزامكم الراسخ منذ انتخابكم، وهو امر بالغ الاهمية بنظرنا.
في الواقع ان تدعيم مصادر القوة في الدولة هو من اولويات حفظ سلامة البلاد وهي من شأنها العمل على مواجهة التحدي الذي يمثله وجود نحو مليون و 500 الف نازح سوري في البلاد.
ان لبنان يحمل اليوم عبئا شديد الوطأة عليه، وغياب الحل السياسي المقنع يعيق عودة هؤلاء النازحين وان ارادتنا تقوم على العمل معكم، ومع الامم المتحدة بكد لمعالجة هذه المسألة والتي لها اثرها على استقرار المنطقة.
ان الشعب اللبناني والسلطات اللبنانية يعملان يدا بيد مع شركائهم المحليين بالتزام وبحس المسؤولية وارادتنا تكمن في ايجاد حل سياسي للازمة السورية وعلى هذا تقوم المبادرة الفرنسية من خلال مجموعة الاتصال.
انني اود العمل معكم ، كما بدأنا بذلك مدركا بانه من خلال العمل لايجاد حل سياسي للازمة فانه يمكن بت مسألة النازحين السوريين الى لبنان بشكل دائم.
ان فرنسا مصممة على مواكبة جميع الجهود الدولية لمساعدة لبنان الذي يحظى بدعم فرنسا الرئيسي، وفي ذلك امتداد لمؤتمرات لندن وبروكسيل تحديدا، وستبقى امينة لدفع مبلغ 100 مليون يورو كهبة بين عامي 2018-2019.
لكننا نرغب كذلك في اعطاء دفع اكبر وتحديدا من خلال الوكالة الفرنسية للنمو الملتزمة منذ زمن بمساعدة لبنان وهي وقعت في العام 1999 عشرات الاتفاقيات التي بلغت نحو مليار يورو بشكل متراكم. وستواصل الوكالة في السنوات المقبلة نشاطاتها في انماء لبنان سواء من خلال الهبات او القروض. وفي العام 2017 ستنفق نحو 9 ملايين يورو كمساعدات لبنان في اطار مبادرة ” سوا” في الشرق الاوسط.
وانني ارغب في عقد مؤتمر جديد بهدف هيكلة تلك المساعدات والقيام بها ضمن اطار مفيد ومثمر. وانني اعرف مدى تعلقكم وحكومتكم بمؤتمرات عملية لتحقيق ذلك.
ان فرنسا ساهمت دوما في مساعدة لبنان خصوصا في مراحل الازمات وهي ستواصل عملها خصوصا من خلال حض مجموعة شركائها لهذه الغاية.
وكما اعلنت خلال زيارة الرئيس الحريري فاننا سنعمل على عقد مؤتمر للمستثمرين من اجل اعادة اطلاق العملية الاقتصادية، آملين تحقيق اهداف عملية وانجازات، وليس فقط الاعلان عن ارقام معروفة.
ان لبنان عانى الكثير من الازمات ونحن متمسكون بتجنيبه تداعيات ازمات المنطقة. وان فرنسا اليوم تعتبر ان تمسك الحكومة بسياسة النأي بالنفس هو افضل طريق للحفاظ على استقرار لبنان ومن اجل العمل على معالجة ازمة النازحين والارهاب، ولاجل توفير مستقبل يليق بابناء المنطقة ، فاننا في حاجة الى ايجاد حل سياسي للازمة كما قلت وذكرت الاسبوع الفائت في نيويورك، آملين ان نعمل على هيكلة فريق الاتصال والعمل على مختلف الشركاء في المنطقة. ان التجارب التي علينا ان نعبرها صعبة ومضنية لكننا متمسكون جنبا الى جنب فرنسا ولبنان كدليل لصداقتنا المتينة الراسخة، وان نعمل على تجسيد ما نؤمن به. ان زيارة الدولة التي قمتم بها ستتيح لكم من خلال لقاءاتكم مع المسؤولين الفرنسيين في دراسة تعاوننا المشترك.
ان هدفنا هو ايجاد طرق تدعيم تعاوننا آملين ان ننجز الافضل دائما في السنوات المقبلة.
ان تحقيق اتفاق اطار للتعاون يتضمن نقاطا جوهرية هو امر من شأنه ان يكون مفيدا على المستوى الثقافي حيث علينا ان نعمل الكثير لان لدينا تاريخا مشتركا واود ان اعبر كم انني متمسك بالفرانكوفونية وبمحبة هذه اللغة. كما اتمنى عبر هذا التعاون المشترك ان ندعم تعليم اللغة الفرنسية للاجيال الشابة كما للاكثر تقدما وهذا التزام قوي اتخذته بشكل عام واود ان يكون بالنسبة الى لبنان التزاما خاصا وهو منبع الفرانكوفونية وعشق اللغة الفرنسية في المنطقة.
ان هذا جزء من خصوصية بلدكم كما ومن خصوصيتكم الشخصية. واننا نعمل الان على صياغة خارطة طريق لتأكيد مكانة اللغة الفرنسية سواء في التربية او الصحافة او الفنون وهذه مشاريع يمكن ان تشكل مادة لاتفاقيات تعمل على توقيعها في خلال زيارتي الى بلدكم في العام 2018 وسيزور بلادكم عددا من الوزراء والنواب وشخصيات من المجتمع المدني للعمل في ميادين عدة لتوطيد علاقات الصداقة التي تربط بين بلدينا.
هذا ما رغبت في قوله لكم فخامة الرئيس ونحن سنقوم معا بافتتاح معرضا حول تاريخ مسيحيي الشرق في معهد العالم العربي لانني مدرك مدى تعلقكم بالحوار بين الحضارات والتنوع الديني في الشرق الاوسط ولان النضال من اجل مسيحيي الشرق هو رمز لما تود فرنسا القيام بها في هذه المنطقة.
طرح فكرة احياء الشراكة الاورو-متوسطية معتبرا ان لبنان يستطيع ان يفيد في هذا المجال نظراً الى خبراته وعلاقاته واعتباره جسر عبور بين الشرق والغرب.
الرئيس عون
ورد الرئيس عون بكلمة هنا نصها: اود بداية ان اشكر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون على دعوته المميزة ورغبته في ان يكون الرئيس اللبناني اول رئيس يقوم بـ”زيارة دولة” الى فرنسا في عهده. لا شك ان هذه الدعوة تعكس الجذور العميقة التي تميز العلاقات اللبنانية – الفرنسية التي ترسخت عبر التاريخ، حيث كانت فرنسا حاضرة الى جانب لبنان في مختلف المحطات التي عاشها، وبالاخص في الفترات العصيبة، وها هي اليوم تقف الى جانبه مجددا لمساعدته على اكمال مسيرة النهوض التي بدأها منذ نحو سنة. ولعل ما شد من عصب هذه العلاقات، هو تشارك لبنان وفرنسا في النظرة الى القيم الانسانية وثورة المعرفة وحق الاختلاف والتنوع والانفتاح. ولا شك ان مشاركة لبنان الفاعلة في منظمة الدول الفرانكوفونية التي لفرنسا قيمة معنوية وثقافية اساسية فيها، نقطة التقاء اخرى بين بلدينا ورؤية مشتركة في اكثر من مجال سنعمل على تنفيذها بشكل تدريجي.
لقد بحثنا سوية الوضع في الشرق الاوسط، وكل السبل السلمية التي تؤدي الى احلال السلام، فالحرب في سوريا باتت قريبة من وضع اوزارها، وبوادر الحل السلمي بدأت تلوح في الافق، ونحن ننتظر كما العالم اجمع ان تنجح المفاوضات ويعود الاستقرار والامن الى الربوع السورية، انطلاقاً من رغبة لبنان في رؤية السلام يحل في المنطقة ككل. وفي هذا السياق، اثرت ايضاً موضوع الصراع العربي- الاسرائيلي حيث لا زالت اسرائيل تمعن في الوقوف في وجه دعوات المجتمع الدولي لتغيير سياساتها، وتخرق السيادة اللبنانية في تحد فاضح للقرارات الدولية، وتواصل تعنتها في رفض حل الدولتين مع الفلسطينيين والمبادرة العربية التي لا زالت مطروحة منذ العام 2002.
ان تطبيق قرار مجلس الامن الرقم 1701 هو اولويتنا للحفاظ على السلام في المنطقة ونحن نحيي الدور الهام الذي تلعبه القوات الفرنسية ضمن قوات اليونيفيل.
وفي ما خص قضية النازحين السوريين، توقفنا سويا عند اهمية عودتهم الى بلادهم، وابلغت الرئيس ماكرون اننا مع العودة الآمنة لهم انطلاقا من مبدأين: الاول يهدف الى عدم تحويل القضية الى امر واقع للتوطين لان لبنان لا يمكن ان يقبل بهذا الامر تحت اي ظرف كان، فهم ليسوا بلاجئين يطلبون الحماية من اضطهاد سياسي بل نزحوا هروباً من الحرب وفي ظل الاوضاع الراهنة يمكنهم العودة الى مناطق آمنة اعترف العالم بها. والمبدأ الثاني يهدف الى انهاء المعاناة الانسانية للنازحين، خصوصاً وان لا قدرة للبنان على تأمين متطلباتهم وهو لا يزال في طور اعادة عجلته الاقتصادية والمعيشية الى الدوران، ناهيك عن المخاطر الديموغرافية والامنية والاقتصادية التي يشكلها وجود هذا العدد الضخم من النازحين على مساحة لبنان الجغرافية الصغيرة.
وخلال اللقاء، طلبت من الرئيس ماكرون دعم فرنسا لطلب لبنان ان يكون مركزاً لحوار الحضارات والاديان، تابعاً للامم المتحدة وذلك نظراً الى قدرة لبنان على لعب الدور المطلوب منه في هذا المجال، بفضل تعايش مواطنين من مختلف الاديان على ارضه، وطاقاته الثقافية والفكرية التي انتشرت في العالم اجمع وموقعه الجغرافي الذي يؤهله لان يكون همزة وصل بين الشرق والغرب، وهو متجذر في منطقة عاشت الكثير من الحروب وبات السلام حاجة ضرورية لها، ويعلم بالتالي مدى اهمية نشر ثقافة السلام واعتماد تربية السلام من اجل كسر هيمنة الافكار الموبوءة التي يبثها الارهابيون في اذهان الشباب.
ورحبت خلال اللقاء، بعودة فرنسا الى لعب دورها التاريخي في المنطقة واوروبا، وهي الاقدر على ان تلعب دوراً محورياً على امتداد البحر المتوسط، وهو البحر المشترك بيننا ومهد اوروبا. وفي هذا السياق، اعدنا طرح فكرة احياء الشراكة الاورو-متوسطية نظراً الى فوائدها العديدة لكافة الدول المتوسطية على حد سواء، ويستطيع لبنان ان يفيد في هذا المجال نظراً الى خبراته وعلاقاته واعتباره جسر عبور بين الشرق والغرب.
كما شددت مع الرئيس ماكرون على وجوب تعزيز وتوطيد العلاقات اللبنانية- الفرنسية على الصعد كافة الدبلوماسية، الاقتصادية والثقافية، وسيتم لاحقا توقيع اتفاقات في هذا المجال لتجسيد هذه الرغبة المشتركة، وشكرت الرئيس الفرنسي على دعم فرنسا للجيش اللبناني الذي حقق انجازا كبيرا في تحرير لبنان من تنظيم “داعش” الارهابي.
وانطلاقا من كل ما يجمع لبنان وفرنسا وترسيخا للعلاقات والرغبة في الارتقاء بها الى مستوى اعلى، وجهت دعوة للرئيس ماكرون والسيدة عقيلته لزيارة لبنان وسنكون سعداء بالترحيب بهما في الربيع المقبل.
وبعد المؤتمر الصحافي المشترك، انتقل الرئيسان عون وماكرون الى معهد العالم العربي.