الرئيسية / قضايا المرفأ / القضاء على جذور التطرف والارهاب مهمة عالمية
terrorism real arabic

القضاء على جذور التطرف والارهاب مهمة عالمية

الإرهاب وسيلة من وسائل الإكراه في المجتمع الدولي. والإرهاب لا يوجد لديه أهداف متفق عليها عالمياً ولا ملزمة قانوناً، وتعريف القانون الجنائي له بالإضافة إلى تعريفات مشتركة للإرهاب تشير إلى تلك الأفعال العنيفة التي تهدف إلى خلق أجواء من الخوف، ويكون موجهاً ضد أتباع دينية وأخرى سياسية معينة، أو هدف أيديولوجي، وفيه استهداف متعمد أو تجاهل سلامة غير المدنيين. يتم عادة استخدام تكتيكات مماثلة من قبل المنظمات الإجرامية لفرض قوانينها. والمعبّر عنه اليوم بالارهاب هو استهداف المدنيين.

 وبسبب التعقيدات السياسية والدينية فقد أصبح مفهوم هذه العبارة غامضاً أحياناً ومختلف عليه في أحيان أخرى. الجدير بالذكر أن المسيحيين والإسلام قد عانوا منه بسبب إستهداف الجماعات المتطرفة لهم .

ان تاريخ العمل الإرهابي يعود إلى ثقافة الإنسان بحب السيطرة وزجر الناس وتخويفهم بغية الحصول على مبتغاه بشكل يتعارض مع المفاهيم الاجتماعية الثابتة.

وتبعا للمفهوم العلمي ان هدف الإرهاب هو خلق اضطراب في التوازنات الداخلية والخارجية، وهذا ربما يكون من أهم أهداف الإرهاب، نظرا لأهمية هذه التوازنات. هذا الفعل الإجرامي ربما يقوم به بعض المنظمات العالمية السرية، والتي تكون تابعة إما لأشخاص أو لبعض الدول، من أجل السيطرة على دول بعينها معروفة بخيراتها وثرواتها، تمهيدا لغزوها والسيطرة على هذه الثروات ونهبها.

ولا يمكننا ان نغفل على ان هناك دولة أو مجموعة من الدول (خاصة الولايات المتحدة والعدو الاسرائيلي ) دأبت على استخدام هذا اللفظ (الإرهاب) لوصم كثير من الأعمال المعادية لها، بل ولتبرير شن حروب ضد دول لا خطر منها، ولا تشكل أى تهديد حقيقى، لتحقيق أهداف غير معلنة، ولا تتفق مع المبادئ الإنسانية السائدة، فيقال بدلا من ذكر الحقيقة إن الحرب شُنت «لمكافحة الإرهاب».

كثيرة هي الأسئلة التي طرحت وتطرح عن أسباب الإخفاق الأمني الفرنسي الذي رافق هجمات باريس في الآونة الاخيرة التي خلفت المئات بين قتيل وجريح.

 

وتنطلق الأسئلة من حقائق ووقائع بينت أن تنظيم “داعش” استطاع الظفر بهذه الجولة وخرق الإجراءات الأمنية الفرنسية بوصوله إلى قلب باريس والتخطيط حتى لتفجير ملعب كان يحتضن ثمانين ألف شخص على رأسهم الرئيس فرنسوا هولاند.

البداية كانت مع دخول باريس في التحالف الدولي لمحاربة هذا التنظيم الارهابي وشنها مئات الغارات على مقراته في العراق وتجاهل التنظيم في سوريا، دون أن تفرض إجراءات أمنية استثنائية على الحدود وفي الداخل علما بأن “عاصمة الأنوار” تعرضت لهجوم في يناير/كانون الثاني الماضي استهدف صحيفة “شارلي إيبدو” الساخرة وخلف 12 قتيلا وتبناه تنظيم القاعدة.

لتأتي بعده هجمات باريس السبع التي استمرت قرابة الساعة، ولم يكن تحرك قوات الأمن الفرنسية بالسرعة والحسم المطلوبين، حسب خبراء دوليين أمنيين.

وتدل  الهجمات على بطء رد فعل الأجهزة الفرنسية، حيث استهدف المهاجمون بداية مطعما قرب قناة سان مارتن (شرق باريس) وقتلوا أكثر من 15 شخصا من رواد المطعم ببنادق آلية، ثم قادوا سيارة نحو خمسمئة متر لمطعم بيتزا وقتلوا خمسة أشخاص، ثم قادوا سيارتهم مسافة ميل نحو جنوب الشرق وقتلوا أكثر من 19 شخصا في حانة ثم فروا.

أما هجوم مسرح باتاكلان فالمهاجمون الأربعة أفرغوا ما بجعبتهم من ذخيرة، ثم فجر ثلاثة منهم أنفسهم بالمسرح، قبل أن تتمكن الشرطة من قتل المسلح الرابع، حسب رواية شهود عيان ذكرتها وسائل اعلام رسمية.

بعد الهجمات كان التخبط عنوان المرحلة، حيث قيل بداية إن المتهم بأنه العقل المدبر للهجمات عبد الحميد أباعود موجود في سوريا، علما بأن الرجل الذي قتل في إحدى الشقق بضاحية سان دوني الباريسية، صرح لمجلة دابق التابعة للتنظيم في فبراير/شباط بأنه في أوروبا وجاهز لشن هجمات، ويكشف مصدر متابع للتحقيقات أن المغرب هي من أخبرت بوجود “أباعود” على أراضيها مما أدى لإطلاق عملية مداهمة الشقة التي كان يختبئ فيها.

أما الخطأ الأكبر الذي ارتكبته السلطات الفرنسية -حسب متابعين-  فإنه بعد يوم من الحادث، أوقفت دورية من الشرطة الفرنسية سيارة على الطريق الواصل بين بلجيكا وفرنسا، كانت تقل أربعة أشخاص بينهم المطلوب رقم واحد في فرنسا وأوروبا صلاح عبد السلام حيث فتشت السيارة دون أن يتم توقيفه.

إضافة إلى ما كشفته وسائل إعلام غربية من أن سبعة مهاجمين من أصل ثمانية كانوا على لائحة مراقبة المخابرات الأميركية والفرنسية، وأنهم استخدموا موقع فيسيوك للتواصل فيما بينهم. وتظهر المعلومات المتوافرة أن الهاتف الذي عثر عليه في ساحة الهجمات يظهر أنهم استخدموا الرسائل النصية العادية في تنسيق الهجمات.

وليس الحال في المانيا افضل مما هو عليه في فرنسا، فالخرقات الامنية اصبحت ظاهرة اوروبية وخاصة في المانيا، والهجمات الارهابية تتصاعد ولكنها تختلف عن تلك التي تقع في فرنسا، فالغالبية يقول ان سياسة الباب المفتوح  تجاه المهاجرين التي تمارسها ميركل هي التي تسبب في ضعف الامن في البلاد.

ونستذكر طالبي اللجوء الثلاث الذين قاموا بالهجمات الأخيرة في المانيا خلال الفترة الماضية، كانوا قد دخلوا البلاد بالفعل قبل فترة طويلة من إعلان ميركل سياستها الجديدة بخصوص المهاجرين وهو الامر الذي تم العام الماضي.

وحسب آراء بعض المحللين أن السياسة التي تتبعها ميركل ستؤدي على المدى الطويل إلى حماية البلاد من مخاطر الهجمات الإرهابية، معتبراً أن إظهار التعاطف الألماني مع المهاجرين الفارين من مناطق الصراع في الشرق الاوسط يوجّه رسالة واضحة مفادها أن ألمانيا لا تخوض حرباً ضد الإسلام كديانة، ما سيؤدي بالمقيمين المسلمين في ألمانيا إلى التعاون الوثيق مع السلطات والعناصر الامنية في مواجهة أي مخططات للمتطرفين.

ووفقا لوجهة نظر الكاتب والمحلل السياسي في صحيفة الاندبندنت روبرت فيركايك ان النقطة الأساسية التي تشكل حجر الزاوية في نجاح أي جهود لمواجهة الإرهاب هي الفوز بقلوب وعقول المسلمين في المجتمعات التي تتعرض لهذا النوع من الهجمات، كما وأن “سياسة الباب المفتوح” للمهاجرين في المانيا ساعدت على طمأنتهم وهو ما يساعد البلاد على مواجهة الإرهاب أكثر من أي عملية أمنية يمكن أن تشنها الشرطة،.

وحول الازمة نفسها نشرت صحيفة الغارديان في صفحتها الاولى  مقالا تحدثت فيه عن الازمة الامنية التي تواجهها اوروبا وانعكاسها على الاجواء السياسية في اوروبا عموما وفرنسا والمانيا خصوصا، بعنوان ” الموت في أوروبا والبحث عن الجواب السياسي“.

وجاء في افتتاحية الصحيفة إنه بعد تعرض المواطنين لستة اعتداءات خلال خمسة عشر يوماً في فرنسا وألمانيا، فإن هذين البلدين يترنحان تحت سلسلة من المخاوف والقلق.

وأضافت الصحيفة أن كل من هذين البلدين يتعرضان لموجات من العنف قبيل الانتخابات المقبلة.

وأفادت الصحيفة أنه ” منذ عام 2012، أضحى الحديث عن الحرب والجهاديين أمراً عادياً في فرنسا التي تعيش في حالة طوارئ، أما ألمانيا فهي لا تتحدث عن الحرب أو عن حالة الطوارئ“.

وتابعت الصحيفة بالقول أنه بعد كل هجوم، تتعالى التساؤلات عن أسباب الإخفاق في إيقاف هذه الهجمات، ففي فرنسا يلقى اللوم على إخفاق الأمن في ذلك، أما في ألمانيا، فتوجه أصابع اللوم إلى مراقبة اللاجئين“.

وختمت الصحيفة بالقول إن ” التوتر السياسي يزداد جراء كل هجوم في كلا البلدين، كما أنهما يعانيان من العديد من المشاكل جراء استقبالهما للاجئين، ويتشاركان مع بعضهما أوقاتاً عصيبة“.

وفي نهاية المطاف هناك إجماع على أن  الارهاب هو الأيديولوجيا المتطرفة  التي ترتدي قناع الدين   والتي تشكل الخطر الأبرز على العالم حالياً، أنها تسعى للتمدد عبر الحدود لاختراق الدول والشعوب، والأمثلة على ذلك كثيرة بدليل ما يحدث من اختراقات لمجتمع المهاجرين في أوروبا.

إن كل الجرائم الإرهابية تدل على مدى وحشية هذا الفكر وبعده عن كل الاديان السماوية، الامر الذي يجعل القضاء على جذور التطرف  والارهاب وخلاياه مهمة عالمية، وبالتالي يجب الكف عن توظيف الإرهاب سياسياً، والفصل بين ملفات الصراعات الدولية على النفوذ وبين التوحد من أجل القضاء على الإرهاب.

ومن كان يصدق أن فرنسا وبلجيكا والسويد وغيرها من دول أوروبا ستواجه خطر الأعمال الإرهابية، بعد عقود من استضافة أوروبا وأميركا للمهاجرين ووصولهم إلى الجيل الرابع وربما الخامس، وحصولهم على جنسيات هذه الدول، لكن بعضهم تحول نتيجة لانتشار أيديولوجيا التطرف إلى قنابل موقوتة تهدد الغرب وتزعزع ثقته بقبول التنوع الديني وتوطين المهاجرين.

ولابد من إدراك أن عالمنا اليوم أصبح واقعاً بالفعل تحت خطر تنظيمات ارهابية تبرر جرائمها بخطاب ديني، وتستقطب من يرتكب جرائم الإرهاب والقتل بسهولة عبر وسائل التواصل الإلكتروني، حيث صار بإمكان «داعشي» يقيم في العراق أن يحرك خلية «داعشية» في بروكسل أو باريس عبر الإنترنت، مما يعني أن خطر الأيديولوجيا المتطرفة أصبح على رأس قائمة الأخطار التي تهدد استقرار الأمن وافتقاد المجتمعات للسكينة والسلام.

ولم تعد الحوادث الإرهابية  تقع في عواصم ومدن معينة بل توسعت حدودها الجغرافية لتشمل الدول العربية والغربية، كما وازدادت اهدافها لتشمل جميع شعوب العالم بغض النظر عن جنسهم او جنسيتهم …اطفال  وكبار…نساء ورجال… الجميع مستهدف.

أن تكرار الأعمال الإرهابية على أيدي المتطرفين، يهدد السلم العالمي وينخر في المجتمعات ويفقد الإنسان المعاصر الشعور بالأمان وبإمكانية التواصل والسفر باطمئنان سواء للسياحة أو للتعليم أو للعمل.

 

وزارة الاعلام اللبنانية

مديرية الدراسات والمنشورات

اعداد: زينب زهران

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *